أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - بدر عبدالملك - غواتيمالا على خطى تشيلي














المزيد.....

غواتيمالا على خطى تشيلي


بدر عبدالملك

الحوار المتمدن-العدد: 2769 - 2009 / 9 / 14 - 00:38
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


تستعيد أمريكا اللاتينية عافيتها السياسية وتاريخية حركتها النضالية من اجل العدالة الاجتماعية التي كانت تتوق لها منذ عهد سيمون بوليفار وهو يؤسس لتحرير القارة من سيطرة الاستعمار الاسباني والأوربي عامة . ويشد رحاله بحلمه لتوحيد القارة، التي ظلت لعقود طويلة منذ موته حتى الان، تتقاسمها شركات الموز والسلاح والقتل والنهب المتواصل حتى باتت القبائل الهندية والتعدد الاثني فيها تعيش على هامش البؤس العالمي بتدني دخل الفرد في اغلب بلدانها والذي لا يتعدى الدولارين إلى ثلاثة دولارات للفرد . ناهيك عن تتالي الأنظمة العسكرية والدكتاتوريات المتلونة التي استباحت حياة الناس وحاولت تدمير كرامتهم الإنسانية بتحويل الإنسان في تلك القارة إلى مجرد سلعة رخيصة بالإمكان رميها في الزبالة، لذا كان من السهولة على من صمموا مشروع الحرب القذرة في القارة في سبعينيات القرن المنصرم، بأن لا ترمش جفونهم ولا تدمع أعينهم برحمة عندما كانوا يقذفون بالمعارضين من الطائرات من مستويات عالية . بل وتفننت فرق الموت في بعض تلك البلدان بقسوتها في حرق المعارضين في الشوارع العامة ، وفي تعذيب وخطف المعارضين سياسيا لهم ، ودون حياء اخفت هوية المفقودين بدفنهم دون اية رموز ودلالات على قبورهم . بين أقبية الموت والتعذيب والقتل والإبادة المستمرة وبين حقيقة التاريخ الذي لا يمكن إيقافه أو منعه من المضي في اتجاه معاكس لك في يوم من الأيام تقف الأيدي القاتلة في قفص الاتهام تنشد الرأفة في الحكم. لهذا لم تكن غواتيمالا في أمريكا الوسطى إلا واحدة من تلك الدول التي سكنتها وحشية الأنظمة العسكرية والأجهزة البوليسية، في حرب أهلية مسلحة دامت 36 عاما بين الحكومة العسكرية والمعارضة التي قاد اليسار جبهتها في الغابات والجبال والمدن والأرياف ، حرب مات فيها أكثر من مائتي ألف إنسان وفقد فيها أكثر من 40 ألف شخص ما زالت السلطات الحالية تفتش عنهم نتيجة ضغط الحركة المناهضة لمرتكبي الجرائم والمدافعة عن الضحايا والانتهاكات، التي حدثت في تلك الحقبة السوداء . تلك الحيوية والنشاط المتواصل في منظمات المجتمع المدني والحقوقي دفع بعائلات المفقودين والقتلى العمل ليل نهار من اجل ملاحقة المتهمين والبحث عن ملفاتهم الخفية. هكذا نطق القاضي في محكمة غواتيمالية بسجن فيليب كوسانيرو لمدة 150عاما، أي بالحكم خمسة وعشرين عاما عن كل شخص منهم، لضلوعه تصفيته ستة أشخاص من النشطاء الفلاحين ضد النظام بعد تعذيبهم وإخفائهم بدفنهم ليلا، فلقد كان واهما كوسانيرو ، احد رجال الاستخبارات المدنيين، إن الظلام سيكون حاجبا على فعله وبأن الزمن كفيل بتدمير منطقة النسيان !! وبمثل ما الجرائم لا تتساقط بالتقادم، فان الذاكرة الإنسانية ومرارة العائلات لا يمكنها أن تنام أبدا من جراء الفجيعة. اليوم يتم في بلدان عدة من القارة المحاسبة بهدف