أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - ثلاث شمعات تضيء طريقنا المظلم















المزيد.....

ثلاث شمعات تضيء طريقنا المظلم


علي فردان

الحوار المتمدن-العدد: 891 - 2004 / 7 / 11 - 08:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


(10 يوليو 2004 م) في ظلمات الليل البهيم، في الليالي السوداء، وفي أنفاق الديكتاتورية المظلمة، يُصاب المرء بالإحباط واليأس، يتراءى له بأن الدنيا قد انكفأت وأنه لن يكون هناك ضوء في آخر النفق. البعض صار يعيش حالة من الفزع الشديد وأكثرنا خائفٌ محبط من شدة ما نحن فيه من كرب. في هذه الأوقات العصيبة تحتاج الأمة إلى شمعة تضيء لها طريقها لتخرج من السكون المطبق الذي ولّدته الظلمة والخوف، تحتاج لشمعة لتضيء لها طريق لطالما خاف الكثير منّا عبوره، طريق مليء بالأخطار. فكيف إذا كان لدينا أكثر من شمعة! ثلاث شمعات لا زالت تضيء عتمة السجون لتضرب لنا أروع الأمثال في التضحية من أجل الوطن، لتتحقق العدالة والمساواة ولننعم بالحرية.
لقد قامت الحكومة السعودية يوم الثلاثاء 16 مارس 2004 م باعتقال ثلاثة عشر إصلاحيا، أفرجت عن معظمهم لقاء توقيع تعهد بعدم كتابة أي معروض له علاقة بالإصلاح وعدم الإدلاء بأي حديث للصحافة حول هموم المواطن ومطالبه الإصلاحية. وإن كناّ ولا زلنا نقدر ما قام به هؤلاء ونشكرهم كثيراً على ما قدّموا من تضحيات، فإن الكثير من التقدير والحب والمؤازرة تذهب لمن رفض أن يوقع على أي تعهد، وإن كان التعهد تحت ظروف غير قانونية وتحت التهديد ليست ملزمة لأي شخص ولا تعتبر وثيقة يُعتد بها في أي محكمة أو تحت أي شعار قانوني. بقي في السجن ولا زال ثلاث شمعات نسأل الله لهم العافية، نطلب من الله أن يصبّر أهلهم وأحبتهم، فهو ابتلاء لهم جميعاً جزاءه الأجر والثواب من الله. بالمقابل نرفض كل التبريرات الحكومية التي تحدّثت عنها السلطات الرسمية حول تهمة هؤلاء الإصلاحيين ونرفض كل ما ذكرته وسائل الإعلام على لسان أكثر من مسؤول بأن الإصلاحيين يعملون ضد الوطن كما قال سلطان وزير الدفاع، وإنهم ضدّ الدين، كما قال مفتي السلطان عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ وإنهم دعاة عنف ولهم علاقات بدول أخرى، كما قال وزير الخارجية. ونستنكر بشدة الصمت والتخاذل للمثقفين والأكاديميين السعوديين الذين لم يحرّكوا ساكناً، وكأن على رؤوسهم الطير؛ إن هذا التخاذل في الدفاع عن هؤلاء الأبطال يشجع الحكومة على المزيد من التجاوزات بحقهم وبحق الآخرين.
هؤلاء الثلاثة قاموا بالتوقيع على أكثر من عريضة وقدّموها لولي العهد الأمير عبدالله، احتوت هذه العرائض على تفاصيل هدفت إلى الإصلاح لتجنيب البلاد كوارث اقتصادية وسياسية، نادت بالحريات وبالمحاسبة، شملت الحقوق المدنية وتطبيق القانون، ووضع جدول زمني للإصلاح. لقد تم اعتقالهم على خلفية اجتماعات ظهر منها نيتهم تقديم عريضة مطالبة بإنشاء لجنة أهلية لحقوق الإنسان، أسوة باللجنة الحكومية التي أعلنتها الحكومة في وقت سابق، إضافةً إلى توقيعهم على عريضة سابقة مطالبة بملكية دستورية، فقد قامت وزارة الداخلية باعتقال الإصلاحيين من أكثر من منطقة في المملكة وفي يوم واحد.
الشمعة الأولى، أستاذ ومفكر بجامعة الملك سعود، الأستاذ متروك الفالح أستاذ العلوم السياسية، مُنِع من التدريس قبل عام ونصف بعد نشره بحثاً في القدس العربي بعنوان: الإصلاح السياسي في وجه الانهيار أو التقسيم والذي تحدث فيه عن آثار تفجيرات 9 سبتمبر 2001 م على المملكة. له العديد من الكتب والأبحاث، منها الغرب والمجتمع والدولة الديمقراطية في البلدان العربية، المجتمع والديمقراطية والدولة في البلدان العربية، سكاكا الجوف في نهاية القرن العشرين. ساهم في كل العرائض الإصلاحية، والتقى مع آخرين بوزير الداخلية في ديسمبر الماضي بعد تقديم الوثيقة الدستورية حيث هدّده نايف بالسجن، وكان ردّه بأنه لا يخشى السجن. تم اعتقال الأستاذ الفالح من مكتبه بالجامعة وتم تصفيد يديه أمام عيون مرأى من الطلاب والزملاء داخل "الحرم" الجامعي. لم يضحّي الدكتور الفالح بنفسه، بل أكثر، فقد وضع عائلته والمقربين إليه أيضاً في فوهة المدفع، والحمد لله فأن عائلته وقفت موقفاً مشرّفاً ودافعت عن دفاع الأبطال وأيّدت موقفه. فزوجة الأستاذ الفالح، السيدة جميلة سليمان العقلا (أم عامر) قالت إن زوجها الدكتور متروك الفالح رجل نزيه ولولا حبه لوطنه لما طالب بالإصلاح ولا يوجد لديه أي طمع في سلطة أو منصب وإنما كل ما يريد هو الإصلاح وهذا ما ينادي به الجميع في هذا البلد.
