أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عثمان ابراهيم - نحو دبلوماسية سودانية بديلة (2-2)















المزيد.....

نحو دبلوماسية سودانية بديلة (2-2)


محمد عثمان ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2527 - 2009 / 1 / 15 - 08:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


خلصنا في الحلقة الماضية إلى أن الحكومة و آلتها الدبلوماسية عجزتا عن تحقيق أي كسب يعتد به من وقوع البلاد ضحية لقصف الولايات المتحدة لمصنع الشفاء وأشرنا إلى إن المهندس البريطاني توماس غرانافين و الصحفي الأمريكي الراحل دانيال بيرل كانا ضمن من ساندوا السودان في محنة القصف و ينبغي في هذا السياق أن نذكر المساندة الهائلة و الإدانة غير المتحفظة التي عبر عنها المفكر الأمريكي المرموق ( اليهودي أيضاً) نوام تشومسكي الذي قال إن قصف المصنع كان عملاً مرعباً قامت به حكومة الولايات المتحدة . و أوضح تشومسكي في إدانته الخالدة تلك إن ذلك القصف يشابه ( جرائم أخرى كبرى ) مثل إغتيال لوممبا الذى أدى إلى سقوط الكونغو في وحل من الذبح ما يزال مستمراً و كإنقلاب غواتيمالا عام 1954 م الذي أوقع البلاد بعده في 40 سنة من الفظائع و كتب تشومسكي في موقع Salon الرفيع على شبكة الإنترنت " إن القصف قتل عدداً مجهولاً من الناس ، لا أحد يعرف لأن أحداً لم يهتم " و بالطبع كانت الحكومة السودانية أول من لم يهتم. ما لم يقله تشومسكي أن لا جرائم ترقى للمقارنة مع جرائم الولايات المتحدة حول العالم من هيروشيما إلى العراق مروراً بتشيلي التي ظلت تحتفل بحزن كل يوم 11 سبتمبر منذ عام 1973 م دون أن يهتم بذلك الكثيرون.
كانت توقعات د. الطيب حاج عطية الأكاديمي المعروف و مدير معهد دراسات السلام في جامعة الخرطوم حول عملية قصف مصنع الشفاء تقول بأن الحكومة تريد للمصنع أن يبقى معرضاً ( مفتوحاً ) و إن أمر قصفه ما زال شوكة في جسد العلاقات السودانية –الأمريكية " و سيكون على الدوام قضية تثيرها الحكومة السودانية " ( إنترناشيونال هيرالد تريبيون 20/10/2005 م ). لكن الحكومة السودانية خذلته تماماً و حولت ملف العلاقات مع الولايات المتحدة من كونه ملف دبلوماسي إلى ملف أمني –مخابراتي ليخرج التعاطي مع واشنطن من ظلال الأنوار الخافتة إلى عتمة الظلام المطلق.
أشرنا أيضاً فيما مضى إلى عجز الوجه الأبرز للدبلوماسية السودانية حالياً السفير عبدالمحمود عبدالحليم عن التعاطي مع مجلس الأمن و المجتمع الدولي بالفصاحة اللازمة لعمله لكن الحقيقة إن السيد عبد الحليم لا تنقصه الفصاحة وحدها و إنما تنقصه اللباقة و الحساسية في التعاطي مع الآخر دفاعاً عن الذات و قد تناولت و سائل الإعلام منذ عهد قريب مجادلته العنيفة الخاسرة مع مندوب دولة كوستاريكا بالأمم المتحدة حين وصف بلاده بأنها جمهورية من جمهوريات الموز فما كان من سفير كوستاريكا جورج أوربينا إلا أن رد ب " إننا نحترم الحكومة السودانية جداً. بالطبع لا نقبل الوصف بأننا جمهورية موز " ثم عرج السفير إلى المقارنة بين موقع بلاده و موقع السودان في سجل التنمية البشرية الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة للتنمية.
ما الفائدة في معركة جديدة من هذا النوع و لماذا نترك الفيل ( الأمريكي البريطاني الفرنسي ) في غرفتنا و نذهب لقتال كوستاريكا في العراء.
