أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيمون خوري - أخناتون قائد أول إنقلاب في التاريخ على الديمقراطية















المزيد.....


أخناتون قائد أول إنقلاب في التاريخ على الديمقراطية


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 2770 - 2009 / 9 / 15 - 20:53
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هل كان أخناتون ، أو أخنامون ، أو آمون موس ،( موسى - موشي ) أو ( إدريس ) مع إختلاف التسميات نظراً لتعدد وجهات النظر التاريخية هي أسماء لرجل إسطوري واحد ..؟. وقائد اول إنقلاب في التاريخ ضد فكرة الديمقراطية ، ورمزية نظام الحكم التعددي ..؟ ربما قد يكشف التاريخ بعلومة المتقدمة مستقبلا ، ما قد يثير دهشة الأجيال القادمة . ويجعلهم يتساءلون ليس عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ، بل كيف إنخدعت الأجيال السابقة بهذا الكم من الأساطير التي تنتمي الى عصور ساحقة في القدم ، وتختلف شكلاً ومضموناً عن عصرنا الحالي . ترى هل سيحكم علينا أننا كنا أجيالاً من البسطاء أو الأغبياء ، أو المتخلفين .. لا أدري .
أخناتون ، الملك الفرعوني ، كان قائد الإنقلاب الاول في التاريخ . هذا الإنقلاب الذي غير مجرى البشرية فيما بعد . وشكل الارض الخصبة التي نبتت منها فيما بعد الديانات التوحيدية الثلاث . ( إنظر تشابه النصوص في الكتب الثلاث ) ناقلا مكان الأله من الارض الى ( السماء ) الفضاء . ومكرساً فكرة ديكتاتورية الأله الواحد ، او الزعيم الواحد ، السلطان الاوحد ، ملك المشرقين والمغربين . كما يصورها الملك ( سرجون ) الآكادي في صرخته ( أنا سرجون القوي ، الملك القوي ، ملك آكاد ) ترى هل يمكن مستقبلاً أن تحاكم الأجيال القادمة بأثر رجعي تاريخي ( أخناتون ) لأن إنقلابه الفكري في مواجهة خصومة في الصراع على السلطة ، قد أدي الى تراجع كافة المنظومة الفكرية وتحويلها الى عالم الغيب والمجهول ..؟. في مواجهة واقع مادي معاش كان يحتاج الى نقلة نوعية مختلفة . لاسيما وأن عصره شهد فيه الفكر الفلسفي الأغريقي نهضة بالغة المستوى من التفكير في تدبير شؤون المجتمع ، وإدارة نظام حياته . ممثلاً بفكرة تطوير الديمقراطية الأولى . إنقلاب أخناتون الغى رمزية النظام التعددي الديمقراطي ..؟ منذ ذاك الوقت عانت شعوب الشرق الاوسط ما عانته من تعسف وقهر رمزية الأله الواحد ، ترتب عليها ظهور فكرة ( الديانات ) الثلاث الموحدة لمركزية الحاكم في مواجهة المحكومين . أو ديكتاتورية الأستعباد بالوكالة أو بالنيابة عن الأله المحجوب . فالمجهول يبقى مبنياً للمجهول . إلا في حالة زوال الحجاب . وهذا معنى أن لا تدركة الأبصار .
