أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - مازن كم الماز - نقاش حول البرنامج التنظيمي للاتحاد العام لأناركيين















المزيد.....



نقاش حول البرنامج التنظيمي للاتحاد العام لأناركيين


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2372 - 2008 / 8 / 13 - 11:23
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


رد على البرنامج ( مجموعة التجميع )
بقلم "عدد من الأناركيين الروس" ( سوبول , شفارتز , شتايمر , فولين , ليا , رومان , إيرفانتيان , فليشين )
أسباب ضعف الحركة الأناركية
إننا لا نتفق مع موقف البرنامج من "أن السبب الأكثر أهمية لضعف الحركة الأناركية هو غياب المبادئ التنظيمية" . إننا نعتقد أن هذه القضية مهمة جدا لأن البرنامج يسعى إلى إقامة منظمة مركزية ( حزب ) سوف يضع "خطا سياسيا و تكتيكيا للحركة الأناركية" . هذه مبالغة في التأكيد على أهمية و دور المنظمة .
نحن لسنا ضد منظمة أناركية , إننا نفهم النتائج الضارة لغياب التنظيم في الحركة الأناركية , و نعتبر أن خلق منظمة أناركية واحدة هي من المهام الأكثر إلحاحا...لكننا لا نعتقد أن المنظمة بحد ذاتها يمكن أن تكون الشفاء لكل شيء . إننا لا نبالغ في أهميتها , و لا نرى أية فائدة أو حاجة للتضحية بالمبادئ و الأفكار الأناركية في سبيلها .
إننا نرى الأسباب التالية لضعف الحركة الأناركية :
1 – التشوش في أفكارنا بصدد مجموعة من القضايا الأساسية , مثل فكرة الثورة الاجتماعية , العنف , الفترة الانتقالية , و المنظمة .
2 – صعوبة دفع قسم كبير من السكان للقبول بأفكارنا . علينا أن نأخذ بالاعتبار التحاملات المسبقة الموجودة , العادات , التعليم , حقيقة أن القسم الأعظم من الجماهير سوف يبحث عن التسوية أو التكيف عوضا عن التغيير الراديكالي .
3 – القمع .

التجميع الأناركي

كما لا نتفق مع فكرة "التجميع" كما وردت في البرنامج . يزعم مؤلفوه أن الأناركية الشيوعية هي النظرية الوحيدة الصحيحة , و يتخذون موقفا نقديا و سلبيا إلى حد ما من الأناركيين الفرديين و الأناركيين النقابيين ( السينديكاليين ) .
إننا نكرر ما أعلناه عندما نظمنا نابات ( منظمة الأناركيين الأوكرانيين بين عامي 1917 – 1921 ) : "هناك صحة في كل المدارس الأناركية للتفكير . يجب أن نعتبر كل التيارات المتنوعة و أن نقبلها" . لكي نوحد كل المناضلين يجب أن نسعى إلى قاعدة مشتركة للجميع , أن نرى ما هو منصف أو صحيح في كل فكرة . يجب أن يجري تضمين هذا في برنامج كل الحركة . هناك عدة أمثلة عن برنامج كهذا , مثل إعلان مؤتمر النابات في كورسك , إضافة إلى قرارات سائر المؤتمرات الأناركية لتلك الفترة . هنا بعض المقاطع من القرار الذي تم تبنيه في المؤتمر الأول لكونفيدرالية المنظمات الأناركية في أوكرانيا , نابات , الذي جرى في الثاني من أبريل نيسان 1919 في مدينة إيليزابيثغراد , أوكرانيا :
"...لا تمثل منظمتنا ائتلافا ميكانيكيا لتيارات مختلفة , كل منها يحمل موقفه الخاص و لذلك فهي غير قادرة
على أن تقدم التوجيه الإيديولوجي للشعب العامل , إنها اتحاد الرفاق الذين ينضمون معا حول عدد من
المواقف الأساسية و بوعي للحاجة لجهد جماعي مخطط و منظم على أساس الفيدرالية " .

الأناركية كنظرية عن الطبقات

هناك حاجة للتجميع في هذا المجال أيضا . لا يمكننا التأكيد على أن الأناركية هي نظرية عن الطبقات و أن نستبعد أولئك الذين يحاولون إعطاءها خاصية إنسانية . و لا يمكننا أن نعلن , كما يفعل البعض أن الأناركية هي مثال إنساني لكل الناس و نتهم أولئك الذين يعطونها أساسا طبقيا بالانحراف الماركسي . و لا يمكننا أخيرا أن نعتبر أن الأناركية هي فقط الفكرة الفردانية التي لا يجمعها أي شيء بالإنسانية ككل أو مع "الطبقة" . علينا أن نخلق تجميعا ( تركيبا ) و حالة تحتوي فيها الأناركية العناصر الطبقية بالإضافة إلى الإنسانية و المبادئ الفردانية .
يجب علينا أن نحاول أن نقرر بطريقة نظرية و عملية دور و أهمية كل من هذه العناصر في فكرة الأناركية . أن نعتبر أن الأناركية هي فقط نظرية طبقية هو تقييدها بوجهة نظر واحدة . إن الأناركية أكثر تعقيدا و تعددية , كالحياة نفسها . إن عنصرها الطبقي هو قبل كل شيء وسيلتها للنضال من أجل التحرر , صفتها الإنسانية هو جانبها الأخلاقي , أساس المجتمع , و فردانيتها هي غاية البشرية .

