أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - -نصوص خشنة- : تقرأ الماضي بعيون المستقبل















المزيد.....

-نصوص خشنة- : تقرأ الماضي بعيون المستقبل


صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)


الحوار المتمدن-العدد: 3059 - 2010 / 7 / 10 - 09:22
المحور: الادب والفن
    


تنطلق الفكرة الاولى من الألم .. بوصفه أحد فرضيات الحاضر المليء بالأوجاع .
من هنا جاءت نصوص هادي المهدي الخشنة (*) لتؤثث الفضاء الدرامي وتضيف للمكتبة المسرحية العراقية كاتباً مسرحياً من طراز مختلف..
ذلك أن المهدي ومن خلال كتابه هذا دخل في إتجاهات عدة منها مايغوص في عمق التاريخ العربي ليوجه له سهام النقد اللاذعة كما جاء في نص (حكاية تمثال في مدن الآن) والذي يناقش فيه المؤلف واحدة من أخطر القضايا التي يعيشها الانسان العربي بشكل عام والفرد العراقي بوجه خاص.. الاوهي الاحتماء بجدران التاريخ العالية والركون الى حضارة الرقم الطينية والسلف الصالح، فطالما نسمع ونقرأ في كتبنا التاريخية العتيدة التي تؤكد مرارا وتكرارا بأننا أصحاب حضارة، ولكننا في الحقيقة لاعلاقة لنا بهذه الحضارة سوى انها كانت موجودة قبلنا على هذه الارض قبل آلاف السنين ذلك أن الحضارة هي إستمرار وليست نكوصاً الى الماضي وحساب السنين فحسب.
أن المؤلف يلجأ الى هذه الفكرة لمناقشة خضوع العالم العربي بأجمعه الى ماضٍ لامستقبل فيه.. كما يشير الى أننا مازلنا غير قادرين على التعامل مع المستقبل من دون النظر الى مايقبع خلف ظهورنا ، من دون تحريك أي ساكن ..وقد بدا ذلك واضحاً في شخصيات مسرحيته هذه.
وفي أشارة معبرة يتوجه المؤلف الى تحريك الصنم بدل أن يحرك الانسان الخامل الرافض للتفاعل مع الآخر ، لذلك بادر المؤلف الى تحريك صنمه الوحيد (التمثال) والذي كان بدوره قد بدأ يشعر بالضجر من السكون والوقوف صامتاً تجاه مايجري في مدينته فيبدأ بالكلام قائلاً " سنون وشهور مرت، وأنا أقف هنا مثل شجرة ميتة.. مللت الوقوف ..تصلبت ساقاي".
أن حركة الساكن متمثلة بتمثال حجري رفض لكل صور الماضي ومرجعياته ، ذلك أن التمثال يطلب الحرية .. كما يطلب التغيير فكيف بالانسان الحي الذي يريد العودة بالزمن الى الوراء ..؟
يلجأ المؤلف في نصه هذا الى استخدام السخرية اللاذعة من الماضي ، كما ورد ذلك في النص "صدقت أتفق معك على هذا .. لكني تعذبت بسببكم ياجد .. رسبوني في المدرسة لأني لم أكتب عنكم في درس الانشاء الادبي .. وسخر مني الاصدقاء ".
أن التناقضات الحاصلة في المجتمع والتي يكشف المؤلف عنها من خلال الجدل الذي يطرحه التمثال في حواريته مع (الاحياء ) في مدينته لكي يعرفنا بحقيقة موقف الانسان العربي عموماً والعراقي تحديداً من هذا العالم الحاضر.
أن هذا النص يحاول إستثمار الماضي للحاق بركاب المستقبل ورفض التقوقع في جلباب مليء بالاتربة وخيوط العناكب ساعياً الى تحطيم الاصنام البشرية والاسطورية التي تكون دائما حاضرة أكثر من الحاضر نفسه.
وفي نص خشن آخر من نصوص المهدي وهو الثاني من بين ثلاثيته المسرحية وقد جاء تحت عنوان ( الجنرال في المنفى أو الغصن الذهبي الثورة والدولة ) يقسم المؤلف نصه هذا الى ثلاثة محاور تتوزع على شخصياته الثلاث الوحيدة والتي يحمل كل منها هماً عربياً – عراقياً مختلفاً عن الآخر ولكنه يشترك معها في كونه يشكل صورة للانسان العربي بشكل عام..
وقد أطلق المؤلف نبوءاته النصية من خلال قراءته لما يحصل اليوم في العراق .. واذا ما عرفنا أن هذا النص قد كتب في مرحلة سابقة لسنة 2003 وما تلاها من أحداث فإننا سندرك ما يحمله من نبوءات تعصف بهذه البلاد .
المحور الاول : الجنرال /القاتل : طاغية عتيد أطيح به في بلاده بعد ما ارتكب من جرائم دموية بحق شعبه ، ونفي الى جزيرة جميلة وبعيدة عن عيون الاخرين ، ليعيش حياة هادئة ترافقه وساوس وهواجس العودة الى البلاد وإستلام السلطة مرة أخرى والقضاء على جميع أعدائه.. لذلك فهو يجمع الأفعال والأقوال التي تضمن له البقاء في خيال السلطة القمعية .
