أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم الوراق - غالت في حقي أرزاء الحياة















المزيد.....

غالت في حقي أرزاء الحياة


ابراهيم الوراق

الحوار المتمدن-العدد: 2548 - 2009 / 2 / 5 - 03:49
المحور: الادب والفن
    


غالت في حقي أرزاء الحياة... أبكيها وهي تقول: كيف أنت...؟ قلت كئيب... حزين... أبكي على ضفة النهر... نهر فوار باللئام... ثر بالغدر والإذعان... نساء وغلمان... يسرحون... يمرحون... وأنا هناك أبكي...أبكي قرص الشمس البادي... شاحبا يبكي آلامي... وأتراحي... وأنا هنا واقف أبكي... نظرت إلى شجرة الوجود... تبدت لي صفراء كالهشيم... نظرت إلى ظلال الكون... رأيت الفضاء سديما يطادرني... وأنا رخو بين حدين... سيف يبترني من الوراء... وغدير الخيانة أمامي... يموج بالدماء الثائرات... وواحات تعلو منها هامات... وكاسات تدار على الأقيال... يعبون ما فيها من أبوال...

صيروها ترنيما تنود به الرهبان... يسخرون من الأقدار... قالوا: هذا حفل بهيج...!!! قلت سبحان من أوحى إلي... سبحان من علمني أن أقول:... لقد كفرت بك يا أمتي...أنا عبد مجلل بالذل... يرسف في غل... مكسور الجناح... أبكي...

عدوت إلى الأمام... أملي أن أنسى...أن أخط الأرض بقيدي...أن أجر حشائش الذكريات... مشتعلات تترى كالزفرات... حرى وأنا أبكي... أدهس جماحم الأبطال... وهياكل الجنود... قالوا: تلك أمة قد خلت... قلت :هذا حظي من الوجود...قالوا: إلى أين يا حزين...؟ قلت من ظلمات الوجود... إلى أمل العدم... من صيرورة الزمن الخداع... إلى غدر الشموس والأقمار...أجرجر أحلامي في عمايات الأيام... مبهم ذاك الإحساس الذي يراودني... أخاف منه حين يعذبني... وأرى قطرات دمعي حرى... تبكي وطني... تبكي جسما مثخنا بالجراح...صولة عدت عليها العوادي... استأسدت عليها نعاج لئام... صبحا... وفي الليل يظهرون كالخراف...اغتصبوها في غفلة الجذلى... واغتالوها غصبا على الثوار...أضج على رفاتها بالدعاء... أترنح بالأمل المغبون... وعود في السماء... في الأرض... تراني شزرا من كوة الأحزان... أعاندها وكأنني... شهم يفري بالجبناء... أعاندها فتولول بالاستجداء... وانا عربي أنسى... ذاكرتي جمرة الغضا... تحترق مع الآهات... أنسى بسرعة... وأرضى بسرعة... تعول بين يدي كالثكلى... أشفق عليها من غفلاتي...ثم أثور...فتقول يا هذا لك تثور...؟ عجيب أمرك يا سارح النظرات... يا ناظر الأرداف... يا مغاليا في حب الشهوات... أنت لن تثور... ومعاذ الله لن تثور... بكيت على ليال ضاعت بين رموس الجسد... ليال مترعات بالقبل... بالحنو الشفيف على جراحي... تلك الفتاة حكمتني في بخار الدماغ... في أوار اللذة... سكبت بين نهديها كأسا...بل على جسدها... وأنا عربي أبكي... للفرح ... للحزن... تشابكت الدموع في شؤوني... فلم أدر ماذا أقول... أأنا باك للحزن... أم للفرح الذي بدا من سرار الغواني...؟

سكن الطيف بقلبي... أعاديه بثورتي... وأنا الهامد الساكن... لم أرض بالخنجر على منطقتي... لم أرض بالخودة والعقال والكوفية... لم أرض بالسيف والسكين... لم أرض بالعضاه والشيح والقيصوم...لم أرض أن أرى ظلي... بل أنا بدون ظل... شبح بدون رأس ... لا تعرفه النياشين... لا حديث ولا أمل...ولا تيجان ولا عرس... تلك الرمال والأشجارتعرفني... تلك الشطآن والأصداف تعرفني...وأنا الصائد الماهر... أصطاد في كل يوم هزيمة... أعلنها صدى في خراب روحي... وأملا يرنو إلى دماء إخوتي... أراها غدرانا تضخ بالغضب...

