أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نادية محمود - منظمات جماهيرية ام منظمات مجتمع مدني؟















المزيد.....

منظمات جماهيرية ام منظمات مجتمع مدني؟


نادية محمود

الحوار المتمدن-العدد: 2775 - 2009 / 9 / 20 - 10:51
المحور: المجتمع المدني
    


بحث قدمته نادية محمود عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي العراقي في ندوة عقدتها لجنة بغداد- بتاريخ 8-8 -2009.

اود تسليط الضوء على حقيقة موضوع يكاد يكون جديدا علينا في العراق و لا زالت ملامحه و اهدافه غير واضحة عند البعض، و هو منظمات المجتمع المدني، و ان اوضح الفروق بينه و بين المنظمات الجماهيرية. الهدف من هذا البحث هو الاسهام بازالة التشوش الذي تواجد في بعض الاوساط الناشطة في ميدان العمل الجماهير حول هذين النوعين من التنظيمين.

لا بد لي قبل التطرق الى منظمات المجتمع المدني الى تعريف "المجتمع المدني" بشكل مختصر و دون الخوض في شرح و تحليل التفاصيل فهو ليس الهدف من هذا البحث، بل لاسهل تناول دور منظمات المجتمع المدني، لماذا تاسس هذا النوع من المنظمات، التعرف الى اهدافها،و التحدث عن الاوساط المنخرطة في هذه المنظمات.

لنبدأ اولا بما قاله ماركس حول المجتمع المدني ثم ننظر من خلال تلك الرؤية الى معنى و مفهوم منظمات المجتمع المدني في العراق.

ظهر مفهوم المجتمع المدني في العصر الحديث مع انهيار الانظمة الاقطاعية و انتصار البرجوازية حين قامت بثوراتها في اوربا قبل ثلاثة قرون. مع قدرة البرجوازية على ازالة الانظمة الاقطاعية، سعت الى رفع يد الكنيسة و الدين عن التدخل في الحياة السياسية و الحياة المدنية للمجتمع. بدأت مع ثورتها الاقتصادية التي تؤكد وتقدس الملكية الخاصة للافراد، ثورتها السياسية التي تدافع عن دور الفرد و حقوقه السياسية. بدأ الحديث عن حقوق الانسان، المواطنة المتساوية، الحقوق المدنية، القانون المدني، اي وضعت كل ما هي مدني و من خلق البشر بمواجهة ما هو ديني و ماهو فوق سلطة البشر. من الناحية السياسية، اسست الطبقة الرأسمالية الانظمة السياسية الديمقراطية، كشكل سياسي، " لتدخل" المواطنين في السياسة، مستندة في هذا على ان كل المواطنين متساوون امام القانون، و يجب ان يتمتعوا بحقوق متساوية و مدنية منها حق التصويت و حق التمثيل و حق الانتخاب و حق الترشيح، و عددا من الحريات الاخرى. سعت الى تخليص الناس من كل ما يقيدها من سلطات دينية او اخلاقية الى وضع يكون فيه الانسان " حرا". توصلت الى تاسيس مجتمعا، اطلقت عليه المجتمع المدني.

يؤكد ماركس في كتابة " نقد فلسفة الحق" لهيغل، بان المجتمع المدني هو المجتمع الرأسمالي، الطبقي، الذي يمثل مصالح البرجوازية، الذي تسيطر عليه العلاقات الرأسمالية بين الطبقة الرأسمالية و العاملة، وان المجتمع السياسي او الدولة هما البناء الفوقي للطبقة السائدة و المسيطرة. لذا لا يمكن ان يكون المجتمع المدني "حلال مشاكل" محايد بل اعتبره الى جانب الدولة هما الاذرع المنفذة للسياسة ألبرجوازية. حيث ان الدول و كما هو معلوم و بكافة هيئاتها تعبر عن طبقة معينة امام و بمواجهة طبقة اخرى.

