أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شامل عبد العزيز - الحرية الاجتماعية .. المرأة .. العلم والصناعة .. في التراث















المزيد.....

الحرية الاجتماعية .. المرأة .. العلم والصناعة .. في التراث


شامل عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 2646 - 2009 / 5 / 14 - 08:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نبدأ من حيث انتهينا في المقالة السابقة عن معنى الحرية والتي ينطلق منها معاني الحريات الباقية ألا وهي الحرية الاجتماعية .. والمرأة .. والعلم والصناعة ... على ضوء فهم هذه المعاني في العصر الحديث ... وأصعب من هذه الحرية السياسية منالاً .. حرية أخرى يقتضيها عصرنا ولم تكن معروفة ولا مألوفة .. في صورتها الحديثة .. عند أسلافنا .. وأعني بها الحرية الاجتماعية التي تكفل الحياة المادية للمواطنين . حتى لا يجدوا رقابهم في أيدي من يوفرون لهم سبل العمل والعيش . إنها لمهزلة أن نقول للناس : اذهبوا فأنتم الأحرار في انتخاب من يمثلونكم في مجلس النواب ومن يحاسبون رجال الحكم نيابة عنكم . وبهذا تصبحون أنتم الحاكمين والمحكومين معاً . فإذا ما ارتدَ هؤلاء الناس ليؤيدوا هذا الحق السياسي . وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه أمام سادة يتحكمون في أرزاقهم . وعلى هؤلاء الناس أن يختاروا بين انتخاب أولئك السادة وبين التعطل والتشرد والجوع لأنفسهم ولعيالهم . وإذن فلا بد من حرية اجتماعية تصون للناس حق الحياة لكي يصان لهم بالتالي حق انتخاب النائبين فالحاكمين . ولم نكن لنجد حلاً لهذه المشكلة الجديدة إذا نحن ارتددنا إلى التراث . لأننا إذا وجدنا في هذا التراث مبادئ نظرية تكفل لنا الحرية الاجتماعية المنشودة وجدناها من جهة أبعد ما تكون عن التطبيق الشامل بحيث تهبط إلينا وكأنها العرف الذي ليس من سيادته مناص . ووجدناها من جهة أخرى أقرب إلى التوصية بالصدقات يتصدق بها الغني على الفقير فإن فعل كان له الجزاء عند ربه وإن لم يفعل كان له الجزاء كذلك عند ربه . وفي كلتا الحالتين لا شأن للدولة بالأمر .
وليست مشكلة الحرية بمقصورة علينا في هذا العصر بل إنها لتتسع حتى تكاد تعم العالم كله . وإن تنوعت أشكالها بتنوع الظروف فهو عصر تميز بكثرة ما شهده من نظم دكتاتورية ونازية وفاشية وعسكرية . قد يكون لكل منها ما يبرره في سياسة إقليمه الذي ظهر فيه . كأن يتطلب شعب ما وحدة قوية يجابه بها عدواً طامعاً فيه . فلا يكون لهذه الوحدة من سبيل أمام القادة إلا أن يفرضوها على الناس بحكم فردي مستند إلى الحديد والنار حتى يزول الخطر . أو أن يتطلب شعب أخر وحدة قوية ريثما يتم له التحول من نظام قديم إلى نظام جديد . ويخشى ألا يتم هذا التحول إذا تمزق الرأي العام تحت ضغوط المذاهب والاتجاهات المتنازعة . لا سيما إذا كان وراء هذه المذاهب والاتجاهات أعداء يتربصون .. وهكذا وهكذا : أسباب كثيرة وظروف متنوعة قد تؤدي إلى صورة من صور الحكم الفردي لا يسمح بحرية الرأي ولو إلى فترة محدودة . انتهت بالعالم في عصرنا إلى قيود فرضت على الحريات في أجزاء كثيرة من العالم .
وكان محالاً أن تمر الحريات بمثل هذه الأزمات الصارمة دون أن ينهض لها منقذون في دنيا الأدب والفن والفكر فتستطيع أن تقول على وجه الإجمال إن معظم تيارات الفلسفة المعاصرة والفن المعاصر والأدب المعاصر ينصب على هذا الإنقاذ . من وجودية تجعل للفرد كل السلطان على نفسه في اتخاذه لقراراته فيما يصادفه من مواقف . إلى فن تجريدي يجعل للفنان الحق في أن يتحرر من الموضوع الخارجي ليكون هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في تكوين العالم الفني الذي يريد العيش فيه ..إلى أدب العبث واللامعقول الذي يجمع عدة أشخاص في مسرحية واحدة يتحدثون دون أن يكون هناك ضرورة اتصال بين قائل وسامع .. هذه وغيرها مما يملأ الكتب والصحف والمعارض والمسارح والقصص والشعر وقد أنتقل إلى رجال الفكر والأدب والفن في البلاد العربية فشاركوا فيه مشاركة من وجد فيه تعبيراً عن حالته لكنها كذلك مشاركة من أعوزته قوة الابتكار والإبداع فأخذ الصور الأدبية والفنية والمذاهب الفكرية والفلسفية من الآخرين ليملأها بمادة محلية من عنده . والمهم في هذا السياق هو أن نلحظ كيف أننا حين تأزمت معنا مشكلة الحرية وجدنا الحلول وأشباه الحلول .. لا في التراث العربي القديم . بل وجدناها في النتاج الأوربي الحديث .
وتفرعت من مشكلة الحرية مشكلات لها خطرها وعمق أثرها في حياتنا العربية المعاصرة منها حرية المرأة ..
