أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - نكافح الفقر أم التسوّل؟














المزيد.....

نكافح الفقر أم التسوّل؟


علي فردان

الحوار المتمدن-العدد: 912 - 2004 / 8 / 1 - 12:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


لطالما سمعنا وقرأنا تميزنا عن بقية الخلق وأننا شعب الله المختار، فلنا عاداتنا وتقاليدنا وخصوصيتنا، ولا أدري هل من خصوصيتنا في هذه البلاد أن تتسول النساء والفتيات عند كل إشارة مرور.
إن حالات التسول في ازدياد، يوماً بعد يوم، شهراً بعد شهر، وسنة بعد أخرى، والشوارع مليئة بالشيوخ والأطفال والنساء، نهاراً في جو الصيف الحار، وليلاً في جو الشتاء البارد. أطفال تبيع مياه معبئة باردة خلال فترة الظهيرة في فصل الصيف، وكذلك في فصل الشتاء، ووجود فتيات أو نساء من فئة عمرية تحت الثلاثين أو تحت العشرين يبعن الماء أو يتسولن عند إشارات المرور، يعني أننا نعيش كارثة أكبر من بيع ماء، بل ربما بيع الشرف.
قبل فترة قصيرة انتشر خبر مكافحة التسول في الرياض، ولكن لا يبدو أن الوضع تغير، فالأطفال يتسولون ليلاً ونهاراً وعند تقاطعات مرورية خطرة، ونساء وفتيات كذلك، إماّ يبعن ماء أو علب مناديل ورقية، أو يتسولن، وربما محاولة بيع الماء طوال العام هي عملية تمويه للتسول، ولكن بشكل مختلف.
إن مكافحة التسول لا تعني أن تدور سيارات الشرطة أو لجنة مكافحة التسول لتعتقل الأطفال والنساء والشيوخ من الشوارع، فالأمر أكبر من كونه حالة فردية، أو عملية استغفال للناس أو استدرار عطفهم. فالتسول هو فقط علامة من علامات الشيخوخة للحكومة والتي لم تعمل ما يكفي لمكافحة الفقر، فالفقر أصبح معضلة كبيرة، وهاهي الأخبار اليومية في الصحف المحلية عن عائلات لا تستطيع توفير قوت يومها، وأخرى لا تجد مأوى لها، وغيرها الكثير مما يندى له جبين الإنسانية، في الوقت الذي يصرف فيه أمير واحد أكثر من 7 بليون ريال على قصر لا زال العمل فيه مستمراً منذ أكثر من سبع سنوات.
إذاً المسألة أكبر من كونها حالة عرضية تستطيع الحكومة القضاء عليها، فالأمير عبدالله ولي العهد السعودي اعترف بمشكلة الفقر وزار قبل أشهر أحد المنازل الآيلة للسقوط وتم إنشاء صندوق لمكافحة الفقر، فهل تستطيع الحكومة السعودية فعلاً القضاء على مشكلة الفقر؟ بدون شك المشوار طويل والحالة المادية للكثير بدأت بالتصدع ودخل الفرد السعودي في انخفاض وتكلفة الحياة أصبحت باهظة. ولا ننسى أن نسبة البطالة تزداد يوماً بعد يوم في وضع اقتصادي متدهور وسياسي غير مستقر. ومما يزيد صعوبة حل هذه المشكلة هي الوضع العام للحكومة حيث لم تتحرك في اتجاه الإصلاحات.
إن الإصلاح الفعلي للمؤسسات الحكومية وفتح باب الانتخابات وحرية التجمع وحرية تكوين الأحزاب والجمعيات والمؤسسات وتفعيل دورها سيساهم بشكل كبير في انخفاض نسبة الفقر حيث سينعكس إيجاباً على المجتمع، وبالتالي ستقوم المؤسسات الأهلية والحكومية بدورها بشكل منضبط، لا أن تتحمل الحكومة كل الأعباء لأنها لم تعط أحداً الحق في تكوين أي مؤسسة أهلية أو تجمع إلاّ بأمر من المقام السامي نفسه، وهذا كارثة. فلو أراد أي فرد أو عدة أفراد إنشاء جمعية أهلية يعني أن القرار يأتي من الملك نفسه، حيث لا تستطيع أي وزارة البت في الموضوع، وهي مشكلة المركزية المقيتة ومشكلة النظر للمواطن على أنه مذنب أو على الأقل مشتبه به لحين يثبت العكس.
إن غياب دولة المؤسسات وغياب الحريات العامة وغياب أي دور فاعل للمواطن يعني أن الدولة تتحمل كل مشكلة في هذا الوطن فهي السبب الرئيسي في كل ما يحصل من انفلات أمني بسبب الفقر والبطالة، ومسؤولة أيضاً عن غياب الوازع الديني والوطني عند المواطنين بسبب احتكار وتفرُّد عدد قليل ليس بثروة البلاد فقط، بل حتى بالقرار في كل شؤون عشرون مليون مواطن. لهذا المواطن أصبح لا يكترث بما يحدث حوله ويحمّل الدولة المسؤولية كاملةً في تردّي وضعه الاقتصادي والأمني والتعليمي وكل شيء تقريباً، فالمواطن ليس مخيّراً بل مسيّراً من قبل الحكومة السعودية.
إن مكافحة الفقر تعني مكافحة الفساد المستشري في الحكومة والذي نتيجته سرقة بلايين الريلات سنوياً في مشاريع غير مجدية، وصفقات سلاح عمولاتها فقط تصل إلى البلايين من الدولارات في وقت أحوج ما تكون فيه البلد إلى المدارس والمصانع والجامعات. إن مكافحة الفقر تعني أن تتم محاسبة المسؤولين على ما سرقوه من أموال وعلى ما أخذوه من رشاوى مالية أو حتى عينية مثل فلل واستراحات وأراضي، لتوقيع عقود مع مؤسسات ليس استناداً إلى جودة العرض وقلة الكلفة، بل استناداً إلى حجم الرشوة المدفوعة. إن مكافحة الفقر تعني أن يكون قانون "من أين لك هذا" مطبقاً وبشكل واضح للجميع لا أن يكون خلف أبواب مغلقة، فقاضي براتبه الذي لا يزيد عن 10 آلاف ريال يجمع في أقل من عام عدة ملايين، أو وزير يصبح مليونيراً بين ليلة وضحاها، أو موظف بسيط في رئاسة تعليم البنات يشتري سيارة قيمتها أكثر من نصف مليون ريال في أقل من سنة من عمله. إن مكافحة الفقر تعني الحجر على أملاك الأمراء والتي تبلغ البلايين من الدولارات في الداخل والخارج حتى تتم معرفة أصل تلك الأموال وكيفية الحصول عليها.
الإصلاح الحقيقي فقط هو السبيل لحل مشكلة الفقر، فالفقر لا يعني فقط قلة المال، ولكن يعني المخدّرات ويعني الرشاوى ويعني السرقة، ويعني الرذيلة، ويعني كذلك التطرف والعنف. إن البلاد التي تعاني من الفساد ولو كانت من أغنى الدول، حتماً مآلها الهلاك، قال تعالى "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً".