ثلاث حضارات عاصرت بعضها ، حضارة وادي الرافدين ، والحضارة الإغريقية ، والحضارة الفرعونية . ثلاث حضارات ، أما الحضارة الفارسية فكانت حضارة حربية على وجه خاص . وعشرات الديانات الآرضية . بيد أن الحاكم لم يدعي أنه الأله الاوحد . بل الى جانب الحاكم كانت هناك آلهه متعدده . تعينه على إدارة شؤون الحكم . وكهنة مساعدون وسطاء في خدمة الألهة والحاكم معاً . في نظرية أخناتون أعدم أخناتون الآلهه الارضية ، ونادي بإله واحد غير مرئي . لكن الحاكم بصفته رأس السلطة ، هو الذي يمثل سلطة الأله العليا . هنا تمت عملية الإنقلاب على رجال الكهنوت الذين صادر دورهم لصالح تعزيز دوره القيادي الفردي السيادي . موحداً بيدية السلطة التشريعية والتنفيذية معاً الى جانب إعتباره القائد الأكبر لقواته العسكرية . في البحث والتنقيب عن شكل نظام الحكم في الحضارتين الأغريقية وحضارة ما بين النهرين . نجد ملامح مفهوم ( المؤسسة ) في الحكم . وهذا يعتبر إنجازاً راقياً بمقياس ذاك العصر . منها قوانين حمورابي الشهيرة ، وهي الأقدم في التاريخ في مجال حقوق الأنسان . وفي القوانين الأغريقية هناك مفهوم المؤسسة الذي إنتقل بدوره من الحضارة الهلينية القديمة الى الحضارة الرومانية بمفهوم ( الجمهورية ). ولاحقاً برز في الدساتير الحديثة . المجتمع المصري القديم كان مجتمعاً عبودياً رقياً . على سبيل المثال لا أحد يعرف على وجه الدقه عدد العمال الذين قضوا نحبهم في بناء قبور ملوك الفراعنة ( الأهرامات ) فيما يقال أن سور الصين العظيم دفن فيه أكثر من 150 ألفاً من العمال الفقراء . المجتمع المصري كان على خلاف مع حضارة وادي الرافدين والحضارة الأغريقية ، وحتى لاحقاً مع الحضارة الرومانية التي على يدها إنتهت حضارة ملوك الفراعنة القدماء . ومرة أخرى ينشأ السؤال هل كان هدف أخناتون من ديانته الجديدة مواجهة خصومة في داخل مملكته فقط أم إمتد الى مواجهة خصومة خارج حدود الأمبراطورية المصرية القديمة ..؟
من المعروف أن إنتصار طرف على طرف أخر عادة يستدعي قهر وهزيمة معتقداته التي يستمد منها حماسته . عشرات الديانات . كان لا بد من ديانة قوية تسيطر على ديانات الأخرين . بهدف هزيمة شعوبها . ديانه تقوم على أساس تكثيف صورة قوة الأله وجبروتة ،؟ ومكانته في ( السماء ) في مقابل تهميش الدور الأرضي للأله النباتي . الأله السماوي إله ضوئي ناري .. فمن القادر على سكن السماء ..؟ هو وحدة الخالق الاوحد . من يستطيع التحديق في الشمس أو الإقتراب منها ..؟ ولاحظ هنا أن الفكرة مشتقة من فكرة تمجيد الشمس ، تعاقب الليل والنهار لكن بصورة غير مباشرة . لأن الهدف لم يكن في الحقيقة عبادي بل كان سيادي .
