أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - المذهب الظني 1/3















المزيد.....

المذهب الظني 1/3


تنزيه العقيلي

الحوار المتمدن-العدد: 2845 - 2009 / 12 / 1 - 08:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



تمهيد:
في صيف عام 2007 اخترت المذهب الظني، ثم حسمت خياري لعقيدة التنزيه، أي حسم إثبات الإيمان مع نفي الدين، في كانون الأول من نفس السنة، أو في كانون الثاني من 2008، وحيث إني أجد الفائدة من اعتماد من يريد من المسلمين العقلانيين، ممن لا يملك اليقين في ثبوت الإسلام، كما لا يملك اليقين في انتفائه، أن يختار المذهب الظني لنفسه، كخيار ممكن لمن يقتنع به، أو من ليراه الأقرب إلى قناعته. لذا أقدم عرضا لهذا المذهب في ثلاث حلقات، تتبعها حلقات في كيفية الصلاة على المذهب الظني، أو لأتباع عقيدة التنزيه، لمن يحب منهم أن يصلي متى ما يشاء كعبادة طوعية.

المذهب الظني
(العقلي/التأويلي/الظني)
الإسلام الجديد

باسم الله أجمل الأسماء، باسم الله الرحمان، وباسم الله الرحيم أستفتح، وبه أستعين، وباسمه أقرأ وأكتب، أقرأ باسم ربي الذي خلق، خلقني، وخلق عموم الإنسان من علق، أقرأ وربي الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وعلمني ما لم أعلم، وأكتب باسم الذي لولاه ما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان، ولكن جعله روحا بأمره ونورا يهدي به من يشاء من عباده، فيهدي به من يشاء من عباده إلى صراط مستقيم، أو إلى ما هو أقوم من السبل، والحمد لله الذي هداني إلى ما لم أكن لأهتدي إليه لولا أن هداني الله، وإن كنت ما أزال وسأبقى أعيش قلق الاهتداء إلى ما هو أصوب، وما هو أقوم، وما هو أرضى له سبحانه. الحمد لله الذي كنت ميتا فأحياني وجعل لي نورا أمشي به في الناس. باسمه سبحانه وتعالى أستفتح هذا المشروع، الذي سيعتبره البعض ضلالا وارتدادا وكفرا، بينما أطمع أن يكون في حسابات الله اهتداءً ذاتيا وهداية لغيري، إلى ما يقربنا من الحقيقة، التي لن نبلغها بالمطلق، بل إن كلا سيكتشف جزءً آخر منها، حتى آخر شوط من مسيرة المجتمع الإنساني، وحتى يلقى كل ربه بعد طول كدح إليه، يلقاه وهو على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره، فيما يعمل وفيما يترك، فيما يفكر وفيما يعبر، وفيما يُصدِّق وفيما يُكذَّب، وفيما لا يحسم أمر تصديقه أو تكذيبه، والحمد لله الذي يثيبنا على صدقنا ويغفر لنا خطأنا، ولا يكلفنا ما لا طاقة لنا به، ولا يؤاخذنا إن نسينا أو سهونا. والحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، الذي أحسن كل شيء خلقه، وقدر لكل شيء أجله، والصلاة والسلام على من اصطفى ومن اجتبى من عباده.

منذ غادر نبي الإسلام الحياة الدنيا، مودعا أمته، راحلا إلى الرفيق الأعلى، وتعدد المذاهب والفرق والمدارس والرؤى والاجتهادات لم يتوقف عند حد. فكانت مدارس متعددة في عقائد الإسلام، التي هي أصول الدين، أو ما يسمى بعلم الكلام، وكانت المذاهب الفقهية التي لا تحصى، رغم إغلاق أهل السنة لباب الاجتهاد، لكنه بقي مفتوحا على نحو ما وبعناوين أخرى، هذا الإغلاق لباب الاجتهاد الذي كان قرارا سياسيا أكثر منه فقهيا أصوليا، وهكذا نرى اجتهادات فقهاء الشيعة وتنوعها واختلافها في معظم المسائل لم تقف عند حد، والتي تجاوزت الاختلاف الفقهي إلى العقائد والتفسير والفكر السياسي، إضافة إلى المدارس والمذاهب والتيارات والأحزاب الإسلامية السياسية، كما هناك المدارس الفكرية والفلسفات المتعددة والمتنوعة.

