أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - ماركس الرمزي وشبحية دريدا (2 - 6)















المزيد.....

ماركس الرمزي وشبحية دريدا (2 - 6)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 2797 - 2009 / 10 / 12 - 00:49
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



إن الزمنَ الاجتماعي يحلقُ بلغةِ (البيان) في جميع أقطار العالم، وهذا التحليق مؤاتٍ لأسبابٍ كثيرة.
إنها لغةٌ سياسيةٌ اجتماعية إبداعيةٌ تنفصلُ عن لحظتِها المدموغة بذاك النمو النسبي ذي التاريخية المحددة، وهي تستوعبُ صراعاتهِ العامةَ المجردةَ - الملموسةَ، وتحيلُها إلى مخططٍ مجرد، فـُتسقطُ أوروبيتَها على بقيةِ أنحاء العالم، وقد رأينا كيف كان تمثُل الصراعات الاجتماعية الأوروبية في فقرةِ البيان؛ (حرٌ وعبدٌ، ونبيلٌ وعامي إلى آخر الفقرة)، تشيرُ إلى تحليلٍ لتاريخٍ أوروبي واضح وصريح، من دون أن تظهرَ بالمقابل تحليلاتٌ للشرق، أو حتى للغرب اللاتيني، ونحن نعرفُ كيف اهتم ماركس بتحليلِ أمريكا الشمالية التي هي امتدادٌ لأوروبا الغربية، ولكن ماعدا أقطار الرأسمالية الغربية المتطورة هذه، فإن بقيةَ العالم تقعُ في الظل، ومن هنا حين تعولمُ لغةُ البيانِ الشيوعي، وتصدرُ أوامرَ للعمال في جميع أنحاء العالم تقومُ بأوروبةِ الحركة العمالية العالمية منذ البداية، وتسحبُها إلى مستواها، وتجعلُ مهماتِها السياسية مهماتٍ عالمية.
تلعب لغةُ البيانِ العاطفيةِ الهائجة والموضوعيةِ المتداخلة بها، دوراً أكبر من أي كراس وكتاب ماركسي آخر! إنها لغةٌ حميمة، وناتجةٌ من كفاحِ شوارع صاخب، ومن تراكماتٍ فكرية كبيرة لبعض المثقفين الألمان بدرجةٍ خاصة، والصياغة ذات تراكيب معينة مبهرة:
(ويأنف الشيوعيون من إخفاء آرائهم/ فلترتعد الطبقات السائدة خوفاً).
(شبحٌ ينتابُ أوروبا - شبح الشيوعية. ضد هذا الشبح اتحدتْ في طراد رهيب قوى أوروبا القديمة كلها: البابا والقيصر، مترنيخ وغيزو، الراديكاليون الفرنسيون والبوليس الألماني).
إنها لغة أدبية شعرية قصصية متداخلة، وتحولت الأفكارُ إلى لوحاتٍ، بأسلوب شعبي متأجج بالكرامة، و(البيان) بهذا يتابعُ الكتبَ الدينية بلغاتِها التعبيرية الأخاذة، كما أنه يتحول إلى دعوةٍ دينيةٍ بهذه الإطلاقية والتعميمية المفارقةِ للظروفِ المتباينة للقارات والشعوب، فألغتْ العلميةَ، في غيابِ تحليلاتِها الجزئيةِ الدقيقة لكل الأرض، وصادرتْ الأبحاثَ المُفترضةَ بفرضِ لغةٍ جاهزة، وبشعاراتٍ من مستوى أوروبي، تتشكلُ فيه حرياتٌ كبيرةٌ نوعاً ما، وقد أبعدَ الأديانَ عن السياسة المسيطرة، في حين انه عندما تنتقلُ لغةُ البيانِ هذه لشعوبٍ أخرى تعيشُ في ظروفٍ مختلفةٍ من حيث الصناعة والحريات والثقافة، فإن لغةَ البيان المقاربة للدين لغةً، ووعداً بتحقيق الجنة، الأرضية هذه المرة، تصيرُ لها قراءات مختلفة ومقبولة لأسبابِ الزمن التاريخي المتنامي، فالأوروبةُ تغدو قبل عدة قرون من صياغة (البيان) عالمية في استغلالِها للموارد الخام في القارات الأخرى، وتغدو رحلاتَ استكشافٍ وغزواً وفرضَ حماياتٍ تجارية وتغلغلاً للجيوش الخ..
إن الزمنَ التاريخي الراكد لعصورَ الإقطاع، حيث البشرية مفتتة إلى قارات وعوالم ذات صلات واهنة، يتسارعُ بشكلٍ كبيرٍ عبرَ زمنِ الآلة، التي تقومُ باختزالِ المسافاتِ الجغرافية أولاً، ثم بنشر العلاقات الرأسمالية في العديد من البقاع، واختراعاتها المختلفة وأنواعها الأدبية والعلمية والثقافية عموماً، وكلُ حدثٍ من هذا هو تسريعٌ للزمن الأوروبي، الذي يغدو زمناً عالمياً متسارعاً. إن تعددَ الأزمنةِ في زمانٍ عالمي كبير، تفرضهُ تشكيلةٌ عالميةٌ واحدةٌ هي التشكيلة الرأسمالية أخذتْ تبزغُ من عصر النهضة، من قلبِ أوروبا الغربية، لكن لهذه التشكيلة مستوياتِ تطورٍ مختلفةٍ، فمن بلدان تضخُ الموادَ الخام، إلى بلدانٍ تصنعُها، إلى بلدانٍ تتداخلُ فيها هذه العملية المركبة، فتظهرُ أزمنةٌ مختلفةٌ للتشكيلة الرأسمالية التي تتحول من أوروبية إلى كونية، لكونِها أوجدتْ أمكنةً مختلفةً لها، تجرى فيها عملياتُ إنتاجٍ متعددةٍ الأشكال. فيتسارعُ الزمنُ في جانب ويبطىءُ في جانب آخر، ثم يتداخل في زمانٍ متقاربٍ متنوع كذلك، لأن وحدة التشكيلة لا تتم بشكلٍ تام.