تشبه معركة السفير الخاسرة هذه مع كوستاريكا معاركه الأخرى ضد أوكامبو و الممثلة الأمريكية ( الأسترالية الأصل ) ميا فارو. قد يمكن التجاوز مع العوام حين يهتفون ضد أوكامبو لكن لا يمكن النظر بعين الرأفة نفسها مع الدبلوماسيين و الوزراء ( إبراهيم أحمد عمر مثالاً) فالنخبة العارفة و الحاكمة تعلم أن أوكامبو موظف دولي يحاول ما استطاع التفاني في عمله و إتقانه و لو كان مجلس الأمن قد احال إليه التحقيق في الجرائم التي ارتكبها الرئيس الأمريكي جورج بوش لأدى عمله بنفس الطريقة لكن دبلوماسيي الولايات المتحدة يدركون ، بعكس دبلوماسيي السودان ، إن المعركة في نيويورك مجلس الأمن و ليست في لاهاى المحكمة الدولية.
إن البلاد (بلادنا ) لحقتها إهانة مفجعة بتوجيه الإتهام إلى رئيسها فالمسألة تتعدى بسهولة شخص الرئيس الذي يمكن حمايته بعشرة آلاف مثلاً من الجند المجندة و أن يلزم البقاء في البلاد خصوصاً و أنه لم يعرف عنه شغف بقضاء إجازات في لوزان أو باليرمو لكن الإهانة تطعن في مقدرة البلاد على محاسبة رئيسها و موظفيها الرسميين و تطعن في ( تنمية ) مقدرة الشعب و قواه السياسية و المدنية و العسكرية لمواجهة المسئولين. لا أزعم أن هناك مؤسسات ناضجة تستطيع توجيه تهم من نوع التهم التي يوجهها أوكامبو للرئيس البشير أو توجيه اي تهم ذات بال سواء للرئيس أو لرجال نظامه في الخارج و العاصمة و الولايات لكن محكمة الشارع و الرأى العام و الحقيقة و الأخلاق و الضمير قادرة على ذلك و هي التي يمكن أن يعتمد عليها حالياً لحين تثبيت ما تحقق من سلام ثم العمل على إستتباب الظروف المناسبة لمحاسبة شاملة لا بد أنها قادمة. كم من رموز خسرت قضاياها في تلك المحكمة ( محكمة الحقيقة و الأخلاق و الضمير ) فأصبحت مدانة في ذاكرة البلاد كلها ( أنظر علي الحاج كمثال ساطع على فساد الخلق في الحكم و المعارضة). بتوجيه الإتهام أو التهديد بتوجيه الإتهام للرئيس البشير يخسر السودانيون كلهم الأمل في مستقبل ديمقراطي لأن توجيه الإتهام للرئيس و الترجيح بملاحقة أعوانه على نفس النحو يجعل الهم الأول لحزبهم ( حزب المؤتمر الوطني ) البقاء في السلطة لحماية رموزه بمختلف الأساليب تحت لافتة الدفاع عن الأمة السودانية ( و ربما العربية و الإسلامية) مما يمهد السبيل لرموز السلطة لإعادة التماهي و محو الخطوط الفاصلة بين ما هو حزبي و ما هو وطني و هو السبيل المجرب في غير مكان و الأكثر مضاء لتوطين الدكتاتورية و الإستبداد.
كثير من رموز السلطة ملوا كراسي الحكم و كثير منهم لا يخفي ذلك . بعضه يريد التفرغ للتجارة و بعضهم لأشياء أخرى و قد هيأ البعض منهم نفسه لإنتهاء التفويض ( أنظر حوارات مصطفى عثمان إسماعيل مع محمد سعيد محمد الحسن) لكن مذكرة أوكامبو جاءت لمنحهم تفويضاً جديداً سيركزون كل همهم فيه على الدفاع عن نظامهم الذي يحميهم و إن أبت الديمقراطية.