ان المساواة الحقوقية التي يجري الحديث عنها في المجتمع المدني لا تعني المساواة الاقتصادية بين البشر، و هذا ما لم تتطرق له الانظمة الرأسمالية الديمقراطية. فالعلاقات القائمة على استغلال و استثمار الطبقة العاملة هو الاساس الذي يقوم عليه النظام الرأسمالي. و الحال ليس من مهمة الطبقة البرجوازية و لا الرأسمالية حل هذا التناقض بين الذي يملكون وسائل الانتاج و الذي يملكون فقط قوة عملهم التي يعرضونها للبيع، حل هذا التناقض واقامة المساواة الاقتصادية و- ليس الحقوقية و السياسية – هي مهمة مطروحة امام الطبقة العاملة للقيام بها و انجازها، حيث اصبحت الاخيرة هي الطبقة المتضررة من انتصار وسيادة وهيمنة الطبقة البرجوازية.

لذلك سعت الحكومات البرجوازية ، و امام وبمواجهة سعي الناس الى احداث تغيير في اوضاعها، الى طرح و قنونة نمط من التنظيم الذي لا يستهدف زعزعة الاسس التي تستند اليها الطبقة البرجوازية، و وضعت له اطارا، وسنت له قانونا اطلقت عليه "منظمات المجتمع المدني" كشكل يمكن للناس فيه ان ينتظموا من اجل الحصول على مطاليب محددة تمثل تطلعات جمع او فئة معينة.

تقوم فكرة منظمات المجتمع المدني ( احيانا تاخذ اسماءا مختلفة في بلدان مختلفة، مثل المنظمات غير الحكومية، المنظمات الخيرية، القطاع التطوعي ) على اساس انتظام جمع من الناس في اطار منظمة قانونية تلتزم بالضوابط الموضوعة من قبل الدولة، و اي اخلال بالالتزامات القانونية يمكن ان يؤدي الى ايداع اعضاءها السجن كما جاء في مسودة قانون منظمات المجتمع المدني المقترح في العراق.

ان اول الضوابط التي وضعتها الدول التي اتاحت تاسيس منظمات المجتمع المدني هو عدم " الخوض في السياسة". و اذا كان هنالك اي ضغط يمكن ان تمارسه منظمات المجتمع المدني، لا يمكنه و ليس مسموحا له المس بسياسة البلد و بالقوانين السائدة، بل يجب ان يكون ضمن و وفق الاطار الاقتصادي و السياسي للدولة القائمة. ان منظمات المجتمع تستهدف تعديل او تلطيف او تحسين او تخفيف الوضع القائم، اي ان تحدث فرقا في الدرجة و ليس في النوع في مطاليبها في المجتمع. ان اي انخراط في عمل سياسي سيخرج المنظمة من كونها منظمة مجتمع مدني الى منظمة سياسية، و هو تصنيف مختلف وله شروطه و قوانين مختلفة وخاصة به.

ان اهداف منظمات المجتمع المدني يجب ان تكون خيرية، ترفيهية، خدمية، ثقافية، تعليمية، صحية، حول البيئة، الرفق بالحيوان. الا انه و قبل سنوات معدودة فقط ادخل القانون البريطاني قضية الدفاع عن حقوق الانسان ضمن النشاطات التي يمكن لمنظمات المجتمع المدني القيام بها.

تقول مسودة قانون منظمات المجتمع المدني في العراق " بان لا يحق لمنظمات المجتمع تغيير او" انتهاك القوانين العراقية". و تعرف " المنظمة غير الحكومية" كهيئة من خمسة اشخاص واكثر انتظموا لتحقيق اهداف مشروعة تهم الصالح العام ولا تستهدف جني الربح المالي. يحق للعراقيين ممارسة النشاطات الاجتماعية والثقافية والمهنية والعلمية والرياضية بحرية ، وهي من الحقوق الدولية المعترف فيها عالميا، وللمساهمة في اثراء المجتمع العراقي ورفع مستواه وتخفيف المعاناة عن المحتاجين فيه .وحيث ان لمؤسسات المجتمع المدني دورا اساسيا في بناء وتطوير عراق ديمقراطي حديث ومتقدم وتوفير اطر مختلفة للتعاون بين الافراد في العمل للصالح العام" .