هنا لنلقي نظرة أخرى الى أوجه الإختلاف في صراع الحضارات القديمة ، او ما يسمى بديانات الشرق القديم . في حضارة وادي الرافدين ، نلمح ملامح ديمقراطية قائمة على كمية وافية من الحرية ، وإحترام القانون . والفرد فيها يحمل تعهداً ذاتياً في المحافظة على النظام العام . وإلا لما كان من معنى لتشريعات حمورابي القديمة لو لم تكن الظروف العامة قد وصلت الى درجة من التطورتسمح بتنظيم حياة أفراد المجتمع وعلاقاتهم بالسلطة . بينما الألهة لم تتحكم بالقوانين التي تنظم شؤون الأفراد . هذا كان أهم مفصل تاريخي قديم في فصل معتقدات الناس عن شؤون الحكم . بمعني حالي وعصري أنهم كانوا علمانيين بمقاييسنا الحالية . التي ستصبح بدورها بالية بعد عشرات السنين ، على ضوء منجزات العصرالعلمية الحالية . في الحضارة الإغريقية ، نلمح في محاكمة سقراط ، دفاعة الفلسفي عن افكاره التي تشكك وتطرح السؤال بحثاً عن الحقيقة . كانت محاكمته أبرز المحاكمات في التاريخ . سمح له بالترافع عن نفسه أمام القضاة وعندما حكم علية بتجرع السم ، جرى إيداعه سجناً دون أبواب ، ورفض الهرب قائلاً سوف أمتثل لحكم القضاء ، لكن التاريخ سيحاكم هؤلاء القضاة يوماً بأنهم على خطأ .. في الحضارة المصرية كان الحساب والعقاب يبدأ من رحلة القبر.. ترى ألا يوجد أوجه شيه مابين ديانة الماضي والديانة الإسلامية في موضوع عذاب القبر .. المهم أن الحضارة المصرية أنشأت أمبراطورية قائمة على تمجيد الفرد . هنا إستبدل أخناتون الفرعون الشمس بإله أقوى هو ( خالق الشمس ).. لكن هو إله واحد لا صفات له . لأن أخناتون لا يمكنه وضع صفات محددة ، وإلا زال الأثر السحري في تغييب صورة الأله في مجتمع كان يعتقد بالسحر والتنجيم في ممارسة العديد من شعائر حياته الدنيوية .
أخناتون ، الملك الفرعوني شكل حالة تراجيدية في التاريخ . كان التاريخ في لحظة إنتقال من عصر الى عصر مغاير، إنه الإنقلاب الأول الفكري والأقتصادي والعسكري . ومعها حمل ( موسى ) إسطورته أو إسطورة أخناتون هارباً بديانة أخناتون أو ديانته الى ( مديان ) ومعة من إستقر من بقايا قبائل الهكسوس ، والبدون ، والفقراء المصريين من طبقة العبيد . كان هذا الدين هو الدين ( الموسوي ) الذي واجة ديانة ( بعل صفون ) الكنعاني الفلسطيني في ملاحم معروفة تاريخياًلإيجاد وطن للقبائل المهاجرة مع موسى الى أراضي كنعان .
دائماً عبر التاريخ في الحياة المفصلية للشعوب تجري عملية صياغة الشخص القائد بتحويله الى بطل أو مخلص . بعد أن يكون قد مر بعذابات قاسية وشاقة ، تهيئة للبطولة . هذا هو النموذج الكلاسيكي المتعارف عليه . شخصية البطل في حياته دون أب أو صراعه مع أبوه أو حياته في كنف أمه ..الخ ونلاحظ أن جميع الجهود المبذولة في تسليط الضوء على حياة ( الأنبياء ) تؤدي الى ذات التائج التراجيدية لعملية الولادة والطفولة . ألم تقول والدة ( النبي محمد ) أنها رأت النور يشق من على بطنه .. او أن المسيح عيسى ابن مريم إنبثق نجم مذنب ساعة ولادته .. ألم يقال أن موسى وضعته أمه في سلة أودعته في نهر النيل .. أم يقول الملك ( سرجون ) أن أمه من عذارى الهيكل .. وقورش ورومولوس وحتى الأسكندر الكبير ابن الألهة ، وفي ملحمة ( جلجامش ) في معظم الحالات كان البطل بدون أب . جد ( النبي محمد ) قال أني أتوسم فيه خيرأ سيجمع العرب . المقصود هو الجمع السياسي أو تكوين الأمة في مواجهة أمة الأحباش ألم يستعين خلال زيارته لليمن بسيف ذي يزن لمؤازرتة على الأحباش في عام الفيل . هناك ملامح مشتركة بين الجميع . فعندما يتهيأ مجتمع ما أو قبيلة من القبائل لتنفيذ مشروعها ينبغي هنا ظهور البطل الفردي . او ( سوبرمان ) عصره بهدف تحويل البطل الى شخصية إسطورية جامعة وملهمة لأفراد الناس لإتباعة . هذا ما حصل مع كل ممثلي ديانة أخناتون السماوية الثلاث . حيث هنا تجري عملية تغييب البرهان المادي ، ويحل محله الإعتقاد الغيبي الذي يستحيل برهانه . ربما يمكن إعتبار أن أخناتون قد أدرك مسبقاً أن النظام الأمبراطوري الفرعوني القديم على أبواب إنهيار او ( ثورة ) داخلية ، فحاول البحث عن نقيضة ..؟ كنوع من إنقاذ ما يمكن إنقاذه . ومع ذلك إنهارت على يد مارك أنطونيو وكليوبترا .
