أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - دلال المغربي














المزيد.....

دلال المغربي


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 2349 - 2008 / 7 / 21 - 10:42
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


كأني أعرفها وأنتظرها منذ دهور سحيقة، في كل منعطفات العمر، وفي كل التجارب والمواقع والبيوت والدروب التي مررت بها، وسعيت وراءها، وأنا أحلم بالتحرر والتقدم والعمل الشاق والمتواصل من أجل العراق وفلسطين وكل المدن العربية، من اجل الناس دفاعاً عن التخوم والثغور والمخيمات والحجر والشجر المستباح، وهي في الحلم الرجولي البهي الصبية القادمة، متوجة بالغار، وهي في كل نساء بلادي الطيبات والجميلات، ومع الشهيدات البطلات والشهداء الأبطال، صبية كالحنطة السمراء، كرائحة البن الفلسطيني المشعة، كالفل والياسمين والحبق وشتلة الزعتر واليود ورائحة المخيم والزيتون، هي كالفراشة والنحلة وصوت فيروز الشفيف، وكالأرجوحة والبندول الذي لا يتوقف عن الحركة والدوران حتى يلاقي مصيره الاختياري بوعي نادر وبقبضة لا تترك السلاح حتى وهي ميتة، وقد كشفت سرها للبحر ولفلسطين وللناس في المخيمات، بعد إن اقتحمت ( الغيتو) المؤقت الذي أقيم فوق أرض بلادي من دون وجه حق، الغيتو المحصن بالسلاح وبالخرافة، وأفزعت وطاردت أله القتل والجريمة والشذوذ وقصت جديلة من شعره القذر، كذكرى ليوم آخر قادم.
دلال المغربي تتطوع للرد على بارك وعصابته التي نفذت عملية فردان في بيروت، والذي يشرف على العملية القائد الميداني الخطير، الشهيد لا حقاً، خليل الوزير ( أبو جهاد )، تتدرب دلال ليل نهار لتقتحم لجج البحر وتعود الى الأرض وتختطف حافلات الجنود وتستخدمها في تبادل الأسرى، والعملية تنجح وتصل دلال الى الأرض الحلم، الأرض التي ولدت بعيداً عنها منذ ما يصل لعشرين ربيعاً لم تكتمل بعد، تعمدت في مياه بيروت، وتوضأت في مياه حيفا، ثم خطت على التراب الفلسطيني لأول مرة، صبية علمها القدر كيف تحاكي الأرض والسلاح وكيف تعود وكيف تكون وكيف تنسج الحكاية وتقولها للأرض والبحر والناس؟؟.
نجحت دلال ونجحت العملية وفشل باراك وكل الكيان من خلفه في إيقافها عند حدها، فقد عادت الى فلسطين وتشممت رائحة البحر واليود والأرض الفلسطينية العبقة، ثم أختلط دمها مع تراب وطنها المقدس، وكان آخر هواء ملأ رئتيها هواء فلسطين، لم يحصل منها باراك على حرف، لقد صمتت الصمت الأبدي الجليل، ربما فرحت، وربما أسفت على أشياء صغيرة غادرتها، وربما حزنت على أمها التي ودعتها الوداع الأخير وقبلتها وأهدتها صورة جميلة لصبية تدخل العشرين نحو الغياب، ثم خرجت من البيت وظلت تتلفت نحو أمها حتى انتهاء الشارع في المنعطف الأخير، وانتهاء العمر في الالتفاتة الأخيرة، لكن الأم لم تزل ناطرة، تعد العشاء الفلسطيني الأخير لأبنتها الذكية والمدللة، دلال المغربي، بينما أقامت دلال لها بيتاً أو قبراً في فلسطين.
باراك الذي تخفى بزي امرأة شقراء لينفذ مجزرة فردان في بيروت، أرسل له خليل الوزير فدائية حقيقية وليست مزيفة ولا متخفية بزي آخر، لقد لبست ثياب الثورة، وهي دلالة كما هو أسمها دلال، في رمزية ثورية كبيرة. والمقاومة الفلسطينية لم تسيطر على جثة المرأة المزيفة فقد تسللت الى البحر المفتوح، لكن باراك سيطر باستزلام بائس على جثة دلال الساخرة منه ومن مشروعه ومن عسكره وقتلاه، والصحافة صورت المشهد. ماذا يهم الجسد المقتول بعد القتل؟؟ ماذا استفاد الجندي الذي شد شعر عبد الكريم قاسم يوم 9 شباط المشؤوم وبصق في وجهه الكريم أمام عدسات التلفزيون؟؟ ولو عاد قاسم الى الحياة بعد ذلك المشهد ربما عفا عن الجندي البائس. من يدري.
اليوم تعود دلال المغربي في مسيرة طويلة من بين القبور والتخوم والمدن العربية التي عشقتها وحلمت في زيارتها في رحلة ترفيهية جميلة، ربما تبسمت لآن الخطة كانت محكمة وناجحة الى أبعد الحدود، وربما راجعت مواقفها ولاحظت بعض النواقص والأخطاء الصغيرة في الخطة، ربما تشممت رائحة البحر والملح وتراب الجليل والمدن والقرى الفلسطينية، وسمعت غناءً فلسطينياً، ثم دخلت الى الجنوب اللبناني بجواز سفر الشهداء، وراقبت المواقع الفدائية القديمة في الناقورة وقلعة الشقيف وأحراش الجنوب، وشاهدت بقايا آثار عدوان تموز، وربما أرسلت رسائل الى جميع القواعد والمعسكرات في بيروت وغور الأردن، وربما قررت زيارة المخيم والاعتذار والاعتراف لأمها بسر لم يعد سراً وصار ملك الجميع، وربما زارت صديقاتها اللواتي فارقتهن قبل ثلاثين عاماً، وسألت عن الأولاد والأحفاد والأزواج، وهي لم تزل صبية في العشرين، حيث توقف العمر وأتحد وذاب في تاريخ فلسطين، قبل أن تتوجه الى مستقرها المؤقت في مدينة الشهداء.
إن دلال المغربي تعود منتصرة مرة أخرى وهي تواصل الابتسام والمقاومة والقتال وتعمم معنى خاص للبطولة والعمل والنجاح وتعطي درساً في الاستراتيجية تعلمته في أول درس في مدرسة المخيم والقواعد، وكان المعلم خليل الوزير.
لقد عاد جسد دلال المغربي طائراً فلسطينياً لا يهدأ ولا يستكين، يصيح ويحلق فوق تراب وطنه، ويقلقل راحة العدو المزيفة، حتى تنفذ وصيته ويطبق قراره الأول بمصيره التاريخي والكوني. كم يحمل جسد دلال من أعشاب ومكونات وتراب فلسطين؟؟ وكيف عبر الحدود ووحد البلدان والمدن العربية رغم سايكس- بيكو ووعد بلفور وهزائم النظام العربي؟؟ ما هو سر ونشيد المقاومة؟؟ وكيف تنتقل الأسرار من جيل الى جيل؟؟ وكيف حملت دلال المغربي السر والنشيد وعبرت بهما نحو فلسطين؟؟ من أين تأت المجالدة والمطاولة والاستمرار في المقاومة والرفض والنجاح؟؟ أنه درس دلال المغربي الأول.