ان هذا النص واضح و صريح على ان منظمات المجتمع المدني يجب ان تنصرف في نشاطاتها الى القيام باعمال خيرية و اجتماعية تبتعد كل الابتعاد عن العمل السياسي، اي ان لا تمس الحكومة او تمس الدولة او تمس الطبقة السائدة، بل ان تعمل بالتعاون معها، تحت اشرافها و ضمن قوانينها.

النقطة الثانية: أن منظمات المجتمع المدني تعتمد في تمويلها المالي على ما تمنحه الطبقة الرأسمالية. ان كبرى الشركات العالمية و المحلية و البنوك و- حتى الافراد، كالمطربين و الفنانين- افتتحت فروعا خيرية لها، تمنح كل عام جزءا يسيرا من ارباحها الى بعض للفئات المتضررة. و من البديهي ان لا تمنح الطبقة الرأسمالية المال الى المنظمات التي يمكن ان تنخرط في نشاطات تمس بركائزها السياسية و الاقتصادية في المجتمع - ليس هنالك انسان سوي يقوم بهذا-. فان اعطاء الاموال الى منظمات المجتمع المدني يرتب عليها التزامات تستوجب الايفاء بها، و اي انتهاك لتلك الالتزامات يحرمها بشكل طبيعي من الحصول على المنح المالية.

النقطة الجوهرية في تمويل و دعم منظمات المجتمع المدني من قبل الدول او الشركات او الجهات المانحة، كائنا ما كانت- سواء كانت بشكل مقصود او غير مقصود مباشر او غير مباشر-هو حرف الانظار عن القضية الاساسية و العقدة الاساسية التي تسبب كل الماسي للبشر. تحول الناس الى الانشغال بايجاد حلول لقضايا جانبية وامورا ثانوية قياسا بالمسائل والاسباب الجوهرية التي تصنع و تشكل نمط معيشتهم و حياتهم.

لن نتحدث عن اولئك الذين يقدمون المساعدات بدوافع خيرية و انسانية.الا ان هنالك العديد من الجهات المانحة التي تعطي وتحجب الاموال بشكل سياسي و مدروس. على سبيل المثال، تعطي بعض الجهات المانحة في امريكا المال للعمال و للنقابات العمالية على تنظيم ورش عمل او تنظيم دورات لتعليم استخدام الكومبيوتر للعمال و تجزل العطاء لهم، لكن اذا ما فكرت النقابة العمالية لتعلن اضرابا اواحتجاجا على اصدار قوانين عمل مناهضة لهم، فان الجهات المانحة لا تعطيهم الا الاذن الطرشاء لتمويل اضراباتهم او تظاهراتهم حتى و ان كانوا بامس الحاجة الى الموارد المالية.

ان احدى الاسباب التي تدفع الرأسمالية لدفع الملايين لمنظمات المجتمع المدني هه من اجل شراءها، تقنين مطاليبها، خلع اسنانها واظافرها، بحيث تصبح غير مؤذية لها و لمصالحها. انها سياسة سحب البساط من تحت اقدام القوى الثورية، سحب العناصر الفاعلة من المنظمات الجماهيرية و من الاحزاب السياسية لجعلها اسيرة العمل ضمن اطار و قوانين منظمات المجتمع المدني و تقليص تطلعات و مطاليب الناس، الى مطالبات محدودة،لا تمس النظام.
ان الجهات الرأسمالية المانحه و قبل ان تمنح دولارا واحدا، قد اخذت ضمانات و تعهدات اولية من منظمات المجتمع المدني بالقبول وبالتسليم للوضع الرأسمالي القائم، سواء قالته بهذه الدرجة من الوضوح و الشفافية او لم تقله.

لذلك لا يمكن ان تسمع كلمة "تغيير الوضع السياسي" او القيام " بثورة" باي شكل على الاطلاق في اوساط العمل في منظمات المجتمع المدني. فعملك يجب ان يكون "مدنيا"، ان مفردات الثورة و التغيير، لهي كفر، كلمات غريبة كل الغرابة، انها كلمة نشاز. حيث ان امتصاص و سرقة اموال الجماهير، و فرض الحروب، و الازمات الاقتصادية المتوالية. ليست اسئلة مطروحة على " المجتمع المدني" حيث انها و ببساطة من ملامح و ميزات و هوية هذا ألمجتمع.

