أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ساطع راجي - هل العراق جديد؟














المزيد.....

هل العراق جديد؟


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2822 - 2009 / 11 / 7 - 16:40
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مصطلح "العراق الجديد" بدا للكثيرين شعارا إستهلاكيا حمله الامريكان وبعض حلفائهم العراقيين كشعار لا يتجاوز اللفظ وهو في التفكير الشعاراتي الذي يسيطر على العقل الشعبوي في الشرق الاوسط لا يزيد عن كونه شعارا يتساوى مع غيره من الشعارات، وفي حين كان لمصطلح "العراق الجديد" أن يكون مفتتحا جيدا لتأسيس الدولة العراقية ونظامها السياسي فإذا به يتحول الى الضد تماما.
فهمت كثير من القوى السياسية العراقية "العراق الجديد" على إنه "تماما" مقلوب "العراق القديم" وبمعنى عملي إعادة تنظيم العراق وقضاياه ومفاصله بشكل مضاد لما كانت عليه سابقا وعلى مدى عمر الدولة العراقية الحديثة منذ 1921 – 2003 وهذا يعني أساسا إبقاء جميع القضايا السابقة والمعقدة والتاريخية كامنة أو متحركة في مفاصل العملية السياسية وفي بناء مؤسسات الدولة، ليكون تشكيل النظام عملية إعادة ترتيب وليست إبتعادا عما كان لتبقى بذلك جميع الملفات القديمة مفتوحة بشكل أكثر إستعصاء وفجاجة لكونها تتحرك الآن في نظام سياسي ديمقراطي تعددي.
الجدة "من الجديد" هي غير التجديد الذي يعني محاولة إحياء ما يشارف على الموت أو تنشيط الخامل من الافكار والمؤسسات، بينما الجدة هي تجاوز وقطيعة وابتعاد وبشكل ما هي نسيان مع مواصلة نهج العدالة في تصفية الماضي، و"الجدة" تكاد تكون صفة أمريكية بحكم التاريخ والجغرافيا والثقافة، وبينما الاوربيون منشغلون أساسا بالتحديث والحداثة وما بعدها، في سعي لتنمية الذات وتقدمها، فأن الشرق أوسطيين ملعنون بتأصيل الافكار والالفاظ والمؤسسات والبحث عن جذورها وتأطير الاسلاف بذهب المأثورات.
الجدة غير الحداثة وضد الاصولية، والجدة نتاج فئات تحاول الفرار من التاريخ وهي صفة أمريكية معلنة حملها المهاجرون من شتى القارات القديمة نحو القارة الجديدة والفرار من التاريخ حاجة عراقية ملحة لا يكاشف العراقيون بها أنفسهم بل يفعلون العكس تماما عبر الفرار الى الماضي، لأن الفرار الى المستقبل يحتاج الى شجاعة أخلاقية وفكرية غير متوفرة حتى عندما يتحرك العراقي الى المهجر، والفرار الى المستقبل لا يحتاج الى عقل نقدي فحسب بل يحتاج أكثر من ذلك الى روح سخرية مريرة من التاريخ الذي يحضر اليوم بكل ثقله ومآسيه وهوسه كأنه تنين يطلق نيرانه لتشوي وجوه الناس وتلعنهم، ولاشيء يلوث الاجتماع البشري ويفشله مثل الذاكرة المثقلة والمريضة.
العراق الجديد كان يمكن أن يكون حلا لكل العراقيين، لأولئك الذين تعذبوا لعقود ولأولئك الذين فقدوا إمتيازاتهم بعد نيسان 2003، كنا بحاجة لإتلاف جزء من ذاكرتنا، ولأكون صادقا فقد حزنت على أشياء كثيرة في العراق لكنني لم أحزن على سرقة وتهريب الآثار وحتى انتهاك المتاحف ومناطق التنقيب الأثري، لأننا لم نتعامل مع هذه الاشياء على انها لقى بل تعاملنا معها ولزمن طويل كأصنام تحكم وجودنا وتلزمنا بإرث عظيم من الفشل في تمثل الحرية وإحترام الآخر والقدرة على ابتكار العيش المشترك، ففي العراق هناك كل أثر لكل شيء إلا المنظومة الاخلاقية التي ترسخ السلام والعقلانية وتداول السلطة سلميا، لقد كانت هذه الاثار ومثلها أشياء واسماء ومبان مجرد عقبات كبرى تعيقنا في الحراك نحو الامام وتجعلنا مجرد أسرى لمجموعة من القضايا الميتة، هل علينا أن نكره الماضي وبقاياه؟ غالبا نعم علينا ذلك حين يكون الماضي عذابا مستديما. ولم ينجح أولئك الذين حاولوا الفصل بين الماضي والتاريخ كثيرا فلأننا نعيش في الماضي فإن التاريخ بمعناه العلمي لا يعني شيئا مهما، نحن متورطون بهذا الماضي/التاريخ وملفاته تمنعنا من العيش اليوم براحة.
كان العراق الجديد يمكن أن يكون حلا لو فهمناه على إنه حراك بخط مستقيم نحو الامام لكن جميع القوى النافذة أرادت منه أن يكون عطفة في الزمن يستدير فيها العراق للرجوع الى نقاط وهمية تريدها تلك القوى بدايات لإستعادة حقوق سقطت بالتقادم وملفات كان يمكن إعتبراها جزءا من المحروقات والضوائع في بلد كثرت محروقاته وضوائعه، كان بإمكاننا إتلاف ذلك الجزء المعذب من الذاكرة لكي ننقذ ما تبقى.
لتعرف كل القوى التاريخانية العراقية إن أخطاء التاريخ غير قابلة للتصحيح لكن عيوب التاريخ قابلة للتغيير والتجاوز، وبمعنى أدق إن ما فات قد فات ومع عدالة الكثير من القضايا فأن العودة الى الوراء أصبحت مستحيلة وليس أمامنا إلا منع تكرار الظلم وعند هذه النقطة يبدو إن مفهوم "العراق الجديد" قد إستهلك في وقت قياسي والعراق بحاجة اليوم الى ركيزة فكرية جديدة لتأسيس الدولة، وهذه الركيزة إما أن تنتجها القوى النافذة نفسها أو إنها تفرض من خارج العراق وغالبا ما كانت الركائز الخارجية أشد ظلما في نتائجها.



#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دائرة كركوك المغلقة
- فوضى أمنية
- لغز العبوات اللاصقة
- هدية خاطئة
- الاجندات الخارجية
- ماذا بعد الاستجوابات؟
- السلطة من أجل السلطة
- ويسألون عن المهجرين!!
- موازنة 2010
- الدولة وخطابها المفكك
- أحكام بالفشل
- مرحلة المكاشفة
- إستنفار دبلوماسي
- الموصل..أزمة نموذجية
- ما بعد الاربعاء الدامي
- رغم إنها متوقعة وبائسة
- مشهد سوداوي
- جيش المعتقلين المرعب
- العنف العبثي..رسائل أوباما
- أطراف خارجية..أطراف داخلية


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ساطع راجي - هل العراق جديد؟