أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - صادق الطريحي في (أوراقٌ وطنية)*















المزيد.....

صادق الطريحي في (أوراقٌ وطنية)*


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2788 - 2009 / 10 / 3 - 10:24
المحور: الادب والفن
    



لا أدري ما يعنيه صادق الطريحي بقوله (للوقت نص يحميه!)، لكني أعرف أننا – أي المولودين بعد الطوفان- ما زلنا مهزومين أمام (الوقت) ولما نزل لم نقترف (النصّ) الذي يحمينا من هزيمة الوقت، كما اقترف ذلك السومري الأول نصّه الذي ما زال العالم يتشبث به. العلاقة بين الانسان والزمن، ذلك السؤال القديم، هي هاجس الشاعر في هذه المجموعة المختزلة، والتي تنتهي باعتذاره الشخصي للقارئ (لم يستطع الشاعر أن يكتب نصا لحماية الوقت ، لذلك هو يعتذر إليكم أولا.). استخدام صيغة الغائب تتكلف بمهمة مراوغة القارئ أو التاريخ في أدنى احتمالاته عن سبب اختزال المجموعة أو عدم انتظار الشاعر لتقديم اعتذار شخصي لا تتكفل به وكالة دولية لتعويم الوقت أو الكلام. وهو ما تشي به جملة تالية (عندما يُهدر دمُ الشاعر ، لا يمكن كتابة نص لحمايته.). يبقى التساؤل هنا لماذا لم يترجم الشعر هذا الوضوح والشفافية لرفع الغموض حيثما يقتضي. أم أنها مراوغة أخرى للوقت أو الرقيب (الداخلي) أو لتاريخ الراهن (أنا أستطيعُ أنْ أكتبَ قبل أن ...)، والمعنى (كنت أستطيع أن أكتب قبل أن...)؟؟!!. جملة القطع خبرية تترك السؤال منفتحا على احتمالات عدة، وهو ما تتكفل به طريقة القراءة.
لكن لماذا لا نعكس جملة الاخبار (للنص وقت يحميه!) إلى نفي؛ ثم نعكس حالة الاثبات إلى نفي لموازاة المنطق (ليس للنص وقت يحميه!). فيكون تقدير الجملة الشرطية وخبرها : (إذا كان للوقت نص يحميه، فليس للنص وقت يحميه!). ان احتمال اعتماد جملة تقريرية لاستهلال شعري هو أمر مُنتبَذ، ولذا لابدّ من ذكاء القارئ لحفظ اعتبارات القراءة.
لشعرية صادق الطريحي تعويل ملحوظ على اللغة. ليس اللغة في جانبها الفني أو الحداثي، وانما جانبها البلاغي. هو لا يتمرد على اللغة، ولكنه يحافظ على عمله الثوري داخل اللغة. هذا لا يعني المحافظة بحال، لكنه يلجأ للتحديث من الداخل. وهنا يقتضي الحديث عن ظاهرتين..
- شهدت التسعينيات حالة من المراجعة الشعرية في مسألة الحداثة، عقب تداخل الشعرية والنثرية في نصوص كثيرين، وبشكل متطرف حدا ببعضهم اخراج ما لا يتفق مع رؤاهم النثرية عن دائرة الشعر. هذا التطرف أسفر عن تطرف مقابل أعاد الشعرية العربية إلى دائرة العروض وأعمدته في محاولة للتحديث من خلال عمود الشعر والارتقاء عبره بنص الحياة، ومن شعرائه المجيدين خالد عبد الرضا السعدي. قد يهوّن البعض من أثر الظاهرة معتبرا أن عمود الشعر لم يختفِ تماما لدى أجيال شعر ما بعد الحرب العالمية الثانية، بما فيها السبعينيات والثمانينيات. بيد أن التعويل الأساسي على العمود التسعيني، أمر يتجاوز المحاولات الثانوية والتقليدية للاجيال السابقة، ناهيك عن المستوى الابداعي للنص ومسؤولية الشاعر. في هذا الاتجاه حظت قصيدة التفعيلة بجدية أكثر من لدن شعراء آخرين، مثل صادق الطريحي في قراءاته المتأملة لتفاصيل الراهن. ويمكن الاصطلاح على ممثلي هذه الظاهرة بالتيار التأصيلي، الذي يعود بنمط القصيدة إلى خمسيناتها السيابية ومحاولة العودة بها نحو المستقبل مع اجتناب المؤثرات الغربية التي تلاقحت في نمط الشعرية الحديثة، أو تيار التحديث السائد من قبل.
- لقد كان المأزق الأثير للشعرية الحديثة هو الموازنة بين الفكر والواقع. والحقيقة أن الممحاحكة الأولى للأدب العراقي كانت الثمانينيات وما بعدها. فاجتماع خناق العوامل السياسية والعسكرية والاقتصادية حول الشاعر أسقط براقع الأيديولوجيا والرومانتيكية التي طبعت الأدب قبلئذ. ان معيار الأدب الحقيقي يتحدد بترجمته لعمق المأساة الميدانية، وبالشكل الذي يساوي بين النص والسيرة. وفي هذا الاطار تحتل قصيدة الأم مكانة الصدارة في احتمال تبعات الحرب والحصار وآثارها الانسانية. ويمكن تلمس هذه الآثار لدى هيثم الزبيدي وباسم فرات وخالد الطريحي، في محاولة لملء الفراغات التي أسفرت عنها الظروف غير الاعتيادية.
*
التعويل على اللغة..

