أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - نضال نعيسة - نظام الكفيل: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرارا؟?ً















المزيد.....

نظام الكفيل: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرارا؟?ً


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2895 - 2010 / 1 / 21 - 03:33
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


تشكل حادثة الاعتداء بالسوط على الرجل القبطي من قبل والي مصر عمرو بن العاص وانتصار الخليفة عمر بن الخطاب رضوان الله تعالى عليه، للقبطي، وبافتراض حدوثها من الأساس، قصة نادرة ويتيمة عن العدالة في ما يسمى بالتاريخ المجيد، ويكاد لا يكون هناك غيرها ، تقريباً، كي يدلل الصحويون بها، ويسوقونها بمناسبة ومن دون مناسبة، على أنهم سباقون على أمم الأرض في احترام حقوق الإنسان. نعم هذه هي حادثة يتيمة، واستثنائية، يستشهد بها الدعاة والشيوخ ووعاظ البلاط، لكن وكما يقول المثل الانكليزي: "إن سنونوة واحدة لا تصنع ولا تعني الربيع"، وحادثة واحدة، وبافتراض صحتها والأمانة في نقلها وعدم تحويرها، لا تعني أن التاريخ التليد إياه، أصبح كله ناصع البياض وبريئاً من ممارسات الرعب والتمييز والذعر المعروفة، لأنه، وفي مقابل هذه الحادثة، هناك آلاف الحوادث الأخرى التي تفصح عن جور وصلف وبطش غشوم وظلم وقمع وغطرسة واستكبار وتدحض مضامين هذه الحادثة "العادلة"، وتنسفها من الأساس، لا بل تعطي وتوحي بانطباعات مغايرة تماماً عنها. ويعج ذاك التاريخ بقصص البطش والتنكيل والسحل والسمل والقتل وسفك الدماء الذي بات يشكل قوامه الأساس. إذن لا يمكن التعويل على "طفرة" سلوكية والقياس عليها، واعتبارها قانوناً عاماً. فالطفرات والخوارق والحالات اليتيمة ليست بقوانين يعتد بها، على أية حال، ولا يمكن لأي بحث علمي أو موضوعي أن يستند على طفرة، وحالة يتيمة لتعميمها واعتبارها قانوناً وسمة لمجتمع من المجتمعات. وبنفس الوقت، والسياق الذي يناقض هذه الرواية، لا يقول لنا أحد لماذا كان عمر بن الخطاب، رضي الله تبارك وتعالى عته، إذا رأى أمة «جارية» قد تقنعت أي تغطت أو دانت جلبابها عليها ضربها بالدرة محافظا على زى الحرائر، وكي يبقى هناك تمييز وفارق بين الحرائر والإماء- كما جاء في حجاب المرأة ولباسها في الصلاة - لابن تيمية – تحقيق محمد ناصر الدين الألبانى - المكتب الإسلامى - ص 37، وأورد ذلك مصطفى راشد في مقال له بالحوار المتمدن بعنوان الحجاب ليس فريضة إسلامية.

