أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - كرامة زوجة صماء














المزيد.....

كرامة زوجة صماء


زينب محمد رضا الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 2347 - 2008 / 7 / 19 - 07:36
المحور: الادب والفن
    


كان يذهب كل يوم صباحا إلى عمله بكامل أناقته...التفاصيل الدقيقة لا يتهاون معها القاط ..الرباط ..القميص المكوي.. حتى الحذاء كان يلمع كالبرق...لا يخرج إلا إذا أكمل كل استعداداته... أما العطر فحدث ولا حرج كان يستعمل أغلى العطور وأطيبها وان كان احدهم على موعد معه ستنبئه حاسة الشم انه قادم ... لقد كان عطره يسبق قدميه بخمس دقائق... في الصباح يكون في اشد نوبات الغضب ... وجميع من في البيت يهمس للآخر...(إنذار ج)...يأتي إليه السائق وهنا تبدأ موسيقى الهورنات التي تزعج الجيران كثيراً... (التماهل) هوايته المفضلة كان وما يزال يعشق انتظار الآخرين له.. ويحسها نوعاً من أنواع الوجاهة الاجتماعية... ويصر على أن لا يخرج إلا بعد ربع ساعة... الهورن يدق والجيران يتذمرون وزوجته محرجة.. وتتمنى لو يرحمها يوماً ويخرج في موعده..لتتخلص من عبارات اللوم المتكررة التي حفظتها عن ظهر قلب... لكنه لم يكن من النوع الذي يكسر طوق طقوسه اليومية لأي سبب مهما كان...
يخلع وجهه ألبيتي عند الباب مودعاً زوجته بهمهمة غير مفهومة وكأنه يقول مع السلامة أو هكذا تهيئ لها.. ويلبس وجهه الآخر البشوش وينطلق... كان جميع من في البيت يتنفس الصعداء عند خروجه برغم حبهم الكبير له...حالة التوتر التي يزرعها في البيت كانت تبعدهم أميالاً ضوئية عنه... لم يكن يدرك أن عصبيته الزائدة وغياب ابتسامته ستكون يوماً حاجزاً بينه وبين أفراد عائلته... يغادر الأطفال بعده بربع ساعة إلى مدارسهم ... تعودوا ابتسامة أمهم ووقوفها خلف الباب وهي تلوح لهم.. وبعد أن يغادر الجميع تقفل الأبواب وتعود لسريرها لتستريح قليلاً وتتزود ببعض الطاقة لتعينها على يومها الشاق الطويل... وحين يأتي وقت الظهيرة تستقبل صغارها بفرح وتنسى مع حكاياتهم كل تعب النهار. تسألهم عن كل تفاصيل يومهم...و ترسم الابتسامة وهي تنصت بإصغاء لكل حرف وكل كلمة... لم يتعودوا أبداً تناول غذائهم بدون حضور والدهم ولهذا كانت تسليهم وتلعب معهم محاولةً أبعاد تفكيرهم عن الطعام حتى يعود الوالد...
تتوقف سيارة الدائرة أمام باب البيت ... ويركض الأطفال لاستقباله فرحين ...كان يجلس دوماً في المقعد الوسط تحيطه حسناوان ذات اليمين وذات الشمال... ينظر الأطفال لوالدهم باستغراب... ترى من هذا الضاحك الودود ... مستحيل أن يكون والدهم... يطلب الماء البارد من أطفاله فيحمله بيده التي لا تحك حتى رأسه من الكسل ويسقي بها كل نساء الخط... صوت ضحكاته الذي ينعش قلبه يثقب قلبها ... وتعرف جيدا أنه وبمجرد توجهه لباب البيت سيبدل وجهه ... قناع الدوام انتهى وقته.
يسكت الجميع ... وهدوء حذر يسود المكان ويستمر هذا الحال حتى صباح اليوم التالي حين يغادر إلى الدوام ...
وفي يوم أيقظته ... ليذهب إلى الدوام فقال تعبان اتركيني أنام... لم تكن تناقشه بشيء ولم تجرؤ على السؤال ... أيقظت الأطفال وحضرتهم للذهاب إلى المدرسة ... ووقفت تودعهم كما كل يوم من خلف الباب... ولأن الجو كان بارداً جداً قررت العودة قليلاً لدفء السرير... دخلت الغرفة بهدوء كي لا توقظه ... واندست قربه وأغمضت عينيها لتنام قليلاً... ولكن صوت موبايل زوجها حرمها تلك اللذة... رفع الموبايل وتكلم ....
هو... ألو
هي ..........
هو... صباح النور.. أهلاً
هي.......................
هو ... لا والله لن أذهب اليوم للدوام
هي.......................
هو... متعب قليلاً والجو بارد
هي...........................
هو... (خربان من الضحك)
هي..................
هو... لا والله لا تقلقي ليس هناك شيء فقط كسل
هي ........................
هو... صدقيني (مابية شي) لا تقلقي
هي.................................
هو ... وآني أكثر
هي ..........................
هو ... يله أنشاء الله على باجر
هي............................
هو... مو قلنا يله أريد أنام باجر
لم يعتد الشعور بزوجته في يوم أصلاً ... ولهذا لم يشعر بها وهي تنام على نفس السرير قربه... لم يكن يحبها كأنثى... لكنها كانت زوجة صالحة وهذا هو المهم ... ولهذا أدمن وجودها.. كم تمنت لو يكلمها كما تكلم مع تلك أل.......... استغفرت الله وبكت ... ثم أدارت وجهها صوب الشباك وهي صامته ..كلماته حولتها إلى حجر أصم... فجأة أحس بوجودها فبهت وقال ... أنت هنا... لم تجبه... ثم سألها هل أنت نائمة... فأجابت في سرها ... تعودت إغماض عيني وتكذيب ما أرى... وضع يده على رأسها .. وقال هل أنت مستيقظة ... لم تجبه ... وفقط ظلت تسقي وسادتها بسيل من دموعها ... وتداوي جرح كرامتها بالصمت الذي تعودته ...ويطمئن هو وينام مانحاً ضميره أجازة خمسة أيام وبراتب تام...



#زينب_محمد_رضا_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حواسي الست وانا...سعداء بمقدمك...
- واصرخ علو الصوت احبك
- وردية والدروس السبعة
- ولادة انثى .... تكملة القرين
- ماذا لو
- صحوة حلم
- القرين
- لبيك الله سأذبحهُ
- حملة أعمار قلوب الشباب ( المشيبين)
- عيد سعيد جنتي
- عرس السبايا
- لأن الله يحبني
- عصفور و وردة
- شيطان في وجهي
- عيد وثواب
- عميدة وصانع الخبز وخوفي
- تحية الى شهداء وابطال بشت ئاشان في ذكراها الخامسة والعشرين!
- حشرٌ معَ من نحب
- حكومتنا والأرقام ال 5
- خمسةٌ في عين الحسود


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب محمد رضا الخفاجي - كرامة زوجة صماء