في البَدء ِ كان النـّصْ
كان كلمة ًيسمعُها الشاعرُ
وهْي تخرجُ من فـَم ِ الله ِ
ويراها ،.. وهْي تتحولُ
في البدء تتحدد الفكرة، لكن الشاعر لا يمضي إليها مباشرة، يترك بينهما مسافة يشغلها باللغة. عند إعادة هذا الاستهلال إلى أصله في مفتتح انجيل يوحنا (في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله وكان الكلمة هو الله. هو كان عند الله. به تكون كل شيء، وبغيره لم يتكون شيء مما تكوّن. فيه كانت الحياة، والحياة هذه كانت نور الناس.)، يمكن الخروج بعد استنتاجات..
1- ان هذا النص في استهلال مجموعته الأولى (مياه النص الأول) تنحو منحى تكوينيا لاستحضار قصة الخليقة. هنا يبدو أثر الانثربولوجيا جليا في هندسة الجملة الشعرية. ولكن كيف تلتقي الانثربولوجيا بالفكر الديني؟.. هنا تشكل كتابات فراس سواح وخزعل الماجدي قدح الشرارة في البحث عن أجوبة الراهن في أصل البدايات. اشكالية الراهن تتمثل بأزمة الهوية. الهزيمة تتشبث بالأصل. وهذا يجد في الدين مبرره الوجودي. لكن التشبث بالدين لا ينفصل بحال، عن الطابع العام للمرحلة، والذي لا يقتصر أثره في هذا النص أو الشاعر.
2- هنا تتم استعارة دور الشاعر الاغريقي الملتبس بصورة الكاهن وسيط الاله، وذلك عبر استلامه سرّ الشعر (الكهانة) الممثل بالكلمة.
فحسب الفكر الآبائي ان الانسان كان فكرة في عقل الله في أصل التكوين. وإذ أقامه في الفردوس كان الحديث بينها بلغة سرية مشتركة. وكان آدم الأول يسمع ويفهم صوت الربّ. وثمة.. فأن كلّ شيء بالكلمة كان، وتكوّن.
بهذا التقديم يقود الشاعر القارئ إلى نصه الأول. والذي يحاول تقديم بانوراما ساخرة لما بعد الطوفان.
3- ليس من الممكن تبرير ما بعد الطوفان بالفكر الديني، لأنه في أضعف مستوياته، يمثل مرحلة الانفصال والسقوط، حيث انتفى التواصل، واستحال على الانسان سماع صوت الربّ، وإذا سمع عجز عن الفهم أو الردّ (بحسب الفكر الآبائي). وهنا حلّ عصر الكلمة المكتوبة، الكلمة المقروءة. الكلمة الشعرية. فعصر الكلمة الشعرية هو عصر الانفصال والعزلة والغربة والاغتراب.
ان مجموعة (مياه النص الأول) تتضمن بانوراما الخليقة العامة محمولة فوق سطح المياه حسب قصة التكوين التوراتية أو الرافدينية. أما مجموعة (للوقت نص يحميه!)، فهي تتضمن تفاصيل الصورة الداخلية للخليقة العراقية عقب الطوفان. وقدر ما تسمح معالجة التفاصيل باختزال المسافات وتجاوز تقنيات الخطاب، فأن قصائد الشاعر اللاحقة تقتضي تلقائية أكثر التحاما بين النص والواقع.
استفاد الشاعر من عامل اللغة في توظيفها لمراوغة بيانات الواقع والالتفاف على النص (الذي كان في البدء)، وتسخيره للخروج على الواقع إلى برية المأساة. ثمة صور متداخلة، واستعارات ينقض بعضها البعض لكن استجلاء المعنى لا يبدو بعيدا.
*
الاستعارات الدينية..
في البـَدء ِكانت الحلة
إلى / شهداء مجزرة ابن نما
( نصٌ لرثاء المدن الحية )