دور الجماهير و الأناركية في النضال الاجتماعي و الثورة الاجتماعية

أطروحة البرنامج في هذه المسألة يمكن تلخيصها كما يلي : يجب توجيه الجماهير . الموقف المخالف كان هو السائد في حركتنا حتى اليوم : أن الأفراد و الأقليات الواعية , بما في ذلك منظماتهم الإيديولوجية , لا يمكنها "توجيه الجماهير" . علينا أن نتعلم من الجماهير باستمرار إذا لم نرغب بقيادتهم في طريق أعمى .
على هذا الشكل يجب أن نرى المشكلة . إن حلهم سطحي جدا و زائف لأن المشكلة المركزية لم يتم حلها : و هي الجماهير الثورية و الأقلية الواعية أو منظمتها الإيديولوجية .
للأحزاب السياسية ميزة في هذا المجال : إنها ليست مشكلة بالنسبة لهم . إن حلهم هو :
- يجب توجيه الجماهير و التطورات ,
- الواعون , المنفصلون عن الجماهير , يجب أن يأخذوا المبادرة ,
- هذه "الجماعة" يجب تنظيمها في حزب ,
- يأخذ الحزب المبادرة في كل المجالات , بما في ذلك الثورة الاجتماعية .
يقف مؤلفو البرنامج موقفا مشابها . حتى لو اختاروا أن يبدؤوا بعبارة حذرة بعض الشيء : "يجب ألا يفهم التوجيه الإيديولوجي للفعاليات الثورية و للحركات الثورية كاتجاه من قبل الأناركيين للسيطرة على بناء مجتمع جديد" .
يعبر البرنامج عن فكرة أن الحاجة لتوجيه الجماهير ترتبط مباشرة بحزب ما , خط سياسي محدد جيدا , برنامج مقرر سلفا , السيطرة على الحركة العمالية , التوجيه السياسي للمنظمات التي تشكل لمحاربة الثورة المضادة . يقول البرنامج : "يؤسس الاتحاد الأناركي كمنظمة للثورة الاجتماعية اعتمادا على طبقتين رئيسيتين في المجتمع ... العمال و الفلاحين ... يجب تركيز كل طاقاتهم في التوجيه الإيديولوجي لمنظمات العمال" .
الشكل الصارم للمنظمة المطلوب لتحقيق التوجيه السياسي و الاجتماعي للجماهير و أفعالها سيكون : على المستوى الأعلى , الحزب القائد ( الاتحاد العام ) , أدنى بقليل : المستويات الأعلى من منظمات العمال و الفلاحين التي يقودها الاتحاد , و أدنى من ذلك : المنظمات التي في القاعدة التي أنشأت لمحاربة الثورة المضادة , الجيش , الخ .
إننا لا نعتقد أنه على الأناركيين أن يقودوا الجماهير , إننا نعتقد أن دورنا هو في مساعدة الجماهير فقط عندما تحتاج لمساعدة كهذه . هكذا نرى موقفنا : الأناركيون هم جزء من عضوية منظمات الجماهير الاقتصادية و الاجتماعية . إنهم يعملون و يبنون كجزء من المجموع . هناك مجال هائل مفتوح أمامهم للنشاط الإيديولوجي , الاجتماعي و الإبداعي دون أن يزعموا موقف التفوق على الجماهير . فوق كل شيء عليهم أن يحققوا تأثيرهم الإيديولوجي و الأخلاقي بطريقة حرة و طبيعية .
يمكن للأناركيين و المجموعات الخاصة ( مجموعات , فيدراليات , كونفيدراليات ) أن يقدموا مساعدة إيديولوجية , لكن ليس في دور القادة . إن أقل زعم بالتوجيه , لقيادة الجماهير و التطورات يتضمن بشكل حتمي أنه على الجماهير أن تقبل التوجيه , يجب أن تخضع له , هذا بالمقابل يعطي القادة إحساسا بأنهم متفوقون مثل الديكتاتوريين , بانفصالهم عن الجماهير .
بكلمات أخرى , تبدأ مبادئ السلطة بالعمل . هذا يتناقض ليس فقط مع الأفكار المركزية للأناركية , بل أيضا مع مفهومنا عن الثورة الاجتماعية . يجب أن تكون الثورة الاجتماعية إبداعا حرا للجماهير , و غير خاضعة لسيطرة المجموعات الإيديولوجية أو السياسية .