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعاهدة وألاعيب ومهازل الوضع السياسي
- عن النقد والمراجعات ( المراجعات الشخصية والنقد الذاتي )
- عن النقد والمراجعات
- المعاهدة.. جردة حساب
- الكتابة والنشر في الانترنيت
- بي بي سي تكشف عن بعض مليارات العراق المنهوبة.. الفساد المالي ...
- عن المعاهدة... العراق قاعدة أمريكية دائمة
- أنقذوا حياة بهاء الدين نوري .. رسالة تضامن مع أبي سلام
- إشارة عن الشعر والتاريخ
- في نشوء وتكون الفكر السياسي العراقي وعلاقته بحالة الانحطاط ا ...
- المعاهدة الأمريكية - العراقية والموقف الوطني
- لعنة الهامش - عن خراب مدينة الناصرية
- ماكليلان والعجز في الاقتصاد الأمريكي والأمراض النفسية لجنود ...
- المعاهدة الأمريكية - العراقية وقضايا الوطن المصيرية
- شيء عن الثقافة العراقية
- الصديق اليساري الوطني الدكتور عبد العالي الحراك
- المأزق التاريخي
- اليسار الآن
- السياب الشاعر الكبير وليس السياسي
- نحو تصعيد وتشديد النضال السياسي والحقوقي والإعلامي والدعائي ...


المزيد.....




- “بأي حالٍ عُدت يا عيد”!.. العمال وأرشيف القهر
- إبعاد متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين من حفل تخرج جامعة ميشيغان ...
- لقاء مع عدد من الناشطات والناشطين العماليين في العراق بمناسب ...
- صادق خان يفوز بولاية ثالثة لرئاسة بلدية لندن.. ويعزز انتصار ...
- الختان، قضية نسوية!
- جرائم الشرف، كوسيلة للإدامة بالأنظمة الإسلامية القومية في ال ...
- الرئيس السوري يؤكد أهمية المحاسبة داخل حزب البعث العربي الاش ...
- التصور المادي للإبداع في الادب والفن
- حوار مع العاملة زينب كامل
- شاهد كيف رد السيناتور بيرني ساندرز على انتقاد نتنياهو لمظاهر ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - دلال المغربي