أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - مجرمون آخرون في خلفية الصورة!















المزيد.....

مجرمون آخرون في خلفية الصورة!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2512 - 2008 / 12 / 31 - 04:04
المحور: القضية الفلسطينية
    


قطاع غزة كله هو الآن، أي جعلته نيران آلة الحرب الإسرائيلية، ساحة حرب، فمجرمو الحرب في إسرائيل ينشرون فيه الموت والدمار، ويمنعون، مع غيرهم، وصول الغذاء والدواء والوقود.. إليه، فعشرات ومئات الآلاف من سكَّانه، أي من المدنيين، ومن الأطفال على وجه الخصوص، يتهدَّدهم الموت جوعاً؛ أمَّا الجرحى، أي مئات وآلاف الجرحى، وجلهم من المدنيين، فهُم في أمسِّ الحاجة إلى العلاج والدواء..

ومجرمو الحرب، ومرتكبو الجرائم في حق البشر من المدنيين الأبرياء العزَّل، ومن الأطفال والنساء والشيوخ والجرحى على وجه الخصوص، ليسوا من إسرائيل وقادتها فحسب، فما يسمَّى "المجتمع الدولي"، بهيئاته ومؤسساته ومنظماته المختلفة، وعلى رأسها الأمم المتحدة، هو أيضاً شريك في تلك الجرائم.

هذا ليس بـ "اتِّهام جائر"، أو صادِرٍ عن غضب، بل هو "اتِّهام موضوعي"، مستوفٍ شروطه القانونية والأخلاقية..

إنَّنا نسأل في استغراب واندهاش: لماذا.. لماذا هذا الغياب للصليب الأحمر الدولي، ولسائر "المنظمات الإنسانية"، ومنها على وجه الخصوص منظمات الإغاثة.. إغاثة المدنيين بالطعام وغيره، عن "مسرح الجريمة"، أي عن ساحة الحرب هناك حيث مليون ونصف المليون إنسان يحدق بهم الموت والدمار والنيران والجوع والعطش والمرض والبرد.. من كل حدب وصوب؟!

إسرائيل، والتي هي جرائم الحرب، ومجرمو الحرب، وقد أصبحت لها، ولهم، "دولة"، هي دولة أقرَّت الأمم المتحدة انتماءها إليها؛ وعليها، بالتالي، أن تلتزم مسؤولياتها وواجباتها الدولية، التي في مقدَّمها أن تسمح للصليب الأحمر الدولي، ولسائر "المنظمات الإنسانية" الدولية، بالوجود والنشاط والعمل حيث تنشر آلة الحرب الإسرائيلية الموت والدمار، وحيث المدنيين الأبرياء العزَّل في أمسِّ الحاجة إلى أن يحامي "المجتمع الدولي" عن حقوقهم الإنسانية، وفي مقدَّمها حق الجائع في الطعام، والجريح في العلاج والدواء.

هذا "المجتمع الدولي" أقرَّ لإسرائيل بـ "حقِّها في الدفاع عن النفس"، أي بحقها في أن تدرأ عن مواطنيها مخاطر الصواريخ الفلسطينية البدائية ولو من طريق ارتكابها ما ترتكبه الآن من جرائم الحرب على مرأى ومسمع من هذا المجتمع.

لِنَقْبَل هذا الظلم، الذي يسمُّونه "حقَّ إسرائيل في الدفاع عن النفس"؛ ولكن أليس من حقَّ الضحايا من المدنيين الأبرياء العزَّل في قطاع غزة على "المجتمع الدولي" أن يُلْزِم إسرائيل السماح للصليب الأحمر الدولي بالمجيء إلى قطاع غزة، وبالقيام بعمله الإنساني من غير قيود؟!

"المنظمات الإنسانية" الدولية، وفي مقدَّمها المنظمات التي تتولَّى علاج ومداواة الجرحى، وتزويد المدنيين الغذاء، وغيره، يجب أن تكون موجودة هناك، وأن تعمل في حرِّية تامة، وأن يتمتَّع العاملون فيها، مع أعمالهم ومراكزهم ومواقعهم، بالحصانة الدولية، فلا يتعرضون للاعتداء؛ وينبغي لها أن تتولَّى هي مسؤولية إدخال ونقل وتوزيع المعونات الإنسانية العربية والدولية التي تُسْتَجْمَع في أراضي الدول المجاورة للقطاع (إسرائيل ومصر).

وإسرائيل ليست دولة معتدية على قطاع غزة بوصفه دولة، أو دولة مجاورة، ولا دولة تدافع عن نفسها ضد دولة معتدية، فهي، وبحسب القانون الدولي، وعلى الرغم من مغادرة جنودها ومستوطنيها لأراضي القطاع بقرار إسرائيلي صرف، ما زالت "قوَّة (أو سلطة) احتلال"، ينبغي لها أن تلتزم مسؤولياتها وواجباتها (الإنسانية في المقام الأول) تجاه المدنيين (الخاضعين فعلاً وقانوناً لاحتلالها) وتجاههم في خلال الحرب على وجه الخصوص.

