أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - شرق أوسط ممكن شرق أوسط مستحيل















المزيد.....

شرق أوسط ممكن شرق أوسط مستحيل


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2493 - 2008 / 12 / 12 - 10:18
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


انطفأ الحديث الذي راج خلال السنوات الماضية، لاسيما في فترة الرئيس بوش بخصوص “الشرق الأوسط الكبير”، والذي استُبدِل أو طُور إلى فكرة “الشرق الاوسط الجديد” التي روّجتها وزيرة خارجية الولايات المتحدة كوندوليزا رايس خلال العدوان “الإسرائيلي” على لبنان في 12 يوليو/ تموز 2006 حين قالت، إنه مخاض، حيث سيولد بعدها شرق أوسط جديد، لكن تلك النبوءة لم تتحقق، بل إن الذين دعوا اليها سرعان ما عادوا يتحدثون عن الاستقرار والأمن بعد مشاريع وطموحات كبرى بحلول ربيع الحرية وبزوغ شمس الديمقراطية، لا في العراق فحسب، بل في عموم المنطقة، الأمر الذي سيضعُ هذه الاخفاقات والطموحات غير الواقعية أمام الرئيس أوباما الرقم 44 وهو يدخل عتبة البيت الأبيض، ويدشّن عهداً جديداً، فهو أول رئيس أسود في تاريخ الرئاسة الامريكية.

ولعل الشرق الأوسط البوشي (الأب) والكلينتوني والبوشي (الابن) لم يكن ممكناً، لاسيما في ظل اختلال موازين القوى بين العرب و”الإسرائيليين”، حيث وصلت اتفاقيات أوسلو التي تم التوقيع عليها عام 1993 الى طريق مسدود بسبب النهج “الإسرائيلي” المتعنّت والممالأة الامريكية التي أدّت الى استخفاف تل أبيب بقرارات الشرعية الدولية والتنكر لحقوق الشعب العربي الفلسطيني. فهل سيتمكن الرئيس أوباما الذي فاز على منافسه جون ماكين بوضع خطة جديدة وانتهاج سياسة واقعية من شأنها أخذ تكوينات الشرق الأوسط بنظر الاعتبار، لا برسم سياسة أثبتت حتى الآن استحالتها لتغيير خارطة الشرق الأوسط طبقاً لهوى الادارة الامريكية ومشاريعها الامبراطورية الحالمة، بالنظر الى استحالة امكانية تطبيقها واقعياً على الارض، حتى وإن كانت بمرارة أيضاً.

سيكون التفكير بشرق أوسط ممكن أو واقعي هو أحد التحديات التي تواجه الرئيس أوباما، إذ إن ذلك سيكون محل اختبار لمدى نجاحه في تجاوز السياسات الخاطئة التي اتبعها سلفه الرئيس بوش، حيث إنها كانت الأسوأ في تاريخ المنطقة، وفقدت الولايات المتحدة صدقيتها لا أمام خصومها التقليديين فحسب، بل حتى بالنسبة لأصدقائها المقربين، وضعُفت، الى درجة كبيرة، الكثير من عوامل الوصل وجسور الثقة بينها وبين العرب.

وقد ساهمت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول الارهابية في قتامة الصورة، خصوصاً بعد ردود الفعل الخاطئة التي ألحقت ضرراً بسمعة الولايات المتحدة كدولة عظمى لها مسؤولياتها في إطار المُنتظم الدولي، لاسيما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كعضو دائم العضوية.

وإذا كانت فترة الثماني سنوات الماضية قاسية في الشرق الاوسط بشكل عام، فإنها كانت الاقسى بالنسبة للعرب، خصوصاً في فلسطين والعراق ولبنان وغيرها، حيث شهدت احتلالاً للعراق العام 2003 بعد احتلال أفغانستان العام ،2002 وعدواناً “اسرائيلياً” بتشجيع أمريكي على لبنان العام ،2006 وحصاراً لايزال مستمراً على غزة، ناهيكم عن تدهور في المسار السلمي ووصول اتفاقيات أوسلو الى طريق مسدود منذ العام 1999.

ولم تفلح كل محاولات اعادة الروح الى اتفاقيات أوسلو وتحريك المسار السلمي المتعثر، رغم اجتماعات واي ريفر وخارطة طريق جديدة، بل انها سارت باتجاهات أخرى، خصوصاً في ظل عاملين أساسيين، الاول استمرار العنف والارهاب، لاسيما المتمثل بحصار غزة بعد حصار الرئيس عرفات حتى وفاته وبناء جدار الفصل العنصري، والثاني تخلّي الولايات المتحدة عن دور الراعي أو الضامن وانحيازها الكامل ل “إسرائيل”، الأمر الذي فاقم من تردي الاوضاع وتدهورها.

