أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد أبوعبيد - عندما بكى ...














المزيد.....

عندما بكى ...


محمد أبوعبيد

الحوار المتمدن-العدد: 2864 - 2009 / 12 / 21 - 18:49
المحور: الصحافة والاعلام
    


الصورة التي أبكت الملايين ، المذيع الذي بكى ، الطفلة التي أدمعت أعين الجميع ...لعل كثيرنا يستقبل ،مُكرَهاً، رسائل إلكترونية تحوى مقاطع فيديو أو صوراً فوتوغرافية قد تجيش العواطف وتحرك المشاعر ، وقد تدمع أعين البعض ، وقد تمر من دون أي أثرعلى نواظر آخرين .اللافت في سلوك من هذا القبيل هو تحفيز المرء على مشاهدة ما هو مُرْسل من خلال ربطه بالبكاء والتشجيع عليه .

كأننا مجتمعات كُتِبت عليها البكائيات ، ولو نظر الغريب إلينا لحسب أننا نقضي معظم يومنا في البكاء والنحيب وفي الأحزان ، وأن دروس الحساب والجغرافيا واللغة العربية مُبكية في مدارسنا ، وظن أن ثقافتنا مجبول طينها بأدمعنا ،ويتجلى هذا في مناسباتنا الدينية خصوصاً وغيرها ، حيث خلطنا مسألة الخشوع بالدموع ، ومزجنا وجل القلوب بالنحيب ، عِلْما أن الجوارح أصدق من الأعين في سياق الخشوع والتفاعل.
الأنكى في ذلك هو عندما يتعلق الأمر بطفلة ،أو طفل، تتلو شِعرا ،مثلاً، أو خُطبة ثم تبكي ،ليبكي معها ، أو يتباكى ، الحضور شبانا ً وشيباً ، ثم يتم تناقل مقطع مصور للحادثة معنون كالتالي : "الطفلة التي أبكت الملايين". لا يعتقد المرء أن بمقدور تلك الطفلة بسنيّ عمرها القلال أن تبكي من تلقاء نفسها أمام لفيف من الحضور لولا أنها ملقَنة على أن تقوم بهذا الدور، مع أن ثمة حالة قد تبكي فيها بعفويتها إذا تعلق الأمر بفقدان أحد من ذويها في قصف أو كارثة طبيعية حيث لا حاجة للتلقين حينئذ مثلما رأينا في غزة ولبنان والعراق وإندونيسيا والصومال...إلخ .

كان من الأجدى احترام ربيع الأطفال وأن نكون قادرين على جعلهم مبتسمين ضاحكين ، لا باكين ومُبكين، فأمامهم ،حين يكبرون، متسع للبكائيات في ظل أوضاع القهر والفقر والقتل والاضطرابات السياسية والاجتماعية وما ينجم عنها من حالات انفعال في الأصقاع العربية . إنّ سلوكاً من هذا القبيل يعتبر انتهاكا للطفولة البريئة وتجارة بها وأداة لا إنسانية لتهييج العواطف والمشاعر .

ولأن بكائياتنا متعددة ، فلا ضير في أن يُساق مَثل آخر ..."عندما بكى المذيع الفلاني" ، أو المذيعة ، ...فما هي إلا ساعات حتى يصل المقطع المصور للمذيع الباكي إلى ملايين العرب والمسلمين ويشهد (اليوتيوب) تسونامي من الزيارات. قد يكون المذيع بكى حقاً وقد يكون تباكي حتى يصبح هو الحدث بدلاً من نقله للحدث ، لكن بموازاة ذلك ، لا ينتشر مقطع لمذيع ضحك وأضحك معه الملايين ، والمعلوم أن البكاء والضحك حالتان انفعاليتان ناجمتان عن تفاعلات يتفوق فيهما الضحك على البكاء من حيث الفائدة الصحية للعضلات ، ورغم تلك الفائدة ،فإننا انجذبنا إلى البكاء في ظل سطوة التراجيديا على الكوميديا .

صار المرء يخشى أن تصبح بعض الإعلانات التجارية ممزوجة بدمع العين ينهمر، فيرى إعلاناً لمشروب غازي في يد امرأة منتحبة ، وآخر لبطاقة ائتمان يستخدمها رجل وقد اغرورقت عيناه بمائهما ما دامت البكائيات لسان حالنا والجزء الأكبر من أدبياتنا ، مع أننا مجتمعات قابلة للابتسام وصالحة للضحك المهذب والمُسبَّب.



#محمد_أبوعبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عَنْعناتُنا
- آنَ لماضينا أنْ يصبح حاضراً
- مناقب كرة القدم
- رفقا ً بِهنْد
- العاطلون عن العقل
- أمّة الأدب لا تتحلى بأدب الحوار
- -أنا-... أذكى شخص في العالَم
- ...ومِن المثقفين مَنْ قَتَل
- إبْطال نظرية داروين.. ماذا عن -الداروينيين- العرب
- الشقيري في الحمّامات
- أمّةٌ تناقض ما تتباهى به
- نتذكرُهم حين باتوا ذكْرى
- ثوْرة أكثرُ نعومة
- سيّدتي.. إحْذري الضحكةَ والبنطال.. وقراءةَ المقال
- ديكتاتوريّاتنا الفردية
- فلنُعَرِّبْ.. إنّهُم -يُعبْرِنون-
- جاكسون العربيّ
- رقصُ فلسطين أفضلُ من خِطابها
- لغتُنا..التحْديث.. وظلمُ المرأة
- أقزام في الانتماء


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد أبوعبيد - عندما بكى ...