أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نضال نعيسة - لماذا يخاف العرب والمسلمون من العولمة؟















المزيد.....

لماذا يخاف العرب والمسلمون من العولمة؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2915 - 2010 / 2 / 12 - 10:51
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


وجد العرب والمسلمون أنفسهم، فجأة، ومع هبوب وتدفق رياح العولمة المباركة، وبعد مرحلة طويلة من التجمد والانغلاق التاريخي والانعزال في الصحراء، وفي إمارات دينية مستبدة ديكتاتورية مغلقة حصرية ومقتصرة على "الأهل والربع والخلان والإخوان"، وجهاً لوجه أمام عالم مفتوح متحرك حيوي دائم الإبداع متطور متجدد مبدع خلاق، فكانت ردة فعلهم الأولى، ومقارنة مع راهنهم، هي الرفض التلقائي، وببساطة، لهذه العولمة، لأنهم لا يستطيعون التأقلم والتكيف معها، أو محاكاتها بأي شكل، ولا يملكون من الأدوات والوسائل للرد عليها ومواكبتها، فكان هذا الحال من التوجس، والريبة، والكراهية، والحقد عليها.

سؤال أولي ذو بعد عولمي: لا أدري لماذا لا تأخذ اليوم شعوب العالم أي شيء مما يسمى بالحضارة العربية ولماذا تحاول كل شعوب الأرض أن تتبنى القيم والأنماط الثقافية والمعيشية والسلوكية الغربية، وتتجه حتى قبائل الأدغال لتقليد الغرب في كل شيء، رغم أن العرب والمسلمين يقولون بأن حضارتهم هي الأعظم، وبأن رسالتهم خالدة، وبأنهم خير أمة أخرجت للناس؟

الطبع، ليست العولمة بكافة أبعادها، جيدة وطيبة، وليست شيطانية بالمطلق، لكن أهم فضائلها، أنها كشفت، وبعملية مقارنة بسيطة، تواضع مجتمعات وحضارات وثقافات، وتخلفها، كما يطلق عليه بالحضارة العربية، وتقدم وانطلاق وحيوية حضارات كما هو الحال بالنسبة للحضارات الغربية، وبعض الحضارات والثقافات الشرقية كاليابانية والصينية، التي استطاعت وبسهولة استيعاب صدمة العولمة والتكيف معها، وتجييرها لصالحها، والانطلاق في مواكبة الحضارات والثقافات الإبداعية الأخرى التي باتت تحلق في المجرات.

والإشكالية العربية والإسلامية تتجلى بعدم امتلاك العرب والمسلمين لأي من أدوات الانطلاق والتطور والبناء في ظل البنى السلطوية والمجتمعية والثقافية التقليدية السائدة التي يسمونها بالثوابت المقدسة التي تكبلهم، من جهة، ولوجود تباين وفروقات جوهرية مع آلية وبنية ومكنونات الحضارة والثقافية الغربية، والأخذ بها سيعني إعلان موت وإصدار شهادة وفاة رسمية لما يسمى بالثقافة العربية التي عطلت العقل واعتمدت على النقل، واجترت ذاتها على مدى ألف عام، وأكثر، لا بل هي تفاخر بذلك الجمود وتعتبره ثوابت مقدسة يحظر تجاوزها أو تخطيها أو إنتاج مثيل

إن عملية التجاذب الحادة الحاصلة بين ما يسمى بالحضارة العربية والإسلامية، والتوجس من الحضارة والثقافة الغربية، تتأتى، بالدرجة الأولى من خوف متأصل، ورعب ظاهر، لدى ما يسمى بالثقافة العربية والإسلامية من مجرد المقارنة، أو الدخول في سباق خاسر سلفاً، مع الحضارة الغربية التي تفرض نفسها بقوة اليوم على الساحة العالمية، وتؤكد شرعيتها لأنها، وبالدرجة الأولى، أمنت لإنسانها الرفاهية والازدهار.