وإذا أضفنا موضوع احتلال العراق وما تبعه من انفلات أمني وعنف طائفي وانشطار مجتمعي واستشراء الميليشيات وتفشي الفساد والرشوة الى درجة مريعة، ناهيكم عن ورطة الجيش الامريكي ذاته في حرب لا نهاية لها، فإن التغيير سيتخذ طابعاً أكثر إلحاحاً بخصوص الاستراتيجية العامة، وهو ما وعد به الرئيس أوباما في حملته الانتخابية، التي اتخذت من التغيير عنواناً، سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي.

هل سيكون ممكناً بالنسبة للرئيس أوباما تحويل منطقة الشرق الأوسط الغنية بالحضارة والثروة والتنوع الثقافي، الى منطقة سلام، بدلاً من الحرب والعدوان والحصار، وهدر حقوق الانسان؟ وكيف السبيل لدور للولايات المتحدة إذا ما قررت ذلك؟

1- اتخاذ سياسة معتدلة في الشرق الأوسط، لاسيما بين العرب و”الإسرائيليين”، الأمر الذي يتطلب أولاً وقبل كل شيء كإجراء عاجل وانساني، انهاء حصار غزة وفتح جميع المعابر وتيسير حركة السكان المدنيين بانسيابية على نحو يضمن حقوق الانسان الجماعية والفردية، وتهيئة المستلزمات لتمكين الشعب العربي الفلسطيني من تقرير مصيره بنفسه وإقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين ووقف المستوطنات، طبقا للشرعية الدولية والقرارات الدولية 181 و194 و 242 و،338 وهذا يعني مواصلة الجهود التي بذلها الرئيس كلينتون بشأن “الدولة الفلسطينية”، لاسيما في آخر عهده، والتي بردت أو كادت تتلاشى في عهد الرئيس بوش.

2- تنفيذ الوعود التي أطلقها أوباما بالانسحاب من العراق و”انهاء الاحتلال” خلال فترة لا تزيد على 16 شهراً، والشروع بتخفيض القوات بدءاً من منتصف العام القادم ،2009 ولعل هذا الأمر لا يتعلق بالعراقيين فحسب، وإنما يتعلق أيضا بمأزق السياسة الامريكية وأزمتها الاقتصادية الطاحنة، التي انعكست على العالم أجمع، خصوصاً تحمّل أعباء وتكاليف حربين مفتوحتين منذ العامين 2002 و2003 ومعها “الحرب على الارهاب الدولي” منذ العام ،2001 وهي حروب حقيقية وبلا حدود، وهذا يتطلب من أوباما مراجعة جدية وخطوات عاجلة وسريعة، بدلاً من الاستمرار في التوغّل بالمزيد من الأخطاء والخطايا.

وإذا كان الأمر يقتضي عدم حصول فراغ سياسي وأمني وعسكري، وهو مسألة مشروعة ومهمة فلا بدّ من نقل المسؤولية مؤقتا الى الأمم المتحدة بصورة تزامنية تبدأ مع الانسحاب، وهذا يحتاج الى تعهدات من المجتمع الدولي بحماية سيادة العراق لدى تعرّضها للانتهاك من أي طرف خارجي، وتعهد عربي وإقليمي بمساعدة العراق، على إعادة الاعمار، وذلك في إطار خطة استراتيجية دولية، لمعافاة العراق، الأمر الذي يمهد لإجراء انتخابات ديمقراطية بإشراف دولي وفي إطار التعددية واحترام حقوق الانسان وفي ظل الخيار الديمقراطي، الذي ينبغي أن يكون حاسماً ولا عودة فيه.

ولعل هذه الخطوة تتطلب اسقاط جميع الديون عن العراق وتعويضه عما لحق به من غبن وأضرار طيلة السنوات الماضية، بل الأكثر من ذلك بسبب الخسارة البشرية، لاسيما في العقول والأدمغة ونهب الآثار والممتلكات التاريخية. وتتطلب العدالة الدولية مساءلة المتهمين بممارسة التعذيب وانتهاك حقوق الانسان والمُفسدين ومن قاموا بهدر المال العام في فترة الحاكم المدني بول بريمر أو بعده.

3- اتخاذ علاقة متوازنة تقوم على أساس الحوار والمصالح المشتركة والمنافع المتبادلة مع سوريا، والسعي لإحداث نوع من الانفراج لتنقية الاجواء بدلاً من توتيرها مع لبنان، والضغط على “إسرائيل” للامتناع عن العدوان مجدداً على لبنان واحترام سيادته وإعادة مزارع شبعا اليه، وإعادة الجولان الى سوريا في إطار تسوية سلمية شاملة، الأمر الذي يقتضي أيضاً فتح حوار مع إيران، طبقاً لخطة بيكر هاملتون (أواخر العام 2006) وإشراكها وسوريا في البحث عن حلول ايجابية في المنطقة.

