أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - حصاد الموت














المزيد.....

حصاد الموت


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2576 - 2009 / 3 / 5 - 01:43
المحور: الادب والفن
    



+ في المغرب :
كان يحبها كثيرا حتى صار يضرب بهما المثل بين سكان الحي الذي يسكنانه معا . ليلة الثلاثاء ، قرر خالد أن يقضي وقتا ممتعا مع حبيبته "بكازادي إسبانيا " كعادتهما كل مرة يريدان أن يريا بعضهما ويستمتعا بالحب الذي يجمع قلبيهما خارج الطقوس الرائجة بين أغلب العشاق .
في المكان المشؤوم ، كان العاشقان على موعد مع الشبح الجديد الذي غزا العالم ، كانا على موعد مع الموت المجاني ...

+ في فلسطين :

لم تتعود " ندا" على الخروج في ذلك الوقت بالضبط ، ولم تكن تعرف أن الوحش يحظر التجول على الحسناوات أيضا . تمكنت "ندا" أن تمشي أمتارا دون أن تسمع أي صوت أو زئير أو نباح...حتى وصلت الشارع الرئيسي لمدينتها الذي كان بدوره يعرف السكون والصمت كأنه في حالة حداد على عزيز مات واستشهد ، تقدمت خطوات نحو دكان الشيخ أحمد لم تجد في الدكان إلا الخراب ، وكلب مسعور يشهر لعابه الملوث في وجهها ، في ذلك الوقت استقبلت نهايتها بقلب كبير ..

+ في العراق :

استقبل أحمد موته على طبق من ذهب وهو خارج من مسجد الحي بكوفيته الحمراء وزيه البغدادي الجميل ، لم ينزف دما حينها ، لأن الرصاصة الطائشة التي أصابته كانت تجبن أن تسيل دما .
قبل موته ، كان يقول دائما : إذا أتى الموت وأراد منازلتي يوما ما فلا يساندني أحد على صرعه ، لأنني أعرف جيدا أنه جبان وخواف .
لكنه ، وفي رمشة عين ، صرعه موته دون أن يمنحه فرصة النزال .
إن الغدر من صفات الموت دائما .

+ في الرياض :

انقلب حامد في أفكاره من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، بعد أن طلب منه شيخه المفتي برمي نفسه ملغوما داخل سوق شعبي . ماذا سيجني إذا قتل نفسه وعشرات المظلومين معه ؟ تساءل في نفسه كثيرا قبل أن ينسحب من تنظيم القتل الذي كان ينشط فيه .
عاش حامد شهورا يمارس حياته الجديدة المعتدلة ، يأكل ، ويشرب ، ويحب النساء ، ويسافر من مكان إلى مكان ، أعجبته الحياة الجديدة بكل ما فيها من صخب ولهو وصلاة وإيمان وصدق ...أصبح يزور الأسواق ليقضي مآربه منها ، عكس ما كان يظن بأنها محج الكفار والجاحدين ، يرتاد المقاهي والملاهي والمنتجعات ، يعيش كباقي البشر ليس سجينا لفكر أو معرفة غبيين ...
كعادته خرج للسوق يتبضع مثل الناس ، كان يحس أن هذا اليوم لن يكون بخير ، وكان يعرف أن حياته مهددة في كل آن بعد خروجه عن التنظيم الذي كان ينتمي إليه . وبينما هو منهمك في شراء بعض اللوازم ، فاجأه شبح الموت يحصد الناس أمامه ويحتل جسده بالمثل ، تحسس نفسه في رمقه الأخير فوجد شظايا القنبلة التي كان مكلفا بتفجيرها هو قد أصبحت تنتشر كمرض "بوحمرون" في جسده...

+ تسونامي اللعين :

الشواطيء عظيمة وشاسعة تحت أشعة الشمس ، أجساد هنا وهناك ملقاة فوق الرمال الذهبية بتلقائية . سحابة سوداء تغمر المكان دون أن يحس بها أحد ، غضب الماء مازال ساكنا في الوقت الذي كان الحب يسري بين الناس جميعا دون وجود منغصات ..
ليس ثمة إعلان عن كارثة ، ليس ثمة عاصفة لإنهاء ممارسة الحب ، وليس ثمة قاتل قادر على سفك الدماء العظيمة في ظل هذه الروعة والجمال .
لم يضجر قاتل من قبل منذ قرون هذه الجنة . ولم يلوث وحش منذ سنين كثيرة طبيعة المكان ليحوله إلى عالم فليسطيني أو عراقي ..
لم يصدق أحد أن هناك قاتلا ينهي حياتهم في رمشة عين ، وعندما هم في ظنهم هذا واقتناعهم بالثقة العمياء في الماء غابوا ، وأفلوا مع أول موجة استيقظت بعد سبات طويل ...
مات الكل في اكتساح الماء للأبدان ، الرجال والنساء والأطفال كانوا في موعد مع الموت ولحظات النهاية الوامضة في هيجان الماء ....!


عزيز العرباوي
كاتب من المغرب
[email protected]



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية والانغلاق :
- الأنا المفقود : خاطرة
- من قال إنها شفافة فقد كذب : قصة قصيرة
- البكاء في حضرة الصليب
- - العدالة والتنمية - أو التنديد والوعيد :
- الساعات الإضافية : جريمة تربوية بامتياز :
- زيارة الأضرحة طريق يقود إلى الجاهلية :
- هكذا يكون الانتماء :
- في مديح الأقصى :
- التجمع العربي الغريب :
- هوغو تشافيز وأنظمتنا الرسمية الخانعة :
- المقاومة تدشن عهدا جديدا في مسار الأمة :
- تائه في وطن :
- العالم العربي واختلال الفكر السياسي :
- - الشيخ والبحر - لإرنست همنغواي : عندما يبدع المترجم :
- استباحة الحلم بالنفاق :
- ثقافة العنف ودوافعها الأساسية :
- سقوط المارد إلى الهاوية : الأزمة مستمرة :
- تحذير
- المثقف المنافق وموته المحتم :


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - حصاد الموت