أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ما الجديد في حريق لبنان؟















المزيد.....

ما الجديد في حريق لبنان؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2284 - 2008 / 5 / 17 - 10:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
بدأت الأزمة اللبنانية بعد الانسحاب العسكري السوري عام 2005، وبقاء الوجود السياسي السوري عن طريق حلفاء سوريا من السياسيين اللبنانيين المسلمين والمسيحيين والدروز، وبقاء الوجود الاستخباراتي السوري عن طريق الاختراقات السورية للأمن اللبناني، وكان آخرها افتضاح الاختراق السوري - الإيراني لأمن مطار بيروت، الذي كان جزءاً كبيراً من تفجير الأزمة اللبنانية الحالية، التي استكملت كافة عناصر الحرب الأهلية، بإصرار الطرفين المتحاربين (الموالاة والمعارضة) على قراراتهما، وعدم الرجوع عنها.

والقرارات التي أصدرتها الحكومة اللبنانية، المتمثلة بنقل مدير أمن مطار بيروت من منصبه واستبداله بآخر، وتفكيك أجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله، ليست هي وحدها التي ولدت شرارة الحرب الأهلية المحتملة في لبنان. وإنما بدأت بوادر نشوب هذه الحرب منذ أن انسحب الجيش السوري من لبنان 2005، وإعلان الرئيس بشار الأسد المعروف، بأنه سيحرق لبنان من ورائه. وها هي الحرائق بدأت ترتفع من جديد، وطبول الحرب الأهلية بدأت تُقرع. زيادة على ذلك فإن تراجع السيطرة السورية - الإيرانية في العراق منذ مدة، والقضاء على جزء كبير من مليشيات هذين القطرين، دفع هذين الفريقين إلى اختيار هذا الوقت، لإشعال نار حرب في لبنان، تعويضاً عما فقدوه في العراق، كما قال كثير من المحللين السياسيين في الشرق والغرب.



-2-



فهل يتحارب اللبنانيون الآن، لأن فريقاً من الفريقين المتحاربين، أصبح متوقناً من انتصاره العسكري، ومحوه للمقولة السياسية اللبنانية المشهورة: لا "غالب ولا مغلوب".

أظن أن هذا صحيح. فلقد أمّحت مقولة " لاغالب ولا مغلوب"، التي ظهرت على لسان رئيس وزراء لبنان الأسبق صائب سلام في الخمسينات. والدليل على ذلك بكل بساطة، أنه لم يسبق لأية حرب أهلية لبنانية أن خاضتها ميليشيا مسلحة وقوية عدداً وعدة كـ "حزب الله" و "حركة أمل" متضامنتين، مقابل فريق آخر (الموالاة) ضعيف، ولديه عقدة ذنب كبيرة من الحرب الأهلية اللبنانية السابقة (1975-1990)، ولا يريد تكرار ما حصل.

لقد سبق وقلنا، أن لبنان درج بعد كل معركة سياسية أو عسكرية أو ميليشية، أن يرفع في نهاية كل معركة شعار "لا غالب ولا مغلوب"، لكي تهدأ المعارك، ويعود لبنان إلى "التوافق" الطائفي الزائف والمؤقت، وليعود بعد سنوات - ولأي سبب داخلي أو خارجي - إلى صراعاته بين طوائفه، وليخرج من هذه الصراعات بشعار "لا غالب ولا مغلوب". ولكن الحرب الحالية حرب مختلفة، فسيكون فيها غالب ومغلوب. وقد بدأت علامات الغالب والمغلوب تظهر الآن بشكل واضح.
ذلك أن القوى الخارجية الإقليمية والدولية - وهي التي تمسك بخيوط اللعبة السياسية اللبنانية بالمال والسطوة، وتصفّي حساباتها مع بعضها بعضاً على الأرض اللبنانية - هي التي ستخرج من لبنان هذه المرة بنتيجة أن هناك غالباً ومغلوباًٍ، وليس فقط بعض الزعماء السياسيين اللبنانيين.