فالمرأة العربية الجديدة إنسانة أخرى غير امرأة الأمس . ومع ذلك فقد وجدت نفسها في مجالات العرف والتقليد والتشريع حبيسة أوضاع وضعت لسالفاتها من بنات ( الحريم ) و ( الجواري ) و ( الغانيات) .. لقد أصبحت المرأة العربية اليوم طبيبة ومهندسة ومحاسبة ومدرسة في مختلف مدارج التعليم من المدارس الأولية فصاعداً إلى كراسي الأستاذية في الجامعات . أصبحت المرأة العربية اليوم عالمة في معامل الفيزياء النووية وكيماوية أمام مخابير التركيب والتحليل وقانونية وممثلة للشعب في مجالس النواب ووزيرة مع الوزراء في قيادة أمتها .
نعم أصبحت المرأة العربية اليوم ثم أصبحت و أصبحت .. فهل يعقل أن يقال لها ( وهذا هو كيانها الجديد) ما كان يقال لسالفتها من قوامة الرجال عليها بالمعنى القديم ومن حق الرجل في أمثالها العاملات العالمات المثقفات القائدات ( مثنى منهن وثلاث ورباع ) ؟
هذه إذن إحدى المشكلات الفرعية التي تفرعت من المشكلة الأم : مشكلة الحرية بمعناها المطلق العام في دنيا السياسة والاجتماع . وإن امرأة عصرنا لتجد نفسها في أزمة حادة .. نلمسها في كل من نعرفهن من ذوات القربى ومن الزميلات في مجال العلم والعمل. لأنها تجد نفسها مشدودة بين قطبين نقيضين . فمن هنا تقاليد تضعها موضعاً لم يعد يصلح لها . ومن هناك مشاركة في نشاط العصر وثقافته تجذبها جذباً إلى أن تقف مع الرجل الزوج والأخ والزميل في صف واحد ... فأين عساها أن تجد منافذ الخلاص .؟؟
إن ذلك لن يكون في تراث عربي قديم . مهما نشط المتحذلقون في جمع قول من هنا وقول من هناك .. وحكمة من هنا وحكمة من هناك .. ومثل من هنا ومثل من هناك .. ليدلوا بذلك على ما كان للمرأة العربية من مكانة يمكن أن تكون مطمعاً لزميلتها المعاصرة .. ومرة أخرى لن نجد للمشكلة حلولها إلا في حضارة الغرب الحديث ..
ومن مشكلاتنا الكبرى كذلك إلى جانب مشكلة الحرية بكل فروعها .. مشكلة الدخول في عصر العلم والصناعة .. لقد بدأ العالم كله عصراً جديداً أصبحت المعرفة فيه من جنس يختلف عما كان يسميه آباؤنا ( معرفة) اختلاف الأبيض عن الأسود من عهود طويلة كانت معرفته خلالها كلاماً في كلام في كلام كما يقول هاملت إلى عصره هذا الذي أصبحت فيه المعرفة التي تستحق هذه التسمية أجهزة بالغة الدقة لقياس الانتقال والسرعة وضبط الاتجاهات ولنقل الصوت والضوء ولتحريك الطائرات والغائصات والصواريخ إلى غيرها .. واختصاراً قد انتقل إنسان هذا العصر من معرفة ( اللفظ ) إلى معرفة ( الأداء) .
لم يكن ( العالِم) في العهود السابقة يبلغ من علمه حداً يجاوز إحسانه للكتابة والقراءة ولا يغير من هذه الحقيقة البسيطة ان يكون الموضوع المكتوب أو المقروء فلسفة عميقة أو أدباً رائعاً فلا تكاد تجد فرقاً ظاهراً من حيث القدرة على تغيير وجه الأرض بحضارة جديدة . بين تلاميذ المدارس الابتدائية أو الثانوية وبين كبار الفلاسفة والأدباء فكلا الفريقين على حد سواء يكتب ويقرأ لكن لا تحركت طائرة بتلك الكتابة والقراءة ولا غاصت غائصة ولا نطق مذياع .. الخ ..
وإن هذه التفرقة بين نوعي المعرفة يصدق علينا نحن العرب ألف مرة إذا صدق على شعوب أخرى مرة واحدة ..
لان عبقرية العرب كانت في لسانها .. لم تكن اللغة في ثقافة العرب ( أداة) للثقافة بل كانت هي الثقافة نفسها .. فأنت مثقف بلغ القمة إذا أنت أجدت الإلمام باللغة في مفرداتها ومترادفاتها وفي نحوها وصرفها وفي رواية نثرها وشعرها فإذا جاء علينا عصر يركزَ ثقافته في أجهزة وأنابيب ومعامل ومصانع .. أسقط في أيدينا لأن بضاعتنا شعر ونثر وصرف ومفردات لغوية ومترادفات .. وهي كلها لا تقوى على ضبط إبرة في جهاز ...
والمشكلة الكبرى هي كيف نتحول من ثقافة اللفظ إلى ثقافة العلم والتقنية والصناعة ؟؟؟
واضح أن ذلك لن يكون بالرجوع إلى تراث قديم ..
وأن مصدره الوحيد هو أن نتجه إلى أوربا وأمريكا نستقي من منابعهم ما تطوعوا بالعطاء وما استطعنا من القبول وتمثل ما قبلناه ..
هذه هي نظرة الدكتور والفيلسوف زكي نجيب محمود نحو التراث .. كيف نفهمه ؟؟ وما يتوجب علينا أن نأخذ منه ؟؟
مفاهيم الدكتور كانت في بداياتها نحو التراث هو أن نأخذ من الغرب كل شيء حتى طريقة الأكل والشرب وبعد أن قرأ تقريبا جميع ما كُتب عن التراث خرج بالآراء التي أوردناها في المقالات السابقة فما أحوجنا إلى فهم مثل فهم الدكتور نحو تراث يعصف بنا في كل يوم فهناك من يريد إعادته وكأن الزمن لم يمضي وكأن شيئاً لم يتغير وهناك من يحاول بتره وتقطيعه وفي كلتا الحالتين سوف لن تأتي الثمار أُكلها فلا الرفض القاطع هو الحل ولا القبول به هو الحل أيضا بل يجب أن نفهم ما هو التراث وكيف نتعامل معه وفق معطيات العصر الحديث في كل من الحرية بكل فروعها والتي ينبثق عنها حريات أخرى منها الحرية الاجتماعية والمرأة والعلم والتقدم .
أتمنى أن تنال مفاهيم الدكتور زكي نجيب رضا بعض القراء وأن نكون قد وفقنا في الاختيار في فهم أساسيات هي الحياة بكاملها ....
هذا ما نراه وما نتبناه ونتمنى أن نخطو الخطوات الصحيحة لفهم وتحقيق كل تلك القيم ..