الفترة الانتقالية

ينكر البرنامج مبدأ الفترة الانتقالية بكلمات تقبله في الواقع . إذا احتوى البرنامج فكرة أصيلة فإنها بالضبط في هذه النقطة , بالوصف التفصيلي لفكرة الفترة الانتقالية . كل شيء إنما هو محاولة لتبرير هذه الفكرة .
دافع بعض الأناركيين النقابيين السينديكاليين الروس عن هذه الفكرة قبل عدة سنوات . لم يدافع مؤلفو البرنامج عن فكرة الانتقال بشكل واضح و مفتوح . هذا التأرجح , هذا القبول و الرفض الظرفيان , يجعل من أي نقاش صريح و منطقي لهذه القضية صعبا . مثلا إنهم يقولون في قضية الأغلبية و الأقلية في الحركة الأناركية : "في المبدأ...( هنا تتبع الفكرة الكلاسيكية ) ... لكن , في لحظات خاصة يمكن أن يكون ... ( هنا يتبع الحل الوسط أو التسوية ) ... " .
إننا نعلم أن الحياة لا تحدث "في لحظات" .
مثال آخر : "إننا نعتقد أن قرارات السوفيتيات يجب أن تنفذ في المجتمع من دون أوامر إلزامية . لكن قرارات كهذه يجب أن تكون إلزامية لكل فرد قبل بها , و يجب أن تطبق عقوبات ضد أولئك الذين يرفضونها" .
هذه بداية الإلزام , العنف و العقوبات .
يقول البرنامج :
"لأننا مقتنعين بأن القبول بحكومة سيؤدي إلى هزيمة الثورة و استعباد الجماهير , فعلينا أن نوجه كل جهودنا لنجعل الثورة تتخذ الطريق الأناركي...لكن علينا أيضا أن نقر بأن تشكيل تنظيمنا للعمال على أساس مجموعات صغيرة من الأنصار لا تساعدنا لتحقيق هدفنا . يجب الاعتراف بهذا سلفا من قبل المنظمات الخاصة" .
سيقود الاتحاد الأناركي النقاش و سيقرر المسألة في حالة عدم وجود اتفاق . هذه هي القضية بالضبط . إننا نجد نفس التناقضات فيما يتعلق بالدفاع عن الثورة :
"سياسيا , لمن سيتبع الجيش ؟ بما أن العمال غير ممثلين في منظمة وحيدة , من المحتمل أنهم سيشكلون منظمات اقتصادية متنوعة . لذا إذا قبلنا بمبدأ الجيش , علينا أن نقبل أيضا بمبدأ طاعة الجيش للمنظمات الاقتصادية للعمال و الفلاحين..." .
هذه هي الفترة الانتقالية !
يقول البرنامج فيما يتعلق بحرية الصحافة و حرية التعبير : "ستكون هناك لحظات معينة ستكون فيها الصحافة , مهما كانت حسنة النية , خاضعة للرقابة إلى الحد الذي سيكون جيدا للثورة" . من سيقرر هذه "اللحظات المعينة" عندما تأتي ؟ من سيقرر ما هي "حدودها" ؟ ستكون هناك سلطة و قوة , حتى لو أطلقت عليها أسماء أخرى .
يكتب البرنامج فيما يتعلق بالمبدأ الأناركي "من كل بحسب قدرته , و لكل بحسب حاجته" :
"هذا المبدأ هو معيار الأناركية الشيوعية . لكنه فكرة مبدأ : سيعتمد تحققه على الخطوات العملية لتي ستتخذ في الأيام الأولى من الثورة" .
هنا أيضا هذه "اللكن" . ما هي إذا الفترة الانتقالية ؟
إنه واضح و منطقي لنا : فكرة ضرورة قيادة الجماهير و توجيه التطورات , و بالتالي الحاجة لعناصر السلطة و الفترة الانتقالية . نحن , على الجهة الأخرى , نعتبر أن الجوهر الأساسي للثورة الاجتماعية هو دور جماهير العمال الذين يتكلون على العملية الهائلة للتدمير الاجتماعي بخبرتهم التاريخية يمكنهم تحقيق المجتمع الحر بحرية , واعية لما تفعل .

الإنتاج

كيف سيجري تنظيم الإنتاج ؟ هل سيكون مركزيا و مخططا حسب الطريقة التي يتبعها البلاشفة ؟ هل سيكون أكثر لا مركزية على أساس فيدرالي ؟
هذه هي القضية الأكثر أهمية . يكتب مؤلفو البرنامج : "سيجري تنظيم الإنتاج من قبل المنظمات التي سيشكلها العمال – السوفييتات , لجان المصانع – التي ستوجه و تنظم الإنتاج في المدن , المناطق و الشعوب . سترتبط عن قرب بالجماهير التي ستنتخبها و تسيطر عليها , و ستمتلك سلطة إقالتها في أي وقت" .
يقبل البرنامج نظاما مركزيا و آليا , معطيا إياه علاجا بسيطا في الانتخابات .
هذا لا يكفي . إننا نعتقد أن تغيير أسماء جهاز الإدارة عبر الانتخاب ليست تغييرا كبيرا . لا يمكن لعملية آلية جامدة أبدا أن تعود للحياة . حتى الآن فيما يهمنا , لا يمكن تقييد مشاركة الجماهير فقط "بالانتخاب" . يجب أن تكون هناك مشاركة مباشرة في تنظيم الإنتاج . من حيث المبدأ نحن لسنا ضد اللجان ( لجان المصانع , لجان المعامل ) , و لا ضد الحاجة للتواصل و التنسيق بينها . لكن يمكن لهذه المنظمات أن يكون لها جانبا سلبيا : العطالة , البيروقراطية , الاتجاه نحو التسلطية أو السلطوية الذي لن يتغير بشكل أوتوماتيكي باستخدام مبدأ التصويت . يبدو لنا أن هناك ضمانة أفضل في خلق سلسلة من أجهزة , أخرى أكثر حركية و حتى مؤقتة ستنبثق و تتزايد بحسب الحاجات التي تظهر في سياق الحياة و النشاطات اليومية . لذا إضافة إلى منظمات التوزيع للمستهلكين , للسكن , الخ . كل هذه معا توفر انعكاسا أكثر غنى و أكثر إخلاصا لتقيد الحياة الاجتماعية .

