أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - الحكومة والوطن والمواطن: رأيٌ آخر















المزيد.....

الحكومة والوطن والمواطن: رأيٌ آخر


علي فردان

الحوار المتمدن-العدد: 929 - 2004 / 8 / 18 - 13:17
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


حب الوطن من الإيمان، والدفاع عنه من الواجبات وهو جهاد في سبيل الله، كما الدفاع عن النفس والمال والعِرض. من أسهل التُهَم في العالم العربي الآن هي تهديد الوحدة الوطنية وتعريض أمن الوطن للخطر وبث البلبلة والنيل من الدين الإسلامي، وغيرها من التُهَم التي لو محّصناها لرأيناها تنطبق على الحكومات العربية لا على المواطنين.
لو نظرنا إلى العديد من البلاد العربية وقارنّاها بالدول الشيوعية الدائرة في الفلك "السوفيتي سابقاً" رومانيا، بولندا، المجر، بلغاريا، تشيكوسلوفاكيا (دولة التشيك ودولة السلوفاك حالياً)، لوجدنا بأن حالناً في تلك الفترة الغابرة (قبل حوالي عشرون عاماً) كان أفضل بكثير منها في النواحي المادية وكذلك في مجال حقوق الإنسان.
ما أن سقط جدار برلين وانفرطت السبحة حتى تحرّر المارد الأوربي الشرقي وبدأ يشقُ طريقه إلى الأمام في كل المجالات، انتخابات حرة نزيهة، حقوق إنسان، صناعة، طب، وغيرها، بل انضمت العديد من دوله إلى السوق الأوربية المشتركة وغيرها في الطريق، وكذلك انضمت دوله إلى حلف الناتو؛ وأصبحنا نرى أنّ هذه الدول تصدّر لنا الالكترونيات والسيارات والصناعات الاستهلاكية العديدة.
هذه الدول "المتخلّفة" قبل أقل من عشرين عاماً، أصبحت دول متقدمة تُنافس على المستوى البشري وعلى المستوى الصناعي الدول المجاورة لها من دول أوربا الغربية، وإن كانت هناك فجوة تقنية وصناعية بين دول أوربا الغربية والشرقية إلى صالح الدول الغربية، إلاّ أن هذه الفجوة في تناقص باستمرار، وبعد سنوات من الآن ستختفي.
ما الذي تغير في هذه الدول لتصبح في سنوات قليلة دولاً متقدمة؟ ما الذي يجعل العديد من هذه الدول تنضم إلى السوق الأوربية المشتركة مع صعوبة الوفاء بشروط الدخول إلى السوق؟ ما الذي جعل هذه الدول تنطلق إلى الأعلى مثل الصاروخ في جميع المجالات؟
لقد كانت دول أوربا الشرقية أكثر اضطهاداً لشعوبها من الحكومات العربية، فكما تهرب شعوب الدول العربية والإسلامية للغرب، كانت شعوب تلك الدول تهرب أيضاً للغرب توقاً إلى الحرية ورغبةً في تحسين حياتها المعيشية. ومع تزايد الدول العالمية التي تطبق الديمقراطية باستمرار، لا تزال الدول العربية خارج تلك المنظومة بحج عدة منها الأولويات المقلوبة مثل "دولة مجابهة" كسوريا، ودولة "تجاور دولة إسرائيل" كمصر والتي إلى الآن تطبق الأحكام العرفية، وتقمع الحريات وتعذب وتقتل، كما في بقية الدول العربية، وما سوريا ومصر إلى مثالان فقط، وليس هناك استثناءات إلاّ من رحم ربي.
المطلوب من الشعوب العربية أن ترضى بالحاكم الظالم والقائد الأوحد المستبد وأن تدافع ليس عن الوطن بل عن الحاكم الظالم الحكومة المستبدة، وما ربط الحكومة بالوطن إلاّ لتشويه صورة المواطن الذي يعارض الحكومة، وبالتالي اتهامه بخيانة الوطن. كذلك عندما يتم انتقاد سجل حقوق الإنسان في الدول العربية عموماً وفي السعودية خصوصاً تظهر لنا الاسطوانة التي مللنا من سماعها "بأن الصهيونية خلف تلك الاتهامات، وأن هذه الدول حاقدة على الإسلام وتريد النيل من التزام المملكة وتمسكها بالشريعة الإسلامية". هذه المبرّرات ليست بالسذاجة التي يعتقدها البعض، بل هي مقصودة ومحاكة بخبث والمقصود هو تبرير استباحة الحقوق الإنسانية للشعب وأن ذلك لا يخرج عن نطاق الالتزام بالشريعة الإسلامية، ونقد تلك الأعمال هو انتقاص من الدين نفسه. إن ربط السياسة الحكومية بالدين يعني أن من ينتقد سجل الحكومة في مجال حقوق الإنسان أو ينتقد سياستها التي دمّرت اقتصاد الوطن وحوّلته إلى عش لتفريخ الإرهابيين، مُعرّض لأقصى عقوبة وهي ربما تصل إلى الإعدام لأن من يعارض الحكومة وسياساتها يُتّهَم بمعارضته للدين وخيانته للوطن، وربما العمالة لدولة أو عدة دول أجنبية.