ينبغي لها، في الأصل، ألاَّ تحاصرهم، وألاَّ تمنع عنهم الغذاء والدواء والوقود..، بدعوى أنَّ أعداء لها، أو "إرهابيين"، يتولُّون حكمهم، فـ "العقاب الجماعي" هو جريمة من جرائم الحرب، ترتكبها "سلطة احتلال".

أمَّا وقد أُجيز لها ضرب الحصار عليهم، وتجويعهم وتعطيشهم، وإمطارهم بالقنابل والقذائف والصواريخ والرصاص، جوَّاً وبحراً وبرَّاً، فَلْيُلزمها "المجتمع الدولي"، على الأقل، السماح لتلك "المنظمات الإنسانية" الدولية بأن تساعد في علاج الجرحى، وإطعام الجائعين، من المدنيين الأبرياء العزَّل.

ولو كان هذا المجتمع صادقاً في التزامه الإنساني لاسْتَصْدَر قراراً دولياً مُلْزِماً، يُعلَن بموجبه "معبر رفح" معبراً، أو ممراً، إنسانياً مؤقتاً، أي يخضع مؤقتاً لإدارة دولية إنسانية، تتولَّى إدخال المساعدات الإنسانية عبره، ويُرْفَع عليه علم الصليب الأحمر الدولي مثلاً.

الجريمة بعينها الآن أن يظلَّ هذا المعبر مغلقاً بدعوى أنَّ فتحه يجب أن يستوفي شروط "شرعيته السياسية"، وهي تلك "الاتفاقية"، التي لا يُفْهَم الاستمساك بها الآن، أو مراعاتها، إلاَّ على أنَّه مشاركة لمجرمي الحرب في إسرائيل في ارتكاب جرائمهم في حقِّ المدنيين الأبرياء العزَّل في قطاع غزة.

ألا يستطيع الزعماء العرب أن يجتمعوا، ولو عن بُعْد، ليقرِّروا دعوة الأمم المتحدة، أو مجلس الأمن الدولي، إلى اتِّخاذ قرار، يُعْلَن بموجبه "معبر رفح" معبراً إنسانياً دولياً مؤقتاً، يتمتَّع بالحصانة الدولية، فتُدْخَل عبره المعونات الإنسانية المختلفة إلى ضحايا المجازر التي يرتكبها مجرمو الحرب في إسرائيل على مدار الساعة؟!

ألا يستطيعون أن يخاطبوا في قرارهم الأمم المتحدة، أو مجلس الأمن الدولي، قائلين: إذا لم تتخذوا هذا القرار الدولي الإنساني، أو إذا لم تَفْتَح إسرائيل معابرها هي لـ "المنظمات الإنسانية" الدولية، وللمعونات الإنسانية، فإنَّ الدول العربية جميعاً، وفي مقدَّمها مصر، ستقوم، عندئذٍ، بفتح المعبر، وبإعلانه معبراً إنسانياً، وستُدْخِل عبره إلى المدنيين الفلسطينيين المعونات الإنسانية من عربية وإسلامية ودولية؟!

إنَّ دولاً عربية عدة أظهرت وأكَّدت قوَّة "التزامها الإنساني" في أماكن كثيرة في العالم، فأرسلت الأطباء من جيوشها، وأقامت المستشفيات العسكرية الميدانية، وأرسلت مواطنين لها، مع معونات إنسانية، ليتولُّوا هُم توزيعها، فاستحقت ما يشبه جائزة نوبل لـ "تفوُّقها الإنساني والأخلاقي"؛ أمَّا ضحايا إسرائيل (أو الشريك الإسرائيلي في "السلام") من المدنيين الفلسطينيين فليسوا من البشر المسموح لتلك الدول بإظهار وتأكيد قوَّة "التزامها الإنساني" تجاههم!

لقد اجتهدوا دائماً في إقناعنا بأنَّ "معاهدات السلام" يمكن، ويجب، أن تكون عوناً لموقِّعيها من العرب في إقناع إسرائيل بضرورة وأهمية مراعاة واحترام الحقوق السياسية والقومية للفلسطينيين، فإذا بالواقع يأتي بمزيد من الأدلة على فشلهم في إقناع إسرائيل بضرورة وأهمية مراعاة واحترام "الحقوق الإنسانية" للفلسطينيين، وفي مقدَّمها حقهم في الغذاء والدواء!