من هم المنخرطون في هذه المنظمات؟ البعض من الناس المتطلعين الى تصحيح الاوضاع بالاعمال الخيرية، اولئك الذين تحدوهم النوايا الطيبة باقامة العدالة بين الناس عبر تعطف الغني على الفقير،و تعليق الامل على رحمة الاغنياء.

الا انه دخل العديد من الافراد ممن كانوا يعملون في صفوف الاحزاب الشيوعية سابقا، ومع نشوء حالة من الغموض و التخبط و افتقادها لبوصلة عملها الشيوعي. لجأوا الى تاسيس منظمات المجتمع المدني للقيام بما يمكن القيام به من اجل اصلاح الاوضاع. خاصة مع اجواء ضعف التحزب و اهتزاز الثقة بقدرة الاحزاب على احداث تغييرات جادة، و الهجمة التي تشنها البرجوازية بشكل منظم على الانتظام في الاحزاب - بوصفها بانها تسلب حرية المرء وتفقده استقلالية رأيه و كيانه- صار التوجه الى تشكيل منظمات المجتمع المدني يتناسب عكسيا مع الانخراط في صفوف الاحزاب السياسية، فبدلا من التوجه الى الدخول للاحزاب لحسم الصراعات الاقتصادية و المطلبية و السياسية، صار اللجوء لاقامة مشاريع بسيطة ممكن انجازها حال الحصول على امكانيات مالية لها.

و نظرا الى ان انخراط اليساريون و الاشتراكيون في معمعة منظمات المجتمع، يرتب عليهم مواجهة العديد من المشاكل التي يولدها العمل في هذه المنظمات وخاصة في خضم المنافسات والصراعات للحصول على الدعم، ينهمك الجميع في تلك المشاغل اليومية، تنسى الاهداف و يصير السعي للحصول على المال هو المحرك لجهود العاملين في هذا النوع من المنظمات.

و هكذا لا تعدم ان تجد اناسا تمكنوا من مقاومة قساوة نظام مثل نظام صدام حسين، الا انهم و مع دخولهم لمنظمات المجتمع المدني، تنازلوا عما لم يتنازلوا عنه امام ذلك النظام. على سبيل المثال تمنح المخابرات الاميركية الاموال و تجرجر اقدام بعض اليساريين بهدوء ونعومة و تحت اسم جميل و حديث اسمه "منظمات المجتمع المدني" محققين الاهداف التي كان صدام يتعقبها، الا وهي اخراس الناس، بنزع فتيل ثوريتهم، و اجبارهم على الرضوخ للامر الواقع. يتحول اعتراضهم وعملهم السياسي و صراعهم السابق مع النظام السياسي و تطلعاتهم لتغيير المجتمع الى سعي للحصول على مبلغ من المال لشراء و توزيع البطانيات، و يمكن ان يقضوا سنة من عمرهم بين كتابة الطلبات و الموافقات و اللقاءات و كتابة التقارير، من اجل توزيع 50 بطانية لخمسين عائلة، اما هدف تغيير النظام الاقتصادي برمته يركن جانبا.

من هنا، لا تتجه الطبقة العاملة في نضالها و صراعها الاقتصادي و السياسي مع الطبقة الرأسمالية الحاكمة الى تنظيم نفسها في " منظمات مجتمع مدني" يكون كل همها كيفية الحصول على مال- على سبيل المثال- لتاسيس مشروعا عماليا ترفيهيا او خدميا تديره لجنة من 5 اعضاء من قبيل اعادة زراعة الحديقة المقابلة لمعملهم او في حيهم السكني من اجل ان ترتادها اسرهم. ان ترتيب حديقة في حي سكني للعمال امر، و تنظيم حركة اعتراض الطبقة العاملة من اجل تغيير قانون العمل امر اخر تماما.

ان الفوارق بين المنظمات الجماهيرية و منظمات المجتمع المدني، فوارق سياسية و بنيوية تنظيمية، كذلك تتباين التقاليد وثقافة العمل السائدة فيها بين هذا الشكل و ذاك.

