أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري - باقر جاسم محمد - العراقيون وحقوقهم بين الأمس و اليوم















المزيد.....

العراقيون وحقوقهم بين الأمس و اليوم


باقر جاسم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 774 - 2004 / 3 / 15 - 03:29
المحور: ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري
    


تمثل مسألة الحقوق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية الهدف الجوهري و البرنامج الأساسي للأحزاب و القوى السياسية قبل الحكم ،كما أنها تمثل معيارا حاسما في القياس و التقويم و الحكم على أداء أنظمة الحكم و صدقها في وعودها إن كانت قد جاءت إلى الحكم عن طريق الانتخابات . أما أنظمة الحكم الانقلابية ( و منها نظام البعث) فإنها مغتصبة للسلطة أصلا و لذلك فإنه يصح القول أن أدائها السياسي يكون موضع نظر و مساءلة من الوجهتين : أولا من الوجهة الشرعية القانونية ، فهل يجوز لمن بدأ حكمه باغتصاب السلطة أن يستثمر إمكانات الدولة كافة لتأسيس شرعية مزعومة ؟ ألا يعني ذلك إبطالا للقاعدة القانونية المعروفة التي تقول أن ما بني علي باطل فهو باطل ؟ وثانيا من وجهة الممارسة السياسية الواقعية فأن فحص سجل البعث في علاقته بالحقوق السياسية و الاجتماعية والاقتصادية يظهر كيف كانت جرائم ذلك النظام تجري على نحو منهجي يؤدي في نهاية المطاف الى اغتيال كل ما هو نبيل في النفس فضلا عما يخلفه من أحقاد ومشكلات عميقة في البنية الاجتماعية وهو ما لاحظناه عند انهيار النظام و تفكك آلياته القهرية في الحرب الأخيرة ، إذ كان ما تركه النظام من ركام المشكلات خير دليل على ما نقول . إن الوضع الذي نجم عن الانقلاب الأسود في 17/تموز /1968 و ما آل إليه الوضع بعد خمسة و ثلاثين عاما قد الحق أفدح الضرر بقضية حقوق الإنسان . فقد اختزلت كل الحقوق الى حق التصفيق و التمرغ على أعتاب الطاغية طلبا لمغانم رخيصة واتقاء لغضبه الشيطاني الذي عمل على إذكاء نظرية ( أنج سعد فقد هلك سعيد ). فالقائد الذي لم يتوقف على إذلال شبعه و تذكيره دائما- ولعمري أنه ليكذب - أنه شعب من الحفاة و أن صداما هو من البسه أحذية، نقول أن هذا الطاغية قد حرم على الناس أبسط حقوق الإنسان حتى وصل به الأمر أن حرم على الناس البكاء على أبنائهم الذين كانوا يسقطون على أيدي جلاوزته فضلا عن تحمليهم ثمن الرصاص الذي كان يطلق عليهم .
ولقد غابت الحقوق بكل أشكالها عن ممارسات النظام الصدامي ، و هو ما يمثل السمة الأبرز من سمات ذلك النظام الدموي . و هذا هو السبب الأساس الذي دفع العراقيين إلى البحث عن سبل الخلاص منه بشتى السبل بما في ذلك القبول بالاحتلال، و على كره منهم ، وهو بلا شك قبول مؤقت ، و هذا الموقف من الإحتلال هو من الثمار المريرة التي كانت نتيجة متوقعة لمجمل ممارسات النظام . فالنظام السابق قد أباح لنفسه الاستيلاء على حقوق الشعب العراقي كافة و جعلها وسيلة من وسائل شراء الذمم بعد أن دفع بأبناء الشعب العراقي كافة إلى حافة الفقر . فكان أن تصور بعض من ضعاف النفوس أن الخلاص يكمن بالاصطفاف مع النظام و خدمته هربا من حالة البؤس العامة فضلا عن خوفهم من أن يحسبوا من أعداء النظام . و هنا أتذكر قول قيثارة الرافدين و شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري حين هددته ممارسات النظام الملكي بالفاقة و الجوع :