أنتِ نسـلُ الكتابة
نسـلُ النـّبوة
نسـلُ المحبـّة
فاتحة ُ الزمن الرافدانيّ
وظلُ الله على الأرض.

أنتِ النهرُ الأول
ورغيفُ التوحيد ، والقربان الأزليّ .
مازالَ اسمـُكِ في اللــّوح المحفوظ
يعلــّمه اللهُ لآدم :
هذه الأرضُ للشـّهداءِ
فأنبئهُمْ أسماءَ المقتولينَ
وأسماءَ المذبوحينَ
وأسماءَ المغتالينَ
وأسماءَ الأولياءَ
وأسماءَ الله الحسنى.
مازالَ عليّ في المحرابِ يصلــّي
مازالَ ابنُ الخطـّاب يقولْ :
أقضانا ابنُ أبي طالبْ ،
والشـّمسُ مازالت تصعدُ ، ..
تصعدُ
حتـّى يتوضأ كلّ الشـّهداء ،
ثمّ يصلــّون خلفَ عليّ .

كانت الحلة ُ بـَدءاً ،
كانت مئذنة ً...
تتشكلُ من أزهارِ البرتقال ِ،
ومن خبزِ الأيتام ِ،
وما نثرته القنابلُ من ملح ِالزهراءْ.
وكانت مئذنة ً
تستنشقُ رائحة َ الله ،..
هذه القصيدة من فاتحة المجموعة الثانية لا تختلف عن الأولى في نمط الاستهلال، أو الاستعارة الدينية، لكنها أكثر قربا من التفاصيل. أنه لا يتحث عن بانوراما خليقة كونية وانما هو على أرض الواقع، نقطة المنتصف، ساحة الميدان والتي يسميها هنا (الحلة)- القريبة من بابل القديمة، بعد الطوفان.
ينشغل الشاعر كثيراً بتجميع الرموز المتداخلة، النبوة والتوحيد والقربان دالة ابراهيم الخليل، واللوح المحفوظ دالة على موسى في جبل سينين أو سيناي*، وما يليها رموز اسلامية تمتح من النسغ الطائفي. فالحلة/ بابل تتدرج - دينيا- ضمن هذه القراءة السريعة من عبادة الشمس والنجوم إلى العبادات الكتابية وانقساماتها، والأحرى البحث عن صيغة للتوحيد. ان الدين والسياسة تفرقان، وتنشران البغضاء، بينما الفن يجمع الناس ويوحدهم. وقد بالغ الشاعر في تراكم الرموز الدينية والتقليدية في نصوصه، رغبة في تصور المرحلة، ولكن الحاجة الاستراتيجية تبقى لما يجمع ويؤلف بين الناس.
*
قصيدة – أوراق وطنية-
- تطبيق في القراءة-

