أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ميخال شفارتس - المشكلة: الجدار وليس المسار















المزيد.....

المشكلة: الجدار وليس المسار


ميخال شفارتس

الحوار المتمدن-العدد: 921 - 2004 / 8 / 10 - 09:32
المحور: القضية الفلسطينية
    


الاشكالية الرئيسية في قرار لاهاي انه لا يرفض الجدار جملة وتفصيلا، بل يحتج على مساره الذي يأتي على حساب اراض محتلة. في غزة تم بناء الجدار على الحدود، ولكن معنى هذا كان تحويل غزة الى سجن كبير تديره اسرائيل عن بعد؛ ان عزل الشعب الفلسطيني وراء جدران، سواء اقيمت على الخط الاخضر او على الاراضي المحتلة، دون أي ترتيب سياسي يكفل حقوقه، يعني الحكم على هذا الشعب بالجوع، بالاقتتال الداخلي والفوضى.


ميخال شفارتس

قرار الجمعية العامة للامم المتحدة في 21 تموز (يوليو) مطالبة اسرائيل باحترام قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، والذي ينص على تفكيك الجدار الفاصل في المناطق المحتلة، يعتبر ضربة معنوية وسياسية لاسرائيل. فقد تبنت الجمعية العامة باغلبية 150 دولة مشروع القرار الذي طرحه ناصر القدوة، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في الامم المتحدة، في حين عارضته ست دول وامتنعت عشر.

من التصويت اتضح رفض الرأي العام العالمي للاحتلال الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية، وعدم قبوله بحجج اسرائيل الامنية، ومطالبته اسرائيل، بالمقابل، بالانسحاب لحدود الرابع من حزيران 1967، اي للخط الاخضر. الولايات المتحدة واستراليا ومقرونيزيا وثلاث اخرى، بقيت خارج الاجماع الدولي، الى صف اسرائيل التي تعتبر آخر الدول التي تمارس الاحتلال العسكري لشعب آخر.



اشكال سياسي

ومع هذا، فهناك عدة اشكاليات في التوجه الفلسطيني الى لاهاي والامم المتحدة، اولها محاولة حل قضية سياسية من الدرجة الاولى بالمسالك القانونية. ان بناء الجدار وخطة الانفصال الاحادي الجانب عن غزة، هما تعبير عن رفض اسرائيل التفاوض مع السلطة الفلسطينية حول مصير الشعب الفلسطيني، والقضاء على احتمال اقامة دولة فلسطينية مستقلة، حتى لو بنت اسرائيل جدارها على حدود ال67. ولكن قراري لاهاي والامم المتحدة يكتفيان بالاعلان عن عدم شرعية الاحتلال والجدار والمستوطنات من ناحية القانون الدولي، ولا يتطرقان لموضوع اقامة الدولة الفلسطينية، او مصير الشعب الفلسطيني الذي سيبقى وراء الجدار بغض النظر عن موضعه، سواء في عمق المناطق المحتلة او على الحدود.

هناك العشرات من قرارات الامم المتحدة حول عدم شرعية المستوطنات والاحتلال، وقرارات تقضي بالانسحاب الاسرائيلي لحدود 1967، وباقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. ولكن المفارقة ان القيادة الفلسطينية هي التي ادارت ظهرها للامم المتحدة وللشرعية الدولية، عندما وقعت مع اسرائيل وامريكا على اتفاق اوسلو المخالف لهذه القرارات. لقد تم اوسلو خارج اطار الامم المتحدة، وجاء ليستبدله ويمنح الشرعية للاحتلال الاسرائيلي والمستوطنات.

يمكننا تشخيص هذا الالتباس في التوجه الفلسطيني للامم المتحدة: فالشخص الذي طرح القضية على جدول الاعمال هناك هو ناصر القدوة، بصفته مراقبا عن منظمة التحرير الفلسطينية في هيئة الامم. ولكن الواقع ان منظمة التحرير شطبت نفسها وميثاقها، ومنذ تحولت الى "السلطة الفلسطينية" لم يعد لها وجود حقيقي. اما السلطة، فلا تمثيل لها في الامم المتحدة، فليست الهيئة الدولية التي اعطت للسلطة حق الوجود، وانما هي وليدة لاتفاق اوسلو الذي كما اسلفنا تم خارج اطار الشرعية الدولية.

ان الشعب الفلسطيني في الواقع لا تمثيل له، ويبدو كالمعلق بين الارض والسماء. فمنظمة التحرير تفككت، اما السلطة فلم تعد تحظى بشرعية او اعتراف حتى من الجهتين اللتين خلقتاها: امريكا واسرائيل. هذا ما يعقد الامور اكثر من اي وقت مضى، ويجعل مصير الشعب الفلسطيني غامضا.

