|
الجزائريّون و المصريّون في مسرح الدّيكة...!
باهي صالح
الحوار المتمدن-العدد: 2985 - 2010 / 4 / 24 - 17:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجزائريون والمصريون لا زالوا يصنعون الفرجة في مسرح الدّيكة بعد مرور كم شهر على موقعة أم درمان، ريشهم يتطاير في كلّ اتّجاه على مرأى و مسمع من العالم...في كلا الطّرفين اجتهد كبار المنافقين و المتزلّفين و المستنفعين و صائدي الفرص من إعلاميين و أشباه كتّاب و مثقفين و غيرهم على إطالة عمرالأزمة و استغلالها أطول فترة ممكنة لذلك نراهم و إلى حدّ الآن لم يملّوا و لم يتعبوا من النّفخ فيها (الأزمة الكرويّة) من ذكائهم و طمعهم في الشّهرة و الأموال...إلى الآن لا زالوا يعملون على إذكاء و إبقاء مشاعر الشّعبين على صفيح ساخن من الغضب و التوتّر و الانفعالات...!
هذا أسّس كما هو واضح لمشاعر في غير محلّها من العداوة و البغضاء و الكراهيّة لا ندري مدى آثارها على الإنسان هنا و هناك و لا نعرف عمرها في الزّمن الآت، و يا ليتها اقتصرت على طبقات معيّنة من أصحاب الأجندات و الأهداف الجليّة و الخفيّة من النّخب و السياسيين بل تعدّت آثارها مع كلّ أسف إلى حياة المواطن العاديّة في كلا البلدين خاصّة و الشّعبان محسوبان على دار العروبة و الإسلام...!
في الجزائر و بفضل حملات الشّحن و الإغاضة و التّهييج و التّسخين المستمرّة تلك، أصبحت كلمة مصر في ذهن الجزائري مرادفة لكلمة كفر و كلمة مصري مرادفة لكلمة شيطان و كلّ ما يأتي به أو يفعله أن ينتجه المصريون...أصبح مرادفا للممنوعات و المحرّمات الّتي تجلب غضب اللّه و سخطه على كلّ من يقترب منه...حتّى الطّرب المصري الّذي يمثّله كواكب يعزّ على الزّمان إنجاب مثلهم مثل أّم كلثوم و عبد الحليم و عبد الوهّاب و غيرهم و الّذين كانوا إلى عهد قريب يتربّعون على عرش السّماع و قلوب الجزائريين اتّفقت الحكومة و الشّعب على حدّ سواء و بدون قوانين أو مراسيم على تحريم و منع بثّ كلّ الأغاني المصريّة على مستوى كلّ القنوات الإذاعية و التّلفزيّة و النّاس بدورهم حرّموا على أنفسهم و بإرادتهم الحرّة و هم في بيوتهم أو في سياراتهم صوت كلّ مطرب من جنسيّة مصريّة...!
ركب معي زميل في السّيارة و كان جهاز الستيريو يصدح بصوت عبد الحليم...فاجئني و هو ينشب أظافره في الجهاز و يغلقه بانفعال ظاهر قائلا: ما هذا يا صديقي...هذا مصري..ألم تكتفي ممّا فعله المصريّون بنا...لا خير فيهم أبدا...!
قلت دون أن أقدر على إخفاء انزعاجي: كِدت تصيب الجهاز بالعطب...ماذا فعل لك عبد الحليم..الرّجل في ذمّة ربّه منذ عشرات السّنين...!
قال متأفّفا ساخرا: المصريّون كلّهم غير صالحون...بعضهم من بعض...ألم تشهد ما فعلوه بنا...؟! قلت ساخرا: لا لم أشهد شيئا...!
نظر نحوي غير مصدّق: ألم تشاهد و تسمع سبابهم و شتائمهم في وسائل إعلامهم لنا...ألم تتابع برامج كاملة و هم يستهزئون و يسخرون من شهدائنا و رموزنا..لقد صنعوا العار...ثمّ تقول لا لم أشهد شيئا...لا شكّ أنّك تمزح...!
قلت بنبرة حادّة: الّذين رأيتَهم و سمعتهم كم يبلغ عددهم...هل هم عشرون أم ثلاثون أم مائة...الشّعب المصري يا عزيزي يصل تعداده الثّمانون مليون و في هذه العدد كما عندنا الصّالح و الطّالح و فيه العاقل و فيه المتهوّر و فيه الاستغلالي و في المستعفّ و فيه المتجنّي و فيه العادل و فيه الصّعاليك و اللّصوص و الحراميّة و البلطجيّة كما فيه المتخلّقون و المفكّرون و النّزيهون و الطيّبون...إلخ...فكيف تشيطن شعبا كاملا لأنّ صحافيّا أو مجموعة من الإستغلاليين و الباحثين عن الانتشار و الشّهرة أساءوا الأدب و تفوّهوا بما لا يليق...ثمّ أليس بيننا نحن الجزائريّين من أساء الحديث في حقّ المصريين..ألا يوجد بيننا بدورنا أناس أساءوا لنا و لشهداءنا بأقوالهم و أفعالهم و استفزازاتهم...ألا يوجد من الصّحف و الكتّاب و غيرهم من صنعوا شهرتهم من المتاجرة في هذه الأزمة المفتعلة أصلا...؟!