#علي_فردان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأقباط في مصر والشيعة في السعودية: تشابه في الاضطهاد
- كيف لا يشعر الشيعة بالاضطهاد في وطنهم؟
- من يضحي بحياته ليعيش آل سعود؟
- المرأة في عصر الإسلام وفي عصر آل سعود
- خذوني إلى أرض الأمل
- انتهاكات حقوق الأجانب في السعودية: في انتظار فجرٍ جديد
- تعالوا نفجّر ونقتل ونسحل الجثث الآدمية
- الطائفية ضد الشيعة في السعودية: جريمة حكومية منظمة
- ثلاث شمعات تضيء طريقنا المظلم
- شعار الدولة السعودية: العفو عن الإرهابيين والتنكيل بالآخرين
- الهروب في زمن الإرهاب
- أعداء الإنسانية: قراءة في فكر الندوة العالمية للشباب الإسلام ...
- انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية بوابة الإرهاب
- الكاتبة السعودية وجيهة الحويدر: قضيتكِ قضيتنا


المزيد.....




- -يعلم ما يقوله-.. إيلون ماسك يعلق على -تصريح قوي- لوزير خارج ...
- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...
- -عار عليكم-.. بايدن يحضر عشاء مراسلي البيت الأبيض وسط احتجاج ...
- حماس تبحث مع فصائل فلسطينية مستجدات الحرب على غزة
- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - نكافح الفقر أم التسوّل؟