هكذا فإن التعاطي مع المحكمة الجنائية الدولية لن يحقق كسباً للسلطة و لا للبلاد و إن طالب بذلك بعض رجال القانون فالإهانة تحدث بمجرد بدء المحاكمة و ليس بعد الإدانة و الإدانة نفسها ممكنة بحكم المسئولية التضامنية و ولاية الرئيس على الجيش و الدولة فلو قتل عسكري حكومي مواطناً – و هو أمر فظيع على كل حال- لتم إحتساب الرئيس مسئولاً و لو على المستوى النظري. هكذا فإن إدانة المحكمة الدولية لا تعني شيئاً . البلاد اليوم أمام إختيار قاس بين جلب المصلحة و دفع الضررفعلى أي جانبيها تميل؟
بهذا المعني فإن المواجهة ليست مع أوكامبو و لذا فإن قول السفير عبد الحليم " أوكامبو يدمر عملية السلام إننا نطالب بمحاسبة (هذا الرجل) على ما يفعله بعملية السلام في السودان " ( بي بي سي 5/6/2008 م ) قول خاسر لا يفيد و كان الصمت عنه أفضل. و يشبه حديث السيد السفير عن أوكامبو ما قاله في حديث لرويترز عن الممثلة فارو إنها " ممثلة عجوز... ابتعدت عنها الاضواء." و إنها "تريد استغلال دارفور لجذب الاضواء اليها". هذا كلام قاس و جارح بالطبع ليس للممثلة ( الغبية ) و إنما لكبار السن عموماً فالعمر في حد ذاته كبر أو صغر ليس منقصة و مثل هذا الكلام شبيه بإساءة سابقة قال بها صحفي سوداني شهير عن محام – رحمه الله – معرضاً به كونه مريض بداء الكلى و إنه يعيش بكلية واحدة.. يا للبشاعة!
أمر ثان هو إن كبر السن و البحث عن الأضواء لا يمكن إعتبارهما محفزاً للولوج في شأن الدفاع عن مدنيي دارفور و إلا فماذا يقول السفير في أمر أنجلينا جولي و جورج كلوني الشابان اللذان تقبل عليهما الدنيا و الأضواء أقبلا – هما – أم أدبرا.
لا يتحمل السيد السفير عبد الحليم المسئولية وحده و لكن قدره هو الذي جعله في المواجهة في هذا الوقت الدقيق فقد سبقه سفراء أنهى كل واحد منهم فترته و هو يحمل سجلاً من الإدانات و القرارات الدولية و قد خسرت بلادنا الأمم المتحدة تماماً يوم حسبت الحكومة وظيفة مندوب السودان ضمن الغنائم التي ينبغي توزيعها للمحاسيب فمنحتها للفريق ( حصل على الرتبة مؤخراً ) الفاتح عروة. كانت الحكومة تريد لعروة أن يكون سفيرها في واشنطن لكن وزارة الخارجية الأمريكية مدفوعة بضغط من جماعات الحركة الشعبية لتحرير السودان – آنذاك- رفضت ترشيحه فتم تحويله إلى نيويورك رغم أنف الحكومة الأمريكية.
خلال ثمان سنوات قضاها الرجل في أروقة المنظمة الدولية عاش الرجل بشكل مخالف تماماً لسابق عهده في الأحراش حين ملأ دنيا الحرب في السودان و شغل الناس حتى توجته الذاكرة الشعبية بطلاً لإنهيار نظام منقستو في أثيوبيا و قيام نظام الجبهة الشعبية في إرتريا. عاش الرجل سنواته النيويوركية الثمانية بهدوء أعجزني عن استيفاء الدليل على منجز ضخم – أو أي منجز - تحقق للبلاد من خلال وجوده هناك. ليس الفاتح عروة وحده بالضبط فهناك آخرون!
لا يمكن قراءة أداء الدبلوماسية السودانية بمعزل عن أداء وزارة الخارجية المنوط بها قيادة مجمل العمل الدبلوماسي و ضبطه و توجيهه و لربما حق القول ان الوزارة بشكلها الحالي و عدم التناغم البين في إيقاعاتها ، ليست على قدرة كافية بل هي غير مؤهلة ربما لأداء الواجبات المنوطة بها . الوزير الأول السيد دينق ألور لا يقدم خدمة كبيرة في الأزمة الحالية و هو بالرغم من بشاشته و قدراته الدبلوماسية المشهودة و علاقاته الدولية الواسعة و معرقته الوثيقة باللغتين العربية و الإنجليزية فهو لا يوظف ذلك في البحث عن حل للمأزق الحالي و قد شهدنا إنه يكون أكثر فعالية و فائدة إذا ضمن أن تنصب مجهوداته لصالح موقفه من قضية أبيي ( هذه بتلك ). فوق ذلك فإن ألور غائب عن مكان عمله منذ أكثر من شهر و نصف.