ماذا يضر الجوع مجد سابغ أنّي أظل مع الرعية ساغبا
أنا حتفهم ألج البيوت عليهم أغري الوليد بشتمهم والحاجبا
و أعود فأقول انهم جعلوا الحقوق الأساسية للشعب وسيلة ابتزاز و ترويض من جهة , و وسيلة تبييض لوجه النظام البشع صدام. فكان كل شيء و كل صرف من المال العام الذي نهبوا أغلبه يوصف بأنه مكرمة من الرئيس القائد المهزوم بالله ( و إن دعا له أزلامه بالنصر فأن الله لا ينصر الظالمين). و هكذا صارت أبسط الخدمات البلدية و الصحية و الاجتماعية مكارم و ليست حقوقا و لعلنا نتذكر أن البصرة التي عانت الأمرين من نتائج حروب النظام قد وعدت بالماء الصالح للشرب في بلاد ما بين النهرين في أواخر التسعينيات من القرن الماضي و لإظهار استخفاف النظام بعقول العراقيين( و لم يستخفوا إلا بعقولهم هم ) فقد سمي المشروع الذي يعرف أبناء البصرة الفيحاء أنه قد فشل بعد عامين , أقول سموه بأسم ( وفاء القائد ). فيا للسخرية . و هكذا تمت أكبر عملية سطو على حقوق الناس . أما الحقوق السياسية و هي الحقوق الأهم التي يمكن من خلالها أن يتصدى الناس إلى طغيان البعث و صدام فإنها كانت الهدف الأول الذي عمل النظام كل ما يستطيع للقضاء عليها . و لعل هذا يفسر القسوة الإجرامية التي كانت السمة الأهم في تعامله مع الحقوق السياسية . قد يظن البعض أن الممارسة السياسية ( و ليست الحقوق السياسية) كانت متاحة
في نطاق العمل داخل حزب البعث, و هذا وهم إذ أن الحزب قد تحول بما يملك من استعداد عقائدي و تنظيمي إلى ذراع أمني شديد القسوة و أخذ يمارس مهمات الشرطة السرية بكل وحشيتها . ولو قارنا الممارسات البعثية بممارسات الحزب الفاشي في ايطاليا و الحزب الأشتراكي القومي ( أو النازي ) في ألمانيا لرأينا تشابها يصل حي التطابق بين هذه الممارسات . ولعل خير شاهد على ما نقول أن نأتي بدليل من حياة هذا الحزب الفاشي الداخلية ، فكلنا يتذكر تلك الهتافات الهستيرية التي أطلقها بعض الحاضرين في اجتماع 19/تموز/1979 تأييدا " لإعدام " عدد من الرفاق القادة خوفا من بطش صدام . فالحزب الذي يهلل لجريمة إعدام قياداته ، بتهمة لم يقف أحد ليسأل عن صحتها أو ليطالب للمتهمين بحق الدفاع عن النفس ، لن يتعامل مع أبناء الشعب الذين يسهل وصفهم بالأعداء إلا بالحديد و النار . و بالتالي فأن الممارسة داخل حزب العفالقة لم تكن سوى ممارسة حماية نظام الجريمة ، و كان ذلك يعني انزلاق كثير من الحزبيين الى مستنقع الجريمة في غياب شبه كامل عن أي حس أخلاقي و استنامة إلى ما يقده النظام من امتيازات التي صارت أقصى ما يطمح إليه البعثي بعد أن أعطى لضميره إجازة دائمة. و كان أعضاء الحزب يرتقون بالمناصب القيادية للحزب على وفق إخلاصهم و تقديمهم الخدمات و بخاصة الأمنية . أما الحياة السياسية الصحية ة و الصحيحة فقد صارت من المحرمات المطلقة تؤدي بمن