تتناول القصيدة حكاية طفل يتوفى أبوه –في ظروف غير اعتيادية- تاركا أربعة أطفال مع أمهم. يرث الأطفال أو أكبرهم المتحدث في القصيدة أرضا ومالا ونزلا استورثه أبوه من جده، لكن الطفل القاصر لا يمتلك حق التصرف بالارث، حسب القوانين السائدة، ولذلك يسجل المال في دائرة القاصرين وبوصاية شخص بالغ.
تتزوج الأم وتشغل البيت مع زوجها الجديد. ويتوزع أطفالها الثلاثة كل في اتجاه من البلاد، ثم ينطلق الرابع ليتفقد أخبارهم، وحين لا يجد شيئا يكتب مرثاة لكل منهم، ويعتبر قصيدة (أوراق وطنية) قصيدة المرثاة تلك.
هذا هو الاطار العام للقصيدة، وهو يحاكي نسق حكاية أروبا الفينيقية (*) التي كانت ترعى وظهر لها إله أغريقي في هيئة ثور واختطفها، فافتقدها والدها وأرسل أبناءه الأربعة كلّ إلى جهة من جهات الأرض، موصيا كلا منهم ألا يعود بدونها، أما أروبا فتتزوج وتنجب ومن نسلها يولد سكان أوربا، وكذلك يصبح من أخوتها أبا لشعب أحد جهات الأرض، وهي تصوير ميثولوجي لقصة طوفان نوح وأبنائه الثلاثة (سام وحام ويافث). والقصيدة بحسب هذا الاستطراد تتوفر على مستويين في التفسير، مباشر ومحدود، وتفسير عام وغير مباشر. وتعني هذه القراءة بالمستوى الأول.
(1)*
أملكُ أوراقا في دائرة القاصرين
أملكُ بيتا ،
تزوجتْ فيه أمـّي
أملكُ أرضا ،
اشتراها جدّي ذات حربْ ،
لحفيده المعوقْ
أملك صورا ،
لرجل ٍ يحلمُ بالعودة إلى منزله
أملك أزهارا أجنبية
وألواحا من خشب الساجْ
تكفي لصنع تابوتٍ مريحْ.
أملك أوراقا نقدية ،
أودعتها الحكومة ُ في خزينة القاصرين.
وأوراقا أخرى ،
أكتبُ فيها قصيدتي الآن ْ.
وأوراقا أخرى ،
تعلن عن :
اسمي :
عمري :
مهنتي :
لون قلبي :
و...
مذهبي الشعري:
الاسم : فلانُ بن فلانة
العمر : ليس مهما
المهنة : مشروعُ استشهادٍ دائمْ ،
مشروع ٌ للكتابةِ أو للقتلْ
القتلُ: في سبيل الأمة طبعا
لون القلب : أسود .. ابيض .. أحمر ..اخضر .. اصفر ...
المذهب الشعري : شاعر عادي ،
من أتباع قصيدة النثر.
يتولى المقطع الأول شرح قوام النص كما تقدم، وهو بصيغة المتكلم والمتكلم هنا هو الشاعر، لذلك يميل إلى الاستطراد الذي يجعل المقطع من أطول مقاطع القصيدة. وفي الاستطراد ما هو شخصي وما هو عام. ولغة النص تميل إلى السخرية المبقعة بالمرارة والاحباط.