في مواجهة قسوة الطبيعة لجأ الأنسان الى قوى إخترعها عقله الفطري . لمحاكمة الطبيعة أو الإشتكاء اليها من ظلمها مباشرة دون وساطة . جعل الأنسان آلهته على أشكاله تأكل وتعشق وتمارس حياتها لكنها تتمتع بقوى خارقة . بيد أنها مرئية . وهنا مركزية الفكرة . في الميثلوجية اليونانية هناك قصة لطيفة ذات مغزى عميق ، وبعد ديمقراطي طبيعي فطري ، تقول الأسطورة : أن إله المطر نزل يوما يتفقد أحوال الرعية ، صادف قروياً في الطريق ، وإشتكى له القروي أن إله المطر حجب الغيوم ولم تنزل الأمطار هذا العام . رد الأله هذا ليس صحيحاً وحاول إقناع القروي الذي لم يقتنع ، فما كان من الأله إلا أن هدده بإرسال البرق والرعد ، وإتلاف محاصيله . أجابه القروي الأن علمت أنك لست إلهاً عندما تلجأ الى قوتك . هذا النموذج من المثولوجيات التي كانت سائدة في ذاك العصر . توضح الى أية مستوى بلغت فكرة إحترام الحوار والرأي حتى لو كان المحاور إلهاً . في مصر القديمة كانت عبادة الشمس أو الأله ( رع ) الشمس قوة ظاهرة ليست خفية إضافة الى ألهة أخرى . المقصود هنا هو رمزية التعدد والتخصص في الوظائف الطبيعية . ومع ذلك لم تتدخل المثلوجيا في طبيعة الأنجاز أو التحصيل العلمي في تلك الفترة . أي لم تقف عائقاً ضد العلوم . بدليل الأنجازات العلمية في ميادين الفلك والعمارة والرياضيات ..الخ .
النقطة المفصلية هنالأخرى أيضاً ، أن ديانة أخناتون في حينها، أذابت فكرة التعددية كانت الحالة الإنقلابية التي جاء بها أخناتون . نتيجة الصراع على السلطة بين رجال الكهنوت المتحالفين مع زوجتة نفرتيتي وبينه المختلف معهم . في الفترة التي شهدت فيها مملكتة التوسع الجغرافي الكبير في أراضي الكنعانيين والسوريين . وسواء أكان أخناتون هوذات شخصية موسى كما يلمح الى ذلك العالم ( فرويد ) في مقالته الشهيرة عن أمون موس أو موسى أم أن موسى شخصية مصرية أخرى تربت على مبادئ ديانة أخناتون الجديدة التي حرصت على مركزة كافة وسائل القوة والقرار في شخص الحاكم . لكنها على كلا الحالات كان ظهور نظرية أخناتون إنعكاساً لصراع بين ممثلي ديانتين تمثلان مصالح مختلفة ومتعارضة . والديانة هنا بمفهومها الأيديولوجي . فلا يوجد إنسان بلا أيديولوجيا، إلا فذا كان إنساناً وهمياً. وفي هذا الإطار فإن هذه الديانة كانت هي الحاضن الطبيعي للديانتين لاحقاً المسيحية والأسلام . وربما النص القرأني يزخر بالنصوص التي تمجد موسى وشعبه ..، ترى ما هو السبب ؟ لسنا في معرض القول والإجابة لندعها للقارئ
، وحتى في النصوص الأنجيلية أيضاً. في الواقع هناك العديد من المصادر البحثية الهامة لبحاثة سواء من العالم العربي أو من بلدان أخرى توضح مدى التماثل والتقارب ما بين ديانة ( موسى ) وما بين الديانة التي جاء بها أخناتون . وبمعنى أن ديانة موسى كانت إمتداداً لأفكار أخناتون ، وما كشف عنه من وثائق وبرديات في تل العمارنة في مصر ، يوضح مدى تأثر ديانة موسى بتعاليم أخناتون ووصاياه الأخلاقية العشرة . لكن بعيداً عن طبيعة الوصايا فقد كانت جوهر الفكرة هو إستحضار ديانة في مواجهة ديانة أخرى . بعد وفاة أخناتون الغامضة ، حرقت معظم أثاره . وعادت عبادة الأله أمون .
