أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الناصري - حرب الرموز















المزيد.....

حرب الرموز


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 2923 - 2010 / 2 / 20 - 13:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ساحة حرب ،هكذا ينظر الساسة في العراق لموضوعة الأنتخابات القادمة ، حرب فعلية وواقع عملي عليهم الخوض فيه بكل ما يمتلكون من أسلحة ومن حضور ومن أرث جاهز للتفجر في اية لحظة يتم استدعاءه ولكنه عادة ما يكون إستدعاء باهض الثمن بالنسبة للمحيطين بهؤلاء الساسة وليس لهم حتما ، فالثمن الباهض عادة ما يدفع لهؤلاء الساسة وليس لمن أحترق بنار حروبهم ففي المحصلة النهائية ثمة من يكسب الحرب .

يكشف تاريخ العراق أن الكثير من الساسة قد مروا به ، وعلى الرغم من أن الجميع دخلو صفحاته كما سيدخلها الكثير فيما بعد ، الا إنه نادرا ما كشف لنا عن سياسي ترك اثرا حميدا في نفوس العراقيين وواصلوا تذكره بحرقة واسى . النادر من هؤلاء الساسة هم أولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل ان ترتفع وتتسامى قيم الحرية وكرامة الأنسان في العراق وكانت حياتهم ومصالحهم الشخصية آخر ما يفكرون به وحتى في موتهم لم يفكروا في النجاة من مصائرهم على الرغم من الامكانيات التي توفرت لهم لحضتها للخلاص من الموت وأن بإمكانهم أن يغيروا مسيرة تاريخ كامل أو مسيرة حياتهم ومصيرهم على الاقل ، ربما سذاجة سياسية منهم أو من أجل تثبيت مواقف صارمة في أحترام الوعد ومبادى العمل السياسي . لعل تاريخنا يقول : أغسلوا أيديكم من ساسة بصفحات بيض .

كثيرة هي اسلحة ساسة العراق بقدر تعدد حروبهم ، الانفراد بالسلطة واقصاء الشركاء والحلفاء وابناء الحزب الواحد لايقابلها الا قمع الملايين وتحويلهم الى كائنات يتم تجريب وأختبار كل وسائل التسلط والاستبداد بحقهم . واللجوء الى كل ما تختزنه جعبهم من ارث مدمر ينفخون فيه الحياة ويعود كالكارثة المروعة لحظة يشاؤون . المساومات واللعب بمصائر الابرياء وبمقدرات البلاد..التصفيات والتسقيط السياسي ، كلها اسلحة تمكن الساسة في العراق من أستخدامها وببراعة ضد خصومهم.

حين يلجا الساسة لمخزونهم الموروث من طائفية وتعصب قومي وتقاليد أجتماعية وأعراف عشائرية فإنهم يدللون على عجزهم في مواجهة ما يحيط بهم من أشكالات سياسية وأبتعاد عن الدولة والمجتمع الذي يتناحرون من أجل التفرد في حكمه . وأنهم ينقلون المعركة من ساحتها وميدانها الحقيقي ( السياسية ) الى مكان وميدان آخر أشد فتكا ( الطائفية ) ، هناك سيتم الحسم وسيشعر بعضهم بالنصر ولكنه نصر بطعم الهزيمة .

كل واحد منهم جهز وسيجهز ما يمكنه من أسلحة تطيح بخصمه . من مارس الأجتثاث وفرض حكم السياسة وألبسه ثوب القانون فإن عليه أن يتوقع الكثير من خصمه الذي يتحين الفرص من أجل أصطياد كلمة او أشارة ( ساستنا يمتلكون القدرة على تحليل العلامات والاشارات وفك طلاسم ما بين السطور) تمكنه من شن الحرب الشعواء ضده أو ليحقق ضده نقطة في سباق مشين .

لم تهدأ معارك الأجتثاث التي مارسها ساسة العراق ضد بعضهم ، من أجل الأنفراد بالسلطة والتحكم بالثروات حتى أنطلقت حرب الرموز ، رموز دينية هذه المرة ، وهي الاشد فتكا بنا نحن العراقيين بعد أن ذقنا مرارتها عند تفجير القبتين في سامراء في شهر شباط من عام 2006 ، أوفي كل مكان يعيش وطأة الأنقسام الطائفي وأنقسام الرموز وأدعاء الأحقية بها .

أننا شعب نحب الرموز الدينية والتاريخية والوطنية ونحب التضحية من أجل رموزنا ،مهما كانت سيرتها أو تاريخها ، ونحن شعب لامعنى لتاريخنا بدون رموز ، مسيرة حياتنا ستتوقف أو إنها ستكون بلا معنى إن تم التخلي عن تلك الرموز أو تخفيف وطأتها المهيمنة . الرموز التي ترسم لنا أفق حياتنا ، هكذا سارع الكثير من الساسة ومن رموز الأنحطاط الطائفي بكل اشكاله وخطباء المؤسسات الدينية لتصوير العراقيين وكأنهم شعب مغيب وخارج التاريخ ولاعلاقة لهم بكل ما يدور ويحدث في العالم الذي يعيشون فيه وإن كل ما يعنيهم صيانة الرموز الدينية والطائفية والوطنية التي تم وضعها في مرتبة القداسة وتم تشريع القوانين والدساتير التي تحضر التطاول عليها أو الأقتراب منها نقديا أو معرفيا . ثمة قتلة ولصوص وباعة ضمير وسماسرة سياسة دفعتهم الأحداث في العراق للوصول الى واجهة المشهد السياسي وضعوا أنفسهم في خانة الرموز الوطينة المقدسة . نقول :هي الاشد فتكا بنا لأننا عشنا مأسيها ومآسي الصراع حولها ومن أجل سمعتها طوال تاريخنا السابق والحالي وستبقى تفرض وطأتها علينا حتى لحظة مجهولة من تاريخنا الأتي .