وبعجالة بسيطة، وبشكل عام، ندرك أن الثقافة الغربية إنسانية المحتوى، وتعتمد كلياً على احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان، وتؤمن بالديمقراطية، وبتداول السلطات، وفصل الدين عن الدولة، والدولة على الدين، وحظر سلطات الكهنوت الديني، وتقديس المبادرات الفردية، والسعي نحو أنماط من العدالة الاجتماعية والمساواة والتوزيع العادل للثروات، ومنع التمييز ضد المرأة والأقليات العرقية والإثنية والدينية والاعتراف بحقوقها ، ومناهضة العنصرية، وتقديس العقل النقدي، وتبني الدساتير العلمانية القائمة على مبدأ المواطنة...إلخ. وبالطبع يقف على النقيض من هذا كله ما يسمى بالثقافة والحضارة العربية والإسلامية التي ما زالت تقوم على أشلاء كل هذا مستهترة بكل ما توصلت إليه البشرية من قوانين وتشريعات وحقوق وإبداعات وفنون، فهي لا تحترم الحريات العامة، ولا تؤمن بما يسمى حقوق الإنسان مواثيق، وتحتقر الفرد، وتقدس الجماعة والطاعة وثقافة القطيع، وتحارب الديمقراطية، وتستأثر بالسلطة وتحتكر الثروات، وما زالت عدة أنماط وأشكال من العبودية قائمة ومعترف بها ومشرعنة قانونياً ودستورياً في مجتمعات الثقافة العربية ولا أحد يعترض عليها لارتباطها بالمقدس و"الثوابت" الخالدة، وأما المرأة والتمييز ضدها وضد الأقليات فحدث ولا حرج...إلخ. والثقافة العربية ببنيتها الهشة والماضوية المتجمدة، الخاوية من أي محتوى أو مضامين إنسانية عصرية وحديثة وآخر ما توصلت إليه البشرية من تشريعات حقوقية، هذه لن تستطيع الصمود أمام الثقافة الغربية الحيوية الارتقائية الحركية المتجددة، وتدرك أنها ستنهزم أمامها شر هزيمة، وعلى مبدأ الاصطفاء الطبيعي الـNatural Selection ، القانون الأساسي في شريعة داروين التي هي العمود الفقري للثقافة الغربية، أصل الأنواع، والقائل بالبقاء للأصلح والأقوى، وهذه ليست من سمات وخصائص الثقافة العربية، التي لم تعد تصلح إلا للعرض في متاحف التاريخ كثقافة بائدة ومنتهية الصلاحية. فأنماط السلوك والتفكير والعيش والإنتاج الغربية تجتاح العالم من أقصاه إلى أقصاه (الطريف أن العرب والمسلمين يأخذون هذه الأنماط ويطلقون عليها اسم الإسلامية كالاقتصاد والبنوك والعلوم والجامعات والمدارس والسيارات والبورصات، هكذا هو انخراطهم في العولمة)، ما يعني موتاً بطيئاً لما يطلق عليه الثقافة العربية التي لم تعد أنماطها قابلة للحياة والبقاء والصمود أمام الحضارة والثقافة الغربية التشريحية النقدية التفكيكية الجدلية، ولذا نرى الماضويين وأصحاب الحفاظ على الثوابت يخوضون معركتهم الأخيرة التي هم خاسروها، بالتأكيد، فلا يمكن لثقافتهم الهشة والخاوية والسطحية والتي تتراجع، أن تصمد أمام ثقافات عريقة قوية. فأي انخراط للثقافة العربية مع الثقافات العالمية سيعني اضمحلالها وزوالها وتلاشيها أمامها، والدليل على ذلك أنم الثقافة العربية لم تستطع حتى اليوم أن تأخذ طابع العالمية أو أن تفرض نفسها على المسرح الدولي أو أن تأخذ بها أي من شعوب الأرض، فلا نرى مثلاً أحداً في العالم يحاول أن يتبنى أو يقلد أو يأخذ ما في الثقافة العربية التلفيقية التسطيحية العنصرية المفعمة بالمضامين الماضوية والأنماط السلوكية الرثة والبائدة كاضطهاد المرأة والأطفال والأقليات وتأبيد وتمركز السلطات وتقديس القتلة والطغاة والغزاة أو لبس النقاب والدشداشة والنعال وغدر العقل والتنكيل به واحتقار الإبداع باعتباره بدعة وضلالة وازدراء الفنون والآداب والرقص والموسيقي والغناء..إلخ. غير أن كل شعوب الأرض، بما فيها أبناء ما يسمى بالثقافة العربية، تقلد وتأخذ، وتستنبط قوانينها وتشريعاتها من الثقافة الغربية، ثقافة حقوق الإنسان والعدالة والمساواة والديمقراطية ...إلخ، وليس من ثقافة العبودية والعنصرية والتمييز والتفوق العرقي وتقديس الجمود الموجودة في ما يسمى بالثقافة العربية التي يخجل منها حتى أبناؤها.

الثقافة العربية في وضع محرج جداً، فلا أحد يتقبلها أو يأخذ منها، حتى أبناؤها يتبرؤون ويقلدون غيرها وهي حال انزواء عن الساحة العالمية وتلاش لأنماطها وموت لآلياتها وانعدام لفاعليتها وتخشب لمضامينها واجترار مقيت ومتبلد لذاتها، مقابل تقدم واندفاع وسيادة وسيطرة للثقافات الغربية والعالمية وتجذر لأنماطها ونجاح وتفوق لمضامينها وآلياتها، ما يعني بأن الثقافة العربية ماضية آيلة إلى زوال، وذاهبة إلى أجلها المحتوم، بمشيئة الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا هو السر في حالة الذعر والخوف والهلع التي تعيشها وهي في نزعها الأخير في مواجهة العولمة.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطر الأدمغة أم خطر المؤخرات؟
- شيطنة سوريا
- انتهى زمن العربدة الإسرائيلية يا ليبرمان
- السادة وزراء الثقافة العرب: هذه ليست ثقافتي
- العلاقة السورية الإسرائيلية
- الزعران
- الخليج على كف عفريت
- قصف إسرائيل برؤوس بدوية غير تقليدية
- لماذا لا يتعلم القرضاوي من المفتي حسون؟
- متى نعثر على الصندوق الأسود العربي؟
- الموساد في الخليج
- ديفيد كوهين: دول الخليج ودعم الإرهاب الدولي
- النايل سات في قفص الاتهام
- لماذا لم يكن العرب متحضرين قبل غزو الجوار؟
- نشرة الأحوال العقلية في منطقة الشرق الأوسط
- صراعات الأشرار
- خبر عاجل: أوباما يطالب بتفكيك البرنامج البدوي العربي
- نظام الكفيل: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرارا؟?ً
- الفقهاء: كسلطة الخامسة
- الفقاعة الصحوية


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نضال نعيسة - لماذا يخاف العرب والمسلمون من العولمة؟