ينادي بها للشعب و الوطن إلى السجون و المعتقلات و الإعدامات . و أما الحقوق المدنية من مثل التنظيم النقابي و المهني الذي يساعد الناس على خوض النضال المطلبي و الدفاع عن الحقوق المعيشية و البلدية فأنها أيضا لم تسلم من التشويه و الحرف عن مسارها الصحيح فكان أن تحولت النقابات و الاتحادات الطلابية و العمالية و الفلاحية إلى أذرع أمنية تقوم بالهيمنة على أية احتمالات لخروج مختلف شرائح الشعب على إرادة النظام و تسهر على تطمين الحاكم المطلق بأن من ينضوون تحتها إنما "يبايعون " على ذبحهم قربانا لنفس مريضة . وهي منظمات تهتم بجمع الاشتراكات لا غير. و لو أخذنا على سبيل المثال نقابة المعلمين , و هي نقابة عريقة عرفت بنضالاتها المطلبية من أجل حقوق المعلمين , فسوف نجد أنها قد تحولت إلى أداة قمعية تكتفي بمغازلة النظام و التسبيح بحمده ليل نهار . وهنا نتذكر بألم ما آل اله وضع المعلم ( و المعلم لفظ يشمل معلم الابتدائية و مدرس الثانوية و أستاذ الجامعة ) الذي أخذ يتحول الى بائع جوال بائس . أما اتحاد الطلبة المعروف (بالوطني ) فإنه قد صار أداة قمع و تعذيب و تجسس على الزملاء و الأساتذة و تجمع في هيئاته الاتحادية التي جرى الإفصاح عن مهماتها الأمنية من خلال تسليحها ، نقول تجمع كل أبناء المسؤولين و الطلبة الفاشلين وتحول العمل في هيئات الاتحاد الوطني إلى وسيلة ابتزاز للأساتذة وتحقيق النجاح بوسائل غير مشروعة ولعل خير دليل على ما نقول هو دعم النظام المطلق لهذا الاتحاد إلى حد تخصيص درجات إضافية لطالب اللجنة الاتحادية .
و لو انتقلنا إلى الممارسة السياسية التي هي في طور التشكل الآن و لم تحز بعد على وسائل إجرائية و ظرفا مناسبا فإننا نلاحظ الآتي:
أن أهم سلبيات الوضع الحالى هو الأفتقار الى حق الأمن ؛ وهو أيضا بعض من حصاد النظام السابق و لكن معالجته من مسؤولية النظام الحالي. كما أن الحق في العمل قد تراجع كثيرا بسبب البطالة المتفشية . وهذا أيضا ما نطالب الجهات التي تولت الأمر أن تعالجه على نحو سريع و حاسم . فالجائع لن تشبعه الكلمات البراقة . بيد من الضروري القول أن الوضع الحالي قد أفرز جملة من الإيجابيات الآتية :
إن الممارسة السياسية قد صارت حقا مكفولا للجميع خصوصا بعد إقرار قانون إدارة الدولة . و لا يستثنى من ذلك إلا البعثيين الذين غادروا بإرادتهم منطق العمل السياسي السليم بحكم المنطق الانقلابي الذي يتبنونه في عقيدتهم ، و تحولوا إلى منطق العمل الأمني لخدمة نظام سياسي أرتكب جرائم بحق الديمقراطية و بذلك صار حرمانهم من حرية العمل السياسي يستند إلى سابقتهم إزاء العملية السياسية الديمقراطية . قديما قيل الجزاء من جنس العمل . و ليس أمر البعثيين فريدا في التأريخ . فلو تفحصنا التجربة التاريخية لشعوب أخرى عانت من الأنظمة الفاشية في ايطاليا و النازية في المانيا فسوف نرى أن الحزب الفاشى في ايطاليا و الحزب النازي في المانيا قد تم تحريم النشاط السياسي عليهما عقب انهيار النظامين الذين ارتبطا بهما . لذلك نقول إن حرمان البعثيين من حرية العمل السياسي هو أقل عقوبة لهم على ما اقترفوه بحق الشعب و بحق حرية العمل السياسي كما أنها تمثل ضمانة لعد تكرار ما حصل من أي جهة كانت.و قد قال الله في كتابه العزيز " و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ".