لم يجد بهاء الأعرجي ،رئيس اللجنة القانونية في برلمان النكبة العراقية ، ما يتفرد به وما يميزه في برنامج تلفزيوني أسمه (قضية الاسبوع) سوى إستحضار مظلوميات الشيعة عبر التاريخ ( وياليته استحضرها كلها دون تمييز ) وكأنه يعيش في مجتمع مسالم ويعيش لحضات تماسك وصدق وسلام مع نفسه ومع ما يحيط به ويراعي كثيرا قضايا التعبيرعن الراي ، هذا اذا قلنا ان ما قاله الاعرجي يأتي في سياق التعبير البريء عن الرأي..!! الم يكن بأمكانه القول إن الظلم كان نصيب الشيعة طوال التاريخ وأن الأنظمة قديمها وحديثها لم تنصفهم ،إن كان يقف ضد الظلم والتمييز الطائفي ويستشعر مخاطره ؟ .

الأعرجي يعي تماما ما قال وما سيثيره من هيجانات واحتقانات ومطالبات بالثار من قبل من وجدوا في ما قاله تطاولا على رموزهم الدينية ، فهو من النماذج التي لاتستطيع العيش بعيدا عن الأحتقان والصراعات الطائفية فصراعات كهذه تشكل البيئة الحقيقية للأعرجي ولمن هم على شاكلته بعد أن فضح أمرهم وأثبتوا فشلهم في تحقيق مكتسبات عملية ومثمرة تصب في صالح الأنسان والمجتمع في العراق ، وهذا ما حصل ، إذ اصبحت مدن ومناطق واسعة من العراق تعيش النفير من أجل خوض حرب رد أعتبار الرموز المعتدى عليهم من قبل الأعرجي ،خطابات ومؤتمرات صحفية و مظاهرات ، رفعت فيها صورة الأعرجي يرافقها النعال في دلالة موحية وسهلة القراءة وتمت المطالبة بإجتثاثه هو الآخر .

كثيرة هي مشاكل العراق وكثيرة أيضا هي الظواهر الخطيرة التي يمكن أن تتحول الى جحيم وحرب بشعة طالما أكتوينا بنارها .
الطائفية لعنة وظاهرة بشعة في تاريخ العراق لم تتوقف عن حرق الابرياء ما لم يتم التعامل معها بعقلانية وبطرق متحضرة وأنسانية تعلي شأن الأنسان وتقلص من وطأة الدين والطائفة وكل الموروثات ، الاجتماعية والثقافية كالعشيرة والقومية والاعراف المتوارثة المناهضة لمسيرة التقدم والتطور الأنساني المعاصر، والتي تكبل حياته .

تعزيز قيم المواطنة وأعادة تعريف شكل وطبيعة النظام السياسي في العراق في دولة مدنية ديمقراطية تقوم على أساس المساواة بين مواطنيها وفصل الدين عن الدولة وأعتبار الأنسان وكرامته وحمايته من الآثار المدمرة للدين والطائفة والقومية أولويات أساسية بالنسبة لها ، يمكنه إن يحقق الكثير في وضع حد للتهديديات الطائفية ومثيلاتها من قومية وعشائرية ويمكن إن ينهي مخاطر حروب الرموز أو العصبيات الأخرى ويمنع الساسة وكل من لايستطيع العيش دون حرائق من العودة للطائفية وأستحضارها سعيا وراء مصالحه .



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الدفاع عن دولة المواطنة - الجزء الثاني
- في الدفاع عن دولة المواطنة -الجزء الأول
- كونونغو ، فصول من ماساة أنسانية
- كرة القدم من السجود الى رفع المصاحف
- هوامش على معلقة معد فياض
- مآزق العراق ..قرارات هيئة المساءلة والعدالة نموذجاً
- ثورة عراقية زرقاء عبر الفيس بوك
- صدور كتاب فني عن الراحل كامل شياع
- في الاستنساخ والتناسخ الدكتاتوري
- الإنتخابات الإيرانية ...قراءة في مشهد مخادع
- من أين لك كل هذه اللغة الحاقدة : يا خالد سلطان السلطان ..؟؟؟ ...
- خديعة أوباما
- من الذات الألهية الى الذات الأميرية.. ذوات تتضخم وقهر يدوم
- الشيوعيون لم يفشلوا وحدهم.. لقد فشل الجميع
- ما الذي تبقى من حزب فهد..؟
- المراجع العظام وسقوط قناع الحياد
- ماذا يعني أن تكون في هيئة تحرير الحوار المتمدن؟
- جديد السعودية ...حملة الرفق بالإنسان...!!!!
- يا سيادة الرئيس ، هذه دروس لاقدرة لنا على تحملها ...!
- لقد عاد.. كشاهد وليس كشبح ..عن صورة ماركس في غلاف ملحق جريدة ...


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الناصري - حرب الرموز