#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة في التراث ....
- رداً على مقالة نادر قريط ...
- انفلونزا الحمير ... انفلونزا الخنازير
- مُداخلة الدكتورة وفاء سلطان على مقالتنا ...
- الأصولية الإسلامية من وجهة نظر الشيعة ... محمد باقر الصدر نم ...
- الفكر الحر2 من 2 ...
- ليبراليون سعوديون , كُفّار سعوديون ؟؟
- الفكر الحر 1 من 2 ...
- لن يفلح قوم ولَّوْا أمرَهم امرأة - .
- إشكاليات سيد قطب حول المجتمع ...
- طين قبر الحسين عليه السلام شفاء لمن آمن وتيقن .. معجزة جديدة ...
- محاولة انتحار فتاة في الأردن ...
- حاضر الإسلام ومستقبله ..
- الحكم في الإسلام ...
- مستندين إلى فتوى دينية تسمح لهم بذلك ...
- حبيبتي المسيحية ...
- حوار في مصحة الأمراض النفسية ...
- أعذار من لاترتدي الحجاب وبيان تهافتها ...
- مأساة في إيطاليا وشماتة في بلاد العرب ...
- آمنا بالله وحده وكفرنا بالشرعية الدولية ...


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شامل عبد العزيز - الحرية الاجتماعية .. المرأة .. العلم والصناعة .. في التراث