ما نشهده هو محاولة للهرب من القضية السياسية المصيرية. فالامم المتحدة لا تتطرق لاتفاق اوسلو الذي ادى فشله للتوجه للامم المتحدة والشرعية الدولية مرة اخرى، ولا تتطرق للحق باقامة الدولة الفلسطينية، وتكتفي بقرار قانوني يتعلق بانتهاك ميثاق جنيف الرابع. اما السلطة الفلسطينية فتتلاعب بالمسارين المطروحين: من جهة تعلن الالتزام بالاطار الاسرائيلي الامريكي، ومن جهة اخرى تهدد بالشرعية الدولية والامم المتحدة. النتيجة لهذا الهروب هو تعميق الفوضى وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني.

الاشكال الاساسي الثاني في القرار هو عدم رفضه بناء الجدار بشكل مبدئي، بل الاعتراض على مساره الذي يتم في الاراضي الفلسطينية المحتلة. ولكن المشكلة ليست في المسار. والدليل على ذلك قطاع غزة، حيث تم بناء الجدار على حدود 1967 بالضبط، ومع ذلك تحولت غزة الى سجن كبير ينعدم فيه الحد الادنى من مقومات الحياة، وخاصة مصدر الرزق والامن. كل هذا في حين تواصل اسرائيل ادارة احتلال القطاع عن بُعد، مع الاحتفاظ لنفسها بما يسمى "حق الدفاع عن النفس"، الذي يعني دخول القطاع والقيام باعمال القتل وتجريف البيوت.



موقف اوروبي توفيقي

يطالب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة اسرائيل بتفكيك الجدار وتعويض الفلسطينيين المتضررين منه. ولكن القرار مثل قرار محكمة العدل في لاهاي، غير ملزم. وقد اعلنت اسرائيل عدم اعترافها بحق محكمة لاهاي في التداول بشأن الجدار، واكدت عزمها على مواصلة بنائه رغم القرار. المؤسسة التي كان من الممكن ان تكون ملزمة، هي مجلس الامن في حال اتخذ قرارا بهذا الصدد، ولكن هذا غير وارد نظرا لتعهد امريكا باستخدام حق النقض. واذا بقي عند احد ما شك، فنذكر بان اسرائيل لا تحترم حتى وعودها لامريكا نفسها بتفكيك البؤر الاستيطانية "غير القانونية". وما يحدث هو العكس، فقد اعيد الاستيطان للمواقع القليلة التي تم اخلاؤها.

لا نقلل من القيمة المعنوية للقرارات الاخيرة، اذ انها تقرب اسرائيل رويدا رويدا من صف الدول المنبوذة، كما كان حال جنوب افريقيا في ظل نظام الفصل العنصري (الابارتهايد). في هذا السياق يصب تقرير منظمة العفو الدولية الذي ينتقد بشدة قانون التجنس الاسرائيلي والتعديلات الاخيرة المدخلة عليه، واعتبرته قانونا عنصريا. قرار الامم المتحدة بشأن الجدار يطالب دول العالم بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الذي خلقه الجدار، كما يطالب الدول الموقعة على اتفاق جنيف (واسرائيل بينها)، بحمل اسرائيل على الانصياع للقانون الدولي. كما يوصى بان تواصل الامم المتحدة البحث في خطوات اضافية لوضع حد للوضع غير القانوني الذي خلقه الجدار.

ولكن خلافا لجنوب افريقيا في ظل الابارتهايد، فان اسرائيل تتمتع بتأييد دولي واوروبي، ليس امريكي فحسب. ان تصويت الاتحاد الاوروبي، 25 دولة، بالاجماع مع قرار الجمعية العامة، جاء بعد ادخال التعديلات الاوروبية على نص القرار الفلسطيني والتي خدمت اسرائيل، اذ تضمنت حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها وادانة الارهاب. وطالما لا تتخذ خطوات عملية لمقاطعة اسرائيل كما حدث مع جنوب افريقيا في السابق، فان هذه القرارات تبقى معنوية ليس الا. ولا يفيد في هذا المجال حقيقة تدهور وضع السلطة الفلسطينية مؤخرا وفقدانها الدعم الاوروبي.