الدفاع عن الثورة

هذه هي الطريقة التي يرى البرنامج من خلالها المشكلة :
"في الأيام الأولى من الثورة الاجتماعية ستتشكل القوى المسلحة من كل العمال و الفلاحين المسلحين , من الشعب المسلح . لكن هذا فقط في الأيام الأولى عندما لم ينظم المقاتلون بعد منظماتهم العسكرية . و بعد هذه الأيام الأولى من الثورة ستكون هناك القوى المسلحة للثورة مع قيادتها العامة و خطتها العامة للعمل . هذا التنظيم للصراع ضد الثورة المضادة في ساحات قتال الحرب الأهلية يكون تحت إشراف منظمات العمال و الفلاحين المنتجين" .
إننا نرى هنا خطأين , واحد تقني و الآخر سياسي . الخطأ التقني : أن الجيش المركزي وحده يمكنه الدفاع عن الثورة . لتجنب التشويش الكامل , علينا أن نشير إلى أن العكس غير صحيح أيضا , بالتحديد , أن الوحدات المعزولة المحلية يمكنها ضمان نجاح الثورة . يمكن لقيادة عالية المركزية تقوم بتطوير خطة عمل عامة أن تقود إلى كارثة . إن الأفعال من دون تنسيق أيضا هي غير فعالة . عيوب الأولى , التي لا تأخذ الظروف المحلية بالاعتبار , واضحة للعيان . إن منع المبادرة المحلية و الفردية , ثقل الجهاز , الميل لاعتبار المركز على أنه لا يرتكب الأخطاء , أولوية الأخصائيين هي كلها عيوب في القيادة المركزية . و عيوب النظام الثاني واضحة أيضا .
كيف يمكن حل هذه المشاكل و النواقص ؟ إننا نعتقد خاصة على ضوء التجربة الروسية أن المشاركة المسلحة للجماهير العاملة ضرورية , ليس فقط في الأيام الأولى من الفعل الثوري , بل طوال فترة الصراع . يجب المحافظة على التشكيلات المحلية للعمال و الفلاحين مع تفهم أن أفعالها يجب ألا تكون معزولة , بل بالأحرى منسقة في حملة عامة . و حتى عندما يتطلب الوضع تشكيلات مسلحة أكبر يجب ألا تكون القيادة مركزية . يجب أن يكون هناك فعالية قتالية مشتركة عند الضرورة , لكن يجب أن تكون قادرة على التكيف بسهولة مع الأوضاع المتغيرة و أن تستفيد من أفضلية الظروف المفاجئة .
يجب ألا ننسى أن وحدات الأنصار قد حققت الانتصارات في الثورة الروسية ضد القوى الرجعية , دينكين , كولتشاك , فرانغل . لقد أخذ الجيش المركزي , بقيادته المركزية و تخطيطه الإستراتيجي المسبق على حين غرة و كان عاجزا عن التكيف مع ما هو غير متوقع . في معظم الوقت وصل الجيش الأحمر المركزي متأخرا , دائما على الأغلب في وقت استلام أكاليل مجد النصر التي تعود إلى المنتصرين الفعليين , الأنصار . يوما ما سيسجل التاريخ الحقيقة عن بيروقراطية المركزية العسكرية .
يمكن لنا أن نسأل أيضا كيف يمكن أن ندافع عن الثورة الاجتماعية ضد التدخل الخارجي من دون جيش صلب و مركزي . نجيب , أولا , أنه لا تجب المبالغة بهذا الخطر . في معظم الأحيان التي تأتي فيها حملة من مكان بعيد جدا تأتي معها كل الصعوبات التي تتبعها , ثانيا تعرضت الثورة الروسية لسلسة من تدخلات كهذه و فد هزمت جميعها من قبل وحدات الأنصار و ليس بالجيش المركزي , بالمقاومة الفعالة للجماهير , بالدعاية الثورية النشيطة الموجهة لجنود و بحارة القوات الغازية .
أخيرا فإننا نشير إلى أن الجيش المركزي مع قيادته المركزية و "توجيهه السياسي" لديه فرصة كبيرة جدا ليكف عن أن يكون جيشا ثوريا , بشكل واع أو لا فإنه يصبح أداة للعودة إلى الوراء , أداة للرجعية , لخنق الثورة الحقيقية . نعرف لأن التاريخ قد علمنا هذه الدروس في الماضي . آخر الأمثلة كانت الثورة الروسية مع الجيش الأحمر .
إن موقف البرنامج عن دور الجيش ك"مدافع سياسي" , و "سلاح ضد الرجعية" يفاجئنا . إننا نعتقد أن جهازا كهذا يمكن أن يكون ذا دور سلبي فقط في الثورة الاجتماعية . فقط الشعب المسلح , بحماسته , و الحلول الإيجابية التي يقدمها للمشاكل الأساسية للثورة ( خاصة الإنتاج ) يمكن أن يوفر دفاعا فعالا ضد مؤامرات البرجوازية . و إذا فشل الشعب , فلا يوجد أي "جهاز" , أي "جيش" , أي "تشيكا" ( الشرطة السرية في الفترة الأولى من الحكم البلشفي ) يمكنه أن ينقذ الثورة . ألا نتفق مع هذا الموقف يعني أن مشاكل الثورة لا تعني الجماهير إلا كقناع سياسي . هذا مفهوم بلشفي نموذجي .
هذا يقودنا إلى الاستنتاج التالي : إن منظمة قائدة ( الاتحاد ) توجه منظمات الجماهير ( العمال و الفلاحين ) في إدارتها السياسية و تدعم عند اللزوم من جيش مركزي ليست إلا سلطة سياسية جديدة .

المنظمة الأناركية

نعود إلى مشكلة المنظمة التي تثير قلقنا . إننا نعتقد أن انعدام التنظيم في الحركة الأناركية حول العالم يسبب لنا الكثير من الضرر . إننا مقتنعون بأن القوى و الحركات يجب تنظيمها . تظهر الأسئلة عندما نفكر بإقامة المنظمة : أسلوب إقامة المنظمة , هدف و جوهر المنظمة , و شكلها .