هذا من ناحية الحقوق السياسية التي نتوقع لها أن ترتقي مصاف آمال الشعب و طموحاته الكبيرة . أما الحقوق في التنظيم النقابي فإنها صارت متاحة لكل جهد مخلص غيور و لم تعد حكرا على حزب واحد . و هنا نذكر بضرورة أن تتضمن القوانين الدستورية في المستقبل على نصوص تضمن قيام نقابات و اتحادات مهنية موحدة لكل العراق و لتكن الهيئات القيادية و الإدارية لهذه النقابات و الاتحادات ذات طابع تعددي يضمن الممارسة الديمقراطية ليس على مستوى نظام الحكم بل على مستوى الممارسة الشعبية أيضا. وليس هذا منة من أحد.
و لتكن المجالس البلدية ممثلة للقوى الفاعلة في المدن و البلدات و الأحياء السكنية ذات طابع تعددي و ضمانة أخرى للعملية الديمقراطية. و ليس هذا منة من أحد.
و في نطاق الممارسة الفعلية لحق التعبير عن الرأي لاحظنا أن المتقاعدين قد تظاهروا عند مقر مجلس الحكم للمطالبة بحقوقهم التقاعدية و قد تمت معالجة الأمر بسرعة . وليس ذلك منة من أحد .
ولقد كان الاختلاف حول قانون إدارة الدولة ظاهرا في الشارع العراقي فكان الناس بين مؤيد للقانون ومعترض على بعض ما ورد فيه أو رافض له . و هم يعبرون عن آرائهم بحرية تامة فضلا عن اختلاف أعضاء المجلس أنفسهم حول هذا القانون . و هذا مظهر من مظاهر ممارسة الحرية السياسية . وليس ذلك منة من أحد .
إن مسألة خروج الاحتلال من العراق هي من أهم الأمور التي يجب أن يسهم فيها جميع العراقيين . فهي تعني استعادة الكرامة و الإرادة الحرة و تتطلب نضالا دؤوبا و إيجابيا . وكذلك تتطلب إسهاما في البناء و مقاومة التخريب و القتل الذي نعرف جميعا من يقف وراءه . و حين يرحل المحتلون و يستعيد العراق سيادته فإن ذلك ليس منة من أحد .
إنما لا يعني ذلك نسيان تضحيات الشهداء و إسهامات كل من وقف بوجه الطاغية و عمل على تقريب يوم الخلاص منه . فإليهم نرفع آيات العرفان و نعاهدهم على أن لا ندع للدكتاتورية فرصة اغتيال حقوقنا مرة أخرى.



#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخلاقيات الحوار و شروطه المعرفية


المزيد.....




- بالأسماء والتهم.. السعودية نفذت 3 إعدامات السبت بحق يمني ومو ...
- -أمام إسرائيل خياران: إما رفح أو الرياض- - نيويورك تايمز
- صدمتها مئات الاتصالات -الصعبة- في 7 أكتوبر.. انتحار موظفة إس ...
- مفاوضات -الفرصة الأخيرة-.. اتفاق بشأن الرهائن أم اجتياح رفح! ...
- مذكرة أمريكية تؤكد انتهاك إسرائيل القانون الدولي في غزة
- زيلينسكي يخفي الحقيقية لكي لا يخيف الشعب
- الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع -حماس-
- ميزات جديدة تظهر في -تليغرام-
- كيف يمكن للسلالم درء خطر الموت المبكر؟
- كازاخستان تنفي بيعها مقاتلات خارجة عن الخدمة لأوكرانيا


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري - باقر جاسم محمد - العراقيون وحقوقهم بين الأمس و اليوم