قالوا من أنت...؟ قلت: أنا الساكن... لا أطيق إلا الخنوع... قالوا يا هذا لم تبكي...؟ وأنت الذليل...!!! لم يعجبني أن أنسى اسمي... وهل لي أن أنس...؟ قلادة علقتها... جدتي على نحور الذكور...يضعونها بين أيديهم... يرونها بالوعد المأفون... يقولون غدا سنصير رجالا...!!!

يا هذا لا تعد دائرتك... أنا انتفاضة في فنجان قهوة... في حميا الشراب... في حسيس الليل... في مؤخرة النهار...في بكاء الثكلى... في أنين الجراح... في حدو العواهر... في قهقهات السمان...

أنا عربي... ويكفي أن تدينني... بل يكفي أن لا تلومني على الخنوع...أنا لا أبكي عزا ضاع...ولا أملا يرجى...أنا أبكي... ولا أدري لم البكاء...؟ قالوا في محاضر الشرط... وفي مخافر التحقيق... لم البكاء...؟ قلت: هذه لغتي...حروف معجمة... وأحاسيس مبهمة... وأنت أيها الجبان... لم لا تبكي...؟ ألا أيها الشقي ان البكاء ممنوع...؟ ألا تدري أن الكلام ممنوع...؟ ألا تدري أن الشكوى من ذاك محظور...؟

بكائي في قائمة المحظورات... وأنت في بهو الخيانة تتحدث...

عجيب أمر هذا الكوكب... كلانا يعيش فيه لحظة ...تضيع في سكك الزمان... دروب مهترئات...أزقة سوداء...في خان الزواني... في ملاح العواهر...في جؤنة العطار... في رغد العيش... في ردهات الإسطبلات... أحلامي تتبخر... أبكي لأنني نسيت عروبتي... نسيت تناقضاتي... نسيت أنني رخو بين حدين...

قالت لي فتاتي من وراء الستار... لا تشغل بال ليلنا بالأنين... فيا حبيبي نم قرير العين... العز عزنا نحن العرب... ضمتني إلى صدرها... نشيج ونحيب وبكاء... ولذة وشهوة ونسيان... وأنا أرى فتاتي غاضبة... آلمني أن تنسى جراحها... بأعقاب سيجار وبلالة خمر... آلمني أن أراها من وادي الخيانة... ضمير تفشى سره بالليل... غدا رائحة تفوح من الظلام... من ساحة العذارى... من حارة الغلمان... من فضلات الزمان... من بكاء الجرحى.. من أنين الثكالى...من تاريخ أمة أصيبت بزكام الهرطقات...من شعوب أينعت أحلامها... بين هدب وهزل وغناء... من خصيان وعميان... قادونا إلى المذابح... من كلاب مسعورة... نهشت لحوم الأحرار... من قوم منعوا زناد بندقتي من القنص...

لا تلوموني أنا عربي وكفى...!!! ذرة طاغية في دياجير الزمن... كلمة صارخة في وجوه الجلادين... تلك لغتي... تلك أبجدياتي... تلك حروفي... فارعات... يابسات... تدب فيها الحياة...

من فمي انطلقت شرارة الألم...تحترق في دهاليز القلب... بكائي متمدد في الهواء... هواء ينبثر مع الجرح... وآفاقي سوادء بالآهات...لا ضوء ولا نور... أرمقه بصيصا من الأمل...يبدو خاطفا... خافتا... يخاف من الرقيب...يرجو رجاء الواجل...يئن بين الجدران.... وغدا يبكي وراء القضبان... يصرخ في عتمة الليل...في وجه السجان... ليته كان بطلا... بل هو البطل... حلم الجبن في خوار الزمن... لا يطيق المشي إلا في دسائس الغدر... عجبا له من بطل... عجبا له من جندي... عجبا له من ثائر... ينتفض في ظلال الشعارات... ويبكي في غرة النهار... يبكي ضياع حظه من الشجاعة...



#ابراهيم_الوراق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغربة
- على ضفاف عبد الرزاق الجبران
- وجهة نظر في الإسلامويين.....!!!!!
- وجهة نظر في الإسلامويين...!!!!
- الطريقة التيجانية بين خيارين، الروحية، أو السياسة.
- جذور التصوف
- أهمية التصوف
- التصوف وحوار الحضارات
- ][®][^][®][توابيت الموت ][®][^][®][
- مشروع شاعرة
- لن أرحل
- إلى الذي سأل أين الله
- قرية المجانين
- حين ولدتني أمي !!!
- خيال إنسانة
- خيال من خيالات انسانة
- لقاء على شاطئ سيدي بوزيد
- مسار عمرو خالد ، وخالد الجندي ، في الميزان
- صراع الوهم ، أم صراع الإرادات
- عمرو خالد بين الأسطورة والحقيقة


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم الوراق - غالت في حقي أرزاء الحياة