أساليب خلق المنظمة الأناركية

كيف و لماذا يجب بناء منظمة أناركية ؟ يجب أن نبدأ بمحاولة فهم الأسباب الأكثر أهمية لغياب التنظيم بين الأناركيين . هذا واضح و بسيط بالنسبة لمؤلفي البرنامج : لدى بعض الأناركيين خاصية مشوشة , شعور "بانعدام المسؤولية" , "نقص في الانضباط" . إننا نعتقد أن من بين أسباب غياب التنظيم في الحركات الأناركية فإن أكثرها أهمية هو الصفة الغامضة و غير الدقيقة لبعض أفكارنا الأساسية .
يتفق مؤلفو البرنامج مع هذا . إنهم يتحدثون عن "التناقض في النظرية و الممارسة" . هناك طريقتان لحل هذه المسألة : أن نأخذ فكرة واحدة من هذه "الأفكار المتعارضة" كأساس , و أن نقبل بها كبرنامج عام . و إذا كان ذلك ضروريا أن نتنظم بانضباط معين . و في نفس الوقت يجب استبعاد كل من لا يوافق على البرنامج و حتى دفعه خارج الحركة . هذه المنظمة التي شكلت – و هي المنظمة الوحيدة – ستوضح أفكارها أكثر ( هناك رفاق يعتقدون أن الأفكار الأناركية عن هذه القضية واضحة بما فيه الكفاية ) .
مع بناء منظمة جدية , سيتعين علينا أن نكرس أفضل طاقاتنا لنوضح , نعمق و نطور أفكارنا .
ينسى مؤلفو البرنامج أنهم يسلكون طريقا قديمة في سعيهم لبناء منظمة تقوم على فكرة إيديولوجية و تكتيكية واحدة . إنهم يبنون منظمة ستكون لها علاقات عدائية تقريبا مع بقية المنظمات التي لا تحمل نفس الأفكار تماما . إنهم لا يفهمون أن هذه الطريق القديمة ستقود لا محالة إلى نفس النتائج القديمة : وجود ليس منظمة واحدة بل عدة منظمات . لن تكون بينها علاقة تعاون أو انسجام , بل بالأحرى نزاع بين بعضها البعض حتى لو كانت جميعها أناركية : كل منظمة ستدعي امتلاكها الحقيقة الوحيدة الصحيحة . ستنشغل هذه المنظمات بالمناظرات ضد بعضها البعض أكثر من تطوير الدعاية و الفعاليات لمساعدة الحركة الأناركية عموما .
يتحدث مؤلفو البرنامج عن الحاجة ل"وحدة إيديولوجية و تكتيكية" . لكن كيف سيجري تحقيق مثل هذه الوحدة ؟ هذه هي المشكلة , و ليس هناك جواب مرض لهذا السؤال . الأسلوب المشار إليه لا يؤدي إلى الوحدة . على العكس سيجعل من الاختلافات , النقاشات بيننا أكثر حدة و ستقود حتى إلى الكراهية .
هذه المقاربة يجب أن تعامل بالطريقة التالية : إن النظرية "الحقيقية" أو "الوحيدة" و تكتيكات واضعو البرنامج يجب أن ترفض دون الحاجة للمزيد من النقاش .
لكن هذه ليست الطريقة الأناركية للعمل . إننا نقترح مسارا مختلفا للإجراءات . إننا نعتقد أن الخطوة الأولى نحو تحقيق الوحدة في الحركة الأناركية التي يمكن أن تقود إلى منظمة جدية هي العمل الجماعي الإيديولوجي حول سلسلة من المشاكل الهامة التي تسعى نحو أكثر الحلول الجماعية الممكنة وضوحا .
بالنسبة للرفاق الذين يخافون الاستطرادات و الانحرافات الفلسفية و الفكرية , فإننا نوضح لهم أننا لسنا مهتمين بالمشاكل الفلسفية أو الأطروحات المجردة , بل بالأسئلة المحددة التي لا نملك لها , لسوء الحظ , أجوبة واضحة . مثلا هناك , من بين أسئلة أخرى , أسئلة المهمة البنائية للأناركية , عن دور الجماهير و الأقلية الواعية , و عن العنف , تحليل عملية الثورة الاجتماعية و مشكلة الفترة الانتقالية , الطريق نحو المجتمع التحرري , دور منظمات العمال و الفلاحين , و المجموعات المسلحة , العلاقة مع النقابات , العلاقة بين الشيوعية و الفرد , مشكلة تنظيم قوانا .
كيف يمكن تحقيق هذا ؟
إننا نقترح وجود مطبوعة للنقاش في كل بلد حيث يمكن مناقشة المشاكل في إيديولوجيتنا و تكتيكاتنا بشكل كامل , بغض النظر عن درجة "حدتها" أو حتى لو كانت "تابو" ( محرمة ) . الحاجة لأداة مطبوعة كهذه إضافة إلى النقاشات الشفهية تبدو لنا "ضرورية" لأنها طريقة عملية للمحاولة للتوصل إلى "وحدة إيديولوجية" , "وحدة تكتيكية" , و بشكل محتمل التنظيم .
لكنت هناك رفاق يرفضون استخدام أداة للنقاش . إنهم يفضلون سلسلة من المطبوعات التي يدافع كل منها عن موقف معين . إننا نفضل أداة واحدة بشرط أن يسمح لممثلي كل الآراء و التيارات في الأناركية بالتعبير عن أنفسهم و أن يصبحوا معتادين على العيش معا . سيخلق نقاش كامل و قائم على التعايش لمشاكلنا الأساس لتفاهم , ليس فقط بين الأناركيين , بل بين الأطروحات المختلفة عن الأناركية . هذا الشكل من الاتفاق على مناقشة أفكارنا سوية بشكل منظم يمكن أن يتقدم على التوازي مع خطوط أخرى .

دور و خصائص المنظمات الأناركية

إن دور و هدف المنظمة شيء أساسي . لا يمكن أن توجد منظمة جدية من دون تعريف واضح لهذه القضية . إن أهداف أية منظمة تتحدد إلى حد كبير بشكلها . ينسب مؤلفو البرنامج دور قيادة الجماهير , النقابات و كل المنظمات , إضافة إلى كل النشاطات و التطورات للمنظمة الأناركية . إننا نعلن أن وضع كلمات "يقود" إلى جانب الحال "إيديولوجيا" لا يغير موقف مؤلفي البرنامج بشكل هام لأنهم يفهمون المنظمة كحزب نظامي . إننا نرفض أية فكرة عن أنه على الأناركيين أن يقودوا الجماهير . إننا نأمل أن دورهم سيكون فقط في التعاون الإيديولوجي , حيث يؤدي المشاركون و المناصرون دورهم الاجتماعي بطريقة غير مغرورة . لقد أوضحنا طبيعة عملنا : الكلمة المكتوبة و الشفهية , الدعاية الثورية , العمل الثقافي , المثال الحي المتماسك , الخ .