الشئ الجدير ذكره هنا ، أن تلك الفترة كانت تشهد صراعاً حضارياً بين حضارتين . الحضارة الأغريقية القديمة ذات الطابع الديمقراطي فلسفياً . والحضارة المصرية ذات الطابع العلمي . ترى هنا السؤال هل كانت ديانة أخناتون الجديدة هي رداً فلسفياً على أطروحات الحضارة الأغريقية القديمة ..؟ من الصعب الإجابة بنعم أو لا ، بيد أن كافة الحضارات القديمة أثرت وتأثرت من خلال التفاعل الحضاري القديم . كما تأثرت الجزيرة العربية بالقصص القادمة مع تجار طريق الحرير القديم . وقصة إسكندر ذي القرنين ، وهو الأسكندر المكدوني . ذاك القائد الحربي الذي لم يتورع عن إرتكاب مجزرة مدينة ( صور ) الكنعانية وعلقت مشانقه جثث 15 ألف من سكانها المسالمين الذين فتحوا له أبواب المدينة . كان في طريقة الى مصر لكن غير طريقة نحو بلاد التوابل والحرير . وتم تصويره في القرأن على إعتباره مخلصاً ( إسكندر ذي القرنين) .
دعونا نحاول إعادة قراءة نقدية جديدة للتاريخ ، مهمة شاقة لكنها ليست سوى محاولة متواضعة . رغم أنه يقال لمعرفتة التاريخ عليك بقراءة أخبار المهزوم وليس المنتصر . لأن الكذب الذي دونه المؤرخون في وصف المنتصرهونصف الحقيقة
والنصف الآخر في تاريخ المهزوم .
وكثيراً ما يصدم القارئ بعقلية الناقد للتاريخ بأسئلة تحتاج الى عملية تفكيك للتاريخ ذاته والبحث عن الأصول والمصادر المحايدة . التي تغطي تلك الفترة من التاريخ الإنساني . وتقدم وجهة نظر يمكن إعتبارها واقعية ، او تحمل قدراً كبيراً من الموضوعية و الصحة العلمية والتآريخية لتفسير ما حصل . وعلى وجه خاص الديانة التوحيدية التي تعتبر أن الأله واحد أحد .
