أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله تركماني - معوّقات الحداثة في العالم العربي














المزيد.....

معوّقات الحداثة في العالم العربي


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2625 - 2009 / 4 / 23 - 09:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الدارس للسياسات العربية يجدها موسومة بالخصائص الرئيسية التالية:
(1) - اللاعقلانية، إذ لم يعرف الفكر السياسي العربي، في غالبيته، مخاضا فكريا مثل الذي عرفته أوروبا في عصر الأنوار والثورات القومية الديمقراطية التي عصفت به، فجعلته ينتقل بالسياسة من إسار اللاهوت والأخلاق إلى سياق العلم والممارسة.
(2) - اللاديمقراطية، إذ أنّ السياسات العربية أديرت من قبل نخب بالغة الضيق، بمعزل عن الشعب بمختلف طبقاته وفئاته وتياراته السياسية والفكرية الرئيسية، مما جعلها سياسات مرتجلة وغير منسجمة مع مصالح الأمة حينا أو في تناقض معها أحيانا أخرى.
(3) - القطرية، إذ أنّ الميسم القطري كان واضحا في السياسات العربية، وإن تغلفت أحيانا بالشعارات العربية القومية.
إنّ ما ذكرناه أعلاه يسلط الضوء على مشكلة التأخر العربي، تأخر البنية السياسية العربية بجماعها. لقد بقيت الدولة العربية في شتى أشكالها ذات بنية تقليدية. والصفة الأولى المميزة لدولة ذات بنية كهذه ليس فقط كونها فوق المجتمع، بل أيضا كونها تؤسس للاندماج بين السلطة وممارسيها. هذه الدولة تتيح أوسع الفرص لممارسة أقلية ما هيمنة دائمة، والصراعات حول السلطة ( وكثيرا ما تعتبر هي السياسة في مجتمعاتنا المتأخرة ) داخل هذه الأقلية تسهم أكثر في تعزيز السيطرة الممارسة لا إضعافها. هذه الأقلية، الأقوى من الشعب، بإلغائها الحياة السياسية، عطلت بالنتيجة عملية تحديث السياسة وعرقلت دمقرطتها، أي عرقلت عملية تحوّل الأفراد من رعايا إلى مواطنين في الدولة.
وهكذا، يبدو أنّ الدولة الحديثة لم تمتد جذورها إلى الأقطار العربية. ويبدو أنّ إحدى المشكلات الكبرى للدولة العربية، التي ظهرت بعد نيل الاستقلال الوطني، أنها لم ترتبط بفكرة الحرية وفكرة العقلانية، بل ارتبطت بفكرة التوازن بين البداوة والدولة، حين مثلت البداوة حرية الأصل السابقة للدولة، ومثلت العشيرة المحافظة على بعض حرية التصرف داخل الدولة.
ففي حين أنّ المجتمع الحديث يتميز بتعدد العلاقات والمراتب الاجتماعية، التي تعبر عن نفسها في صورة مؤسسات، ثم تأتي الدولة فتتوج هذه المؤسسات وتستعيدها في إطار وحدة عامة شاملة، فإنّ الدولة العربية " الحديثة " استبعدت جزءا هاما من التجربة الاجتماعية، ليس عن طريق تحويره وتطويره إلى صورة أرقى منه، وإنما عن طريق عزله ومنعه قسرا. وبهذا فإنّ سلطة الدولة العربية ليست منسلخة عن المجتمع فحسب، بل هي عازلة له ومتسلطة عليه. فهي تحتل مراكز الإشراف التي تقع على تقاطع العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الداخلية.
لذلك يبدو العالم العربي عالما مفككا، لا يحافظ على وجوده الهش إلا الاستبداد السياسي المتزايد عنفا، ويجد نفسه أسير معادلات سياسية مستحيلة، إذ أنّ الإدراك السياسي لحكامه والجزء الأكبر من معارضيهم يبدو مقتصرا على الإدانة الخطابية للمؤامرات الخارجية. ولهذا ـ أساسا ـ آلت الحالة العربية إلى التوصيف الذي ورد في تقارير التنمية الإنسانية للأعوام 2002 و 2003 و 2004، وأمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تحتل العراق، كما أمكن لإسرائيل أن تستفرد بالشعب العربي الفلسطيني.
وإذا كانت الأزمة العامة في أقطارنا العربية، بديمومتها واستعصائها، تشكل كابحا لتطلعات شعوبنا، وتضع وطننا أمام طريق العجز عن مواجهة المخاطر والتحديات حاضرا ومستقبلا، فهي أيضا تزيد وتفاقم من مأزق الحكومات في التلاؤم مع استحقاقات التغيّرات الكبيرة في موازين القوى والأوضاع الدولية.
لقد أفقدت الأحداث العديد من الحكومات مصادر شرعيتها، وأوضحت مدى ضعف المؤسسات السياسية في الأقطار العربية، وأبرزت أبعاد الأزمة: غياب المشاركة السياسية من قبل الجماهير العربية في الحياة السياسية، إما نتيجة اللامبالاة السياسية وضعف الوعي السياسي، وإما لعدم الثقة في الأنظمة السياسية، وإما نتيجة تضييق قنوات المشاركة من قبل هذه الأنظمة، وإما لتوافر هذه الأسباب مجتمعة. والانفصال بين الحاكم والمحكوم، وعدم وجود تفاعل بين قيم وأمنيات ومطالب المحكومين والسلوك السياسي للحاكمين، الأمر الذي يؤثر في مدى توافر شرطي الرضا والقبول من جانب المحكومين، وهما الشرطان اللازمان لاستمرار الأداء السياسي للسلطة وفعاليته في المجتمع. وغياب المؤسسات السياسية الفاعلة القادرة على إعداد وتدريب وتجنيد المواطنين بالأسلوب الديمقراطي الذي يوفر إمكانية الحوار والتفاعل بين كل التيارات الفكرية والسياسية الرئيسية لصياغة رؤى وتحديد وسائل عمل تتعاطى مع التحديات المطروحة بما يخدم خروج الأمة من محنتها.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإطار الاستراتيجي للعلاقات الأمريكية - الروسية
- مؤشرات الانتخابات البلدية في تركيا
- تساؤلات بشأن التحول الديمقراطي في العالم العربي ؟
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (6)
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (5)
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (4)
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (3)
- أسئلة ما بعد - انتصار - حماس
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (2)
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (1)
- أي سلام مع حكومة نتنياهو ؟
- موسم المصالحات العربية
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (6)
- زمن المحاكمات الدولية
- آفاق التحول الديمقراطي في العالم العربي
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (5)
- القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (4)
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (3)
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (2)


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله تركماني - معوّقات الحداثة في العالم العربي