الوزير الآخر هو السيد السماني الوسيلة و هو بتمثيله للحزب الإتحادي بقيادة جلال الدقير لا يملك مساحة واسعة للحركة و بالتالي يصعب تحميله مسئولية كبرى عما يحدث الآن.
إذن الوزارة هي مسئولية السيد علي أحمد كرتي ( وزير الدولة و الوزير الحالي بالإنابة) الذي دشن فاتحة تعامله الوزاري مع الخارجية الأمريكية بأزمة مشهودة كتب الأستاذ طلحة جبريل أن المسئولين الأمريكين ما زالوا يشيرون إليها بإمتعاض و هي تغيبه عن مقابلة (رسمية) خلال زيارة (رسمية) له لواشنطن . الحقيقة أن الزيارة كانت خاصة رتبها له لواشنطن عضو الكونغرس السابق مارك سيلغاندر و كانت الأولى لمسئول سوداني رفيع بعد سنوات من الإنقطاع. تقول القصة التي رواها جبريل إن مقابلة كرتي كانت في الأصل مع روبرت زوليك نائب وزيرة الخارجية ( آنذاك ) لكن زوليك إعتذر عن اللقاء و لم يعلم كرتي بذلك إلا عند وصوله حيث أبلغ أن لقاءه سيكون مع السيدة جينداى فريزر مساعدة الوزيرة للشئون الأفريقية فخرج كرتي و برفقته القائم بالأعمال – حينها- السفير الخضر هارون إحتجاجاً.
حسب السيد كرتي – و هو مخطيء- أن فريزر التي تحظى بسلطة رمزية تتجاوز رؤساء كثير من الدول في مشارق الأرض و مغاربها أدنى منه مركزاً و مكانة . تتجول فريزر الأكثر قرباً للشأن الأفريقي و السوداني بالضرورة ، من زوليك ، في بلاد الشمس المشرقة كلها فتحظى بإستقبالات رؤساء الدول و حفاوتهم و كلماتهم الطيبة. ماذا لو تحامل السيد كرتي على نفسه قليلاً و قابل السيدة فريزر مثلاً معلياً شأن البلاد التي يمثلها على شأن المراسم و البروتوكولات. ما يثير في الأمر أن السيد كرتي خسر مقابلة فريزر و لم يكسب شيئاً فهو لم يصدر بياناً مثلاً يثبت فيه موقفه أو موقف بلاده من تعامل الولايات المتحدة معه بل و تغاضى عن الرد على إتصال صحيفة ( واشنطن بوست ) التي سعت لإستيضاح موقفه من الأمر ( الصحيفة 13/ 5/2006 م ). إحتفظ السيد كرتي بالأمر لنفسه بينما كان الواجب يملي عليه أن يُمَلك حقيقة الأمر للشعب الذي دفع – بالتأكيد- تكاليف رحلته. لو كان السيد الوزير أصدر بياناً ملك فيه الحقيقة للشعب لربما وقف البعض معه في مواجهة الإستعلاء الأمريكي !
في زيارة له للصين أصدر السيد كرتي بياناً صحفياً قدمه لوكالة الأنباء الصينية "إن موضوع دارفور شأن داخلي يحتاج إلى إعادة تأهيل في المياه و الصحة و التعليم " و ناشد المجتمع الدولي توفيرالدعم للبنية الأساسية لدارفور. و حال البيان يغني عن السؤال و لولا أن النشرة ( غير المؤرخة ) و التي ورد فيها خبر البيان صادرة عن وزارة الخارجية لقلت إن البيان مدسوس على الرجل.