شكل المنظمة الأناركية

التناقضات , التصريحات الوسطية , التأرجحات في لغة البرنامج هي مميزة في هذه النقطة . لكن على الرغم من الكثير من الاحتياطات يبدو أن مفهومهم عن هذه المنظمة هو ذاته عن أي حزب سياسي : اللجنة التنفيذية للاتحاد الأناركي العام يجب , بين أشياء أخرى , أن تتولى التوجيه الإيديولوجي و التنظيمي لكل منظمة وفقا للخط الإيديولوجي و التكتيكي العام للاتحاد . في نفس الوقت يؤكد البرنامج إيمانه بالمبدأ الفيدرالي الذي هو في تناقض مطلق مع الأفكار المذكورة أعلاه . تعني الفيدرالية استقلالية القاعدة , الفيدرالية بين المجموعات المحلية , و المناطق الخ , و أخيرا اتحاد الفيدراليات و الكونفيدراليات .
إن وحدة معينة إيديولوجية و تكتيكية بين المنظمات هي ضرورية بشكل واضح . لكن كيف ؟ بأي معنى ؟ إننا نقتبس مرة أخرى من القرار الذي تبنته المنظمة الأناركية الأوكرانية , نابات , في مؤتمر كورسك : "إن منظمة أناركية منسجمة لا يكون للاتحاد فيها صيغة رسمية بل يجتمع أعضاؤها معا على أساس أفكارهم و أهدافهم المشتركة" .
يبدأ مؤلفو البرنامج بالتأكيد : "كانت الأناركية دوما نفي المنظمة المركزية" . لكنهم بعدها ينتقلون إلى وضع مخطط لمنظمة مركزية بامتياز مع لجنة تنفيذية تتولى المسؤولية لإعطاء التوجيه الإيديولوجي و التنظيمي للمنظمات الأناركية المختلفة , التي بالمقابل ستوجه المنظمات المهنية للعمال .
ما الذي جرى للفيدرالية ؟ إنهم فقط على بعد خطوة من البلشفية , خطوة لا يتجرأ مؤلفو البرنامج على القيام بها . إن التشابه بين البلاشفة و "أناركيي البرنامج" يثير فزع الرفاق الروس . لا فرق سواء أكان الجهاز الأعلى للحزب الأناركي يسمى اللجنة التنفيذية , أو إذا سمي بالسكرتارية الكونفيدرالية . إن الروح المناسبة للمنظمة الأناركية هي الأداة التقنية للعلاقات , المساعدة , و المعلومات بين مختلف المجموعات المحلية و الفيدراليات .
كاستنتاج فإن النقاط الأصيلة الوحيدة في البرنامج هو التعديلية نحو البلشفية التي يخفيها المؤلفون , و قبول الفترة الانتقالية . لا يوجد أي شيء آخر أصلي في بقية البرنامج . هذا لا يمكن أن يكون واضحا للرفاق من بقية البلدان لأنه لم ينشر ما يكفي بعد في اللغات الأخرى عن الثورة الروسية و الأناركية في روسيا . لذلك فإن الرفاق لا يعرفون الكثير عن التطورات هناك . و قد يكون بعضهم قادرا على القبول بتفسير البرنامج .
لكننا نعتقد أن هذا "القبول" لن يستمر لفترة طويلة . إننا مقتنعون بأن مناقشة البرنامج ستساعد في إيضاح بعض سوء الفهم هذا .

