أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رياض خليل - مفهوم الشرعية حول قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت















المزيد.....

مفهوم الشرعية حول قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت


رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 827 - 2004 / 5 / 7 - 06:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يواجه قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت, انتقادات واعتراضات من جهات متعددة. يكفي أن تعرف هوية الجهة حتى تتعرف على الأسباب والغايات الكامنة وراء موقفها المعترض, وتقف على مضمون منطقها الخاص من مفهوم الشرعية.

البيضة وقشرتها:
كلّ جهة تريد البيضة وقشرتها, من دون أن تترك للغير حصة منها. وإن كان لا بد من المشاركة, فليكن للغير الفتات وحسب.... وامرنا لله.
كلّ جهة تريد تفصيل الدستور على هواها, وطبقاً لتصوراتها وقناعاتها, باعتبارها المسطرة الوحيدة لقياس المصالح والحقوق العامة للناس.
ربما أبالغ قليلاً, ولكن ما يجري في هذا الاتجاه, يجعلنا نعود من الباب الذي خرجنا منه للتو.

لغة الديمقراطية:
كثيرون يقرأون الديمقراطية بلغة غير ديمقراطية, تلك إشكالية قائمة الآن على الساحة العراقية.
إن أبجدية الديمقراطية مختلفة عن أبجدية الشمولية – الإقصائية – الوصائية, التي عانى منها العراق ما عانى لعقود خلت, ولا يزال يعاني الآن من نفوذ هذه الأبجدية ومنطقها, الذي يسطّح المشهد الواقعي – التاريخي – الاجتماعي, ويدير ظهره للبعد الثالث.
ليس لأحد أن يحتكر الحقيقة أو ينصب نفسه وصياً عليها, أو ينتقص من حق الآخرين بها. هي ملك مشترك للجميع. ومسؤولية مشتركة لسائر العراقيين.
إن الديمقراطية, ببساطة, هي النظام الذي يجسد المشتركات الاجتماعية والثقافية والسياسية, والتي هي محل توافق ووفاق واتفاق, وهي من خلال ذلك تؤمن شروط الحرية والعدل والحق والمساواة, وبالتالي شروط الأمن والانفراج والسلم والحوار والتعايش بين المختلفات. إن أي منطلق يخرج عن هذا الفهم سوف يصب في خانة الشمولية والإقصاء والوصاية ومثل هذا سوف ينقلنا مباشرة "من تحت الدلف .... لتحت المزراب" لا سمح الله! وعلينا أن لا نرفس نعمة الديمقراطية, التي افتقدها العراق طويلاً.



شرعية الدستور( شرعية الواقع – المصدرية الواقعية ):
الشرعية مفهوم نسبي – تاريخي – متغير, وليش شيئاً مجرداً مطلقاً, وهو ينبع من الواقع, لا العكس ولا قيمة له إذا لم يكن الابن الشرعي للواقع, لأن الواقع هو مصدر الشرعية, شرعية الشرعية. يعني أن شرعية الواقع هي إطار شرعية الدستور أو غير الدستور..
عاش العراق عقوداً في ظل دستور "البرّية" و"الغابة". عاش بلا دستور, سوى الدستور "الصدامي" أحادي القطب, وكان رأس صدام هو المصدر المقدس للدستور, لا الشعب كما هو متعارف عليه.
أما الآن.. فثمة دستور يشترك كثير من العراقيين في كتابته, وتجمع وتتفق عليه كثير من الإرادات العراقية, بهذه النسبة أو تلك, وليس لجهة أو طرف أن يدعي أنه لم يشارك أو يحصل على حصة ما من الدستور. وذلك على العكس من العهد الصدامي سيء الذكر. هنا تتأسس شرعية من نوع ما, شرعية لا يمكن الطعن في شرعيتها بسبب مواصفاتها: الخاصة – الاستثنائية – المؤقتة, لأنها من حيث المضمون والنتائج قد حققت الغرض من الشرعية, التي غيّبت طويلاً.
هنا أقول للفرقاء: المعترضين أو غير المعترضين على الدستور المؤقت, أقول لهم: لنتمسك بالقناعة والعفة, وليرض كل طرف بحصته من الدستور ولا يضع عينه على حصة غيره, لأن هذا طمع, والطمع ضر ما نفع, والقناعة كنز لا يفنى. ولا يجوز التمسك بفكرة: إما كل شيء أو لا شيء, فهي فكرة وسلوك صدامي منحرف. وعلينا أن نتمرن ونتعلم كيف نختلف ونتفق ونتشارك ونتحاور, لا أن نقتل ونقصي بعضنا البعض, وللجميع الحق في المشاركة بتقرير مصير الوطن والشأن العام, وللجميع الحق في نصيب عادل من الحرية.