من الواضح بأن المعارضة في السعودية أخذت طابعاً جديداً مختلفاً عن السابق بكثير والسبب عند البعض هو تردي المستوى المعيشي، والذي هو نتيجة لإساءة إدارة موارد البلاد، وهو أيضاً نتيجة لغياب الشفافية والمحاسبة، والذي يعكس انعدام الحريات وغياب المجتمع المدني. كل المشاكل التي نحن فيها من فساد إداري وانتكاس معيشي مادي وبطالة وتخلف علمي وتعليمي وسوء في توفير الخدمات العامة، كل تلك المشاكل هي نتيجة لغياب الديمقراطية بمفهومها الشامل. نحن كشعب أحرص على الوطن من الحكومة، بل أكثر من ذلك، فالحكومة لم تحرص يوماً على الوطن، ولو كان ذلك صحيحاً لأصبحنا في مصاف الدول المتقدمة، بدل أن نعيش التخلف. وتزيد الحكومة على ذلك بأن تُحمّل الدين الإسلامي ما نحن فيه من تخلف مقارنة بدول العالم الأخرى وانتهاك لحقوق الإنسان؛ كذلك تدّعي الحكومة بعدم شرعية الديمقراطية الغربية والتي تعتمد على الانتخابات وإنشاء مؤسسات المجتمع المدني، لأن تلك الممارسات ليست من الدين.
ومع تنامي العمليات الإرهابية، أصبح لدى الحكومة عذراً آخر يضاف إلى بقية الأعذار السابقة، وهو تأجيل أي تحرك ديمقراطي لما بعد القضاء على الإرهاب، بل من يُطالب بالإصلاح تكون تهمته جاهزة وهي محاولة زعزعة الأمن وعمالته لدول معادية للوطن لأن دعوات الإصلاح تزامنت مع ضغوط دولية تتهم الحكومة السعودية بالدعم المادي والمعنوي للمؤسسات الداعية للتطرف وتكفير أهل الكتاب والدعوة إلى قتالهم واستعبادهم.
المطالبات الإصلاحية الخجولة التي تظهر على الصحف وبأقلام كُتّاب معروفين تمجّد (الانفتاح العظيم) المدروس والذي نتيجته علانية محاكمة الإصلاحيين الثلاثة، الأستاذ متروك الفالح، والأستاذ عبدالله الحامد والأستاذ علي الدميني يعني أننا لازلنا نعيش أزمة الديكتاتورية. فبدل أن تكون المطالبة بالإفراج الفوري لعدم شرعية الاعتقال والإسراع في عملية الإصلاح حتى نتجنب الغرق والكارثة، نرى الكتابات تتحدث بشكل كبير عن "الخطوات الإصلاحية المدروسة" والتي من شدة بطأها وتعثّرها، سيحتاج الوطن لعدة قرون حتى يصل إلى ما يجب أن يصل إليه في عدة سنوات، هذا إذا ما استمر تحركنا بهذه الوتيرة، وهذا أيضاً أمر مشكوكٌ فيه.
الأوضاع الشاذة التي تعيشها السعودية، ليست نتاج خيال، بل ذكرها الكثير من المثقفين والأدباء والكتّاب، وإن كانت بتعميم حتى لا يُتّهم كاتبها بالإساءة إلى الدين والخيانة للوطن أو بتهمة جديدة مصير صاحبها السجن وهي أنه إصلاحي؛ من هؤلاء الكُتّاب الأستاذ علي سعد الموسى في كتاباته اليومية على صحيفة الوطن، والمقال الرائع، وكل مقالاته رائعة، بعنوان: كيف دخل العرب أولمبياد الحضارة (الوطن 15 أغسطس 2004 م). إن التقدم هو عملية شاملة تشترك فيها كل المؤسسات الحكومية والخاصة، التعليمية والاجتماعية، فالدول المتقدمة في عمومها متقدمة في كل المجالات لأن هناك روابط بين مجالات التقنية والسياسة والاجتماع والطب وخلافه.
الشعب السعودي يعيش وضعاً مأساويا في وطن لا تُحترم فيه حقوق الإنسان، قبل حقوق المواطنة، حتى مع توقيع الحكومة السعودية على ميثاق حقوق الإنسان العربي، ومواثيق حقوق الإنسان العالمية، فالحكومة السعودية دائماً تتحلل من التزاماتها بحجة مخالفة تلك الأنظمة لتعاليم الدين الإسلامي والشريعة السمحاء. وكأن الدين الإسلامي والشريعة السمحاء هي التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من تخلف وانتهاكات لحقوق الإنسان من اعتقالات وسجن وتعذيب وإعدام. بعد كل ذلك نلوم الغرب لوصف ديننا بأنه دين التخلف والديكتاتورية ويدعو للتطرف والعنصرية ويبيح قتل كل من لا يعتنق هذا الدين، بل يبيح قتل من لا يعتنق المذهب الوهابي.
إن الوطن يعني المساواة، ويعني العدالة، ويعني الحرية، فهل يُلام الإنسان في الكفاح للحصول على حقوقه المسلوبة؟ وإذا لم يستطع نيل تلك الحقوق بالطرق السلمية، كما هو حاصل الآن؟ هذا يعني بأن البلاد فتحت الباب مشرعاً لدعاة العنف والتطرف. حين يفقد الإنسان كل حقوقه الإنسانية وحقوق المواطنة، حيث يفقد القدرة على العيش الكريم ولا يستطيع إيجاد لقمة العيش، ولا يستطيع التصريح بما يعانيه بسبب الاضطهاد، فإن كلمة وطن في نظره لا تعني الكثير، فلا وطن بلا حرية.



