أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عثمان ابراهيم - الحزب الأتحادي الديمقراطي ، التباسات الخفة و الثقل















المزيد.....


الحزب الأتحادي الديمقراطي ، التباسات الخفة و الثقل


محمد عثمان ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1823 - 2007 / 2 / 11 - 12:30
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


مبتدأ:
يمكن لأثقل هم أن يقوم بتدميرنا ، أن يغرقنا تحته، أن يدوسنا و يلصقنا بالأرض ، لكن كلما ثقلت همومنا كاما اقتربت حيواتنا ( ج حياة) من الأرض ، الصدق والحقيقة.
في المقابل فانه في حالة الغياب المطلق للهموم والمسئوليات فأن الكائن يصبح أخف من الهواء، يكون في عطلة عن الأرض وكائناتها و يصبح نصف حقيقي ، و هكذا تكون كل تحركاته متحررة وغير ذات معني.
ميلان كونديرا
( كائن لا تحتمل خفته )
خبر :
تري هل يمكن استعارة جدل الخفة و الثقل الذي بيّنه الروائي التشيكي كما أوردنا أعلاه للنظر في حالة الحزب الأتحادي الديمقراطي ، و هل يمكن أعتبار المرحلة التي ساهم فيها وتسنم زعامة المعارضة الممثلة في التجمع الوطني الديمقراطي بمثابة مرحلة الثقل التي كانت تمنح حزبنا معني وجوده الأرضي و أرتباطه مع سكان وشعوب السودان؟.
و بالمقابل هل يمكن أعتبار أنضمام الحزب لحكومة الوحدة الوطنية بعين واحدة مفتوحة و أخري مغمضة تنتظر معجزة ما، و ما ترتب علي ذلك من انجلاء عبء المعارضة وقيادتها ( الي حتفها كما دلت النتيجة)، أضافة الي عدم استيعاب أي هموم جديدة أو مسئوليات وطنية نشعر بها في محيطنا الأرضي كتعزيز عملية التحول الديمقراطي أو مكافحة الفساد أو المساهمة لضمان شفافية الحكم و الأدارة في الفترة الأنتقالية و من ثم الأنتخابات القادمة أو _ كما يرجو الجميع_ المساعدة علي بناء جسر ثقة بين شريكي الحكم الرئيسيين وبالتالي بين شعوب الوطن في الجنوب والشمال بحيث نجتاز كلنا أمتحان الأستفتاء علي تقرير المصير بأنجاح خيار الوحدة الذي يبدو في صالح الجميع بما في ذلك المجتمع الدولي ، هل يمكن أعتبار هذه المرحلة هي مرحلة الخفة التي جعلت الحزب نصف حقيقي حر التحرك بلا قيمة أو معني؟.
هل يبدو الحزب الآن مثل رائد فضاء خارج الغلاف الجوي وقد تحرر من وزنه الحقيقي الذي منحته أياه قوانين الجاذبية فصار يدور حول نفسه دون أن يتمكن من أصلاح العطب الذي ضرب سفينته؟.
كل الإحتمالات التي ذكرنا في الخبر _كما نزعم _صحيحة!!.و نواصل ...