فهل استعاضت أمريكا عن ضرب إيران وسوريا في العمق ومباشرة، بضربهما على الأرض اللبنانية؟

وهل سترضى أمريكا، وربما مع بعض حلفائها الغربيين (بريطانيا وفرنسا) والشرق أوسطيين، بالمقولة اللبنانية "لا غالب ولا مغلوب" كالعادة، كنتيجة لمعركة "الاتصالات والمطار"، أم أن إدارة الرئيس بوش عازمة هذه المرة على خوض معركة حاسمة مع سوريا وإيران انتقاماً لضحاياها في العراق، ونصرة لحلفائها في لبنان والعالم العربي على السواء؟

-3-

اللبنانيون لا يتحاربون، ولا يتخاصمون، من أجل سعادة وازدهار وطنهم، وإنما يتحاربون ويتخاصمون لحساب الآخرين، مقابل منافع ومبالغ معلومة. فالسياسة لم تُهَنْ ولم تُعرَضْ في أسواق النخاسة، كما عُرضت وابتُذلت وأُهينت في لبنان، وأصبحت أقصر الطرق إلى المال والنفوذ.

فهكذا كانت الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) الشهيرة، والتي يندم عليها ابن الشارع اللبناني أشد الندم، ولكن السياسيين اللبنانيين مستعدون لخوضها كل يوم، وكل شهر، وكل سنة، فيما لو توفّر في الشرق الأوسط المتخاصمون الإقليميون الذين لديهم القدرة على إرسال وتأمين حطب (المال والسلاح) هذه الحرب. أما شعار "لا غالب ولا مغلوب"، فيمكن أن ينقلب إلى "غالب ومغلوب"، فيما لو أراد الزبون ذلك. فليس أعزّ ولا أرفع من الزبون في لبنان. وفي لبنان وحده يشعر الزبون بأنه ملك الملوك، وإمبراطور الأباطرة، ما دامت يده لا تخرج من جيبه إلا مليئة. والحروب في لبنان تنشب وتنتهي بإرادة الزبون الإقليمي والدولي. فهو "العم الكبير"، و "المعلم الكبير"، الذي يبدأ الحرب وينهيها. وهو اليوم كما لم يكن في أي وقت مضى.



-4-

الزعماء السياسيون اللبنانيون، ما هم إلا وسطاء (سماسرة) كوسطاء البورصة والأسواق المالية والعقارية. ينفذون أوامر إقليمية ودولية بالبيع أو الشراء، مقابل نسبة عمولات متفق عليها. ولذا، فهم سرعان ما يفتعلون الأزمات السياسية في كل مرحلة طالت أو قُصرت، لكي ينشّطوا السوق السياسية، ويبيعون ويشترون فيها لحساب الآخرين، الذين يستعملون لبنان كرقعة للعبة شطرنج الشرق الأوسط. ولبنان، هو البلد المؤهل الوحيد في الشرق الأوسط لمثل هذا الدور، حيث لا يملك قراره السياسي حزب وحيد من بين الأحزاب، ولا طائفة وحيدة من بين الطوائف. ورفعُ شعار "لا غالب ولا مغلوب" في الماضي وحتى قبل 7/5/2008، هو من أجل أن تنشيط آلة الحرب اللبنانية، وتتكرر دائماً المعارك السياسية والعسكرية، ولا تُحسم لأي جهة كانت. وبذا، تستطيع كافة الطوائف الكبيرة والصغيرة اللاعبة والمهمّشة أن تأكل من وراء السمسرة السياسية، التي يقوم بها زعماؤها السياسيون، ويرمون بالفتات فقط للمناصرين والأتباع، وأهالي المفقودين في الحرب. فقد ذهب الرفاق في الحرب الأهلية السابقة وبقي الزعماء.
-5-