تصريحات السيد الوزير تستدعي العودة إلى المثل الداعي لعيار الصمت مقابل الكلام بالذهب مقابل الفضة. ففي حوار للوزير نشرته صحيفة الشرق الأوسط (29 ديسمبر 2008 م ) قال عن دارفور :
" ولما كان أساس مشكلة دارفور هو الصراع بين الرعاة والمزارعين حول المراعي، فقد وأوصت اللجنة بمراجعة مسارات الرعاة بعيدا عن مناطق الزراعة في دارفور، وتم تحديد 11 مسارا، لتنظيم حركة الرعاة تبدأ من شمال الاقليم وتتجه جنوبا الى جنوب دارفور. وقد قامت هذه اللجان بزيارات للمناطق مستمعة لشكاوى المواطنين، وفتحت بلاغات، تم الحكم في بعضها، وما تزال اللجان تتابع الهاربين". لم يقل الوزير إنه بعد إلقاء اللجان القبض على الهاربين فإن على خليل إبراهيم و عبدالواحد نور و بحر أبوقردة و إبراهيم أحمد و شريف حرير و زعماء التمرد و حركاتهم المتناسلة كالفطر العودة إلى مراعيهم و مزارعهم!
و رداً على سؤال حول إعتقال الحكومة للسيد علي كوشيب و تجاهلها لإعتقال الوزير أحمد محمد هارون رد كرتي :
" كل لجان التحقيق الجنائي، لم تقدم أي إتهام ضد احمد هارون، عندما كنت وزيرا للدولة بوزارة العدل، فكيف نحاكمه. وحتى كوشيب فقد وردت ضده إتهامات كثيرة، وشهد ضده كثيرون، رغم إن أيا منهم لم يثبت اتهامه. يذكرون اسمه دون التأكيد إنه هو، اذ يشيرون في اقوالهم إلى أن كل المهاجمين كانوا ملثمين. يدعون على كوشيب لكن كيف تعرفوا عليه.. إذا كان المهاجمون ملثمين..لا ندري" .
حسناً ما دام كوشيب بريئاً – حتى تثبت إدانته – إذن لماذا تم إعتقاله لهذه الأشهر المتطاولة ؟ ألأنه ليس وزيراً ؟
مؤخراً جداً نقلت صحف الخرطوم تصريحاً عجيباً و فاجعاً للسيد الوزير رداً على ما نقلته صحيفة ( نيويورك تايمز ) عن خطة إقترحها المبعوث الأمريكي ريتشارد ويليامسون لتشديد الضغوط على الحكومة السودانية.
نقل النبأ كاتب العمود نيكولاس كريستوف المحلل المرموق و الحاصل على جائزة بوليتزر مرتين و خريج هارفارد و أكسفورد الذي يتحدث العربية و الصينية إضافة إلى لغته الإنجليزية الذي لا بد – و هو بتلك المواصفات - أن يزن كلماته بدقة و لا يتلاعب بمصداقيته بالطبع.
قال كريستوف ( 28 ديسمبر 2008 م ) إن و ليامسون كتب مذكرة مشددة للرئيس بوش يوضح فيها ثلاثة خطوات يمكن للإدارة الأمريكية إتخاذها للضغط على الرئيس البشير على النحو التالي:
1- تعطيل شبكة الإتصالات بما فيها خطوط الهاتف و الهاتف المحمول و الإنترنت بالخرطوم لمدة يومين.
2- الضغط على بورتسودان بإرسال باخرة للبحرية لقرب الميناء و إيقاف تصدير النفط.
3- إستهداف سلاح الجو السوداني بخطوة أولى تقوم بتدمير الطائرات ليلاً و هي على الأرض.