فقد أوردنا في مقالات سابقة كيف ظل الحزب يعاني من إلتباسات في المعاني و المفاهيم فصارت أحاديث قادته لاتعني شيئا وفقآ للغة التي يتحدث بها العالم من حولهم و ذكرنا ضمن ماسبق امثلة علي ضبابية معني الحزب السياسي في ذهن هذا الحزب ، فلم يعد احد يعرف ماذا يفعل و لا كيف يفعل بهذه المؤسسة التي ورثها المنتمين اليها من أبناء الشعب السوداني من قاد تها السابقين. هذه الحالة دفعت بالكثير من القادة و بالطبع الجماهير التي تتفق في الرأي معها الي الخروج علي صفوف التيار الرئيسي للحزب و ( إعادة تشكيل ) نفسها في هياكل جديدة فصارت لنا أحزاب أتحادية يظل الجامع المشترك بينها أنها لن تتحد بسبب ما نشأ بينها من المرارات و أذا أتحدت فستكون علي طريقة طبخ البخلاء وفقآ لما روي الجاحظ وهي أن يمسك كل واحد بنصيبه في القدر بخيط مرتبط بكفه حتي يضمن أنه وحده الحائز عليه حين يكتمل الطبخ أو كما وصف الأستاذ / الخاتم عدلان مرة طريقة العمل في التجمع الوطني . انقسم الأتحاديون الي ما يلي فيما نعرف :
1. الحزب الأتحادي الديمقراطي ( التيار الرئيسي أو المرجعيات)
2. الأتحادي ( الأمانة العامة –جماعة الراحل الشريف)
3. الأتحادي ( المؤتمر الأستثنائي – جماعة الراحل الأزهري )
4. الأتحادي ( الهيئة العامة –الزين حامد و سيد العبيد)
5. الأتحادي الموحد ( حاج مضوي / حسن دندش )
6. الوطني الإتحادي ( حسن محمد مصطفي)
7. وحدة وادي النيل ( حسين أبوصالح و ربما يكون هذا مؤجرآ مفروشآ لجهة اخري)

و غير هذه المجموعات ممن تكمن ثم يعلو صوتها بين الحين و الآخر، لكن ما يلفت النظر أيضا أن التيار الرئيسي الذي أوردناه في الطليعة بأعتبار أنه الأكبر بالطبع و الأقوي و الأوفر تاييدآ، ليس موحدآ هو نفسه.
و لا نعني بالتوحد الألتزام بحد أدني من المواقف المتجانسة فهذا امر علي تواضعه صعب وقاس فالحزب غير متفق حتي علي الأساسيات ؛ فنائب رئيس الحزب علي محمود حسنين مازال يتغاضي عن مشاركة حزبه في الحكومة و يتعامل معها علي أنها غير موجودة بينما العالم من حوله يدرك أن العكس هو الصحيح خاصة و أن هناك أجتماعات و مقابلات مع حزب المؤتمر الوطني تبحث تعزيز هذه المشاركة. الأستاذ علي محمود يقول أن حزبه معارض و يخرج قائدآ للتظاهرات الرافضة لزيادات الأسعار و حزبه يقف علي النقيض منه لكن الحزب مازال موحدآ!!. هناك مجموعة أخري تقر بوجود الشراكة لكنها تهدد _ و هي لاتملك _ بفضها .هكذا يعيش الحزب حالة من عدم التفاهم المطلق داخله و بالتالي مع الخارج و تخيلوا إذا اجتمعت جهة ما مع الأساتذة علي محمود و سيد أحمد الحسين و أحمد علي أبوبكر و علي السيد و عادل سيدأحمد عبد الهادي كحزب فكيف سيكون الحوار و إلام سيفضي.الحزب غير موحد حتي في معاني المفردات التي يستخدمها قادته للتعاطي فيما بينهم.
حالة الألتباس لم تبق في أطار الحزب و أنما تعدته الي المنظمات الدولية و الأقليمية فحين أنتقلت أجتماعات مجلس الأمن الدولي انتقالها ذى الدلالة الي نيروبي لبحث قضية السلام في السودان قرر الحزب أرسال وفد لحضور تلك الأجتماعات كما أسر لي أحد القادة و بما أني كنت أعرف أن الحزب ليس عضوآ في مجلس الأمن فقد مررت الأمر علي انه محاولة عاجزة لرفع معنوياتي و استبلاهي ( استهبالي ) في آن.
لكن الأمر لم يبق كذلك فمع الوضع الأستثنائي الذي أقره الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي و فتح بموجبه أبواب الجامعة لملاقاة المعارضين السودانيين يساعده غض طرف محسوب من حكومة السودان ، أعتقد البعض أنه يمكن أستقطاب الجامعة العربية الي صفوف الحزب و هكذا أغرقت صالات زوار الجامعة بالأتحاديين أملا في تحويل المؤسسة الأقليمية العتيقة الي مقاول أقليات داخل الدول عوضا عن عملها مع تلك الدول.
ما ينعش الذاكرة في هذا الأطار تصريح لأحد الأخوة الكرام من قادة الحزب أدلي به لجريدة الشرق الأوسط في عددها (10289) و الصادر في 29/1/2007 والذي يقرأ كما يلي :
" وفي القاهرة أكد الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني المعارض تأييده لرئاسة الرئيس السوداني عمر البشير للاتحاد الأفريقي في دورة 2007 واعتبر ذلك حقا أصيلا بناءً على قرار القمة الأفريقية التي عقدت العام الماضي في الخرطوم". و إذا تجاوزنا حالة الإلتباس التي حكمت صياغة جريدة العرب الدولية للخبر بإضافتها صفة المعارض للحزب الشريك في السلطة فإن الحزب هدد الإتحاد الأفريقي بان " أي قرار يصدر بسحب حق السودان في رئاسة الدورة الجديدة يعتبر سابقة خطيرة في تاريخ الاتحاد الأفريقي، خاصة أن هناك قرارا سابقا صدر في قمة 2006 بإسناد الرئاسة للسودان هذا العام".
و لم يوفر الحزب خانة أو مكانآ لأ صحاب الحلول الممحصة بقوله أن المسالة أصبحت قضية وطن داعيا الطرفين إلى معالجة مشكلة دارفور بعيدا عن النزاع حول رئاسة الاتحاد الأفريقي.
و فيما طفقت الأقلام إياها تحدثنا عن تنازل السودان حفاظا علي وحدة القارة فأن تلك الأقلام لم تحدثنا عمن وقف بجانبنا والذي ربما كان يمكن أن يشارك معنا في تقسيم القارة الي فسطاطين !! خاصة و قد علمنا أن مصر و ليبيا كانتا في فسطاط الأغيار.
ما يلينا في هذه المقالة موقف الحزب الأتحادي إذ لم يشارك في عملية التبرير و هكذا ترك جماهيره في العراء بعد أن وقفت موقفآ أكثر ملكية من الملك حسبما ينبغي عليها.