قال بأعصاب مشدودة: تُراك معنا أم معهم...هل أنت جزائريّ أم لا...؟!
أدخلت يدي إلى داخل جيبي و أخرجت بطاقة الهُويّة و قلت و أنا أعرضها عليه: خذ تأكّد بنفسك...!
هزّ يده و أشاح عنّي بوجهه ثم اعتدل في جلسته و التفت مرّة أخرى نحوي: أنت لا تعرف المصريين يا صديقي...أمّا أنا فأعرفهم جيّدا أنا ذهبت إلى الحجّ و عرفتهم عن قرب و وجدت كلّ العرب يكرهونهم لأفعالهم و تصرّفاتهم المخزية و شهدت ذلك بنفسي...هم وحدهم من يتسوّلون و يتسبّبون في المشاكل هناك...هم وحدهم من لا يؤتمن لهم جانب...هم وحدهم من....
قاطعته و قد نفذ صبري: أمّا أنتم الجزائريّون و غيركم فملائكة أطهارا و كراما طيّبين....من فضلك إنزل من سيّارتي...؟!
ضغطت على الفرامل فجأة و فتحت له الباب.
نزل و هو يصليني بسهام عينيه..!
و في مرّة أخرى كنت رفقة مجموعة من الأصدقاء في جلسة أنس و سمر نتجاذب أطراف الحديث و نتبادل التّعليقات السّاخنة إلى أن أخذنا النّقاش إلى الأزمة الكرويّة بيننا و بين إخوتنا المصريين و إذا بالنّفوس تتكدّر و الأجواء داخل الغرفة تضيق و تحتقن خاصّة عندما أعرب أحدهم عن مدى ما لحقه من غضب بحيث تحوّل عنده إلى رغبة ملحّة في الثّأر من أيّ مصري يجده أمامه حتّى يطفئ ناره و يشفي غليله من جرّاء ما تجرّا على قوله أحد الصّحفيين المصريين في إحدى المحطّات الفضائيّة المصريّة في حقّ الجزائريين، و لمّا حاولت التّهوين ممّا سمعه و شاهده زاد تكهرب الغرفة و شعرت بثقل مشاعرهم غير الحميدة كلّها تصبّ في اتّجاهي فلم أجد بدّا من أن ألوذ بالصّمت الجميل و أنا أسمعهم على مضض يقطّعون و يأكلون في لحم إخواننا المصريين من أجل ماتش كورة و مجموعة كما قلت من المنافقين و الصّيادين في المياه العكرة...!
و لا أشك في أنّ المواطن المصري يعيش نفس الأجواء في بلده لندرك مدى الأحقاد الّتي تشكّلت و حجم العداوة الّتي نشأت بين شعبين عربيين مسلمين لهما قواسم مشتركة في تاريخ العصر الحديث و الحاصل نتيجة لزوميّة للحملات المسعورة الحمقاء المتواصلة الّتي تحرّكها عقائد سياسيّة و مصلحيّة لصالح طبقات الحكم في البلدين على حدّ سواء...!
#باهي_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وافق الحاكم المحكوم...!
-
الخمار و اللّحية قضيّتا الجزائريين الأساسيّتين...!
-
العصفور الحزين
-
حكاية قبيلة بني لاهيه
-
زنزانتي الخوف
-
مدينتي العربيّة المسلمة....؟!
-
كان لي رأي حين أبديته، ساقوا عليّ الملامة و قالوا أنت حمارُ.
...
-
عقيدة الولاء و البراء هل تصلح للعصر الحالي....؟
-
تيسون....
-
رغم التّدليس و التّزييف إلاّ أنّ الّتاريخ لا يرحم و لا يجامل
...
-
مرض التّفكير، أعراضه، علاجه و طرق الوقاية منه...!
-
هل من أمل في نهضة المسلمين و المرأة عندهم عورة و شيطان يُبطل
...
-
خسئتم مشيخة الجهل و النّفاق، فأنتم مصيبة الأمّة و بلاءها الأ
...
-
لدين الإسلام دور يصعب إنكاره أو المرور فوقه...!
-
سطور من الفصل الثّاني عشر من رواية كرة الثلج
-
هل إسلام الغالبيّة ممسوخ أم منسوخ....؟!
-
على من يكذب أمين منظّمة المؤتمر الإسلامي....؟!
-
احتقان، شغب..و سخط عامّ! الفصل الأوّل (2)
-
نعم أنا مسلم و لكن....؟!
-
احتقان، شغب..و سخط عامّ! (1)
المزيد.....
-
اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض
...
-
غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
-
السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك
...
-
صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره
...
-
الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
-
الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة
...
-
وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن
...
-
أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا
...
-
وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو
...
-
مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|