باريس , أبريل نيسان 1927



مشكلة التنظيم و فكرة التجميع
مجموعة من الأناركيين الروس في الخارج

عرض بعض الرفاق موقفهم في أعمدة نشرة قضية العمال فيما يتعلق بقضية المبادئ الأناركية و الشكل التنظيمي .
ليس أنهم جميعا قد قاربوا المشكلة من نفس الزاوية . إن جوهر هذه القضية , كما عبرت عنها هيئة تحرير قضية العمال , تتألف مما يلي :
نحن الأناركيون الذين نحرض و نحارب في سبيل انعتاق البروليتاريا , يجب علينا مهما كلفنا الأمر أن نضع حدا للتبدد و لانعدام التنظيم السائد بين كوادرنا , لأنها تدمر قوتنا و محاولاتنا التحررية .
الطريق للبدء بإنشاء المنظمة التي ربما لن تضم كل المناضلين الناشطين للأناركية , بل بالتأكيد غالبيتهم , على أساس المواقف النظرية و التكتيكية المعينة و التي ستقودنا إلى فهم ثابت كيف سيمكن تطبيقها في الممارسة .
لا حاجة للقول أن معالجة هذه القضية يجب أن تتم على التوازي مع تحديد المواقف النظرية و التكتيكية التي يجب أن تشكل أساس , و برنامج هذه المنظمة . بالنسبة لنا من المضيعة للوقت أن نتحدث عن الحاجة لتنظيم قوانا و ألا يؤدي هذا لأي شيء , ألا نربط فكرة منظمة كهذه مع المواقف النظرية و التكتيكية المعرفة جيدا .
إن مجموعة الأناركيين الروس في الخارج لم تفقد أبدا اهتمامها بهذه القضية الأخيرة . لقد عبرنا جزئيا في سلسلة من المقالات التي نشرت في قضية العمال عن التفاصيل الهامة للبرنامج : علاقة الأناركية مع نضال الكادحين الطبقي , النقابية الثورية , الفترة الانتقالية , الخ .
أما مهمتنا التالية فهي الوصول إلى صياغة واضحة لكل هذه المواقف من المبادئ , ثم أن نصوغها جميعا في برنامج تنظيمي تقريبي سيخدم كأساس لتوحيد عدد معقول من المناضلين و المجموعات في منظمة واحدة . و ستخدم الأخيرة كنقطة انطلاق لوحدة أكثر اكتمالا لقوى الحركة الأناركية .
هذا هو الطريق الذي اخترناه كحل للمشكلة التنظيمية . ليس في نيتنا أن نقوم في هذه المناسبة بإعادة تفحص كاملة للقيم أو تفصيل أية مواقف جديدة . إن موقفنا هو أن كل شيء ضروري لبناء منظمة تقوم على برنامج محدد يمكن أن نجده في الشيوعية التحررية , التي تتبنى الصراع الطبقي , و مساواة و حرية كل عامل , و التي تجد تحققها في الكومونة الأناركية .
أولئك الرفاق الذين يناصرون فكرة التجميع أو التركيب النظري لتيارات الأناركية المختلفة لديهم مقاربة مختلفة تماما للقضية التنظيمية . من المؤسف أن وجهة نظرهم قد جرى التعبير عنها و صيغت بشكل ضعيف و لذلك من الصعب القيام بنقد شامل لها . إن فكرتهم هي أساسا كما يلي : تقسم الأناركية إلى ثلاثة أقسام – الأناركية الشيوعية , الأناركية النقابية , و الأناركية الفردانية . رغم أن كل من هذه الأقسام تمتلك ميزات خاصة بها , فإن ثلاثتها متشابهة و قريبة من بعضها البعض و أنها تتمتع بوجود مستقل فقط بفضل سوء فهم سطحي .
و لكي نشكل حركة أناركية قوية و مؤثرة فمن الضروري دمجها بشكل كامل . هذا الدمج بالمقابل يتضمن تركيبا أو تجميعا نظريا و فلسفيا لتعاليمها بحيث يمكننا معالجة بنية و صيغة منظمة تمثل كل هذه التيارات الثلاثة . هذا هو مضمون التركيب أو التجميع الذي يتصورونه , كما أعلن في "بيان عن الأناركيين "الذين يعملون سوية" , و عدة مقالات أخرى كتبها الرفيق فولين نشرت في المراسل الأناركي و قضية العمال . إننا نختلف تماما مع هذه الفكرة . إن قصورها شديد الوضوح . كبداية لماذا هذا التقسيم الاعتباطي للأناركية إلى ثلاثة أقسام ؟ هناك أقسام أخرى أيضا . يمكننا أن نذكر , قل , الأناركية المسيحية , الاتحادية التي يمكن أن يقال أنها أقرب للأناركية الشيوعية منها للأناركية الفردانية . أيضا عندها ما هو التماثل بين "المتناقضات النظرية و الفلسفية" بين التيارات الثلاثة المذكورة أعلاه , إذا كان يجب خلق تجميعها معا ؟
شيء واحد قبل أن نتكلم عن التركيب أو التجميع النظري للشيوعية , النقابية , الفردانية , سنحتاج لنحلل هذه التيارات . التحليل النظري سيظهر بسرعة مدى الطيش و السخافة في الرغبة بتجميع هذه التيارات معا . بالفعل , ألا يشير الكلام عن "التركيب أو التجميع بين الشيوعية و النقابية" على شيء من التناقض بينهما ؟ كثير من الأناركيين اعتبروا دوما النقابية واحدة من أشكال الحركة البروليتارية الثورية , كواحدة من أساليب الصراع التي تأخذ بها الطبقة العاملة في نضالها لانعتاقها .
إننا نعتبر الشيوعية هدف حركة تحرر الطبقات العاملة .
إذا هل يمكن للهدف أن يكون متناقضا مع الوسائل ؟ فقط التبرير المتخبط للمثقفين هواة الفنون الجاهلين بتاريخ الفكر الشيوعي التحرري يمكن أن تضعهم جنبا إلى جنب و تسعى للوصول إلى تجميعها . من جانبنا فإننا واعون بشكل جيد لأن الشيوعية التحررية كانت دوما نقابية في أنها كانت تعتبر وجود و توسيع المنظمات المهنية المستقلة ضرورة للانتصار الاجتماعي للكادحين .
لذا يمكن أن يكون هناك فقط قضية , و كان الوضع كذلك في الحقيقة , ليس التجميع النظري بين الشيوعية و النقابية , بل بالأحرى أن دور النقابية يجب أن يستخدم في تكتيكات الأناركية الشيوعية و في الثورة الاجتماعية للكادحين .
إن القصور النظري لمؤيدي التركيب هو صادم أكثر عندما يرغبون بالتوصل إلى تجميع الشيوعية و الفردانية .
مما تتألف الشيوعية و الفردانية في الواقع ؟ فكرة حرية الفرد ؟
لكن ما هي هذه "الفردانية" ؟ هل هي الفردية عموما أم "الفردية" المضطهدة للكادح ؟
لا يوجد هناك شيء مثل "الفردية عموما" لأنه , بطريقة أو أخرى , فإن كل فرد يجد نفسه بشكل موضوعي أو ذاتي في مجال العمل أو من جهة أخرى في مجال رأس المال . لكن أليست هذه الفكرة متضمنة في الشيوعية التحررية ؟ يمكننا حتى أن نقول أن حرية الكادح الفرد قابلة للتحقق فقط في سياق مجتمع شيوعي تحرري الذي سيملك اهتماما مباشرا بالتضامن الاجتماعي إضافة إلى حقوق الفرد .
إن الكومونة الأناركية هي نموذج العلاقات الاجتماعية و الاقتصادية الأفضل مناسبة لتعزيز تطور حرية الفرد . إن الأناركية الشيوعية ليست بنية اجتماعية جامدة بعض الشيء غير قابل للتغير , الذي ما أن يتم إنجازه حتى يعيق تطور الفرد . على العكس إنها تنظيم اجتماعي قابل للتغير مرن سيتطور بنمو تعقيده و بالسعي الدائم للتحسن , بحيث أن حرية الفرد سوف تتوسع من دون عوائق .
بشكل مماثل فإن مناهضة الدولة تبدو واحدة من المبادئ الأساسية للأناركية الشيوعية . بالإضافة فإن لديها مضمون حقيقي و تعبير حقيقي أيضا .
ترفض الأناركية الشيوعية الدولتية باسم الاستقلال الاجتماعي و الإدارة الذاتية المستقلة للطبقات العاملة . كما بالنسبة للفردانية فعلى أي أساس ترفض هي الدولة ؟ بافتراض أنها تفعل ! يناصر بعض النظريين الفردانيين حق الملكية الخاصة في العلاقات الفردية و في العلاقات الاقتصادية على حد سواء . و لكن حيثما وجدت مبادئ الملكية الخاصة و الثروات الشخصية , فسيوجد صراع بين المصالح الاقتصادية على نحو حتمي , و سيجري خلق البنية الدولتية من قبل الأكثر قوة اقتصاديا .
إذا ماذا يتبقى من الأناركية الفردانية ؟ نفي الصراع الطبقي , و نفي مبدأ المنظمة الأناركية التي تجعل المجتمع الحر للعمال المتساوين هدفا لها , و أكثر من ذلك , الثرثرة الفارغة التي تريد ألا يكون العمال سعداء بعددهم الكبير و أن ينظروا إلى دفاعاتهم بوسائل اللجوء إلى الحلول الشخصية المتوفرة لهم بشكل مزعوم كأفراد متحررين .
لكن أي شيء في كل هذا يمكن وصفه بالأناركي ؟ أين نجد تلك الخصائص التي نحتاجها لتجمع مع الشيوعية ؟ إن كل تلك الفلسفة ( الفردانية ) ليس هناك أي شيء يجمعها مع النظرية الأناركية أو الممارسة الأناركية , و من غير المتوقع أن يميل أي عامل أناركي ليلتزم بهكذا "فلسفة" . لذا فإننا نرى أن تحليل المهام النظرية للتجميع يؤدي إلى نهاية مسدودة . و نجد نفس الشيء أيضا عندما نتفحص الجوانب العملية للقضية . علينا أن نختار بين خيارين :
إما تيارات تبقى تيارات مستقلة , و في هذه الحالة من هو الذي سيقرر نشاطاتها في نفس المنظمة العامة , التي الهدف الأساسي لها هو بالتحديد الموالفة بين النشاطات الأناركية نحو اتفاق معين ؟
أو أنه على هذه التيارات أن تفقد خصائصها التي تميزها و ستؤدي بتوحيدها إلى نشوء تيار جديد لن يكون شيوعيا و لا نقابيا و لا فردانيا...بل في هذه الحالة ماذا ستكون مواقفها المبدئية و خصائصها ؟
بتقديرنا فإن فكرة التركيب أو التجميع تشكلت بناء على تشويش كامل , على فهم مزعوم لأساسيات التيارات الثلاثة , التي يريد أنصار التركيب أن يدمجوها في تيار واحد .
إن التيار المركزي , العمود الفقري للأناركية يتمثل في الأناركية الشيوعية . إن الأناركية الفردانية هي في أفضل الأحوال ظاهرة فلسفية و أدبية و ليست حركة اجتماعية . يحدث غالبا أن تجر الأخيرة إلى السياسة فتنتهي كتقليعة برجوازية ( مثل بنجامين توكر و بقية الفردانيين ) .
لا يعني ما سبق على الإطلاق أننا ضد المسعى المكثف للأناركيين من كل الآراء . على العكس تماما : يمكننا فقط أن نحيي كل ما يجعل الأناركيين الثوريين أقرب إلى بعضهم البعض في الممارسة .
لكن يمكن تحقيق ذلك عمليا بشكل صلب عبر وسائل إقامة الاتصالات بين المنظمات القائمة بالفعل مع تقويتها . في هذه الحالة فإننا سنتعامل فقط مع مهام عملية محددة , لا تتطلب أي تركيب أو تجميع و ترفضها بالفعل . لكننا نعتقد أنه كلما أوضح الأناركيون الأساسيات – أي جوهر الشيوعية التحررية – كلما كانوا أقرب للاتفاق حول هذه المبادئ و يبنوا فوق هذه الأسس منظمة عريضة ستوفر القيادة في الأمور الاجتماعية السياسية إضافة إلى مجال النقابات و الشؤون المهنية .
كنتيجة نحن لا نرى بأي حال أي رابط بين المشكلة التنظيمية و فكرة التجميع . إذا كان علينا أن نحلها فلا حاجة ليقوم بها منظرين غامضين و أن نتوقع النتائج منهم . إن الرزمة التي جمعتها الأناركية خلال سنوات حياتها و الصراع الطبقي هي أكثر من كافية . علينا فقط أن نعتبرها بشكل مناسب , نطبقها على ظروف و مقتضيات الحياة , لكي نبني منظمة معتبرة .