(1)

(الخيانة.منذ طفولتنا و الوالد و معلم المدرسة يكرران عل مسامعنا بأنها أفظع شيء في الوجود . و لكن ما معني أن نخون؟ . أن نخون هو أن نخرج عن الصف لنسير في المجهول).

العبارة في حد ذاتها مفزعة و الخيانة تهمة كبيرة لذلك نفضل التعاطي مع المعني المفترض لها و هو الخروج عن الصف و لا شك أن الحزب الأتحادي متجليآ في صيغة التجمع الوطني قد خرج علي صف الشعب السوداني حين ناضل باسمه سنوات من اجل تحقيق اهداف مكتوبة و محددة و سعي في ذات الحين لأنجاز مآرب غير متفق عليها ، ووقع علي ذلك في اتفاق جدة ثم القاهرة .
الخروج عن الصف لم يتوقف هنا فقد اتهم الحزب الشيوعي و علي لسان القيادي البارز فيه الأستاذ / التجاني الطيب حلفاءه في الحزب الأتحادي ب ( التزوير ) و ذلك في مؤتمر صحفي محضور دشن أول ظهور علني للقيادي الشيوعي في الخرطوم بعد سنوات المنفي و أنقل عنه مانشرته جريدة الصحافة علي موقعها الألكتروني قوله "ان التزوير وصل لدرجة ابدال مندوبي الفصائل في السلطة التشريعية ، كاشفا عن ترشيح تيار النقابات لمحمد سليمان عبر مكاتبة رسمية عنونت الي رئيس اللجنة فاروق ابوعيسي ، واعتمد رسميا بعدها ، الا ان اسمه تغير فجأة بمرشح اخر ، واصفا الخطوة بالتزوير الفعلي واعتبرها بداية سيئة للمشاركة في الحكومة ، ونفي الطيب سكوت الحزب الشيوعي علي تصرفات مماثلة داخل التجمع طوال الفترة الماضية وقال ربما صمت الاخرون لكننا لم نفعل_ و مضي التجاني_ مشددا علي ان التجمع لم يتخذ قرارا حول المشاركة في المناصب التنفيذية المركزية والولائية، ولم ينظر في قائمة مرشحي الوزارات والمعتمديات المعلن عنها في الصحف .
للمزيد انظر http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147500348
إذن كما أوضح الأستاذ / التجاني و الذي يمثل حزبه في هيئة قيادة التجمع منذ تأسيسه فأن الحزب ألأتحادي الديمقراطي لم يكتف بالخروج عن الصف _للأسف _ و أنما أدعي (تزويرآ ) أن ثمة آخرين خرجوا معه عن الصف و مضوا للمجهول.
علي كل لم يرد أحد علي ما قال الحزب الشيوعي و لم ينف أحدآ المقالة مما يدعم صدقيتها و لو إلي حين.