إختار الوزير كرتي التعاطي بشكل اقرب للهزل ( هل أقول عدم المسئولية ) مع هذا التهديد الجدي فبدلاً من أن يعبر على الأقل عن الشعور بالإستهداف و بث الطمأنينة في أوساط الشعب بأن الحكومة تتناول هذه التهديدات بالجدية التي تتطلبها مسئوليتها في حماية الشعب و ممتلكاته و تدرس كافة الخيارات المتاحة لمقاومة مثل هذه التهديدات فإن الرجل أدى بتصريح يصب في خانة الكلام الفارغ إذ قال إن" وليامسون أراد ان يمحو بتصريحاته عار الحذاء الذي رمى به رئيسه بوش". إذا كان وزير خارجية السودان يزن الأمور بهذه الطريقة و يربط بين الأحداث محللاً لها بهذا الشكل المثير للأسى فليس من المستغرب أن يخسر السودان معاركه العادلة في واشنطن و نيويورك و إنجمينا.
أضاف الوزير لتصريحه كلاماً غير مفيد نحو إن توصية المبعوث و ليامسون "سياسة من الادارة الامريكية المنصرفة لاضفاء بريق على تاريخها الذي لطخته بعلاقتها السيئة مع المؤتمر الوطني" . يا للغرابة ! كيف يعتقد السيد الوزير أن تأريخ إدارة بوش ملطخ بالعلاقة مع المؤتمر الوطني ؟ الكل يعلم أن تأريخ إدارة بوش ملطخ لأسباب لا علاقة لها سواء بعلاقته مع المؤتمر الوطني في السودان أو حزب الإصلاح القومي في ليبريا . الدول تقيم العلاقات مع الدول و السيد الوزير هو وزير خارجية السودان ( الدولة ) و ليس وزير خارجية المؤتمر الوطني ( الحزب ). و ليته ترك شأن الدفاع عن حزبه للسيد / مندور المهدي و صحيفة الرائد . حاولت البحث – ما وسعني الأمر – للخروج بتأويل معقول لتصريح الوزير لكن نشره في غالبية الصحف بنفس الصيغة جعلني أفشل في مسعاي كما فشل الوزير نفسه في غير مكان و آية ذلك خطابه المثقل بالشعارات الخفيف الوزن بمعيار الدبلوماسية أمام الجلسة الإفتتاحية للملتقى الثاني للسودانيين العاملين بمؤسسات التمويل الدولية إذ ستكشف أي مراجعة للخطاب أن الرجل يتجاهل إما عن عمد و إما عن سبب آخر (؟) كون إن المشاركين في الملتقى من النخبة العارفة التي لا يصلح أن تخاطب بمثل عبارات " إن السودانيين في الخارج يتعرضون لكثير من المعلومات المغلوطة" و"إن الإنجازات الكبيرة التي تحققت في مختلف المجالات قد جلبت علي السودان المؤامرات والدسائس"





#محمد_عثمان_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو دبلوماسية سودانية بديلة (1-2)
- السودان: بداية التأريخ و سلفاكير الأول (2-2)
- السودان:بداية التأريخ و سلفاكير الأول (1-2)
- صحيفة استرالية تدعو لضم حماس لعملية السلام
- قصة الدبدوب السوداني تكشف عقدة الدونية الإسلامية*
- أهل الخير يمارسون الشر في دارفور
- من دفاتر المخابرات : أوراق الأحمق
- صمت مريب حول الغارة علي سوريا
- كيف ضل الغرب
- المساعد الجديد للرئيس السوداني ، صورة مقربة 3-3
- المساعد الجديد للرئيس السوداني ، صورة مقربة(2-3)
- المساعد الجديد للرئيس السوداني ، صورة مقربة (1)
- السودان دولة فاشلة ، محاولة لرفض اللقب
- الحزب الإتحادي الديمقراطي مابعد المرجعيات،كتاب التيه التشظي ...
- 2موت تحت الطبع ، إسحق فضل الله و تيار صحيفة الإنتباهة في الس ...
- موت تحت الطبع ، إسحق فضل الله و تيار صحيفة الإنتباهة في السو ...
- الحزب الأتحادي الديمقراطي ، التباسات الخفة و الثقل
- في تداعي سائر التجمع الوطني السوداني بالسهر والحمي ،الحزب ال ...
- في تآكل المنسأة ، أو عن كيف خسر التجمع الوطني السوداني المعا ...
- في تآكل المنسأة أو كيف خسر التجمع السوداني المعارض ذاته والع ...


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عثمان ابراهيم - نحو دبلوماسية سودانية بديلة (2-2)