وسندع هذا التاريخ المؤرق والإشكالي بقضه وقضيضه، وننتقل إلى عالم اليوم، وإلى مكمن ما يسمى بالصحوة، وحاضنها الرئيسي، في مشيخات الخليج الفارسي، حيث لا يكف دعاة البترودولار عن ترديد هذه العبارة اليتيمة ويسوقونها باعتبارها برهاناً، دليلاً، لا يقبل الشك، على تجذر حقوق الإنسان في تلك الأصقاع، إلى درجة أن ذهب البعض إلى اعتبارها المعادل الموضوعي للمادة الأولى في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان التي تقول يولد الناس أحراراً، وأن الحقوقيين العصريين قد "شفطوها" من التاريخ إياه. ومهما يكن من أمر هذه المقولة فأعتقد أن سبارتكس وعبيد روما رددوها قبل الهجرة، وقبل الميلاد بسنوات طويلة، أي أن الفكرة والمفهوم ولدت مع ولادة الظلم وشيوع الاضطهاد وبروز التمايزات الطبقية في المجتمعات مع تطور الملكية ووسائل الإنتاج وتنوع أنماط الحياة وفق ماركس، وهذه الصيرورة التاريخية ليست محصورة ببشر وناس ولم يكن لها تاريخ محدد. ففي منظومة البترول الفارسية يعلو هذا الخطاب، الذي يردده الدعاة، ويتفاخرون به، وربما من دون علمهم أن هذه المنظومة التي يتعيشون على فتاتها (بعد أن "هبر" مادوف والبنوك الربوية الغربية أموالها وأفلست دبي جراء ذلك وعجزت عن تسديد ديونها التي طارت مع موجة إفلاس البنوك في العالم)، هي الوحيدة- المنظومة- مع إسرائيل التي لا زالت تمارس التمييز العنصري السافر، وتستعبد الناس والمهاجرين إليها، وتستغل، بشكل لا أخلاقي، حاجة الناس للعمل وطلب الرزق كي تمارس الظلم والاسترقاق والاستعباد عليهم، وتفرض عليهم نظام الكفيل العبودي الذي يتناقض، كلياً، مع مقولة عمر بن الخطاب، رضي الله تبارك وتعالى عليه، فالناس حسب عمر الخطاب ولدوا أحراراً ويجب ألا يستعبدهم الخليجيون عبر نظام الكفيل العنصري لأي سبب كان، وهم الذين يدّعون أنهم ورثته وخلفاؤه والأمناء على تراثه المفاخرون بأقواله. ومن المعروف أن الولايات المتحدة، صديقة المنظومة وإسرائيل، كانت قد ألغت قوانين التمييز العنصري فقط في بداية ستينات القرن المنصرم حين صدور قانون الحريات المدنية في العام 1964، الذي ألغى التمييز ضد السود، وهو غير قانون تحرير العبيد الذي أصدره إبراهام لينكولن، في العام 1865، الذي يطلق عليه لقب محرر العبيد، وكانت جنوب إفريقيا العنصرية، آخر دولة ألغت الفصل العنصري وقوانين العبودية والاضطهاد الذي استمر ما بين 1948-1990، إثر صعود نجم مانديلا وانتخابه كأول رئيس أسود لجنوب أفريقيا 1994-1999، فيما لا تزال إسرائيل والمنظومة الخليجية الفارسية تتمسكان، لوحدهما، بالتمييز العنصري على مجموعات محددة من العمال والمهاجرين لا يتمتعون بأي نوع من الحريات والضمانات وأبسط الحقوق الإنسانية والواجبات ويصح السؤال هنا متى استعبدتم الناس.. .؟ هذا إضافة إلى وجود شرائح عريضة من السكان الأصليين من فئة "البدون" غير محددي الجنسية، أو المسحوبة جنسياتهم، لأسباب شتى، وهذا ما يرقى لأسوأ أنواع الاستعباد والاسترقاق والتحكم غير الأخلاقي بالناس والذي لا يقره لا شرع ولا قانون لا وضعي ولا سماوي.

فنظام الكفالة العنصري، الذي يردد حماته، بطرب بالغ، مقولة عمر بن الخطاب عن الاستعباد، هو الاستعباد والاسترقاق نفسه والنخاسة البشرية المنظمة والاتجار الرسمي بالبشر ، بكل ما للكلمة من معنى، يتم تحت مرأى ومسمع نفس الشيوخ، ومن يقف وراءهم، ممن يرفعون في وجهك المقولة اليتيمة إياها، عن حرمة استعباد الناس والبشر. ففي ظل هذا النظام يتم استيراد الخدم والعبيد والأطفال الأيتام والمهرَّبين-بفتح الراء- لاستخدامهم في سباقات الهجن كالماشية تماماً من بلدان تعاني الفقر، كما أن العمال المهرة والمؤهلات الأخرى كالأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات، والمدرسين "يتساوون" مع أولئك أمام هذا القانون، وكل مهاجر وغريب ومقيم بحاجة للانضواء تحت جناح وكيل محلي، أو مواطن "نخاس"، وربما يكون أمياً جاهلاً وراعياً للبعير، يمارس عليه فنون الاستعباد، يتحكم به وبمصائره، ويشاركه كده وتعبه، ويصادر جوازات سفره، ويعامله بفوقية واستعلاء وينكر عليه أية حقوق، ويبيعه أو يستغني عنه لقاء مقايضات ومساومات وتنازلات وأثمان لكفيل آخر (ما يذكر ببيع الجوار والسبايا وتنقلهن بين الملاّك)، وله الحق في طرده بأية لحظة من دون أية تعويضات أو ضمانات وما يسمى بالتسفير والإبعاد هناك، وهناك أقسام وإدارات في وزارات الداخلية تسمى بالتسفير والإبعاد، (لا حظوا التقارب اللفظي مع "الترانسفير"، ويا لمحاسن الصدف، وما أدراك ما الترانسفير بنسخته الصهيونية الأشد بشاعة وانحطاطاً وبغاء وعنصرية).