(2)
(حين ترغب فتاة شابة في الزواج فهي ترغب في شيء تجهله تمامآ . و الشاب الذي يركض وراء المجد لايملك أدني فكرة عن المجد. لذا فأن الشي الذي يعطي معني لتصرفاتنا شيء نجهله تمامآ ).

يبدو أن كونديرا كان علي حق ، أذ أن ما اعطي معني لتصرفاتنا لعشرة اعوام 95_ 2005 هو نضالنا من اجل ما زعمنا أنه لتحقيق (السودان الجديد) و رددنا العبارة في فرح دون أن نملك أدني فكرة عن ذلك . ظل قادة الحزب يرددون أنهم يريدون سودانآ جديدآ دون ان يدركوا أنهم سيكونون غائبين عند تحققه.لم يكلف أحد نفسه بالتنظير أو الحوار مع الفصائل الأخري حول الأمر فالحكاية كلها كلمتين إثنتين و لا تستحق كثيرآ من الثرثرة . جعلنا بناء السودان الجديد ثاني أولوياتنا بعد ايقاف الحرب و كان هذا محور شعار مؤتمر مصوع 2000 ( من أجل إنهاء الحرب وبناء السودان الجديد) ، و كان هذا الشعار الخطير هو البند الوحيد الذي لم يحظ بالدراسة .
و في غير ما تطهر فقد تطرقت الي هذا الأمر عبر جريدة الفجر التي كانت تصدر من لندن و يرأس تحريرها الأستاذ / يحيي العوض و كتبت مقالة قلت فيها ان التجمع الوطني لن يغمض عينيه ثم يفتحهما علي سودان جديد مكتمل التحقق و النمو و أن عليه أن يسعي لذلك ، لكن الناس تكتب و القافلة تسير .

(3)
( ذات يوم نأخذ قرارآ لا نعرف كيف ،... فيضع هذا القرار قوة استمراره. و مع كل سنة تمر يصعب علينا تغييره).
ثمة مصير افلتت منه معظم فصائل التجمع الوطني و هو أن ترهن سكونها و حركتها عند قرار يستمد قوة بقائه من ذاته دونما حيثيات تدعم ذلك ، فقد خرجت معظم قطاعات الشعب السوداني من البلاد حين احتلها الغرباء و بالطبع كان ضمن هذا الحشد من الخارجين مفكرون و فنانون و شعراء و معذبون و ضحايا محتملون وهاربون من ديون أو عدالة و ساسة و لصوص و آخرون و أخريات . في خمسة اعوام فقط و صل الي أستراليا القصية ثلاثة وعشرون ألفآ فكم وصل الي دول الجوار . البعض أعاد صياغة و جدانه و ضبط ساعته علي توقيت و طنه الجديد فصارت لنا جاليات في معظم انحاء العالم وما انفكت الأنترنت تحدثنا كل يوم عن سوداني يعمل في محطة للوقود بالأرجنتين أو إمامآ للمصلين في فنزويلآ أو مهندسآ للنفط في انجولا.عاد البعض الي السودان بعد ان تغير الحال لكن الحزب الأتحادي بقي في مكانه لا أرضآ قطع و لا ظهرآ أبقي .
لم يتبين حزبنا مقولة أبي يزيد البسطامي حين انتوي و نفذ خروجآ من بسطام فقيل له: يا أبايزيد ما اخرجك عن
وطنك ؟ قال: طلب الحق. قيل له : إن الذي تطلبه قد تركته ببسطام . فتنبه أبويزيد و رجع الي بسطام و لزم الخدمة حتي فتح له.
لا نزايد فأبا يزيد طيفور بن عيسي البسطامي ( المجوسي الجد ) و الذي عاش في القرن الهجري الثالث ، أضطر ذات يوم للخروج فخرج ثم عاد بعد زوال الأسباب كما يحدثنا صاحب الرسالة القشيرية:
(قال أبو عبد الرحمن السلمي في كتابه المحن: وأنكر أهل بسطام على أبي يزيد البسطامي ما كان يقول حتى إنه ذكر للحسين بن عيسى أنه يقول: لي معراج كما كان للنبي صلى الله عليه وسلم معراج فأخرجوه من بسطام، وأقام بمكة سنتين ثم رجع إلى جرجان فأقام بها إلى أن مات الحسين بن عيسى ثم رجع إلى بسطام.

