أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - نهاية سعاد حسني1















المزيد.....

نهاية سعاد حسني1


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 18:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بعض الناس تعتقد أن الكتابة عن النجوم والفنانين لا تعدُ عملاً فكرياً مثل الكتابة عن الفلاسفة والشعراء وهذا الكلام غير صحيح فالفنانون يصنعون مجتمعاً اليوم ويأثرون فيه أكثر من الشعراء والأدباء عموماً.
إن شخصية سعاد حسني تغريني بالكتابة عنها كما تغريني الشخصيات الفلسفية الكبيرة وأحب الاستماع لأغانيها ومشاهدة أفلامها تماما كما أحب قراءة (صلاح جاهين ) ساخراً أو ناقداً لاذعاً , فصلاح جاهين الذي حمل نفسه مسئولية نكسة 1967م لا يختلفُ عن سعاد حسني التي حملت نفسها مسئولية عدم قدرتها على إنتاج (زوزو النوزو كمنوزو) وانتحار صلاح جاهين ان كان حقيقياً فإنه سيكون بنظري النقطة التي انتحرت منها سعاد حسني إن كان أيضاً موتها انتحاراً أو عملية انتحارية نفذتها سعاد حسني على نفسها وعلى الفن .

فهي بالنسبة لي خطاً ليس عادياً في الفن المصري والعربي بشكل عام لقد دخلت سعاد حسني المجال الفني في عصر كله انقلابات فنية وسياسية ودينية وثورية وعسكرية , جائت في عصر انقلب فيه الضباط الأحرار على الملوك وفي عصر انقلب فيه عبد الحليم حافظ على أم كلثوم وعلى الأغنية الطويلة ,فسعاد حسني قلبت مواصفات علم الجمال في السينما المصرية كما قلب جمال عبد الناصر النظام الملكي وعلي عبد الرازق النظام الأزهري وطه حسين النظام التعليمي , وتعتبر سعاد حسني مثلها مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب وباقي الأهرامات المصرية تعتبرُ فاصلة بين نظام قديم ونظام جديد , بحيث أصبحت شخصية البنت الفلاحة البسيطة بعد أن كان التركيز على طول الفنانة ورقصها ودلعها المصنع تصنيعاً فنياً ولكن سعاد حسني قلبت الموازين رأساً على عقب فطول سعاد حسني لم يكن يتجاوز 156 سنتمتر ورغم ذلك كانت عبارة عن (سندريلا ) الشاشة العربية بل وأطبقت شهرتها الآفاق من خلال حركاتها الطفولية البريئة , فوجه سعاد حسني وملامحه كان أول وجه طفولي مركب على جسم شابة تضحك للنيل وللشارع المصري ولأهل الحتة وللجالسين على المقاهي في شوبرا وعابدين , وأدخلت النشوة على قلوب الساكنين في المدن الجديدة في الأردن والشام وفلسطين من خلال أفلامها وكانت تعتبر في بلادنا على حسب ما سمعتُ من كبار السن رمزاً للسفر البعيد والوصول إليها مثله مثل الوصول إلى القمر أو المريخ , وكتابة سيرتها الذاتية لم تكن تعتبر في آخر أيامها تخصها لوحدها بل تخص معها وتمس شخصيات اقتصادية وسياسية وأمنية كبيرة في مصر والوطن العربي وهذا ما يفسر اكتشاف سر انتحار السندريلا بحيث لم يعد سراً , لأنها في آخر أيامها هددت بكتابة سيرتها الذاتية .

و في السينما المصرية وكانت محط أنظار وإعجاب الملايين العرب وكانوا يعتبرونها رمزا للأنوثة الجميلة , وكل من يشاهد فلم (خلي بالك من زوزو) يدرك من خلال أغاني الفلم لماذا استمر عرضه في دور السينما أكثر من54 أسبوعا في ظاهرة لم يشهد لها مثيل في تاريخ العرض في دور السينما حتى اليوم , وكل من يشاهد فلم سعاد حسني ينسى كل أفلامها القديمة وكل من يستمع لأغنية )يا واد يا ثقيل )( وحركات السندريلا يدرك كم كانت تلك السيدة محط إثارة وإعجاب السياسيين والاقتصاديين ورجال الأعمال , ولم يكن عبد الحليم حافظ الزوج العادي في حياتها كونه الأول بل لكونها قد كشفت سر ذلك بعد مضي 30 عاماً عليه رغم أنها كانت تنفي الشائعات حول ذلك و فسرت إخفائها بأنها لم تكن ترغب بالحصول على نصيبها من تركة عبد الحليم حافظ من ورثته, وزواجها الثاني لم يكن مهماً كما هو زواجها الثالث من المخرج السينمائي (علي أحمد بدرخان) وانفصالهما لأسباب قد قيل أنها تتعلق بتصرفاتها حيث كانت غير منظمة اجتماعية وكانت علاقاتها بالناس عشوائية ولا تراعي ظروف الشهرة والنجومية وشروطهما .
ولدت سعاد حسني في القاهرة سنة1943م . قرب عابدين في العتبة الخضراء,أما أبوها فهو ( حسني البابا) جنسي السورية من كبار الخطاطين العرب وهو الذي طرز ثوب الكعبة وزخرفها بخطه الجميل حين كتب عليه الآيات القرآنية, ونال الجنسية المصرية من جمال عبد الناصر سنة 1961 ليصبح بعد ذلك مصري الجنسية بفضل فن سعاد حسني البابا وليس بفضل خطوطه الثلث والفارسي والرقعة.
وهو فنان وشقيقه مطرب عُرف فيما بعد في لبنان باسم (أم كامل) وانفصل والديها عن بعضهما البعض وهي في سن الخامسة من عمرها , ولدى سعاد حسني البابا 17 شقيقاً وترتيبها العاشر وهي شقيقة الفنانة الكبيرة (نجاة الصغيرة).

