أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - بؤس الحقيقة في العالم العربي















المزيد.....

بؤس الحقيقة في العالم العربي


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2216 - 2008 / 3 / 10 - 10:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

كانت الإطاحة بنظام البعث في العراق، وسقوط نظام صدام حسين الدموي فجر التاسع من نيسان/إبريل المجيد 2003، بمثابة الإعصار التاريخي الشديد العصف والقسوة للعالم العربي. ورغم ما حقق هذا الإعصار من نتائج ايجابية حتى الآن في العالم العربي، وعلى رأسها انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005، رغم أن سوريا ما زالت موجودة في لبنان، وربما أقوى مما كانت عليه قبل عام 2005 كما قال فاروق الشرع نائب الرئيس السوري، وإجراء الانتخابات وبعض الاستحقاقات الديمقراطية في أنحاء مختلفة من العالم العربي، وسقوط جزء من اليمين العربي في الانتخابات التشريعية المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين ومن خرجوا من عباءتهم في الأردن والمغرب، وفشل إقامة الدولة الدينية المتمثلة بدولة "حماس" في قطاع غزة، وإعطاء المرأة مزيداً من حقوق المواطنة كما تمَّ في الكويت والسعودية والبحرين وقطر، وانتصار الرؤى السياسية الليبرالية المتمثلة في تحقيق العراق هامشاً كبيراً من هوامش الديمقراطية، رغم وقوف أنظمة الحكم في العالم العربي قاطبة، ودون استثناء، ضد العهد الديمقراطي في العراق الجديد، وتدفق آلاف اليائسين الانتحاريين من الشباب العربي إلى العراق، لكي يحققوا حلمهم في الخروج من الدنيا سريعاً إلى الآخرة، في استعجالهم للموت على هذا الانتحار الجنوني الذي نشهده كل يوم .

-2-

من كان يظن منا أن العراق سوف يتغير بعد فجر التاسع من نيسان/إبريل 2003 تغيراً سريعاً بمقدار 180 درجة عمّا كان عليه قبل التاسع من نيسان/إبريل 2003 و (بكبسة زر) فهو مخطيء، ولا يعلم أن العراق منذ أكثر من 13 قرناً وهو يرزح تحت الظلم والطغيان من الأنظمة المختلفة المتعاقبة عليه بدءاً من العهد الأموي، وانتهاءً بالنظام البعثي المقبور.

ومن كان يظن بأن العالم العربي سوف يتغير تغيراً سريعاً وبمقدار 180 درجة أيضاً بعد سقوط النظام العراقي البائد، فهو مخطيء أيضاً. فالأنظمة العربية الحالية هي من أكثر الأنظمة في التاريخ الحديث التي ترزح تحت غبار وكلس التراكمات السياسية القاهرة والطاغية والمستبدة منذ 13 قرناً ويزيد. فكيف يمكن لهذه التركة السيئة وهذا الموروث السياسي البغيض، أن يتحوّل بقدرة قادر، وبين يوم وليلة، إلى فردوس من العدالة والحرية والديمقراطية؟

-3-

ما تمَّ في العراق، منذ أربع سنوات، هو محاولة فتح "أتوستراد" عريض وطويل للديمقراطية العربية المفتقدة، وإطلاق كل طيور الحرية من أقفاصها، علماً بأن كثيراً من طيور الحرية العراقية ما زالت تقف على أبواب أقفاصها المفتوحة دون أن تطير. فقد نسيت الطيران مع طول زمن الحبس، وتعطلت قدرتها على التحليق في فضاءات الحرية.