وقال القشيري: ((قيل لأبي يزيد: ما أشد ما لقيت في سبيل الله.؟ فقال: لا يمكن وصفه ( الخ...


نكتفي بهذا القدر و لا نزيد تأدبآ و حتي لا تفسر مقالتنا علي غير مانرمي.
(4)
(قد تحدث تغييرات _في الأنظمة الديكتاتورية مثلآ_ بحيث يكون من الخطر الإعلان عن موقف ما ).
لم يحفل صديقنا الأستاذ / محمد المعتصم حاكم بهذا القول بل كان قد و طن نفسه علي الأفصاح عن مواقفه منذ عهد السفاح المخلوع نميري ، لم يكن يحفل بالخطر الذي يحدق بالتعبير عن كل موقف و كان يدرك أن قوانين اللعبة السياسية تحتمل تجريم ما كان في وقت ما مباحآ و العقاب و فقآ لهذا الميزان المختل لكنه أتكأ علي ما كان يؤمن بأنه الحقيقة . قاوم النظام بقوة و شراسة و حين جاءت المراجعات فاز بالمكاسب من كان ألطف معارضة و أمسك لعصا الأنتقاد من المنتصف.
لم يكن حاكم نسيجآ لوحده فمثله كثيرون نبعث اليهم بالتحية في شخصه ، لكنه كان الأكثر دوسأ علي مشاعره الخاصة من أجل العام ، جرب النفي ثلاث مرات مرة في بريطانيا ثم عاد دون جواز و وثائق و مرة في كندا ثم عودة بعد اربعة أشهر و يغالب هذه الأيام المنفي في و اشنطن و لولا أننا نعرف أن شبهة المديح تسوء الرجل لزدنا.
من المؤسف حقا أن تصبح أخلاقنا الحسنة في صالح الخصم فأذا كنت معارضا أصيلآ في زمن ما فأنك يمكن ان تساق الي الهامش و تتم محاولة محوك من ذاكرة تلك المعارضة .
و أذا كنت رخوآ و عجينا فلك فرصة أن تتشكل وفقا لمشيئة السيد الجديد لكنك حين تنظر في المرآة تدرك أنك فقدت ذاتك...

(5)
( كان هوبل يقول : "لتصفية الشعوب ، يبدأ بإنتزاع ذاكرتها ، و تتلف كتبها ، وثقافتها و تأريخها . و يكتب لها حينئذ كتبآ أخري ، و يعطيها ثقافة أخري ، و يبتكر لها تأريخآ مغايرآ . و بعدئذ تنسي الشعوب شيئآ فشيئآ ماهي عليه و ماكانته . و ينساها بسرعة أكبر العالم الذي يحيط بها ).

هل هذا ما يحدث في الحزب الأتحادي هذه الأيام ؟و هل بدأنا في التنصل من مشاركتنا في المعارضة بزعم أننا كنا هناك فقط لضمان رشدها و عقلنة سلوكها؟ أذا كانت الأجابة بلي فقد أتفقنا و إذا كانت كلا ، فكيف نفسر ما كتبه أحدهم من أن السيد رئيس الحزب ( و لسيادته التقديرإذ يرد هنا خبره لدواعي مقتضي الحال ) قد توسط مرة بين النظام الذي يعارضه و حكومة جارة و هل يريد الكاتب ان يقول لنا ان و جود التجمع في فضاء الدولة الجارة كان حدثآ إعتباطيا و غير ذي معني بينما الكل يدرك أن نشوء شوكة المعارضة هناك كان ثمرة لمحصلة سوء العلاقة بل العداء بين الحكومتين ، هذا حديث لا يستقيم علي ساقين.