المحكمة الاسرائيلية والقانون الدولي

رغم نقاط ضعفه، فان قرار محكمة لاهاي التي تتمتع بسمعة جيدة، يضع اسرائيل تحت المجهر. فهو يشكل مقياسا موضوعيا لامتحان الاسس القانونية لدولة اسرائيل، بما فيها اهم مؤسسة قانونية اسرائيلية، وهي "محكمة العدل العليا". كما انه امتحان للمجتمع الاسرائيلي باكمله الذي رحب يمينا ويسارا ببناء الجدار. من هذا الامتحان، لا شك ان اسرائيل ستخرج فاشلة.

في محاولة لانقاذ اسرائيل من القرار المتوقع في لاهاي، اصدرت محكمة العدل العليا الاسرائيلية في 30 حزيران (يونيو)، قرارا بتعديل 30 كيلومترا من مسار الجدار في شمال القدس، باعتباره يضر بشكل غير متوازن بفلسطينيي المنطقة. وكان الهدف اثارة الانطباع بان المؤسسة الاسرائيلية، قادرة على موازنة نفسها من خلال سلطتها القضائية، ولا حاجة لقرارات دولية او لتدخل دولي.

جاء القرار في الالتماس الذي قدمته للعليا مجموعة من رجال الامن السابقين (مجلس السلام والامن). وتقترح هذه المجموعة بناء الجدار قريبا من الخط الاخضر، لتقليل الاضرار التي يمكن ان تتسبب للفلسطينيين، وذلك من منطلق حماية المصالح السياسية الاسرائيلية. رئيس الوزراء الاسرائيلي، اريئل شارون، قبل قرار العليا وأمر بتعديل مسار الجدار، وفحص قطاعات اخرى من المسار على ضوء قرار المحكمة المحلية. كما قررت اسرائيل اعادة النظر في مسار الجدار في منطقة بيت لحم، لعدم المس بالديار المسيحية في المنطقة، وذلك نزولا عند طلب امريكا. ولكن مناورة العليا في اللحظة الاخيرة، لم تنجح في التخفيف من شدة قرار لاهاي.

دافيد كريتسمر، خبير قانوني في الجامعة العبرية، قال انه منذ احتلال 1967، كان موقف المحكمة تقديس المصالح الامنية الاسرائيلية وتجاهل القانون الدولي كما لو كانت تعيش في "فقاعة قانونية" (هآرتس، 20 تموز-يوليو). يقول كريتسمر ان الحكومات الاسرائيلية رفضت تطبيق ميثاق جنيف الرابع الذي يرفض الاستيطان ووضع اليد على ممتلكات خاصة في المناطق المحتلة، بحجة ان الضفة الغربية وقطاع غزة ليسا مناطق محتلة بل مناطق متنازع عليها. السلطة القضائية الاسرائيلية من جانبها، لم تلزم الحكومات بتطبيق ميثاق جنيف، بل تبنت حجج المؤسسات الامنية الاسرائيلية التي انتهكت الميثاق.

ويضيف كريتسمر ان هذه الفقاعة انفجرت في وجه اسرائيل حين اتخذت محكمة العدل العالمية في لاهاي قرارها الاخير، الامر الذي عرّى المحكمة الاسرائيلية.

ولم يفضح القرار المحكمة العليا التي ترى في نفسها حارس الديموقراطية الاسرائيلية، بل ازال قناع الليبرالية عن اليسار الاسرائيلي الذي يدعم بناء الجدار.

ان ايجاد حل جذري للقضية الفلسطينية، يتطلب ازالة الجدار وليس تغيير المسار، وانسحاب اسرائيل دون شرط من المناطق التي تم احتلالها عام 1967 باتفاق مع الشعب الفلسطيني وبشكل يلبي حقوقه الوطنية الكاملة. ولكن هذا يتطلب اولا من الشعب الفلسطيني صياغة خط سياسي بديل، يمكّنه من مواصلة النضال خارج الاطار الامريكي الاسرائيلي.



#ميخال_شفارتس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون الجنسية يعزل اسرائيل عن العالم
- السلطة الفلسطينية - حركة فتح: من الثورة الى الفوضى
- جدار عند آخر الطريق المسدود
- الجدار الفاصل الضفة الغربية في الزنزانة
- التعديل في قانون التجنس الزواج من الفلسطينيين مسموح، ولكن...
- خريطة الطريق: قصة موت معلن
- تعيين ابو مازن: واحد - صفر لاسرائيل
- ايتها الحرب الجميلة
- فرض خليفة لعرفات مسألة وقت
- الاتحاد السوفييتي: دكتاتورية ستالينية، ام دولة عمال اشتراكية
- الجدار خطوة احادية الجانب لتعديل الحدود
- يوم الارض هذا العام: هروب من التحدي
- يوم المرأة العالمي - تاريخ وجذور


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ميخال شفارتس - المشكلة: الجدار وليس المسار