المحور الثاني : الحفيدة / العاهرة : شابة جميلة احد اكبر ذنوبها أن تكون حفيدة للجنرال المتغطرس الذي يستغلها أبشع استغلال بإسم الثورة على الاعداء والعودة الى البلاد والنصر الكبير الذي يحلم به ، ولاتملك الجميلة الشابة سوى الاصغاء لتلك الاقوال والرضوخ الى صوت الطاغية ، فنراها قد تحولت الى شعب صغير يحكمه هذا الدكتاتور ويقوم على اغتصابه مرات عدة حتى تحولت العذراء الجميلة الى عاهرة يستثمرها الجنرال لجمع الاموال من خلال اطفاء نزوات الاخرين وشهواتهم والجنرال يتحول هو الآخر من مطالبٍ محموم بالسلطة الى سمسار ينظم الطوابير لعاهرته الجميلة البريئة.
المحور الثالث: الشاب / الثورة : ومن خلاله تتوضح لنا صورة أخرى من صور الشباب العربي المغلوب على أمره اللاهث وراء الثورات والباحث عن التغيير من أجل حياة أفضل ، ذلك أن الشاب في هذا النص هو نموذج للشباب العربي – العراقي الذي سعى الى اسقاط الطاغية في بلاده وتم له ما اراد ولكنه سرعان ماتفاجأ بالعدد الهائل من الوصوليين والطفيليين الذين استولوا على الحكم ، طالبين منه الاستراحة بعيدا عن مخادع السياسة ، ليجد نفسه منفياً هو الآخر في تلك الجزيرة ، ليتحول الى وجه العملة الاخر للجنرال المطرود من بلاده قائلاً : " حزين وقد أصاب بالجنون لأني لم أعد اؤمن بقيام الجنة على الارض .. البشر بطبيعتهم قتلة وسجانون جلادون لبعضهم البعض بالفطرة وبقوة الفكر والمبدأ والإيمان .. سجانون يا أصدقائي أنتم يا من هناك أتسمعوني .. لقد أطحنا بدكتاتور ولم نكن ندري إننا نصنع دكتاتوراً جديداً ."
أن هذا النص يؤكد على تلك المقولة التي طالما سمعناها تتردد في أدبياتنا المسرحية والتي تؤكد على أن السلطة لا تموت وإنما تتبدل ، فبديل الجنرال – الطاغية عدد غير قليل من الطغاة الصغار الذين سرعان مايكبرون على إمتصاص الدماء والفساد والقتل لتتحول البلاد من جديد الى حمامات دم ، وتعود اليها دورة الحياة القاتمة مرة أخرى ولكن بثياب جديدة .. والشواهد كثيرة على ذلك في مجتمعاتنا العربية.
ان المهدي يطرق باب الخشونة مرة أخرى عبر قراءة ثالثة لنص مسرحية (القصة المزدوجة للدكتور بالمي ) تأليف الاسباني (انطونيو باييخو) والذي سبق للكاتب السوري الراحل (سعد الله ونوس) ان اعاد كتابته بطريقة مغايرة ليكون (الاغتصاب ) وقد اثار هذا النص الكثير من الجدل سواء من خلال باييخو او من خلال ونوس ، واليوم يحاول المهدي قراءة هذا النص بأسلوبه الخاص ليكون (بيت العنكبوت) منجزا نصياً محايثاً لما سبقه من النصوص الأخرى ، مستعينا بعدد غير قليل من المقاطع التي وردت في الكتب المقدسة من أجل دعم الفكرة التي يحاول طرحها في نصه هذا ومن اجل الوصول الى خصوصية تميزه عن سابقيه في هذه القراءة.
أن ما اثاره نص سعد الله ونوس من جدال واسع في الأوساط العربية حول علاقة (اليهودي –الصهيوني) جاء بعاصفة من الانتقادات ذلك أن المجتمع العربي قليلاً مايفرق بينهما ذلك أن مايحصل تجاه الإنسان في فلسطين لايسمح بتجزئة الفعل كون الفاعل واحد ويقوم بفعله هذا بإسم ديانة واحدة ، وهذه تعد قاعدة عامة للفعل الصهيوني تجاه الفلسطينيين ، أما أن يظهر لتلك القاعدة عدد غير قليل من الاستثناءات فهذا مايثير الجدال مرة اخرى .. وهو بالضبط ما لجأ اليه كل من (ونوس والمهدي ) ومن قبلهما وأن بصورة اخرى أكثر عمومية (باييخو).
أن ما تشير اليه هذه النصوص المسرحية الخشنة والمختلفة في الأشكال والمفاهيم والتي ترتبط بخط عام يصلها بدائرة واحدة يمكن ان نسميها دائرة الهم العربي ،وقد تكون هذه هي الثيمة الابرز التي تجمعها، وبصور مختلفة فجميع هذه النصوص تدور حول هموم الانسان العربي ومشاكله تجاه السياسات الخاطئة التي تعصف به طوال سنين مضت وأخرى قادمة .