(6)
( أذا كنت مسعدآ ، كمحام للدفاع عن القتلة ، قلت ، فلماذا لا تترافع عن الكتّاب الذين ، بغض النظر عن كتبهم ، لم يرتكبوا ذنبآ ).
منذ شهور و نحن نري الحزب الإتحادي الديمقراطي يحقن وسائل الإعلام علي إستحياء بين الفينة و الأخري بالقول ان قضية دارفور هي الشغل الشاغل لقيادته بالخارج ، فإذا سلمنا بذلك فكيف يمكن للحزب أن يلعب دورآ توفيقيآ و هو يقف موقفآ أثر راديكالية من الحكومة نفسها و من حزب المؤتمر الوطني علي وجه التحديد ضد الضحايا.
أعلن الحزب غير مرة رفضه المطلق لدخول قوات الأمم المتحدة للأقليم لحماية المدنيين بينما كانت الحكومة تجادل حول ضرورة عدم دخول هذه القوات وفقآ للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة و عدم الممانعة في دخولها وفقآ لفصول أخري في الميثاق كالفصل السادس أو السابع. أختار حزبنا موقفآ يصعب محوه في المستقبل
You can t undo the harm) ) بل مضي خطوة أخري بطلب قوات عربية و أسلامية ليجعل الأقليم ساحة للمواجهة بين ال (نحن ) و ال (هم) و ال ( آخرين). ليس هذا حكمآ ففيه شبهة تعميم و غلظة لكن من أرتكبوا الموبقات و فضوا بكارة بعض طفلات الجنوب ضمن ما تحقق فيه المنظمة الدولية حاليآ من تجاوزات لم يكونوا جنودآ كفرة و لكنهم كانوا منا من بنغلاديش.
علي كل حين أقتسمت الحكومة نصف الطريق مع الأمم المتحدة و وافقت علي فكرة القوة الهجين أو المختلطة ظل حزبنا علي موقفه و لم يصدر أي تصريح يدل علي موافقته أو مساندته للمقترح الجديد.
أما أمر المحكمة الدولية لجرائم الحرب المنوط بها النظر في إنتهاكات شريعة الحرب في دارفور فالموقف منها أعجب. ففي الوقت الذي يرفض فيه الحزب بالمطلق هذه المحاكمة فهو لا يقدم أي مذكرة تفسيرية لأسناد موقفه هذا و الحزب بالقطع يعلم أن هذه المحاكمات فيما رأينا سواء في لاهاي او أروشا أو( سيراليون) ليست محاكمات عدالة ناجزة و لكنها محاكمات أخلاقية تجرم المذنب و تمنح الضحية الشعور بالنصر و السمو علي جلاديه و أنها و فقآ لهذا المعني لا تسقط بالتقادم . و قد شهدنا كيف رقص العالم علي جثمان بينوشيه ، اليست تلك محاكمة أيضآ.
أني لأعجب إذ ينسي الحزب الصمت في موطن الصمت و ضرورة الكلام في موطن الكلام إذا كان هذا أقصي المستطاع . فإذا كان الأمر كذلك لم لا يتوقف الحزب مرة لطلب الأنصاف للضحايا.
أنتهي.

** ( الأستشهادات الواردة بين الأقواس في مقدمات الفقرات ماخوذة عن مؤلفات ميلان كونديرا (كائن لا تحتمل خفته، البطء ، الجهل ، كتاب الضحك و النسيان ،الخلود)



#محمد_عثمان_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في تداعي سائر التجمع الوطني السوداني بالسهر والحمي ،الحزب ال ...
- في تآكل المنسأة ، أو عن كيف خسر التجمع الوطني السوداني المعا ...
- في تآكل المنسأة أو كيف خسر التجمع السوداني المعارض ذاته والع ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عثمان ابراهيم - الحزب الأتحادي الديمقراطي ، التباسات الخفة و الثقل