بيد أن البحث النقدي ، وكذا الباحث في المنطقة العربية ، غالباً ما يصطدم بجدار دفاعي من الرفض لمهمة البحث العلمي ذاته . بل وتصل الى درجة إعتبارالباحث ، مطلوباً حياً او ميتاً . في وقت أحرزت فيه الأبحاث العلمية تقدماً هائلا في الكشف عن الماضي .بأدوات عصرية متطورة . الباحث هنا ، يبحث عن الحقيقة المادية المبرهنة ، لكن الجمهور غالباً ما يرفض نتائج البحث العلمي ، لاسيما في موضوع اصل الديانات . لآن وسائل الآعلام الدينية عبر التاريخ القديم ، والحديث الأن توجه العلاقة مع الجماهير على قاعدة الأنفعال لكي تحل محل الحقائق المجردة . لذا ليس مثيراً للدهشة عندما تتحول قطاعات واسعة من الجماهير الى الحلول الأخلاقية أو العاطفية، لكي يستطيع أفرادها مواصلة وإستمرار حياتهم . في مواجهة صدمة الحقيقة .لآن إعلان الحقيقة النسبية وتقبلها جماهيرياً ينتج عنه إنهيار العلاقة بين السلطات الحاكمة وبين الجماهير التي يزعم النظام الحاكم أنه يخدمها . دعونا نجول هنا في فكرة الأله المغيب الغير قابل للنقد أو الحساب والمتعالي على الجميع بصفته الخالق للكون . هنا تبرز الثقة المطلقة الكلية للخالق ، ومن بعده الى ممثلة الدنيوي , ونقد ممثله الدنيوي يندرج كتحصيل حاصل في خانة نقد الأله . وهذا جوهر الموضوع . إذن هنا النصوص غير قابلة للنقد بإعتبارها تعليمات إلهيه . وكذا ممثل الديانه ايضاً ليس موضوعاً للنقد . فهو المفسر والشارح لمقاصد الأله . أو ( المفتي أو الكاهن الذي يتلقى إعترافات الخطاة ) لماذا تحتاج هذه الكتب الى تفسير وشرح ..الخ وكيف يمكن الثقة بأن شرح فلان او تفسيره صحيح .. لماذا لا نفسره نحن كما يفسره الأخرون .. أو أن مهمة رجل الدين شرح كتاب الأله وتفسيره ، كوظيفة تراتبية له في المجتمع ..؟
هنا أود أن أشير الى واقعة هامة ، وهي أن الدكتور( حسن الترابي ) زعيم حركة الأخوان المسلمين في السودان أشار في محاضرة له أنه يمكن للمسلمة الزواج من مسيحي او يهودي ، بإعتبارهم اهل كتاب . ولا يوجد نص شرعي يمنع ذلك . قامت الدنيا على رأس الدكتور الترابي ، فيما حرم آخرون . السؤال هو لماذا لم لا يوجد نص جامع مانع يحول دون التفسير والتأويل ..؟ هذا التحجر في عدم تطوير النص من زمانة الماضي الى نص عصري يتلائم مع التطور الحالي تحميه مجموعة من رجال الكهنوت ، بعضهم على درجة من الإيمان اليقيني كطهارة أخلاقية ، وبعضهم من موقع نفعي ، وهم الأغلبية . لأن التطوير ينسف الأساس الأستغلالي الذي قامت عليه فكرة أخناتون التوحيدية . أخناتون هو ممثل الأله ( أتون ). في مواجهة كل الألهة الأخرى .
في عصرنا الحالي ، لو أجرينا دراسة مقارنة نقدية وعلمية ، تفكك النص اللغوي الديني للديانات الثلاث ، بغض النظرعن معزوفة ( الإلحاد ) ما النتائج العلمية التي يمكن أن نتوصل اليها في الكتب الثلاث ..؟ من الذي أخذ عن الآخر ، ماهي الأصول المشتركة سواء كأسطورة ، او حوادث ، او تعاليم إخلاقية ..؟
المهم ، ما نود أن نخلص اليه ، انه لا بد من مراجعات نقدية علمية للتاريخ . العالم يتحدث عن المستقبل ، ونحن نسمع أن فلاناً حصل على درجة الدكتوراه في علم الوضوء ، او ماجستير دراسات عليا في أصول الركوع والسجود . او دكتوراة في مناظرة مدرسة كورنثوس مع مدرسة إنطاكية ، او قصة سليمان وخلافة مع الجان حول الملكة بلقيس ..؟
المعرفة أصبحت الأن هي رأسمال المستقبل ، من المفيد معرفة التاريخ ودراسته ، لان من المهم أيضاً معرفة مكاننا في هذا العالم القادم . هل سنبقى من سكان الأرض ، أم من سكان الفضاء ..؟ أم أننا سنحاكم مع أخناتون في محكمة التاريخ يوماً ما .