من الناحية السياسية: المنظمات الجماهيرية منظمات تعمل على رفع المطاليب الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، الحقوقية و المطلبية بوجه السلطة الحاكمة. ليست هنالك "اراض محرمة" او " مقدسات" غير قابلة للمس. ان صانع القرار و منفذ القرار في المنظمة الجماهيرية هم اعضاء المنظمة ذاتها، في فروعها و قيادتها، ما يقر عليه اعضاء و قيادة المنظمة الجماهيرية هي القضية التي يجري العمل عليها و النضال من اجلها، انهم هم من يحددوا اولويات المنظمة و هم من يدفعوا ببرامج اعمالهم الى الامام. تدخل المنظمات الجماهيرية في صراع سياسي مع السلطات الحاكمة، او في صراع اقتصادي اذا كان اضراب نقابة عمالية من اجل مطاليب معينة. تلجأ احيانا الجهات الادارية الى الاستعانة بالقوات الحكومية من شرطة و امن و قانون لفض او لقمع التحركات الجماهيرية، قد تنتصر المنظمة الجماهيرية و قد تتراجع تبعا لميزان القوى في تلك اللحظة. ان تاريخ العراق الحديث يسجل للحركات العمالية والنسوية في العراق عبر منظماتها الجماهيرية تمكنها من فرض مطاليبا و تغير قوانينا و تدخلا مباشرا في صياغة سياسة و قوانين الدولة.

تترتب بناء على هذا الفارق الاساسي و الجوهري بين المنظمات الجماهيرية و منظمات المجتمع المدني، اي التدخل و اللا تدخل في العمل السياسي مجموعة اختلافات عديدة و في كل النواحي.

ان عضوية المنظمات الجماهيرية و من سياق التعريف، تمثل جماهيرا واسعة و مليونية احيانا و هي تنظم نفسها في اطار منظمات تغطي بلادا باكملها على شكل فروع و اقسام و قطاعات معينة. وفق ادارة شبة مركزية- مقارنة بالاحزاب السياسية- وهي تعقد اجتماعاتها، تطرح مطاليبها و تقوم بنشاطاتها، وهي مسؤولة امام اعضائها.

تركيبة المنظمات الجماهيرية تعتمد على عضوية و تمثيلية اعضائها في مؤتمراتها الدورية لانتخاب قياداتها، يمنح اعضاء المنظمات الجماهيرية ثقتهم لاولئك الاعضاء الذين يرون انهم اكثر من غيرهم قادرين على تنفيذ تلك الاهداف و السياسات التي يطروحها، ينتخبونهم في فروعهم و من ثم الى هيئاتهم القيادية الاعلى.

منظمة المجتمع المدني في الاعم تعبر عن مشاريع و تطلعات فئات من الناس تلتئم لتحقيق هدف معين. تعمل و تنشط على مشاريعها المدنية المرهونة بدعم الجهات المانحة. ان لم تكن هنالك اموالا في خزينة المنظمة لدفع اجور العاملين او على الاقل المتطوعين ينصرف اعضاء هذه المنظمات عنها بحثا عن اخرى، فالمنظمة عليه ان تصرف على اعضاءها. اما في فيما يتعلق بتركيبتها و اليات عملها فهي في الغالب وخاصة في البلدان حديثة العهد بهذا النوع من المنظمات و لم تترسخ تقاليدها فيها بعد، لا يشكل اعضاء المنظمة، و الذين هم عددهم محدود- اصحاب او ملاك المنظمة. ترى ان الاصحاب الحقيقون لتلك المنظمات هم مؤسسوها، قد تكون لجنة مكونة من 5 اعضاء، او في الغالب تنتهي الى ان يكون هنالك فرد واحد مسؤول عنها. و ليس اعضاءها. اما المنظمات الجماهيرية فهي منظمات ملك لاعضاءها.

تعتمد المنظمات الجماهيرية في تمويلها ونشاطاتها على عضوية اعضائها، الذي قد يبلغ تعدادهم الملايين في مراحل معينة. لذلك، ليس هنالك من يلوي ذراع المنظمة اذا ما قررت ان تمضي يسار او يمينا، اعضاءها بامكانهم ان يقرروا مسار المنظمة الجماهيرية لانهم هم اعضاءها، هم قاعدتها الاجتماعية وهم من يدفع المال لها. ودائما من يدفع المال يكون صاحب القرار.بالمقابل يتوقع الاعضاء من قيادات هذه المنظمات ان تقوم بواجباتها، اي ان تضع سياسات و تتخذ قرارات و تقوم بتمثليهم امام اطراف اخرى، سواء كانت دولة او مؤسسات او شركات.