إنَّهم الآن، أي الدول العربية جميعاً، وعلى جاري عادتهم، يتَّخِذون من الدعوة إلى عقد قمة عربية حجاباً يسترون به عجزهم، أو ضعفهم، أو تخاذلهم، أو تواطؤهم مع الجزَّار، فكل دولة لا تجرؤ على مساعدة الضحايا الفلسطينيين، أو لا ترغب في مساعدتهم، تُسْرِع في طلب عقد قمة عربية، فإذا عُقِدَت، وانتهت إلى ما تنتهي إليه دائماً، وهو إظهار وتأكيد العجز العربي الذي ليس كله عجزٌ، زعمت تلك الدولة (أي كل دولة) التي لا تقبل غير "الجماعية العربية"، قراراً وعملاً، أنَّ عجز القمة العربية هو وحده الذي أعجزها، فلو قرَّر الزعماء العرب جميعاً فتح الأندلس (وليس معبر رفح) لَكُنَّا في مُقدَّم "الفاتحين"، ولَجَعَلْنا العالم كله يرى أيُّ رجال نحن، فهُم، وعلى دأبهم، يَدْعون إلى أندلسٍ عندما تحاصَر حلب، أي قطاع غزة!

إنَّهم رجال، وأي رجال، فهُم في الأوقات العادية فوارِس خير أمَّة أُخْرِجت للناس، ولا يُشقُّ لهم غبار؛ أمَّا في الشدائد والأوقات الصعبة، وعندما يتحدَّاهم الواقع أن يجرؤوا على مساعدة ضحايا إسرائيل من المدنيين الفلسطينيين، فإنَّهم يتحوَّلون إلى فُقَّاعة وُخِزَت بإبرة، فحقَّ لتلك المرأة المسترجلة أن تقول، جواباً عن سؤال "لِمَ تَسْتَرْجلين؟"، ما كنتُ لأسْتَرْجِل لولا قِلَّة الرجولة في الرجال!

ومنهم من يتوفَّر على كَنْز الذهب والفضة، والأطنان من "الورقة الخضراء"، لِيَخْسَرها، على جاري عادته، على موائد القمار في "وول ستريت"، أو لينفقها في شراء أسلحة من الولايات المتحدة لتتسلح هي بها، أو في شراء مديح وثناء جمعيات الرفق بالحيوان في الغرب، أو على ذوي ضحايا الشيخ أسامة بن لادن في نيويورك، أو في سبيل تأليف قلوب صحافيين وإعلاميين، مشترياً سكوتهم أو نهيقهم، فيتوصَّل بفضلهم إلى إقناع نفسه، ومن حوله، بأنَّه خير قائدٍ لخير أُمَّة أُخْرِجت للناس، أو في سبيل أن تكون للعرب فضائية عبرية تنطق بالعربية!

لكن قارون لم يكن عبداً شكوراً إلاَّ لمستعبديه من أعداء الأُمَّة، فكل ما اكتنزه من المال "الحلال" يصبح حراماً إذا ما تصدَّق بنزرٍ منه على ضحايا إسرائيل من أبناء جلدته في قطاع غزة، فهؤلاء لا يستحقون إلاَّ القنابل، تٌمْطِرهم بها إسرائيل، والتي بعضها كان "الغاز الرخيص" على هيئة قنابل!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروفٌ حان تنقيطها!
- هي حرب ضد الشعب الفلسطيني كله!
- العالم إذ اخْتُصِرَ زماناً ومكاناً!
- لا تسأل -هل الله موجود؟- ولكن اسْأل..
- حرب هي الامتداد للانتخابات!
- في نقد نقَّاد -الحذاء-!
- -التهدئة-.. نتائج وتوقُّعات وعِبَر!
- -الإرهاب- بعد بوش!
- إذا تكلَّم الحذاء فأنصتوا!
- ليفني تساعد نتنياهو ضدَّها!
- بعث -المجتمع-!
- بوش إذ تقمَّص حكمة الفلاسفة!
- نحن المسؤولين عن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية!
- اتفاقية تؤسِّس للبقاء وليس للرحيل!
- اتفاقية تنهي الاحتلال بإنهاء العراق!
- الشارني وموسم ازدهار المنجمين!
- الشفافيَّة!
- فلسطينيو -توتسي- وفلسطينيو -هوتو-!
- قصة الولايات المتحدة مع النفط المستورَد!
- -الرئيس- الذي يصنعونه الآن من أوباما المنتخَب!


المزيد.....




- رسالة طمأنة سعودية للولايات المتحدة بشأن مشروع الـ 100 مليار ...
- جهاز مبتكر يزرع تحت الجلد قد ينفي الحاجة إلى حقن الإنسولين
- الحكمة الجزائرية غادة محاط تتحدث لترندينغ عن واقعة يوسف بلاي ...
- ماذا نعرف عن -المنطقة الإنسانية الموسعة- في غزة؟
- ماذا نعرف عن -المنطقة الإنسانية الموسعة- التي خصصتها إسرائيل ...
- شاهد: ترميم مقاتلة -بوليكاربوف آي-16- السوفياتية الشهيرة لتش ...
- اتهامات -خطيرة- ضد أساطيل الصيد الصينية قبالة شرق أفريقيا
- اكتمال بناء الرصيف البحري الأمريكي لنقل المساعدات لقطاع غزة ...
- كينيدي جونيور يوجه رسالة للعسكريين الغربيين عن تصعيد خطير في ...
- ضابط أمريكي متقاعد ينصح سلطات كييف بخيار سريع لتجنب الهزيمة ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - مجرمون آخرون في خلفية الصورة!