ففي مدارسنا على سبيل المثال عادة يتم تلقين الطفل مجموعة من النصوص الدينية ، وهو عاجز عن تفسير أو فهم معناها اللغوي . بل ويمنع من طرح السؤال إذا تعارض السؤال مع النص المكتوب . يعني منع إنتشار ثقافة السؤال أو ثقافة النقد . تماما مثل عملية حفظ الأشعار هذا يصلح للمديح وذاك يقال في الذم . ثم يطالب بكتابة موضوع إنشائي عن الطبيعة الخلابة أوعن شخصية عمر او زيد . وتتحول اللغة الى وسيلة حشو لقضايا غير مفيدة وفارغة المحتوى المادي . عدا عن كونها غير مستخدمة في الحياة اليومية ، وقابلة لمختلف التفسيرات والتأويل لخدمة الهدف الكامن من وراء إستخدام النص وتوظيفة في خدمة القوى التي تستخدمة من تحالف رجال الدين والسلطان . والطالب – المواطن في هذه الحالة تكون قد جرت عملية صياغتة وتشكيلة عقليته وكأنها وجبة طعام جاهزة . وفق قانون ما هو مسموح بنقاشه ، وبين ما هو ( تابو ) خارج النقاش .
ما نود الأشارة اليه مرة أخرى هو مناقشة ما هو غير مسموح به . وهي مجرد ملاحظات إستدراكية ، ربما يساعد ذلك على فهم أكثر تطوراً من المفاهيم الشائعة في عملية إستقصاء أصل الديانة التوحيدية ، وأسبابها الزماكانية المحددة . وفق تلك الظروف الإقتصادية – الإجتماعية . وعوامل التوسع الجغرافي الذي حدا بتلك الى تحول اليانات من تعددية الألهة الى الأله الواحد . بالتأكيد سنواجه تهمة الألحاد والزندقة ..الخ لكن لا بأس ربما يساعد ذلك على فتح نافذة صغيرة في عقل ما نحو ضوء الشمس . لكننا ندرك أن التهم المتطرفة دائماً نتاج عملية الإحباط والثأر من الهزائم الحضارية قديمها وحديثها التي يعيشها البعض . او قد يقول البعض انها نظرات إستشراقية .. وغيرها لذا مسبقاً نحيله الى كتب التراث العربية وحضارات الشرق القديم .





#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مادوف حزب الله الى السعد والريان
- 170 فنان تشكيلي من 36 بلداً يعلنون تضامنهم مع الشعب العراقي ...
- ماراثون الإنتخابات البرلمانية المبكرة في اليونان
- العالم العربي -إيران - تركيا/ أزمة البحث عن الهوية والمستقبل ...
- العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق ...
- العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق ...
- العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق ...
- العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستق ...
- وداعاً للسلاح ..وأهلاً ياجنيف..؟
- الى العلمانيين والمؤمنيين والديمقراطيين والليبراليين/ لنتضام ...
- لم يولد الإنسان لكي يبقى طفلاً ..؟
- دعوة الى فض الإشتباك اللفظي/ والعودة الى الحوارالمتمدن الديم ...
- صورة الزعيم حتى في غرف النوم / بإستثناء مكان واحد فقط..؟
- دور أجهزة الأمن في ترهل النظام السياسي العربي
- أزمة المواطنة في العالم العربي. مواطن درجة أولى ..ومواطن درج ...
- تراجيديا الترهل . هل نحن أمة واحدة ...ذات رسالة خالدة ..؟
- اليمن - ليبيا - مصر / الآب والأبن بدون روح القدس
- شهادة الصحافي اليوناني الذي إعتقلته السلطات الإيرانية أمام ا ...
- وجهة نظر يونانية حول قضية القدومي
- نكاح حلال.. وثقافة النفاق مع الذات والرمز


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيمون خوري - أخناتون قائد أول إنقلاب في التاريخ على الديمقراطية