وبعد فهذا كتاب يصوغ فهما جديدا، ولا نقول مذهبا، لأنه ليس مذهبا بالمعنى التقليدي للمذاهب، ولا على نحو ما صيغت به المذاهب، إذ أنه لا يهمه الخوض في جزئيات المسائل الخلافية في قضايا الخلافة والإمامة، بل هو يريد أن يقدم مخرجا من مأزق يعيشه صنفان من المسلمين الملتزمين، أو الراغبين في الالتزام وفق تصور محدد؛ الصنف الأول أو الفريق الأول هم أولئك المسلمون الباحثون عن فهم وممارسة للإسلام ينسجمان مع أسس العقل والعقلانية والمثل الإنسانية، والفريق الثاني، والمنطلق من جهة من نفس المبدأ الذي انطلق منه الفريق الأول، والمنتهي من جهة أخرى إلى نتيجة مختلفة، ألا هم أولئك المسلمون غير الحاسمين أمرهم في التسليم بكون الإسلام يمثل وحي الله، وإن كانوا من جهة لا يستبعدون ذلك تماما، لكنهم يعيشون أبدا قلق البحث عن الحقيقة، ولذا يراوحون بين الشك واليقين، فلا شكهم يجعلهم يسلمون لكل مفردات ما وجدوا بين أيديهم من دين ورثوه عن آبائهم، بما فيه من عقائد وشرائع، ولا يقينهم يسمح لهم بالتخلي عن كل ذلك الاعتقاد والتسليم والالتزام.

وسبب قلق البحث الذي يعيشه الكثير من هؤلاء هو صفاء نفوسهم وتوقد عقولهم، بحيث إنهم عندما يقفون أمام شبهة تعارض بين بعض مقولات الإسلام وبين ضرورات العقل الفلسفي (العقل)، والعقل الأخلاقي (الوجدان والضمير وأسس العدل)، والعقل العملي (العقلانية والحكمة)، يستبعدون أن يكون الله سبحانه وتعالى هو مصدر دين يشتمل على كل ذلك التعارض. ولكن كلما وجدوا أنفسهم أمام حجج أخرى دامغة أو تبدو كذلك، ومقولات تنسجم كليا مع تلك الضرورات، يجدون أنفسهم أمام حقيقة لا يمكن إلا أن تكون صادرة عن الله سبحانه. وهم في كل ذلك لا يستبعدون أن تكون حيرتهم وشكهم وعدم قدرتهم على فهم ما لديهم من تساؤلات، إنما هو ناتج عن قصورهم، وليس بالضرورة قصور الدين، والقصور معذور عند الله في كل الأحوال.

يقين هؤلاء أو ظنهم الراجح يجعلهم يحرصون على ألا يتركوا ما يترتب على الإيمان من التزامات، وشكهم يجعلهم لا يرون أنفسهم منشدين عقليا وبالتالي روحيا إلى بعض ما يجب عليهم فعله أو قوله، لاسيما في عباداتهم. فهم عندما يعيشون هاجس أن يكون الإسلام ربما مجرد نتاج بشري، ولكن من غير حسم لهذه القناعة، لأن الحسم قد يوقعهم في ترك ما ينبغي الالتزام به اعتقادا والتزاما، إذا ما صح بالنتيجة احتمال صدق نبوة محمد التي لم يستبعدوها كليا. فمن جهة لا يجد أكثرهم مشكلة في أنهم يعيشون نوعا من الشك، لأنهم يعلمون أن شكهم ليس شك عناد ومكابرة، بل هو شك ناتج عن إعمال للعقل وتأمل وتدبر، مما يحبه الله، أو بتعبير آخر هو شك ناتج عن قلق البحث عن الحقيقة، أو هو شك قصور منهم كما مر ذكره، وهم يوقنون أن الله بعدله ورحمته لن يؤاخذهم على هذا النوع من الشك وتبعاته. لكنهم بسبب تقواهم الناتجة عن علاقتهم الحميمة والصافية مع الله سبحانه، يريدون، ما زالوا لم يحسموا أمرهم سلبا أو إيجابا تجاه دين الإسلام، أن يجمعوا بين لوازم الإيمان، إذا ما تبين صدق الدين، وبين تمسكهم بالصدق مع أنفسهم ومع الله في عدم مزاولة ما فيه معنى الحسم واليقين، في الوقت الذي لا يملكون هذا الحسم ولا ذاك اليقين، كي لا يقعوا فيما يشبه النفاق.

ويتجلى موقفهم هذا في أنهم يتوقفون عند الأمور الآتية، فيتخذون منها موقف اللاحسم، فلا هم مسلّمون بثبوتها، ولا هم جازمون بنفيها:

1. ما له علاقة بالإقرار بنبوة محمد وإلهية مصدر القرآن والدين الإسلامي، وعلى رأس ذلك الإقرار المعبر عنه بالشهادة الثانية بقول «أشهد أن محمدا رسول الله» في الأذان والإقامة، والإتيان بكل من العبارات الثلاث في التشهد؛ بعبارة «وأشهد أن محمدا عبده ورسوله»، وعبارة «اللهم صل على محمد وآل محمد»، بهذه الصورة المختصرة، أو بصيغة الصلاة الإبراهيمية، وأخيرا عبارة «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته».
2. قراءة سور من القرآن الكريم فيها ما هو من الممكنات العقلية، وليس من الواجبات العقلية. وحيث أن الممكنات مما يمكن أن تكون أو لا تكون صادقة في آن واحد، وإنما يتوقف التصديق بها على التصديق بمصدرها.