تستطيع لغةُ (البيان) أن تنفذَ لعمالِ العالم مع مرورِ هذا الزمنِ الاجتماعي، المتعددِ المستويات، فالبلدانُ الرأسماليةُ المتطورة تستوعبها، بشكلٍ يعبرُ عن مستواها، فهي تهضمُها ببطءٍ، وان المطالبَ المباشرة للعمال تحظى بلغاتِ اهتمام متنوعة، من قمعٍ في البلدان الأقل تطوراً والتي تعيش في بقايا إقطاعٍ مؤثرٍ كأسبانيا، في حين تتحقق تلك المطالب المباشرة في انجلترا وهولندا وفرنسا، أما المطالب الكبرى بسيطرة العمال على الحكم وإلغاء الطبقات فلا تتحقق، ليس فقط لنمو الرأسمالية وتوسعها خارج بلدانها وإنشائها لمستعمرات وارتفاع مستوى معيشة عمالها، بل كذلك لعدم إمكانية تحقق الاشتراكية أو الشيوعية، في هذه القرون. إن الرأسمالية الأوروبية هي قائدةٌ لتشكيلة عالمية، تظهر هنا في بداياتها، وعبر استعمارها تقوم بنشرها، وتغدو هي في ذروتها.
إن التشكيلة الرأسمالية كتشكيلةٍ عالميةٍ كانت تحققُ بعضَ زمنيتِها المحدودة في القرن التاسع عشر. إن أي تشكيلةٍ تغدو تشكيلةً بشرية، لترابط تاريخ الإنسان، والتشكيلة البشرية لها زمنيةُ مئاتِ السنين، لقيامها على قوى إنتاج محددة تنتشر وتغدو عالمية وتتعرض للاصطدام بعلاقات إنتاج تغدو قيوداً فتحدث عمليات الثورات عبر مستويات بشرية مختلفة لتصعدَ علاقاتُ إنتاجٍ جديدة، ثم تزولَ عبر قرون كذلك. لقد عرفنا ذلك تطبيقاً على التاريخ الأوروبي في؛(مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي) لكن تبلورها وفهمها البشري لم يكن ممكناً في تلك الافتتاحية للزمن الرأسمالي، إن الزمنية هنا مهمة، لكن البيان يختزلها.
إن جمل (البيان) الأولية التي قرأناها مراراً مهمة هنا كذلك، لتجعلنا نحسُ بإيقاعِ الزمنِ السريع المؤدلج:
(حر وعبد، ونبيل وعامي/ فلترتعد الطبقات السائدة/ يا عمالَ العالم اتحدوا)، إيقاعُ اللغةِ هنا المتسارعُ من الأوروبي للكوني، يقفزُ على عدةِ ألوف من السنين: التشكيلة العبودية لها أكثر من خمسة آلاف سنة! التشكيلة الإقطاعية تقارب الألفين أو أكثر، الرأسمالية الصناعية الأوروبية لها قرنان أو ثلاثة قرون بالكثير!
لكن وعي ماركس بكون التشكيلة أوربية/ عالمية، يختزلُ تجاربَ الشعوب الأخرى عبر النيابة الأوروبية، ويختزلُ التشكيلةَ نفسها، قبل أن تكونَ بشريةً، وقبل أن تتجلى على هذه المساحة الأرضية الواسعة، وتدخل فيها قوى إنتاج البشرية كلها لتتجاوزها عبر تباين مستوياتها وقواها كذلك.





#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركس الرمزي وشبحية دريدا (1 - 6)
- الوعي الديني والرأسمالية الحكومية
- الدين والمطلق
- شخصية مير حسين موسوي السياسية
- السياسات الفاشية
- المستوى السياسي للمعارضات العربية
- جامعة البحرين والحرية الفكرية
- الملابس والحرية
- تداخلات الرأسمالية الشرقية والتيارات
- التقدميون والأديان
- الأقدار في المسلسلات الرمضانية
- الحرس -الثوري- يتقدم أكثر نحو السلطة
- نهاية الحقبة النفطية
- الملكية والمحتوى السياسي
- -ثقافة- المحاصصة الطائفية
- الرأسماليات الشرقية والتشكيلة الغربية
- الثالوث والعسكر
- الثورات شبه مستحيلة في الرأسماليات الحكومية الشرقية
- الأديان السماوية والتطور
- تصفية التركة الثقيلة


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - ماركس الرمزي وشبحية دريدا (2 - 6)