(*) نصوص خشنة ، تأليف : هادي المهدي ، دار الطليعة الجديدة – سوريا – دمشق – الطبعة الأولى 1999 .



#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)       Samem_Hassaballa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعنى المفقود في الأسطورة*
- ذاكرة المكان الخالي(*)
- فلم (أبن بابل) العراقي : قراءة في وحشة الموت
- حامد خضر .. صورة للروح الحية
- سيمياء براغ المسرحية ... ونظرية العرض المسرحي(*)
- رحلة الانثربولوجيا في مسرح ايوجينيو باربا(*)
- المحنة العراقية في نص مسرحي من أميركا اللاتينية ..اين العذرا ...
- الدراماتورج .. وتعدد المفاهيم !!(*)
- رؤى كلكامش ....خدعة الحلم !!
- بعد الطوفان 2003 .. حرية في الحركة.. هروب من المعنى !!
- تحت فوق / فوق تحت .. المسرح واللامسرح ؟
- الكتابة ودلالات المعنى واللامعنى؟
- ساعات الصفر….التجريب – التخريب ؟
- العراق مسرحاً للأحداث !
- ذاكرة الابرياء ؟
- ورشة كاليكولا.. محاولة للبحث عن المدهش !!
- غرفة الإنعاش .. بين الموت والضحك !
- مسرحية : -نساء في الحرب-
- -كاسبار- حلم بالموت
- أضغاث أحلام تعود بالمسرح الي الواقعية


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - -نصوص خشنة- : تقرأ الماضي بعيون المستقبل