معايير الشرعية:
تتحدد معايير الشرعية بسياق تاريخي معين, ولا توجد معايير ثابتة مطلقة ومفصلة أو جاهزة.
كيف نقيس الشرعية؟ وما وحدة قياس الشرعيات؟! أأيٌّ من الشرعيات المعروفة يمكن القياس عليها؟ هل هي – مثلاً - شرعيات الدساتير العربية؟! هل تتحدد الشرعية بآليات بنائها وحسب؟ وماذا لو استغلت هذه الآليات... وفُرّغت من محتواها, ولم تحقق سداها؟! أليست هذه حال شرعيات الدساتير في العديد من البلدان؟! نعود فنسأل عن معيار الشرعية.. هل هي في صورية التطبيق أم في فحواه ومحتواه أم في الاثنين معاً – وهو الأصح-؟! هل المعيار والعبرة في النتائج والممارسة التي تترجم الحكمة من الشرعية أم لا؟! أسئلة كثيرة... في الإجابة الصحيحة عليها, تتوصل إلى تقييم الشرعية الحقيقية, وتمييزها من الشرعية المزيفة.

أولاً: تجسيد الإرادة العامة للمجتمع
بوضوح نجد أن الشرعية الحقيقية هي تلك التي تعبر عن المصالح العامة المشتركة للمجتمع, وتعكس تقاطع وتشارك وتوافق الإرادات الخاصة مجسّدة في إرادة عامة من الجميع وللجميع على قدم المساواة. فهل تحقق هذا المعيار في الدستور العراقي المؤقت أم لا؟ وهل كان هذا التحقق أكثر أم أقل بالقياس للدساتير العربية المسيطرة؟!
أيهما الأهم في تحقيق المصلحة والإرادة العامة... الشكل أم المضمون؟ الوسيلة أم الغاية؟ الغاية تبرر الوسيلة في هذه الحالة.. أم لا؟!
إذا كانت الوسيلة أو الكيفية لا تشبه أو لا تتطابق مع الوسائل والكيفيات التي تتبع لوضع الدستور في العادة, فهل هذا كاف لدحض وتجريد الوسيلة من شرعيتها؟ وهل لا بد من كيفيه واحدة ووحيدة ومقدسة للوصل إلى الغاية؟ وهل الكيفية المألوفة لا اجتهاد فيها؟ هل هي فوق العقل والبحث والنقاش؟!.

1. من حيث الشكل: غاب عنصر الانتخاب لأسباب قاهرة, وحسب نظرية الظروف الطارئة, فإن الوضع الطارئ... والأسباب القاهرة تسقط المسؤولية التقليدية, وتشرّع ما لا يمكن تشريعه في الأحوال العادية, حيث ردّ الفعل على فعل الواقع الطارئ يجب أن بكافئه ويساويه في الدرجة والنوعية. وما حصل يندرج في سياق هذه الفهم والقراءة. فكان وضع الدستور من حيث الشكل معبراً عن حالة خاصة – استثنائية – طارئة, حالة لها مشروعيتها الأخلاقية والقانونية.
ومن الناحية الشرعية والفقهية, يمكن رد الحالة وتسويغها بمبدأ " للضرورة أحكام" و" الضرورات تبيح المحظورات". حيث غير المباح يصبح مباحاً, والمحرم يتحول إلى محلل. واللاشرعي يغدو شرعياً وهذا كله ينطبق على الحالة العراقية, وبالتالي يعطي للدستور المؤقت شرعيته الخاصة – المؤقتة – والنسبية. إنها شرعية على وجه التخصيص والاستثناء وحسب.