#علي_فردان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين مصلحة الوطن العليا؟
- مهزلة القضاء السعودي: إذا بُليتم فاستتروا
- قبول الطالبات الشيعيات في الكليات الصحية: الخطوة التالية الم ...
- قناة الجزيرة: لماذا في بغداد وليس دارفور؟
- القيد للمجرمين والحرية لأستاذنا الدميني
- شهيد الواجب في الرياض، وقتيلٌ في بغداد !!
- السنافي يسأل عن حقوق الإنسان وعاداتنا وخصوصية غرف النوم
- الإصلاح في السعودية: لا تتفاءلوا - - تُحبَطوا!!
- نكافح الفقر أم التسوّل؟
- الأقباط في مصر والشيعة في السعودية: تشابه في الاضطهاد
- كيف لا يشعر الشيعة بالاضطهاد في وطنهم؟
- من يضحي بحياته ليعيش آل سعود؟
- المرأة في عصر الإسلام وفي عصر آل سعود
- خذوني إلى أرض الأمل
- انتهاكات حقوق الأجانب في السعودية: في انتظار فجرٍ جديد
- تعالوا نفجّر ونقتل ونسحل الجثث الآدمية
- الطائفية ضد الشيعة في السعودية: جريمة حكومية منظمة
- ثلاث شمعات تضيء طريقنا المظلم
- شعار الدولة السعودية: العفو عن الإرهابيين والتنكيل بالآخرين
- الهروب في زمن الإرهاب


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - الحكومة والوطن والمواطن: رأيٌ آخر