أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الرسام - الصنارة - قصة قصيرة














المزيد.....

الصنارة - قصة قصيرة


سمير الرسام

الحوار المتمدن-العدد: 3061 - 2010 / 7 / 12 - 02:19
المحور: الادب والفن
    


على دراجته الهوائية وصل للتو ، إلى نفس الصخرة التي تعود أن يصطاد السمك عليها ، الصخرة التي حفرت تأريخه مُذ دخل القرية البائسة كما يصفها دوماً . وككل مرة ، يركن دراجته قرب الصخرة ، فيؤدي طقوسه ككل مرة بتهيئة الصنارة أولاً. لكنه لا يرميها إلا بعد أن يلف سيجارته التي تعود استنشاقها أثناء الصيد .
رمى صنارته وبدأ يجول بنظره . هو نفس الشاطئ كما عَرفه ، وهي نفسها النوارس التي يحسدها أحيانا لأنها تصطاد أمهر منه ، وهو نفس النسيم الذي حمل إلى انفه عطر البحر الذي أدمن عليه . تمتم بينه وبين نفسه لاعناً حظه العاثر في الصيد ، فلم يصطد أي سمكة منذ ثلاثة أيام ، مما كان مُدعاة سخرية زوجته . فهي تنتظر اللحم الوحيد الذي يدخل إلى البيت . السمك ولا شيء غير السمك ، مع بعض الخبز وكوب من الشاي الساخن . هذا كل ما يملك هو وزوجته العجوز بعد تقاعده من وظيفته لأكثر من عشرة أعوام . قضى حياته موظفاً في الطاحونة التي يؤمها أهل القرية لشراء الدقيق . لكن طاحونة الأمس أصبحت ملعباً للأطفال . فلم يبق منها سوى ذكريات ، وأوراق بائسة في رزنامة تأريخه .

*****************

لا يعرف سبب عدم صيده للأسماك ، ربما لأنها غادرت الشاطئ إلى عمق البحر ، أو ربما بسبب الطُعم الذي يصنعه من عجينة خبز زوجته . لكن الأسماك كانت تحب هذه العجينة ، تلتقطها بعد فترة وجيزة من رميه للطُعم ، وهي اليوم تتأخر كثيراً في التقاط الطُعم . حتى انه غَير الطُعم أربعة مرات ولم يحظ بأية سمكة ، لا صغيرة ولا كبيرة . ولأنه كان يقضي وقتاً طويلاً قرب البحر للصيد ، فانه يجلب معه شيئاً للأكل ، فالشعورُ بالجوع مُفجع . والأكثر إفجاعاً انه لا يستطيع إلقام أي شيء للعصافير التي تُزقزق في بطنه . كسرُ خبز . . هو كلُ ما يملك في حقيبته البائسة كبؤس ملابسه . يقضمها مع بعض الماء . يدفعها يميناً ويساراً بين فكيه ، فقد فَقد بعضاً من أسنانه . وهو يعتمد على ما تبقى للمضغ .

شعر بأنه لن يصطاد هذا اليوم أيضا ، ولن يكون له الحظ في التهام السمك الذي اشتاق إليه . فزوجته وطوال السنوات التي عاشها في هذه القرية البائسة ، تطبخ السمك بصورة جيدة . لكنه اليوم سيسمع من زوجته ما يسمعه في كل مرة عند دخوله للمنزل .
_ كما في كل مرة !!
_ نعم ، لم اصطد شيء .
_ وماذا سنأكل ؟
( يصمت العجوز كعادته . . ) .
_ ما السبب يا ترى في عدم صيدك ؟!!
_ ربما لأنني كبرت على الصيد ، والسمك عرف بشيخوختي .
_ أننا نتحدث عن سمك ولسنا نتحدث عن فتاة لخطبتها لك !!!
_ هي نفسُ الصنارة ونفس الطُعم ونفس الصياد . . فلم يتغير شيء .

سحب نفساً عميقاً من سيكارته الثالثة ، التي أشعلها أثناء صيده ، ونفث الدخان عاليا . أراده أن يصل للسماء ، لتستنشقهُ النوارس ، علها تجد أجوبة لعلامات استفهامه . غَير طُعمه مرات . لكنه هذه المرة قام بلف العجينة أقوى من السابق ، بل وزادها قليلا كي تكون مغرية للأسماك .
*****************

على بُعد أمتار وقف شاب بيده صنارة . أخذ بأعدادها وهو يبتسم . نظر إلى الرجل العجوز وأحنى رأسه ، فبادله الرجل العجوز الانحناءة . رمى الشاب بصنارته بعيداً عن الشاطئ ، ومن ثم بدأ بسحبها .
" إنها من النوع الحديث " . هكذا كان يتمتم الرجل العجوز بينه وبين نفسه . حاول الشاب مرة تلو الأخرى وهو يبتسم . والرجل العجوز يتابعه بنظراته وهو ينفث دخان سيكارته تارة ، وينظر إلى صنارته البائسة تارة أخرى . أفلح الشاب بعد عدة محاولات في اصطياد سمكة كبيرة ، تمنى الرجل العجوز لو كانت له ، أخرجها الشاب بصعوبة من البحر . تفحصها والتقط معها صورة بكاميرا كان يحملها معه . خطى إلى الشاطئ بضع خطوات وحرر السمكة من صنارته ثم ورماها في البحر .

المخرج العراقي
سمير الرسام



#سمير_الرسام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرسي – قصة قصيرة
- من مذكرات طفل عراقي
- قمر ليس للموت . . باللغة الفرنسية للشاعر العراقي حسن رحيم ال ...
- أيدني الدكتور حسين الأنصاري.. وسرقني الدكتور لميس كاظم
- تجربتي في الفلم الوثائقي
- كيف غير جيمس كاميرون بفلمه الثلاثي الابعاد وجه السينما ؟
- المظلة - قصة قصيرة
- بداية النهاية ام نهاية البداية ؟
- المخرج ُ العراقي سمير ُ الرسام، بين ألوان الذاكرة ..ومن باب ...
- الفلم الوثائقي (لوعة وطن) قضية اللاجئ العراقي في السويد


المزيد.....




- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب
- كيف عمّق فيلم -الحراس الخالدون 2- أزمة أبطاله بدلا من إنقاذه ...
- فشل محاولة إقصاء أيمن عودة ومخاوف استهداف التمثيل العربي بال ...
- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الرسام - الصنارة - قصة قصيرة