أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نورس محمد قدور - مسرحية الحياة














المزيد.....

مسرحية الحياة


نورس محمد قدور

الحوار المتمدن-العدد: 3036 - 2010 / 6 / 16 - 16:50
المحور: الادب والفن
    


هذا الصباح هو أول أيام الصيف لكن الجو معتدل في أغلب الأحيان، ومن وقت لآخر يتخلل الجو الحار نسمات تأتي محملة برائحة البنفسج والسوسن وتارة برائحة الليلك والريحان وبين السوسن والريحان قطرات ندية تتراشق على وجنتيها وضفائر شعرها، تلك القطرات تأتيها مُحملة بعبق الفل من تلك الحديقة التي تطل عليها وتسمى "حديقة العاشق البريء" لجمال تصميمها ودقة بنائها واحترام زوارها لقوانينها. وفي هذا الهدوء والسكينة وقد خلى المنزل من سكانه ولم يبقى سواها ، فقد خلت بعشيقها الذي يلازمها في كل الأوطان، ذلك المرسم لم يفارقها لا بسفر ولا بحضر، وتلك الريشة الناعمة كنعومة أناملها اللتين أنهكتهما قسوة الحياة كانت تعز عليها كما لو أنها إحدى بناتها، فحملت تلك المرسم على الشرفة الصغيرة التي تطل على الحديقة المجاورة وأحضرت كوب ليمون بارد عله ينعش ما تبقى من قلبها النائم وعينيها الدامعتين. وقبل أن تلامس يدها الريشة، سرحت مع ذكرياتها التي لا تتخلى عنها، تذكرت غربتها ووحدتها وكيف أنها تعيش في برج لايُلقي الجار على جاره تحية الصباح فيما لو قابله، وزادها ألماً ذلك الببغاء الذي تركته في بيتها القديم قبل أن تعزم على الرحيل لا أقول مجبرة لكن كارهة أن تترك بيتها الذي عاشت فيه طفولتها التي ترافقها في كل لحظة، تذكر صديقاتها، معلمتها، وبنات جيرانها، إخوانها وأقاربها، وجدها العملاق الذي يصعب عليها أن تنسى شيئاً من حكايته الجميلة كيف وقد كانت في كل ليلة لا تنام إلا في أحضانه لتسمع منه الشاطر حسن، ليلى والذئب ، سارق الأحذية، الملك واللصوص، فيكون جدها متعب أحياننا لكنها لا تتنازل عن حقها فتقدم له المغريات، تأتي له بالفول السوداني والمقرمشات التي يهواها، وأحياناً تأتي له بدفترها الذي وضعت عليه معلمتها كلمات الثناء، وقليلاً ما كانت تقول له لو حكيت لي اليوم حكاية سنذهب غداً معا للحديقة ونأكل آيس كريم ولم يكن أمام الجد سوى أن يجيب رغبات حفيدته المدللة وقد أحبها كثيراً ولا أخفيكم أحبها أكثر من كل أحفاده لأنها وُلدت على يديه كما يقولون أي عاش معها طفولتها منذ اللحظات الأولى. وبرمشة عين وغفوة ذاكرة طوت تلك الذكريات ورمت بها في شباك قلبها النظيف لأنها ستعود لها بعد أن تنتهي من رسم لوحتها. فأمسكت الريشة بأيدٍ مرتجفة قليلاً لكنها لم تخطى خطاً حتى شعرت بالاطمئنان فبدأت برسم مسرح كبير ورغبت في أن تخلو جدرانه من أي شيء إلا الزوايا العلوية فأعطت الأولوية للزاوية اليمنى بزهرة النرجس، وخصت الزاوية المجاورة بالبيلسان أما الثالثة فكانت من نصيب التوليب زهرتها المحببة لقلبها الذي يعشق الأزهار، واحتارت في رابع زاوية إلى أن أسعفتها رائحة الياسمين التي أتت من الحديقة التي تطل بمرسمها عليها، فرسمت في تلك الزاوية ياسمينتين صغيرتين تتعانقان بلهفة وحنان تتناثر عليهما خيوط شمس أتتهما من بعيد، وبعد أن فرغت من أعلى الزوايا رسمت على الأرض سجادة تحوي كل الألوان التي تستخدمها في لوحاتها، وفوق تلك السجادة طاولة وُضع فوقها كتابين كتاب مفتوح في صفحاته الأولى وهو من كتب الخيال العلمي والآخر كان رواية روسية جميلة قرأتها مؤخرا وبجانب الكتابين فنجان قهوتها الطازج التي تثير رائحته كل من يمر من أمام بيتها لشرب القهوة ، ورغيف خبز مع طبق زيت زيتون، وفي الجهة المقابلة للطاولة سرير يكفي لشخص واحد متوسط الطول، وفوق السرير مشجب عُلق عليه ثياب أبطال المسرحية وغرفة لتبديل الملابس وستارة بيضاء وكتب خلف الستارة " الحياة مسرحية علّنا نتقن أدوارها بمهارة، وبعد أن فرغت من تلك العبارة فجأة تذكرت عيد ميلاد حبيبها يصادف هذا اليوم فأسرعت بتعليق لوحة على جدار المسرح مع أنها كانت لا ترغب في تعليق شيء إلا أنه هذا حبيبها وتفديه بكل ما عندها وليس فقط تعديل فكرة من أجله، وكتبت عليها بخط عريض وباللون الأحمر على قلب حب جميل يحمله عصفورين "كل عام وأنت حبيبي".

10-6-2010



#نورس_محمد_قدور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروف سماوية
- اللحظة الأخيرة
- فنجان القهوة
- معالم بيتنا!
- الغزال الشارد
- ساعات الأمل
- عودة الكلمات
- المغتصبة
- وردتي الجميلة
- الفرحة الناقصة
- طفولة أجمل لمستقبل أفضل
- مستقبل أفضل لطفولة أجمل
- ليتني
- مولد الشمس
- فن التعايش: فن الممكن أم المستحيل؟
- (ألستروميريا)
- جعلتني أحب الحياة(قصة قصيرة)
- أيها الآتي من بعيد
- كنوز الدنيا أمك
- ميلاد حبك


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نورس محمد قدور - مسرحية الحياة