إغلاق ملف إنساني ساهم على بناء الحقد الاجتماعي بين الناس والسلطة الحاكمة وتحول الصراع السياسي والحوار السلمي إلى صراع للقتل والعنف والموت. في " جواتالوم " تلك القرية الغواتيمالية ما بين عامي 82-84 شهدت لحظة الاختفاء والموت فكان صمت الليل يخفي أنين البشر وهم تحت التراب . ولكن لجان حقوق الإنسان بمحاكمة المنتهكين للعدالة والقانون. تواصل بإصرارها على محاكمتهم لجرائمهم في ظل القضاء والقانون العادلين، من اجل تقديم عدالة إنسانية لعائلات الضحايا. والخروج من شبح الماضي نهائيا والدخول لمستقبل أفضل وحياة جديدة تختفي فيها كل أشكال الانتهاكات الإنسانية والمجتمعية . وفي الوقت الذي نطق فيه قاضي المحكمة في غواتيمالا، كان قضاة تشيلي يستكملون ملفاتهم التي بدؤوا فيها منذ وقت طويل بتقديم رجال من الجيش والقوات الجوية ووكالة الاستخبارات السرية التشيلية ، الضالعين بتصفية وتغييب المئات وإخفاء ما يقرب من 3197 شخصا دفنوا بعد التعذيب دون معرفة مكانهم ودون شواهد على قبورهم ودون صلاة قداس على أرواحهم، مما ترك العائلات طوال الوقت تواصل البحث عن قبور وأمكنة أحبائها . وتعتبر مذكرة التوقيف الصادرة بتاريخ 3سبتمبر2009 من قبل القاضي فيكتور مونتيغليو ثاني اكبر مذكرة من حيث عدد الموقوفين ( 129 موقوفا) بتهمة تصفية المعارضة السياسية في تشيلي إذ كان عدد المذكرة الأولي (74 موقوفا ) والتي قدمها نفس القاضي سنة 2007 . ولم تترك فرق الموت في حروبها القذرة أي إنسان يعارضها سياسيا، بعد إن حولت بلدانها إلى جحيم، كما أشارت الروائية التشيلية إيزابيل الليندي في روايتها " بيت الأشباح " حيث صار البيت / الوطن الرمز المقابل للبيت مجرد مكان للكوابيس الحائمة لاختطاف أرواح الناس الأبرياء . ولم تخرج تشيلي حتى الآن من جراحها العميقة التي عاشتها لمدة طويلة منذ حكم الدكتاتور بينوشيت، المفقودون وحدهم يشكلون علامة فارقة في محطة التاريخ السياسي العدواني والوحشي عن كونهم بشر بلا هوية في مماتهم ، ولكنهم نصف موتى ونصف أحياء إلا بعد أن تتم معاينتهم كحقيقة ملموسة، لكي يتم تسجيلهم في دفتر الوفيات بعد صلاة الرحمة وشاهد رخام منقوش بتاريخ واسم الضحية .






#بدر_عبدالملك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجاعة الأفغانيات
- انتفاضة يونيو الإيرانية تستأنف غضبها
- يا.. محنة الإخوان في آخر الزمان!!
- تطور الصدام ومجرياته المحتملة
- سلطة تستحكمها القبائل والتخلف
- ماذا بعد انتصار المرأة الكويتية انتخابياً؟
- موت النمر التاميلي.. ولكن؟
- الكراهية والحلم في الصراعات الإنسانية
- المونولوج الإنساني
- مؤتمر دولي في طهران والبعد السياسي
- الحرب والعنف والإرهاب
- هل الشيطان وراء الأزمة المالية؟‮!‬
- هتلر وفرانكو في‮ ‬مقصورة المباراة
- الإرهاب لايزال مخيفاً‮!‬
- المرأة والقاطرة التاريخية
- حوار الدوحة والواقعية السياسية
- جيفارا‮.. ‬الفكرة والأيقونة
- التكفيريون وعمى الألوان
- الطائفية‮.. ‬الجاثوم السياسي‮ ‬في ...
- فليذهب الى بنغلاديش او الصومال!


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - بدر عبدالملك - غواتيمالا على خطى تشيلي