أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - يوسف هريمة - الحقوق الفكرية: حقيقةٌ أمْ وهْمٌ؟؟؟...















المزيد.....

الحقوق الفكرية: حقيقةٌ أمْ وهْمٌ؟؟؟...


يوسف هريمة

الحوار المتمدن-العدد: 2348 - 2008 / 7 / 20 - 00:16
المحور: حقوق الانسان
    


لم يعد سؤال الفكر سؤالا ذا طابع تجريدي بعيد عن إفرازات واقع العولمة المعاصرة، وما فرضته من أنماط عيش مختلفة وأساليب تفكير متنوعة، ولم يعد الفكر ضربا من التنظير ورسالة تتجاوز حدود الذات والأنا، والمصلحة المرتبطة بكل صور العولمة المطبوعة بهذا المسلسل المادي المتسارع بمختلف مستوياته. كان الفكر هو ذلك الجدل والصراع الذي يخوضه الإنسان من أجل تحقيق الذات بغية التواصل الإيجابي معها، ومع المحيط ومع الآخر المعبر عن الاختلاف مع الأنا، وكان المفكر رسولا يحمل رسالة إنسانية في أبعادها لا تقف عند خط الخصوصية والهوية، بل تتعدى ذلك لتعْبُر آفاق الإنسان معبِّرة بذلك عن هذا الخط التصاعدي في مسيرته، ومحطِّمة كل التحيزات التي تقف عثرة على باب هذا الأفق المتسع في أبعاده وقيمه المختلفة.
كان الفكر يضرب بيديه الحجر ليصل إلى العمق الإنساني، وتصل الإنسانية إلى ما هي عليه من النعمة النسبية في كل شيء، ويخترق حدودا كانت بالأمس القريب رجما بالغيب، ولم يكن حامله سواء كان فلسفة أو تاريخا أو اجتماعا أو دينا أو سياسة يسعى لتضييقه تحت مسمى الحقوق المحفوظة أو حقوق الإنتاج، كما لم يكن صاحب الرسالة أيا كانت هذه الرسالة يفتش عن قاموس النخبوية والتمركز حول الذات المقدسة المنتجة والمبدعة. أقول هذا لأن أمامي تاريخ طويل من الفكر والعمق الإنساني يتجلى في هذا التراكم الفكري البديع من الأعمال والإبداعات المختلفة، التي نعيش على إيقاعات نعمها يوما تلو الآخر، ونترحم على كل من مهَّد للإنسانية الخروج من ظلمات الجهل بدء بتنظيره الفكري، وصولا إلى ترجمته إلى واقع يتجسد بين أعيننا لا انفكاك لنا عنه. لن يطالبنا كل مفكري العالم ومن مهَّدوا للإنسان الخروج إلى النور منذ ظهر التفكير كنسق من الحياة الإنسانية بحقوقهم الفكرية أو رغباتهم الشخصية شهرة كانت أو مآرب أخرى، ولكن عمق الرسالة كانت في حجم هذا الامتداد الفكري بين الماضي والحاضر أخذا وعطاء واستفادة، لأنهم كانوا يعلمون علم اليقين أن شهرتهم الحقيقية تتجلى في نشر رسائلهم دون طبعها بطابع الخصوصية والعنصرية، وأن إضافتهم النوعية هي من ستكسبهم احترام الآخر والحياة في الضمير الإنساني إلى أبد الآبدين، وليس شواهدهم الأكاديمية أو رتبهم الاجتماعية المرتبطة بواقع أفرزته ثورة الحقوق والتنميط الاقتصادي.
أحببت أن تكون هذه مقدمة أجلب معي فيها القارئ الكريم للتأمل، وأدعوه للتفكير ملياًّ بإعمال عقله في موضوع له خطورته وحساسياته المختلفة، دون أن يكون منطق رد الفعل هو المستحكم في زمام كل عملياتنا الفكرية بناء على مسبقاتنا أو خلفياتنا، فالموضوع قيد الدراسة هو موضوع آني دفعني إليه مجموعة من الاعتبارات الخاصة، والموضوعية المرتبطة بواقع أفرزته ثقافة اقتصادية ربطت كل شيء بالحق دون النظر إلى البعد القيمي والإنساني في العملية كما كانت تعرف أيام كان الفكر رسالة دينية وأخلاقية وسياسية واجتماعية وثقافية، ولم يكن حقا شخصيا إلا حين تميَّعت الحقوق وأصبحت إبادة الإنسان وتهجير الشعوب وحصار الأوطان وقتل الصبية والنساء والشيوخ حقا يتغنى به رب هذا العالم، وبنو الجلدة تحت وقع الصدمة الكبرى يهتفون:" وكاد فرعون أن يكون رسولا ". فهل الحقوق الفكرية حقيقةٌ أمْ وهْمٌْ؟؟؟...
1- ماذا لو طالبنا المفكرون بحقوقهم...؟؟؟:
