أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باقر جاسم محمد - المسافة و اللغة














المزيد.....

المسافة و اللغة


باقر جاسم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 897 - 2004 / 7 / 17 - 08:14
المحور: الادب والفن
    


( قصة قصيرة)
إلى فاطمة الزياني/ نحن ننتقل في المكان في شتى الاتجاهات و لكن الزمان ينتقل بنا في اتجاه واحد.
باقر جاسم محمد

دخلا قاعة الكازينو البحري و ما تزال الشمس طفلة في صباح ربيعي بارد فشعرا بدفء المكان ؛ و كان صوت فيروز يملأ المكان بألفة روحية عميقة و هي تغني
" لا تسألوني ما أسمه حبيبي " . كانت هي أكثر شبابا و نظارة من ، لكنهما كانا منسجمين تماما . اتخذا مقعدين عند إحدى الطاولات القريبة من نافذة واسعة تطل على البحر، البحر الذي كان يدمدم هادئا و كانت أمواجه تومض بالتماعات و إشارات سرية بينما تحلق بضع نوارس في العمق.
بعد لحظات جاء نادل شاب مرحبا و سائلا إياهما عما يرغبان فطلبا كأسي عصير طبيعي. وحين غادرهما عادا إلى عالم فيروز و عند انتهاء الأغنية أحضر النادل لهما ما طلباه و تركهما في خلوتهما الهادئة.
نظرت هي الى المكان مستطلعة و كان هو يتطلع الى البحر . قال:
- حين أكون على ساحل البحر أتذكر السواحل و الضفاف الأخرى و أحاول أن
أتخيل الناس الآخرين في تلك الضفاف .
قالت:
- ترى هل يتذكرك أحد منهم ؟
- ربما.
سكن الحديث و لم يسكن ما في نفسيهما . قطعت الصمت بالقول :
- انظر إلى تلك اللوحة .
فنظر إلى حيث أشارت . كانت لوحة كبيرة من لوحات الطبيعة الصامتة تمثل طبقا مملوءا بفاكهة متنوعة على طاولة و إلى جانب الطبق سكين ؛ و في قمة الفاكهة تستقر
تفاحة حمراء مخضرة تغري الناظر بأكلها.
قالت:
- يالها من طبيعة ناطقة !
قال:
-إنه مصور بارع حقا. فأنا أتذوق طعم التفاحة و هي تملأ فمي بالعصير كما أحس أن
رائحة التفاح تضوع في المكان.
سألت:
- هل تعرف المصور ؟
فأجابها :
- كلا . ربما يكون ماتيس .
ركزت نظرها على وجهه المتعب و ملامحه الموحية بمزيج من الطيبة و الفطنة ؛ و في اللحظة عينها كان هو يركز نظره عليها محاولا أن يستوعب ملامح وجهها الحادة الجميلة . مد يده و حين مست أصابعه يدها المستقرة مثل قبرة فوق الطاولة ، شعرت برعشة تسري في جسمها و شعر هو بأن البرزخ الذي كان يفصل بينها قد بدأ يتقلص. ارتبكت و أدارت وجهها قليلا و نظرت من النافذة في الأفق البحري الواسع حتى تداري ارتباكها فانعكست صورة الشمس الطالعة من مشرقها في عينيها السوداوين . كان هو يتأمل ذلك التألق الغريب في عينيها وقد خالجه شعور بأنه يثمل و أنه يرتفع شيئا فشيئا في فضاء أزرق شفيف . قالت:
- كم هي شمس الربيع جميلة ! إنها تجعل الأشياء و الكائنات تتألق .
قال:
- كم أنت جميلة ! إنك تجعليني أرى الأشياء و الكائنات تتألق .
تساءلت :
- هل يمكن ؟
- يمكن ماذا ؟
- أن نجعل المسافة بيننا تتلاشى ؟
- يمكن ( ثم بعد صمت قصير ) و لكن ذلك يعني طريقا صاعدة و مكابدات و إلا فلن تعود الأشياء و الكائنات متألقة.
نظرت إليه برهة و هي صامتة و متأملة . كانت تحاول استيعاب ما قاله ولم يقله. و كان هو ينظر إليها متابعا حراكها الروحي . ابتسمت و هي تشعر أن أفقا روحيا شاسع الاتساع قد انفتح أمامها . و لكنها أحست أيضا بأن نفسها تتوزع بين حاجات الجسد و حاجات الروح ؛ فاجأها بالقول:
- نفسي موزعة كما هي حال نفسك ، و لكنني حريص على حلمنا المشترك . فهل توافقينني ؟
فأجابت :
- نحن نحلق في سماء واحدة .
و بدون أية كلمة ، أخرج بعض النقود و وضعها على الطاولة . خرجا من الكازينو . ثم توجها حديقة خضراء مزهرة بشقائق النعمان و غارقة في ضوء الشمس . كانت هي تحس بأن هذه اللحظة عصية على التعبير و كان هو يحس بما تشعر به . و هكذا سارا صامتين و غابا في الشمس .

ليبيا- زليتن 2/ 1 / 2001 .



#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية و حرية العمل السياسي في العراق
- مستويات تحليل الخطاب الشعري - عبدئيل- الشاعر موفق محمد إنموذ ...
- الأول من أيار : الفكر الماركسي و تحديات المرحلة الراهنة
- من المسؤول عن حل الجيش العراقي السابق ؟
- الدمع صولجان والروح أقحوان
- رداء لشتاء القلب
- الاحتلال و الاستقلال بين منطق الرصاص و منطق العقل
- رقيم سومري حديث
- المرأة العراقية و الدستور المؤقت و المستقبل
- نصيحة سيدوري الأخيرة
- الدولة و السلطة والعشائر العراقية
- العراقيون وحقوقهم بين الأمس و اليوم
- أخلاقيات الحوار و شروطه المعرفية


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باقر جاسم محمد - المسافة و اللغة