الشمعة الثانية هو المفكر والكاتب الأكاديمي الأستاذ الدكتور عبدالله الحامد أستاذ الأدب المقارن، وهو أستاذ سابق في جامعة الإمام محمد بن سعود وناشط في مجال حقوق الإنسان. تم فصله من عمله عام 1993 م، مدة من الزمن لتأسيسه مع آخرين لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية للمواطنين. الأستاذ الحامد إسلامي ليبرالي يدعو للحرية والديمقراطية وتأسيس منظمات المجتمع المدني، وهو شخصية باحثة معروفة لها ظهور إعلامي في التلفزيونات العربية والصحافة العربية. الأستاذ الحامد مثل زملاءه، وقّع عل عرائض مطالبة بالإصلاح والتقى بعدد من الأمراء بينهم ولي العهد ووزير الداخلية. صرّح في أكثر من محفل بأن التأخير في الإصلاح ربما يدفع الناس لتأييد العنف والإرهاب. وأضاف الأستاذ الحامد بأن السرعة في الإصلاح أكثر أهمية الآن لقطع الطريق على أي جهة أجنبية تصطاد في الماء العكر والتي ربما ترمي إلى التدخل وتقسيم المملكة.
الشمعة الثالثة، الشاعر والروائي والكاتب الأستاذ علي الدميني، وهو غني عن التعريف، فقد كتب الشعر منذ أن كان طالبا في "كلية البترول"، جامعة البترول حالياً، وكتب في الصحف المحلية وغيرها عن الحداثة الشعرية في المملكة العربية السعودية. الأستاذ الدميني ناشط سياسي مشهور، ليس على مستوى البلاد فقط، بل على مستوى العالم العربي، وهو أحد أهم مراكز الثقل الأساسية في النشاط الإصلاحي في المملكة وأول المطالبين بالإصلاح السياسي والثقافي والفكري. قال الأستاذ الدميني حول الإصلاح بأن التيار المتزمت والتكفيري احتكر المنابر وأقصى كافة التيارات الأخرى، وأضاف بأن من الضرورة إفساح المجال لكافة التيارات الثقافية والمذهب الفقهية للتعبير عن اجتهاداتها ورؤاها. وقال أيضاً، بأنه لا بد من إعادة هيكلة العلاقة بين مشروع الدولة والمشروع الديني بحيث يبقى للدولة طابعها الإسلامي من خلال تطبيق الشريعة والمناهج وتطبيق الأحكام الإسلامية في المحاكم لكن من خلال دستور مكتوب. إن الأستاذ الدميني يحمل قلباً رقيقاً وحساً عذباً، وله من الشعر ما يفتت الصخر من عذوبته وما يدخل القلب من وطنيته. قال شاعرنا: (ولي وطنٌ) قاسَمتهُ فتنة الهوى *** ونافحتُ عن بطحائه من يقاتلُه ْ، إذا ما سقاني الغيث رطباً من الحيا *** تنفس صبح الخيل وانهلّ وابلُهْ، وإن مسّني قهرٌ تلمستُ بابه *** فتورق في قلبي بروقاً قبائلُهْ. للأستاذ الدميني إسهامات واضحة في الصحف المحلية وكتباً منشورة، اعتُقِل بما يشبه الخطف بالقرب من مقر عمله.
إن زوجات الإصلاحيين، السيدة جميلة سليمان العقلا زوجة الأستاذ الفالح، والسيدة هدى حسن عثمان زوجة الأستاذ الحامد، والسيدة فوزيه العيوني زوجة الأستاذ الدميني ضربوا أروع الأمثال بنشر قضيتهن وقضية أزواجهن مناشدين جمعيات حقوق الإنسان بالتدخل، خاصةً وأن الحكومة تنوي تقديمهم للقضاء ومحاكمتهم في ظل غياب الإجراءات القانونية والمحاكم العلنية، إضافةً إلى إمكانية تزوير وفبركة المحاكمة "الصورية" لإدانتهم مما يعني تعرضهم لأحكام جائرة. كما أرسلوا خطاباً لولي العهد دافعوا فيه عن أزواجهن وطالبوا فيه الإفراج عنهم، وهذا الخطاب أيضاً وصل إلى الكثير من جمعيات حقوق الإنسان.
عندما أسترجع سيرة أبطالنا الثلاثة وتحدثهم عن الإصلاح في (وجه آل سعود)، يخطر ببالي كلمة الإمام الحسين عليه السلام حين خرج على يزيد بن معاوية، حين قال: "إن أردت إلاّ الإصلاح في أمة جدّي". مع فارق المكان والزمان، فالإمام الحسين لا زال شعلة تضيء الدرب لكل إنسان يعشق الحرية ويحارب من أجل الحق والعدل. ثلاث شمعات حاربت من أجل الإصلاح بلسانها وقلمها ولكن يزيد هذا العصر، لم ير إلاّ أن يعتقلهم ويضعهم في السجون. تعالوا معنا نهتف بأسماء هؤلاء الأبطال في كل مكان، تعالوا ننشر ما أخفته الأصابع الآثمة، تعالوا نتعلم منهم الصبر في المحن، تعالوا نضع أيدينا في أيدي أهلهم مساندين ومؤيدين وداعمين، تعالوا لا ننسى ثلاث شمعات تضيء طريقنا المظلم.
أنا أقترح أن يتم ترشيح هؤلاء الأبطال لجائزة نوبل للسلام فهم فعلاً ضربوا أروع الأمثال في التضحية والفداء في عصر الخوف والانهزام.