وحيث إن الإقرار بصدق مصدرها يعني الإيمان أن الإسلام يمثل وحي الله سبحانه ودينه، لأن ذلك لم يحسم عندهم، يجدون أنفسهم على مسافة من الصدق عندما يأتون بألفاظ على أنها من المسلمات، وهي ليست كذلك عندهم، وإن كانت من الممكن أن تكون كذلك، لأنهم يعتقدون أن ما يحسب عند الله ليس بمقدار ما يصيب الإنسان به من الصواب، بل بمقدار صدق الإنسان مع نفسه ومع ربه، لأنه إذا كان صادقا وأخطأ، سيغفر له الله له خطأه، ويثيبه على صدقه، باعتبار أن إخطاء الصواب ناتج عن قصور، ومجانبة الصدق ناتج عن تقصير واضح وتعبير عن مخالفة لا شك فيها، والقاصر معذور عن قصوره، والمقصر محاسب عن تقصيره، على وفق المعايير العقلية - وبالتالي بالضرورة الإلهية - للعدل.

بالنسبة للمسألة الأولى فيمكن ترك ما يعتبر مستحبا، لجواز ترك المستحب باعتباره تكليفا ترخيصيا، وليس إلزاميا، أي مما يمكن الالتزام به أو تركه. ولكن ما كان واجبا، أي تكليفا إلزاميا، فيقف مثل هذا المؤمن بالله، الموحِّد له، العابد له، ولكن غير الحاسم لصدق الدين المفترض نزوله إلى إنسان نبي مرسل من الله عن طريق الوحي، أي بين ترك ما تتوقف الصلاة على صحته، مما لا يريد أن يقع فيه، ما زال يحتمل أن الإسلام هو دين الله، وبين عدم صدقه بين يدي الله في عبادته له، من جراء التلفظ مقرا بما لا يقين له به. وهذا الإشكال هو مما يحاول هذا المذهب معالجته، لمساعدة مثل هؤلاء المؤمنين، كي لا يحرموا أنفسهم من لذة مناجاة الله وعبادته عبر الصلاة بكل فلسفتها الرائعة، وربما يخسرون بذلك ثوابا من الله بترك هذه الصلاة التي يمكن أن تكون واجبة عليهم. وبالتالي يصوغ هذا المذهب صلاة يمكن تسميتها بـ «صلاة اليقين»، لكون المصلي لا يأتي فيها إلا بما يؤمن به على نحو اليقين، ويترك أو يعالج ما هو في مستوى الاحتمال أو الظن أو الشك، أو بـ «صلاة الصدق»، لصدق المصلي بين يدي ربه بكل ما يلفظ به، أو بـ «صلاة الصدق واليقين»، كتسمية جامعة، أو بـ «صلاة المذهب الظني».

أما بالنسبة للقرآن، فإن هذه المدرسة في فهم الإسلام للمؤمنين به بدرجة، والشاكين به بدرجة، فتختار لهم أن يقرأوا في صلواتهم منه ما يكون صحيحا بضرورة العقل، حتى لو ثبت أنه لا يمثل وحيا إلهيا، بل هو اجتهاد بشري، أو هو وحي ذاتي، آمن صاحبه صادقا بأن مصدره الله.

كتبت في 2007 و2008
روجعت في 29/11/2009



#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدريس الدين
- تأويل ممكن لقصة آدم وحواء القرآنية
- قراءة أخرى لنصوص القرآن
- مطابقة دائرة الوجود والعدم ودائرة أحكام العقل الثلاثة 2/2
- مطابقة دائرة الوجود والعدم ودائرة أحكام العقل الثلاثة 1/2
- الصراع بين الأنا الحقيقية والأنا المتوهمة
- مناقشة لرسالة في إخوان الصفا
- مقدمة الطبعة الكاملة طبعة بلا تقية
- موضوعات قصيرة في ضرر الدين على الإنسان
- طريقتان في محاولة فهم الخالقية وعلاقتها بالحكمة والعدل
- العقل والدين والإيمان
- كتاب عقائد محايد دينيا
- تأسيس قاعدة البحث في العقائد
- فكرة مقدمة لكتاب عقائد
- مقدمة الكتاب
- الحريات الشخصية في الشرائع الدينية
- ما هي ثمرة التمسك بالإمامة؟
- الإمامة والنبوة والعصمة
- الإمامة والخلافة في عقائد السنة والشيعة
- رؤى في النبوة والإمامة


المزيد.....




- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - المذهب الظني 1/3