(2)
أملكُ بيتا ، تزوجتْ فيه أمي ،
ثم ّ ماتَ زوجها ،
وهو يدفع عن البيت خطر المياه الجوفية.
تمت الاشارة إلى هذا المعنى في معرض شرح قوام القصيدة. ان الزوج الجديد هو الذي يستحوذ على (إرث) الزوجة، في إشارة إلى طابع الطمع والغش الذي يقترن بزيجات الأرامل (الوارثات) وتتضح درجة السخرية في السطر الثالث من المقطع (يدفع عن البيت خطر المياه الجوفية)، فالطوفان بحسب هذا حدث من داخل البيت وليس من خارجه!.
(3)
أملكُ بيتا في حيّ الشهداءْ
تسكنُ فيه أمي ،
مع أبنائها الأربعة ،
قالتْ : سأرسلهم عبر جهات الأرض
ليبعثوا لي بثمن الدواءْ
ثم أدعوهم من جديدْ
ليشتروا لي أرضا ،
تصلحُ لحفر قبر ٍ مريحْ.
حي الشهداء – من الأحياء السكنية الجديدة التي تفرزها ظروف الحروب، عبر الأراضي التي توزعها الدولة على ذوي الشهداء مع إعانات وتسهيلات لابتنائها مساكن لهم. ولا يعرف إذا كان البيت من حقوق الزوج الأول أو الثاني. لكن الأم تمرض ولا يوجد لها علاج في البلاد، فتبعث كلا من أبنائها لتكفل ثمن الدواء. فإذا توفر الدواء سوف تعود وتبعثهم مرة أخرى، لتكفل قيمة شراء أرض (تصلح لحفر قبر مريح). وتشير هذه الجملة إلى أن طلبات الأم لن تنتهي، ولن تتوقف عن تسخير أبنائها لخدمة رغباتها أو التخلص منهم كما ينتهي إليه أمرهم. ولا يتضح إذا ما كان هذا يعكس موقفا ما من الأم أو المرأة، أم أنه محض تصوير مباشرة لحالة بعينها، من حالات جشع الآدمي.
(4)
ذهبَ الأولُ نحو الجنوبْ ،
سألته الشرطة :
ـ أعراقيٌ أنت؟
ـ نعم.
ـ أتحسنُ السكوت؟
ـ نعم.
ـ أتعملُ طباخا في قاعدة الجيش؟
ـ كلا.
ثمة أمران يستحقان التوقف هنا. الأول يتمثل بمحاصرة البلاد وانتشار العسس في كل الجهات، فلا منفذ دون الوقوع في أيديهم. والثاني تمثل بسؤال الهوية (أعراقي أنت؟). فالفرد هنا منزوع الهوية في بلده وأرضه، في إشارة ضمنية إلى وقوع البلاد تحت الهيمنة الأجنبية. يترتب عليه أن ما يجري ينطوي على فضيحة أو مؤامرة مريبة تقتضي ممن يطلع عليها الصمت والسكوت. أما السؤال الأخير، ففحواه هو السماح للجيش بالقتال.
(5)
ذهب الآخر نحو الشرقْ ،
سأله الحرسُ :
ـ أعراقي أنت؟
ـ نعم.
ـ أتحسن السكوتْ ؟
ـ نعم .
ـ أوَ تعرفُ أن تستعملَ السلاح ْ؟
ـ كلا.
على نسق المقطع السابق، تتكرر نفس الأسئلة، فالبلد نفس البلد، والوجود هي نفسها، وكذلك التعليمات. وقد أضافت صيغة الحوار غنى للنص ساعده عل النمو والتدفق.
(6)
ذهب الآخر نحو الشمال ،
سأله الدركُ :
ـ أعراقيّ أنت؟
ـ نعم .
ـ أتحسن السكوت ؟
ـ نعم.
ـ أتعمل " مرشدا " لعربان النفط؟
ـ كلا.
لا يختلف هذا المقطع عن سابقيه سوى اشارة السؤال الأخير إلى قصة تهريب النفط.
(7)
ذهب الآخرُ نحو الغربْ ،
سأله الجيش :
ـ أعراقيّ أنت؟
ـ نعم .
ـ أتحسن السكوت؟
ـ نعم .
ـ أتعمل طبالا في فرقة الدولة؟
ـ كلا.
يفتقد النص التحديد الزمني، وهو ما يجعل السؤال الأخير مضببا، وهو يشير إلى اعتماد الحكومة السابقة على أهل الغرب في مرحلة من المراحل، وهو المقصود لتعبير (طبال في فرقة الدولة).
(8)
أما أنا فذهبت أبحث عن جثثهم.
رثيتُ الأول بقصيدة ٍ عمودية ْ،
والثاني بموشحة على وزن البندْ ،
والثالث بقصيدة " حرة " ،
ليست على وزن أحدٍ من السلطة ،
فلم تنشرْ جميعا.
يسلّم النص تسليما بمقتلهم جميعا، وبدو أن يترك فرصة لاحتمالات أخرى. وثمة مباشرة مسرفة في عبارة أو قرار الرثاء. ويذكر أن عدد الأبناء أو الأخوة قد اضطرب بين ثلاثة ورابعهم الشاعر، أو أربعة وخامسهم الشاعر.
أملكُ بيتا في حيّ الشهداءْ
تسكنُ فيه أمي ،
مع أبنائها الأربعة ،
فلا أنه محتسب ضمن الأربعة القاصرين. وهو ما تأيد بالمراثي الثلاثة كذلك، قبل أن يضيف مرثاة رابعة في السطر الأخير من القصيدة.
(9)
فرثيتُ الرابع بهذه القصيدة.
لا يقلل هذا من قيمة القصيدة وموضوعها الأثير في شيء، مع ما تزخر به من تعددية في القراءة.
*
لندن
العاشر من يوليو 2009