#علي_فردان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعار الدولة السعودية: العفو عن الإرهابيين والتنكيل بالآخرين
- الهروب في زمن الإرهاب
- أعداء الإنسانية: قراءة في فكر الندوة العالمية للشباب الإسلام ...
- انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية بوابة الإرهاب
- الكاتبة السعودية وجيهة الحويدر: قضيتكِ قضيتنا


المزيد.....




- أمريكا تعلن تفاصيل جديدة عن الرصيف العائم قبالة غزة
- بوليانسكي: الحملة التي تشنها إسرائيل ضد وكالة -الأنروا- هي م ...
- بعد احتجاجات تؤيد غزة.. دول أوروبية نحو الاعتراف بدولة فلسطي ...
- بوليانسكي: أوكرانيا تتفاخر بتورطها في قتل الصحفيين الروس
- كاميرا تسجل مجموعة من الحمر الوحشية الهاربة بضواحي سياتل الأ ...
- فرنسا.. أوامر حكومية بإتلاف مليوني عبوة مياه معدنية لتلوثها ...
- رويترز: محققو الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبي ...
- حماس تبحث الرد على مقترح لوقف إطلاق النار ووفدها يغادر القاه ...
- - هجوم ناري واستهداف مبان للجنود-..-حزب الله- ينشر ملخص عملي ...
- -بلومبرغ-: البيت الأبيض يدرس إمكانية حظر استيراد اليورانيوم ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - ثلاث شمعات تضيء طريقنا المظلم