إذن، لا بُدَّ من حسم المعركة السياسية اليوم في لبنان لصالح طرف سياسي ما، لكي لا يُعاد رفع شعار "لا غالب ولا مغلوب"، ولكي لا تعود عروض السيرك المملة من جديد بعد فترة. ولو انتهت المعركة السياسية اللبنانية الحالية بشعار "لا غالب ولا مغلوب" – وهذا غير ممكن حسب ما نرى الآن- وتغليب "التوافقية" الزائفة، فمعنى ذلك أن المتصارعين السياسيين اللبنانيين قد انكشف أمرهم – إن لم يكن قد انكشف بعد – وثبت زيفهم. وأنهم، أو أبناؤهم، أو أحفادهم سيعيدون كرة الأزمات السياسية من جديد، لكي يتولّوا دورهم في السمسرة السياسية، ويملأوا جيوبهم بمالها، ويخرجوا من جديد بشعار " لا غالب ولا مغلوب". فالأزمات السياسية الكبرى في التاريخ العربي والغربي لم تحسم حسماً نهائياً، إلا عندما خرج منها غالب ومغلوب.

فالخلاف القبلي والعصبي بين معاوية بن أبي سفيان مع علي بن أبي طالب على الخلافة الإسلامية، لم يُحسم نهائياً إلا بخروج غالب ومغلوب من معركة "صفين" عام 657 م.
ومعركة الديكتاتورية والديمقراطية الاسبانية في 1936، لم تُحسم لصالح الديمقراطية إلا عندما خرج الديكتاتور فرانكو مغلوباً والديمقراطية غالبة.
ومعركة الحداثة والقدامة في تونس مطلع الخمسينات، لم تُحسم إلا عندما خرجت منها القدامة مغلوبة، والحداثة غالبة بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة، والتحول الاجتماعي الكبير الذي أحدثه بصدور "مجلة الأحوال الشخصية" 1956، والانقلاب الثقافي والديني الذي أحدثه في جامعة "الزيتونة".
والاعتداء الصدامي الغاشم على الكويت لم يُحسم إلا عندما خرج صدام حسين مغلوباً 1991.
ونهاية ديكتاتورية حزب البعث في العراق لم تُحسم - جزئياً - إلا بعد عام 2003 عندما انتصر الشعب العراقي، وهُزم حكم الحزب الواحد، وخرج مغلوباً.




#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي أسباب انتشار الإيديولوجيات الدينية المتطرفة؟
- الديمقراطية العربية بين الوهم والحقيقة
- نجود وعائشة: فعلٌ واحدٌ وردُ فعل مختلف
- هل سيقود الغلاء إلى حرب عالمية ضد الأغنياء ؟
- ما هي عوائق السلام في الشرق الأوسط؟
- الإعلام العراقي بين مطرقة الطائفية وسندان الإرهاب
- الهولوكوست الكُردي وأزمة الضمير
- -حرب الأفيون- بين إسرائيل و-حزب الله-!
- بين نابليون الفرنسي ونابليون الأمريكي
- ماذا استفاد العرب من الثورة المعلوماتية؟
- دور الديمقراطية في ترسيخ دعائم المجتمع المدني
- سيراً على خُطى -بلاد الشمس- إلى التقدم
- لماذا كسّرنا الأقلام وقطعنا الألسنة؟
- بؤس الحقيقة في العالم العربي
- ما حال العالم اليوم لو لم يظهر الإسلام؟!
- كوسوفو وفلسطين: تشابه الواقع واختلاف المصير
- قراءة لتقرير البنك الدولي الأخير حول التعليم العربي - لماذا ...
- قراءة سياسية نقدية لتقرير -فينوغراد-
- هل يعيش العرب الآن مرحلة -ما بعد الأصولية-؟
- الجنس والموت في انتحار الإرهابيين


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ما الجديد في حريق لبنان؟