يجب ان يكون واضحا و خاصة في البلدان التي تملك باعا طويلا في هذا النوع من المنظمات ان جزءا مهما من اعمال منظمات المجتمع المدني هو التخفيف من المسؤوليات عن كاهل الدولة و تحويلها الى القطاع التطوعي - تسعى المنظمات الى الحصول على المنح المالية من الممولين، و الذين هم من اصحاب الشركات، الذين سيعفون من دفع الضرائب فيما اذا قدموا منحا الى منظمات المجتمع المدني- من هنا، ستخلي الدولة مسؤوليتها عن تقديم تلك الخدمات، و ان تترك تلك المنظمات مبتلاة بكيفية توفير الخدمات خاصة اذا كان هنالك طلب واسع على الخدمة التي تقوم بها تلك المنظمة.

ان القطاع التطوعي يدر على الدولة بلايين الدولارات سنويا، عن طريق الخدمات التي طوع بها الناس لتقديمها مجانا، في حال، اذا تم تعيينهم فانه سيكلف الدولة رواتب لمئات الالاف من الناس.


يجب على الناشطين اليساريين الوعي كل الوعي لتلك الاحابيل التي تلقيها علينا البرجوازية و الراسمالية- و ان كانت في دول الحديث بالديمقراطية مثل العراق تستكثر حتى هذا النوع من التنظيم على الناس- الاانه يجب ان يكون الفصل و الفروقات واضحة بين هذين النوعين من التنظيم. ان المنظمات الجماهيرية كمنظمات سياسية، مستقلة في صنع قرارها، ومن ثم اكثر قدرة على الانخراط في العمل السياسي والنضال الجماهيري للتعبير عن مصالح الناس، او لاحداث تغيير في المجتمع. عن تلك الاهداف الخيرية المحدودة و الجزئية التي يمكن ان ينعم بها بضعة افراد في مجتمعات يقطنها عشرات الملايين، انها قطرات من الفائدة من بحر من المطالب و الحاجات.




#نادية_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منصور حكمت و السيناريو الاسود- السيناريو الابيض- حديث بمناسب ...
- هجمة جلال الدين الصغير على منظمات المجتمع المدني
- تهنئة لنساء الكويت بمناسبة دخولهن البرلمان!
- هل البديل الشيوعي امر ممكن ؟
- حول الاوضاع السياسية الراهنة و البديل الشيوعي في العراق- الج ...
- حول الاوضاع السياسية الراهنة و البديل الشيوعي في العراق
- دفاعا عن حياة و سلامة المثليين في العراق.
- اهنئكم جميعا نساءا و رجالا بمناسبة يوم الثامن من اذار، رمز ا ...
- مقابلة جريدة الى الامام مع نادية محمود حول الحزب الشيوعي الع ...
- على هامش الديمقراطية والانتخابات في العراق
- مقابلة مع نادية محمود- عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العم ...
- نعم او لا.. الحلقة الاخيرة من ردي على رد الرفيق فلاح علوان ح ...
- مرة اخرى- حول المؤتمر العمالي و رد الرفيق فلاح علوان - الحلق ...
- مرة اخرى، حول المؤتمر العمالي و رد الرفيق فلاح علوان
- رسالة الى رفاقي بمناسبة العام الجديد..
- لماذا يحذر اتحاد المجالس من اقتران اسمه بالمؤتمر العمالي، كم ...
- تهنئة و شكر للحوار..
- مقابلة مع نادية محمود- الناشطة النسوية و عضو المكتب السياسي ...
- حديث نادية محمود في بغداد بمناسبة الذكرى الحادية والتسعين لث ...
- الدولة و دور الطبقة العاملة في العراق الجزء الثالث: الرؤية و ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نادية محمود - منظمات جماهيرية ام منظمات مجتمع مدني؟