أما موضوع الملف النووي الايراني الشائك والمعقد، فهو يحتاج الى الصبر والمزيد من الحوار والتفاهم والضغط الدولي السلمي لتقديم ضمانات حول الوجهة السلمية للمفاعلات النووية الايرانية، وطبقاً للمتطلبات والمعايير الدولية لمنظمة الطاقة وللمعاهدات والاتفاقية الدولية بهذا الخصوص، وعدم الاستخدام للأغراض الحربية، وسيكون الأمر ممكناً إذا ما توفرت فرصة السلام الحقيقي، خصوصاً بإقامة الدولة الفلسطينية والانسحاب الامريكي من العراق، إذ إن مثل هذه الأجواء ستنعكس على ملف العلاقات الايرانية الامريكية إيجاباً.

4- دمقرطة المنطقة، ولعلها المسألة الملحّة الأخرى، بل هي الوجه الثاني للسلام والتقدم والتنمية، ولعل تشجيع خطط الاصلاح والتحديث والدمقرطة في المنطقة يقتضي فتح حوارات على المستوى الدولي لتنشيط ثقافة الديمقراطية واحترام حقوق الانسان، لدى الجميع، الأمر الذي يتطلب احترام المعايير الدولية، لاسيما قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 4 ديسمبر/ كانون الاول العام ،2000 القاضي بالتنوع الثقافي وعدم وجود نموذج واحد للديمقراطية مع تأكيد احترام خاصيات الشعوب والأمم وتراثها الانساني، إضافة الى المشترك الانساني الدولي. ولعل هذا الأمر يتطلب اشراك المجتمع المدني ومؤسساته في القرار وتطويق الارهاب، خصوصا ببحث أسبابه وجذوره الاجتماعية والاقتصادية ومعالجة آثاره بهدف القضاء عليه واستئصال شأفته ووضع حد لهذه الظاهرة المشينة.

وبقدر نجاح أوباما في مواجهة هذه التحديات بشجاعة وجرأة، سيكون قد حقق له وللولايات المتحدة ولمنطقة الشرق الأوسط، فرصة كبيرة للسلام الممكن وليس المستحيل، وهذا بدوره سيسهم في تعزيز التنمية والديمقراطية والتخلص من اخطبوط الارهاب الدولي.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتفاقية الامنية رهن للعراق وشعبه
- الاتفاقية العراقية- الامريكية من الاحتلال العسكري الى الإحتل ...
- المعاهدة العراقية-الأميركية: من الاحتلال إلى الاحتلال! (2-3)
- أوباما الشرق أوسطي!!
- زمان الطائفية
- أولويات الرئيس أوباما!
- استحقاقات أوباما
- الإرث الثقيل
- المعاهدة العراقية-الأميركية... من الاحتلال إلى الاحتلال! (1- ...
- ست حقائق أفرزتها الانتخابات الأميركية
- بغداد - واشنطن بين التبرير والتحذير
- المستقبل والمجتمع المدني
- سباق اللحظة الأخيرة بين بغداد وواشنطن
- هل المجتمع المدني شريك للحكومات؟
- أنغولا غيت!
- موريتانيا والديمقراطية إلى أين؟
- العراق منجم الخطر
- من المستفيد من استئصال المسيحيين في العراق؟
- المستوطنات الإسرائيلية: الصقور والحمائم!!
- حين يكتب رجل الدين قصائد الغزل!


المزيد.....




- الأردن يحذر من -مجزرة- في رفح وسط ترقب لهجوم إسرائيلي محتمل ...
- روسيا.. النيران تلتهم عشرات المنازل في ضواحي إيركوتسك (فيديو ...
- الرئيس الصيني في باريس لمناقشة -التجارة والأزمات في الشرق ال ...
- بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية رداً على تصريحات غربية وصفته ...
- المكسيك تحتفل بذكرى انتصارها على فرنسا عام 1862
- ماكرون يؤكد لشي أهمية وجود -قواعد عادلة للجميع- في التجارة
- المفوضية الأوروبية تسلم مشروع الحزمة الـ 14 من العقوبات ضد ر ...
- الإعلام العبري يتحدث عن -خطة مصرية- بشأن أراض فلسطينية وموقف ...
- المتحدث باسم القبائل العربية: مصر لن تتورط في -مهمة قذرة-
- أوكرانيا.. مهد النازية الجديدة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - شرق أوسط ممكن شرق أوسط مستحيل