ظل سؤال الفكر والمفكر يؤرقني وبين عيني تاريخ طويل من المسار الفكري، لأطرح سؤال ماذا لو كانت الحقوق الفكرية حقيقة، وطالبَنا حاملوا المشاريع الفكرية بحقوقهم بدء بالبدايات الفلسفية وتاريخها ونشأتها، وصولا إلى المشاريع الدينية ورسلها وأنبيائها وكل دعاة الإصلاح بمختلف مستوياتهم وطبقاتهم، انتهاء بالتاريخ القريب وعصر الأنوار والنهضة والأفق الإنساني الرحب؟ ماذا لو طالبوا هذا التاريخ الطويل واعتبرونا سارقين لكل إبداعاتهم ونعيمهم وأقاموا محاكم تفتيش على السارقين والسارقات؟ ماذا لو طالبونا بالإشارة إليهم في كل لحظة ننعم فيها بإبداعهم أو اختراعهم أو فكرهم أو إنتاجهم ونحن أكبر منكري الجميل الإنساني، بدل الترحم ولو بكلمة على من أهدانا السبيل، بعد أن كانت ثقافة الرعاة تسيطر ولا زالت على العقل العرباني؟ ماذا لو أقاموا لجنة للتحقيق في أكبر الجرائم الإنسانية، حين يعلموا بأن من ينعمون بفكرهم وإبداعهم لا يعترفون لهم بالحق الفكري، بل ينسبوه إلى أنفسهم في الكثير من الأحيان تغنيا بالماضي الوهمي والحضارة البائدة؟...
يبدو أن الأسئلة تتناسل أمامي معبِّرة عن استحالة هذا الأمر وصعوبته، فالحق الفكري لم يكن إلا وهْمًا في ذهن من عاش ثقافة البيع والشراء Marketing واعتبر أن الفكر سلعة تباع وتشترى في سوق النخاسة، وليس رسالة تتجاوز صاحبها لتعانق الأفق المبين، معلنة بدء اللانهاية في المسار التاريخي المرتبط بالسيرورة الإنسانية المتجاوزة للنظرة الاقتصادية الضيقة.
2- الفكر لا ينشأ من فراغ:
لو تأملنا حقيقة الحقوق الفكرية لوجدناها مبنية على أساس وهمي، مرده بأن الفكر صناعة ذاتية خالصة تجعل بموجبها الحق للفرد بالتصرف فيما يسميه فكرا أو غير ذلك، غير أن طبيعة الإنسان وواقعه يأبى أن يجعل من هذا الأساس شيئا ذا بال، والفكر هو عبارة عن مجموعة من المعارف والجدليات المختلفة المتصارعة فيما بينها، والممتزجة ضمن نسق من الأفكار الأخرى التي يدخل فيها الإنسان طرفا إما استفادة أو تطويرا أو تحويرا أو نقدا أو بناء عبر المراكمة والاستيعاب، فعبثا يحاول الإنسان أن يوهم نفسه بأن فكره حق له، وهو الذي يسير وسار وفق مسار طويل عَبَر من خلاله محطات مختلفة من الأخذ والرد، وما الحقوق إلا نظرة ضيقة ارتبطت بالجانب الاقتصادي حولت مسار الفكر من الرسالة الشاملة إلى الحق المادي والبحث عن الاسم، ليصبح هذا الأخير خادما لمصالح شخصية لا تتجاوز الفرد، بدل أن يكون خادما لهذا الامتداد الكبير من التاريخ الإنساني الذي يُعتبر ما يسميه فكره هو نقطة في بحره شاء أم أبى.
3- الفكر وتهمة السرقة:
يعد هذا التداخل بين المسار التاريخي الفكري الضارب في أعماق الإنسانية أمرا مركبا ومعقدا يصعب معه الحديث عن السرقة والاختلاس، وإلا أصبحت كل المؤسسات الفكرية الدينية والسياسية والتاريخية مؤسسات سارقة لأن الإنسان يترجمها إلى سلوكات فعلية دون أن يشير إلى أصحابها، ويعتبرها مسألة شخصية مرتبطة بقناعاته بغض النظر عن حامليها سلبا أو إيجابا، ولكان كل هذا المسار التاريخي مليئا بمحاكم ولجان تحقيق واستنطاق وكشف للسرقات ومتابعات، ولانتهى تاريخ الفكر منذ عهد طويل وانتهت الحياة بعده لسيرها في مضمار عولمة ثقافية اقتصادية أطرت بمفاهيمها كل التصورات وقولبتها في قالب لن ينتج الرسول وحامل المشروع المتجاوز لحدود الذات، بقدر ما ينتج تاجرا بمفاهيم تتلون حسب الظروف الزمكانية لتأخذ بعدها المقدس عبر مستويات عديدة، فالسرقة في الإنتاج الفكري أمر صعب تحقيقه لما قد أشرنا إليه سابقا، وعلى من يريد أن يكون رساليا أن يتجاوز منطق الفكر الخالص، وإلا سيتحول عاجلا أو آجلا إلى تاجر بمفاهيم نظرية تأخذ طابع الفكر تأتي على كل المشروع ومصداقيته من أساسه.



#يوسف_هريمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخطوطات قمران والفكر الآسيني
- طقوس الموت والامتداد الثقافي
- ما وراء الكواليس !!!…
- حي على الصلاة... !!!
- يا قارئة الكفِّ والفنجان!!!
- عبد الرحمن المجذوب وعقدة الأنثى المغربية!!!
- وتستمر الممانعة...
- قناة العربية والأزمة اللبنانية
- لعنة السياسة وسيف المذهبية
- الدراسات المقارنة بين المعرفة والتحيز
- أين الحقيقة...؟؟؟
- عيدُ الأُمِّ شعلةٌ لا تنطفئ...
- القرآنيون والتوظيف الإيديولوجي
- مدخل إلى الكتاب المقدس؟؟؟
- حتى الأقلام تبكي...
- أكادير: تنمية بشرية أم جنسية
- الثقافة العربية وسؤال النخبة؟؟؟
- نظرية مالتوس وأزمة الزواج العربي
- رمتني بنضالها وانسلت؟؟؟
- الفن الملتزم وثقافة العولمة


المزيد.....




- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - يوسف هريمة - الحقوق الفكرية: حقيقةٌ أمْ وهْمٌ؟؟؟...