والآن، لنتصور ماذا لو مارست الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي "الكافرة"، وطبقت نظام الكفيل على ملايين المهاجرين المسلمين من ديار الورع والإيمان، ماذا كان القرضاوي سيقول عنهم هو و"ابن كاز"، وبماذا كان سيصفهم؟ ولماذا يصمت هؤلاء الدعاة الذين يتكلمون عن مقولة عمر بن الخطاب التاريخية، وبافتراض حدوثها كما تروى، بالكثير من الفخر والاعتزاز، نقول لماذا يصمتون عن العنصرية المقوننة في المنظومة الفارسية تحت مسمى الكفيل، ولا ينبسون ببنت شفة حيالها، وللعلم مجدداً، فهذه المنظومة هي الوحيدة مع إسرائيل، من بين دول العالم، التي ما زالت، حتى اليوم، ملتزمة بقوانين العبودية والنخاسة والترانسفير، وتطبق التمييز العنصري رسمياً، وعلناً، وعلى رؤوس الأشهاد، ضد مقيمين على أراضيها، وبمعزل عن الظروف التي دعت هؤلاء للإقامة على أراضيها؟ فهناك الملايين من المهاجرين للغرب "الكافر"، لا يعاملون بهذا الشكل المهين، ولا تمارس ضدهم أية عنصرية، أو قوانين تمييزية، لا بل تحترم حقوقهم الإنسانية الأساسية حتى لو كانوا مهاجرين ومقيمين غير شرعيين؟

هل أن حاجة الإنسان للعمل، وفقره، وقلة موارده، تسمح لأي كان بامتهان كرامته والتعامل معه بهذا الشكل اللا إنساني و اللا أخلاقي، والخارج حتى عن كل طور وعرف ودين لا يقر استعباد واضطهاد الناس وممارسة التمييز ضدهم، وكما تساءل ذات يوم عمر بن الخطاب، أم أن خطاب ابن الخطاب لا يعنيهم في هذا المجال، وليسوا ملزمين به؟

فمتى، ولماذا استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفقهاء: كسلطة الخامسة
- الفقاعة الصحوية
- في جدل الغزو البدوي
- فرمان لاختيار عاصمة للثقافة العربية
- عربي سوري أم سوري عربي؟
- تركيا بين الأردوغانية والأتاتوركية
- الرد الأردوغاني المزلزل
- العهدة العمرية والوزير الفصيح
- سوريا وأمريكا والمعاملة بالمثل
- العريفي وتفسيق آيات الله
- همام البلوي: أيهما أجدى للمسلمين؟
- وانكشفت جميع العورات
- يوميات إعرابي بدوي في ديار الإيمان
- تجريم الخطاب الصحوي
- الاستخبارات الأمريكية من فشل لآخر
- المنظومة الفارسية: مدن صناعية ومعسكرات عمل
- هل سقطت دولة الخلافة فعلاً؟
- هل القاعدة تنظيم إيراني؟
- رسالة من جماعة القرضاوي
- آلهة العصر الحديث


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - نضال نعيسة - نظام الكفيل: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرارا؟?ً