2. من حيث المضمون: يمثل مجلس الحكم مختلف أطياف المجتمع العراقي, ولا يمكن تجاهل هذه الحقيقة بحجة أن المجلس معّين. فهو وإن كان معيناً, لم يأت من فراغ, بل خرج من نسيج المجتمع العراقي, وهذه حقيقة جوهرية. والمجلس يعكس ميزان القوى الجيوسياسي على الأرض, ولا يمكن أن يكون غير ذلك.
إن موقف قوة التحالف محكومة بالواقع الملموس, لا بالتمنيات والأوهام وقد تعاملت سلطة الائتلاف مع ذلك الواقع بصورة عملية وعقلانية وموضوعية من غير أن تتخلى عن بصمة لها في كل ما حصل ويحصل, وهو أمر واقع ومشروع لا مجال لبحثه في هذا السياق.
إن مجلس الحكم ليس الصورة المثالية لما هو مطلوب, ولكنه بنفس الوقت أفضل الموجود, والممكن المتاح, والمدخل العملي للتغيير والبناء.
وإذ هو كما وصفناه, فإنه عكس – بنسبة كبيرة – طموحات وتطلعات وإرادات ومصالح كل الأطراف والفرقاء داخل المجتمع العراقي, وحقق بذلك أهم معيار من معايير الشرعية الدستورية. والذي يعتبر المضمون الرئيسي لأي دستور ديمقراطي حديث وعصري.

ثانياًً: المصدرية السياسية
ما العمل؟ سؤال وجيه. وكيف يمكن سد فراغ السلطة؟ وما هي الأولويات في ظل استحالة إجراء انتخابات فورية؟!
إن فراغ السلطة لا يعني الفراغ السياسي المطلق.. بل النسبي. فالمجتمع العراقي الذي فقد السلطة, لم يفقد الطاقة السياسية القادرة على إنتاج سلطة جديدة. وتتمثل الطاقة السياسية بالقوى والمحركات والأحزاب الفاعلة قبل وبعد انهيار السلطة.
إن الطاقة السياسية الحية للمجتمع العراقي هي مصدر ملموس للشرعية ولا يمكن الانتقاص من شرعيتها, ومن حقها في أن تكون مصدراً لكل شرعية مؤقتة أو دائمة, الشعب هو مصدر السلطة, من خلال الطاقة السياسية التي يمتلكها, وهذا ما حصل من حيث المضمون والنتيجة, أما من حيث الشكل فقد كان لانعدام البديل واستحالة التأجيل سبباً كافياً لشرعنة تأسيس السلطة الانتقالية, استناداً لشرعية إرادة الطاقة السياسية للمجتمع العراقي, وهذه الشرعية كانت مصدر شرعية الدستور المؤقت.

ثالثاً: المصدرية التاريخية
قلنا: لا بد من التمييز في الشرعية بين القاعدة والاستثناء وبين العام والخاص.
وهذا ينطبق على الإطار التاريخي للشرعية, بمعنى أن الشرعية تتحدد بشرطي: الزمان والمكان, وحيث لا بد من نقطة بداية تأسيسية لأي دستور قديم أو راهن أو جديد.
والحالة العراقية, بما هي حالة خاصة, تملك حق الوجود وشرعية الاجتهاد في إنجازها على أرض الواقع.
كل دساتير العالم كانت لها بدايات تأسيسية.
كل دساتير العالم خضعت للتعديل والتغيير والتطوير والاجتهاد. وهذا أمر لا يشذ عنه الدستور العراقي المؤقت. إنه حالة تاريخية خاصة, فرضت نفسها كأمر واقع وضرورة سياسية, ومخرج وحيد وحالة انتقالية.
ومن غير الممكن أن يكون الدستور المؤقت كاملاً ناضجاً ثابتاً, وهذا أمر طبيعي. إذ حتى الدساتير النموذجية لا تخلو من السلبيات والنواقص, ومن باب أولى أن تكون حال الدستور المؤقت كذلك.
ومهما تكن السلبيات محل الاعتراض والنقد, يبقى القانون العراقي المؤقت إنجازاً ديمقراطياً رائداً ونموذجاً يحتذى, ولا سيما بالنسبة للبلدان غير الديمقراطية. وعلى بعض العراقيين أن لا ينسوا مرحلة صدام, وأن لا يرفسوا نعمة الديمقراطية التي بين أيديهم. أنتم الآن تمتلكون الحرية السلاح الأقوى في مواجهة الوقع ومشكلاته... فحافظوا على هذا السلاح. الذي جردتم منه عقوداً.




#رياض_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسيون اللا ماركسيون
- من الماركسية المحافظة إلى العلمانية
- الدمّية
- الدمّية
- السلطة الخامسة : سلطة الشعب
- قبل أن يسبقنا الوقت إلى الأصدقاء الديمقراطيين - احذروا الأصو ...
- نحو إعادة إحياء التيار الليبرالي
- من الميكافيللية إلى الديمقراطية


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رياض خليل - مفهوم الشرعية حول قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت