أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد سيد رصاص - جورجيا وروسيا:الجيرة الصعبة














المزيد.....

جورجيا وروسيا:الجيرة الصعبة


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 2407 - 2008 / 9 / 17 - 04:59
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


تقع جورجيا،مثل تركيا،في نقطة التقاء أوروبا وآسيا،وقد كان تاريخ جورجيا يتأثر باستمرار بتنامي القوة في أطراف المثلث الذي تقع في وسطه:الشمال الأوروبي،وجنوبيه الأسيوي:عند بلاد فارس وفي آسية الصغرى،وبعد أن تقاسم الصفويون والعثمانيون أراضيها الشرقية والغربية بالقرن السادس عشر جاءت القوة الروسية الصاعدة بالقرن الثامن عشر لتضمها إليها في عام1801 عقب أن لجأ ملك جورجيا لتوقيع معاهدة حماية مع الإمبراطورة كاترين الثانية في عام1783 إثر تنامي الخطر الفارسي بالجنوب.
إذا نظرنا إلى تاريخ القوميات غير الروسية بإمبراطورية القياصرة،بالقرن التاسع عشر،نجد البولونيين والجورجيين الأكثر حراكاً ضد حكم المركز،مع تميز للجورجيين،الذين قاد ضمهم لروسيا إلى تواصل كثيف من قبلهم مع الثقافة الغربية الأوروبية، أدى إلى انخراطهم الواسع في حركات التغريب المعادية للقيصرية وللنزعة السلافية التي اجتاحت روسيا منذ (حركة الديسمبريين)في عام1825،وإلى اندماجهم الواسع في تلك الحركات باحثين عن(خلاص عام)،فيماظل البولون باحثين عن مسار انفصالي حتى داخل الحركة الماركسية(الناشئة كتنظيم في عام1898)،حيث كان الجورجيون عماداً رئيسياً لقوة الحركة الماركسية،وكانت تبليسي،التي ازدهرت فيها الصناعة وحركة سكة الحديد منذ تسعينيات القرن التاسع عشر كنتيجة لإكتشاف نفط بحر قزوين في باكو،مركزاً لإضرابات العمال واحتجاجاتهم.
ماتميزت به جورجيا هو ميلان الكفة بشكل كبير فيها،بعد انشقاق الحزب الإشتراكي الديموقراطي الروسي عام1903،لصالح خصوم لينين من المنشفيك،وكونها هي الخزان لقادتهم وممثليهم في(الدوما)منذ عام1906،كماأن معظم قادة هذا الجناح،الذين مثلوه في الحكومة المؤقتة بعد خلع القيصرإثر ثورة شباط1917،قد كانوا من الجورجيين،فيماكان رئيس(الدوما)آنذاك منهم أيضاً:تغيرت الحال مع ثورة أوكتوبر1917عندما قام المناشفة بإعلان انفصال جورجيا في 26أيار1918،وطلبوا الحماية البريطانية البحرية،لتتغير الحال في عام 1920 مع انتصار البلاشفة في الحرب الأهلية على خصومهم،حيث كان واضحاً بأن استيقاظ النزعة القومية الجورجية،ولوأخذ شكلاً ماركسياً منشفياً ضد البلاشفة،يرتبط بضعف المركز في موسكو،وهو شيء لم يكن موجوداً منذ عام1801 حتى ثورة أوكتوبر1917،لدرجة نجد فيها أن اجتياح الجيش الأحمر لتبليسي في 25شباط1921وانهيار الجمهورية الإنفصالية الجورجية قد أعقبه ثورة جورجية عنيفة ذات نزوع قومي انفصالي ،بقيادة أحد الأمراء المنتسبين للعائلة الملكية الجورجية القديمة،أتت في آب1924بعد ستة أشهر من استلام الجورجي ستالين لمقاليد الحكم في الكرملين عقب وفاة لينين.
كان هذا مؤشراً،ترجم بعد عقود سبعة،إلى انهيار النزعات الإندماجية الجورجية بالمحيط الروسي العام،التي عبرت عنها حركة النخبة الجورجية المثقفة،المنخرطة بشكل واسع في الحركات الروسية المعارضة للقيصرية=(الكاديت)-(الإشتراكيون الثوريون)-(المناشفة)-(البلاشفة).لهذا رأينا،كيف أنه ،مع ضعف المركز في موسكو بعهد غورباتشوف كما حصل للبلاشفة في فترة الحرب الأهلية،قد أتت للبروز في جورجيا حركات(ليست يسارية معارضة مثل المناشفة)بل قومية مثل(منظمة جورجيا الحرة) ،التي فازت في انتخابات السوفييت المحلي في تشرين أول1990،ليعلن زعيمها(زياد غامسا غورديا)الإنفصال والإستقلال عن موسكو في 9نيسان1991،بعد أن رفض المشاركة في استفتاء 17آذار الذي دعا له غورباتشوف لتجديد الإتحاد السوفياتي،في تشكيل لسابقة في حركات الجمهوريات الساعية للإنفصال عن النطاق السوفياتي،وقبل مدة من انهيار المركز في موسكو إثر فشل انقلاب الشيوعيين المحافظين ضد غورباتشوف(19آب-21آب1991).
كمااستخدم لينين الأوسيتيين الجنوبيين،الذين ضمتهم إليها الجمهورية المنشفية عام1918،فإن روس مابعد السوفييت قد فعلوا الشيء نفسه ضد تبليسي،وخاصة بعد منع(غامساغورديا)للأحزاب الإقليمية،ماأدى إلى تمرد أوسيتي واسع‘قاد إلى حرب1991-1992ضد المركز الجورجي،لتساند فيها موسكو الأوسيتيين حتى انتهى الأمر إلى هزيمة الجورجيين والإنفصال الواقعي لأوسيتيا الجنوبية،وفقاً لإتفاقية 1992،وهو ماتكرر من حيث الحيثيات مع اقليم أبخازيا في حرب1992-1993.
هنا،كان استخدام يلتسين(وبعده بوتين)للإنفصاليين الأوسيتيين والأبخاز مؤدياً إلى استدارة جورجية واسعة المدى نحو الغرب الأميركي-الأوروبي وللحنوب الغربي التركي،مع إدارة الظهر للشمال الروسي،في تكرار قامت به الحركة القومية الجورجية لمافعله اليساريون المنشفيك لما يمموا وجههم نحو لندن ضد موسكو لينين،متخلين،عبر خصومتهم مع البلاشفة،عن نزوعهم اليساري الروسي العام ولابسين العباءة الجورجية ولوتحت رداء يساري ،ليأتي خلفائهم الجورجيين اللاحقين في لبوس قومي خالص.
كخلاصة،إذا قارنا طرق انفصال الجمهوريات السوفياتية عن موسكو،فإننا نجد جورجيا متميزة،هي وجمهوريات البلطيق التي ضمت إثر معاهدة1939بين ستالين وهتلر،بأن من تزعم الإنفصال فيها هي حركات قومية خاصة،وهذا شيء لم يوجد حتى في أرمينيا،حيث تزعم الإنفصال القادة المحليون للحزب الشيوعي في باقي الجمهوريات السوفياتية،بمافيها أوكرانيا.فيما من جهة أخرى نجد في جورجيا-هي وجمهوريات البلطيق- تساوي حدة الشعور القومي مع درجة العداء لموسكو ومع درجة الميل للغرب،وهوشيء لايوجد في أوكرانيا مثلاً،حيث تتساوى الليبرالية مع العداء للروس ومع شيء من القومية،فيما يوجد عند(حزب الأقاليم الأوكراني)،وهو المستند للمنحدرين من أصل روسي بشرق أوكرانيا،ميول نحو موسكو مختلطة بالعداء للغرب الأميركي-الأوروبي وبالنزعة المناطقية.
في التسعينيات،قال مؤرخ فرنسي بأن"التاريخ العالمي،لنصف قرن قادم،سيتحدد من خلال آليات وتداعيات ونتائج انهيار(الكتلة السوفياتية)".



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استهداف السودان
- مابعد جورجيا:هل وصل (القطب الواحد)إلى مرحلة الأزمة؟
- تحولات أميركية جديدة
- عسكر موريتانيا:العودة من وراء الستار
- ثالوث السياسة العربية
- هل انتهت الثورة اليمينية؟
- الماركسيون العرب والإسلام
- اليساريون العرب: تصنيم-الحليف-
- ثنائيات عربية متضادة
- تمظهرات الصراع السياسي
- تركيا:تناقض العلمانية والديموقراطية
- قراءة في (اتفاق الدوحة)
- هل وصل عصر النفط إلى منعطف حاسم؟
- تنامي الدور التركي
- اقتراب شيعة العراق من الإنشقاق
- تحت الخيمة:الإصلاح المحافظ
- الإستيقاظ الجديد للنزعة الحربجية العربية
- تطويع السودان
- مسار انقسامات (الجامعة العربية)
- هل فشل المشروع الأميركي في العراق ؟


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد سيد رصاص - جورجيا وروسيا:الجيرة الصعبة