إن الأصول التي انحدرت منها سعاد حسني ليست وضيعة بل فنية كبيرة فهي من سلالة فنية تحترم الكلمة والمعنى والأداء , ولم تتلقى سعاد حسني تدريبات من كبرى المعاهد الفنية بل كانت تشع وتفيض هي بالفن على فطرتها وسليقتها مما جعل منها رمزاً أسطورياً للفن ونمطاً من أنماط تعليم الذات وتثقيف النفس , لقد كانت سعاد حسني في تصرفاتها أمام الكامرة عبارة عن فراشة تطير هنا وهناك وكانت عبارة عن روح تتحرك في الوقت الذي كانت تفتقر ُ فيه السينما إلى الروح .

وتأثرت سعاد حسني بصلاح جاهين ورباعياته وكانت قبل وفاتها تنوي لإعداد قراءات لأشعاره ورباعياته التي اشتهرت كما أشتهر فلم (خلي بالك من زوزو ) الذي كتب له السيناريو والحوار.

لقد كانت نهاية (داليدا) ملكة جمال القاهرة لعام 1954م ونهاية صلاح جاهين ونهاية سعاد حسني بمثابة مشترك واحد بينهما جميعاً وهو الإحساس بالفشل وبتراجع النجومية بعد سطوعها وعدم القدرة على المحافظة عليها , وفسر آخرون نهايتهم بعدم الأيمان بأي مبدأ ديني ولو كان أولئك مؤمنون لما كانت نهايتهم الانتحار أو الغموض في طريقة النهاية , لقد أعطت سعاد حسني جمالها وأنوثتها للشارع العربي كله فكل الناس كانوا وما زالوا يأكلون من جمالها وأنوثتها ودلعها وخفة دمها حين يشاهدونها تتلوى امام الكامرة بجسمها اللاذع والذي يقطر فناً ورشاقة , ولكن زيادة الوزن جعلتها تتراجع كما جعل ذلك الشيء نهاية محزنة وتراجيدية لداليدا .ٍ

لقد تركت سعاد حسني فراغاً في الشاشة المصرية السينمائية كما تركت كاريكاتورات صلاح جاهين فراغاً كبيراً في صحيفة الأهرام بحيث ما زال مكانه إلى اليوم فارغاً لا يستطيع أحد أن يشغره وترك موتها لغزا محيراً كالذي تركه صلاح جاهين , ومن ناحية أخرى كان صلاح جاهين وداليدا انتحارهما أو موتهما نهاية طبيعية للإنسان الذي يئس من الماضي والمستقبل , لقد عجزت ريشة الشعراء أن ترسم ما رسمته سعاد حسني في وجهها وإيماءاته , وعجز أن يبنوا عن بناء ما بنته سعاد حسني من ناطحات سحاب في على فنها وأدائها الكبير , لقد كانت سعاد حسني تثير الشارع العربي بالعاطفة وتجعل الذكور في حالة انجذاب نحو الأنوثة , ولم تكن نهايتها نهاية فنانة بل كانت نهايتها نهاية شعراء وكتاب وسياسيون قلبوا الأنظمة وفي النهاية انقلبت نجاحاتهم ضدهم , فكل نجاحات سعاد حسني انقلبت عليها حين عجزت عن إعادة إنتاج ذاتها وفنها من جديد , إن النجاح الذي يحققه المشاهير هو الذي يعجل في نهاية أصحابه.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرب شات
- المواطن العربي 2
- عداد التكسي
- حظك هذا العام
- السندباد الأردني
- مستويات هابطة
- كانت أمي2
- وزارة الثقافة الأردنية دون بيان الأسباب
- كانت أمي1
- لو تعتنق أوروبا الإسلام
- كان أبي
- سيرة أمي المرضية
- أمي على مائدة الطعام
- اللغة السريانية والمسجد الأقصى
- الخلفيه الثقافيه
- الحياة العامة في الأردن3
- العلاج بالقرآن الكريم
- من نوادر البخلاء
- بيت الكرم1
- كيف أصبحت الأنثى امرأة؟


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - نهاية سعاد حسني1