ـــــــــــــــــــــــــــــ
• (أوراق وطنية) عنوان قصيدة من مجموعة (للوقت نص يحميه) للشاعر صادق الطريحي، وهي تذكر بعنوان مجموعة شعرية للراحل عبد الأمير جرص عنوانها (أحزان وطنية) والأوراق لا تخرج عن (الأحزان) في معناها وإطارها السياسي في محاولة طرح الموضوعي العام عبر الذاتي الخاص.
• صادق الطريحي مواليد الحلة / محلة المهدية / 1964، شاعر وقاص، ماجستير في طرائق تدريس اللغة العربية. عمل مدرسا في جامعة أهل البيت / كربلاء. يعمل الآن مدرسا بكلية التربية / جامعة القادسية. نشر عددا من المقالات النقدية في الصحف العراقية ومواقع الأنترنيت. من كتاباته..
ـ تجربة في سيمياء الخلق / تجربته الأولى ، تجربته المتأخرة ، بعد أن ظن أن الحرب قد انتهت. الحلة / 2002
ـ مياه النص الأول / مجموعة شعرية مخطوطة.
ـ مدونات كاتب قصصي ، مشروعات قيد التخطيط / مجموعة قصصية مخطوطة.
• تم استخدام المصطلحات الدينية حسب مصادرها اللاهوتية.
• عن حكاية أروبا الفينيقية يرجى مراجعة كتابات الدكتور علي الشوك.
• عصر الآباء هو مصطلح كنسي يشير إلى القرون الثلاثة الأولى، والآباء هم آباء الكنيسة وقادتها.
• ترقيم المقاطع بغرض الدراسة.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ولد للبيع-* الطفولة وبقايا الاقطاع
- -هذا عالم جايف.. اكتب!-
- سليم مطر في (إمرأة القارورة)
- سيلين براكاش- أوزر
- (سماء..)
- المكان هو المنفى.. الوطن هو الغربة!..
- مقاربات نصّية في قصيدة (خوذة الشاعر) لنجم خطاوي
- الاستهلال السردي في قصة التسعينيات..
- القصة العراقية في المنفى
- عن فضاءات الطائر
- الوطن -جنّة- أم -جنينة- في قصة باسم الأنصار (نحيا ويموت الوط ...
- معرفة الحقيقة العارية والاستفادة من دروس الماضي
- داليا رياض.. - رغم أني جملة كتبتها السماء-
- ستة عقود في محراب الحرف- حوار مع الفنان كريم الخطاط
- - أريد الطحين لأخبز معه أحزاننا-
- مقدمة عامة في تجربة مظفر النواب الشعرية
- حسن الخرساني و سقوط مردوخ
- مفيد عزيز البلداوي وقصيدة الحلزون
- سعد جاسم وقصيدة الحداد لا يليق بكريم جثير
- دراسة في مجموعة ” نون ” لأديب كمال الدين


المزيد.....




- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - صادق الطريحي في (أوراقٌ وطنية)*