قضية العمال العدد العاشر مارس آذار 1926

ترجمة : مازن كم الماز
نقلا عن http://www.fdca.it/fdcaen/historical/index.htm



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا ديمقراطيين , و لا ديكتاتوريين : بل أناركيين .
- من حكم البيروقراطية إلى البرجوازية أو المتبرجزين التابع للرأ ...
- عارف دليلة و فداء الحوراني و أخيرا محمد موسى : قمع النظام ال ...
- من تحليل البيروقراطية إلى سلطة العمال
- لماذا يحتفي النظام السوري بالشهداء ؟..
- بين صعود الطغيان و تكريسه , ملامح المرحلة
- قمة الثمانية في جنوة : أحكام مخففة لرجال الشرطة
- ثورة الفن المعاصر و الفن المعاصر للثورة الجزء الثاني
- رفض سلطة قيم الجمال , اللغة , التراث , اللا إنسانية
- من الماركسية إلى الفوضوية
- ترجمة عن الدادائية
- لا ساركوزي سيتدخل و لا نحن نريد أو ننتظر تدخله...
- ثورة الفن المعاصر و الفن المعاصر للثورة ,
- عن نقد الأستاذ عمار ديوب لمشروع الرؤية السياسية الجديدة
- عن مجزرة سجن صيدنايا
- بين باريس و أنقرة و كاراكاس
- بين الاستبداد و الحرية
- برنامج الاتحاد العام للأناركيين
- بين دوغما الماركسية و المتمركسين و واقع الناس....
- بيروت خيمتنا..بيروت نجمتنا..


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - مازن كم الماز - نقاش حول البرنامج التنظيمي للاتحاد العام لأناركيين