كذلك كان الأمر في العالم العربي. فما زال جزء كبير من الرأي العام العربي ضد ما حصل في العراق. وهؤلاء عبارة عن طيور كانت محبوسة منذ مئات السنين في سراديب تحت الأرض، لا ترى فيها نور الشمس، ولا تتنشق غير هواء السراديب الفاسد والرطب، فتحوّرت (كما نشاهد في بعض الحفريات) من طيور محلّقة إلى مخلوقات غريبة ننتظر من علماء الأجنّة، وعلماء الحفريات الأثرية، وعلماء التاريخ وغيرهم، تحديد صفة واسم هذه الكائنات الغريبة التي تحوّل جزء منها إلى انتحاريين يائسين على أرض العراق وأفغانستان ولبنان وغزة وغيرها من بقاع العالم العربي، يدمرون في طريقهم المجهول، كل ما يعترضهم من بشر، وشجر، وحجر.

-4-

وهذه الأعمال الانتحارية اليومية التي نشاهدها على شاشات الفضائيات في العالم العربي لها ما يبررها، وإن كان هذا التبرير يؤلمنا نحن الليبراليين، ولكن علينا أن لا نخفي الحقيقة ونزيد من بؤسها في العالم العربي.

لقد أصبحت أحلام الإسلامويين أضغاثاً، وكوابيس مزعجة، بعد أن سقطت دولة طالبان في أفغانستان، وزال حكم القرون الوسطى منها، وبعد أن نزلت الدولة الدينية الفلسطينية تحت الأرض (إسماعيل هنية يعيش الآن في سرداب تحت الأرض كسرداب صدام الهالك)، وبعد أن انهزم الإخوان المسلمون في الانتخابات التشريعية الأردنية الأخيرة، وهم الذين أعلنوا الحداد، وقدموا العزاء، بهلاك الانتحاريين الإرهابيين. وتقدم الليبراليون في مواقع كثيرة من العالم العربي على حساب السلفيين. وتقلّص الإرهاب في العراق كثيراً عما كان عليه في السابق، وبدأ العراق الجديد يسترد بعض قوته وعافيته، بعد أن أمضى حوالي أربع سنوات في دور النقاهة السياسية والاجتماعية والثقافية.

والانتحاريون الآن يدافعون دفاع اليائسين المهزومين عن مواقع باقية هنا وهناك، بعد أن استطاع شعب العراق وجيشه الباسل وأمنه الساهر على الإطاحة بكل قلاع الانتحاريين المتهاوية الواحد تلو الآخر، فالحرية لا تتحقق إلا بالقوة، كما قال جان جاك روسّو. ولهذا فلا زال صوتهم مرتفعاً بفضل بعض الفضائيات والصحف العربية التي أصبحت أبواقاً لهم ولعملياتهم الإجرامية، على حساب المستقبل العراقي والعربي.

-5-

والحقيقة العربية – للأسف - تعيش هذا البؤس الذي نشاهده ونلمسه الآن في الوطن العربي، نتيجة لعدة عوامل منها:

1- أن معظم وسائل الإعلام العربية ومنابر الرأي في العالم العربي مملوكة للدولة.

2- أن وسائل الإعلام العربية ومنابر الرأي المعارضة تكره الغرب وتكره أمريكا على وجه الخصوص، نتيجة لسياستها المتحيزة لإسرائيل، وعدم استطاعتها الإيفاء بوعد إقامة الدولة الفلسطينية. وبما أن أمريكا هي عرّاب الفتح الديمقراطي في العالم العربي، فإن وسائل الإعلام العربية ومنابر الرأي في العالم العربي ضدها، ولا تفتح صدرها وصفحاتها وشاشتها ومنابرها لليبراليين العرب، وهي الفئة الوحيدة في العالم العربي التي تشجع وتدعم وتبارك ما تم في العراق.

3- منذ غزا نابليون الشرق، وفتح مصر عام 1798، وأطاح بحكم المماليك فيها، لم يتم غزو بلد عربي آخر والإطاحة بالحكم الديكتاتوري القائم فيه إلا في عام 2003 في العراق؛ أي بعد أكثر من قرنين من الزمان (1798-2003). ولذا كان ما تمَّ في التاسع من نيسان/إبريل مستهجناً وقاسياً ومؤلماً على سواد العرب، وغالبية المسلمين، وأذكر الجميع بعودة الاستعمار من جديد للعالم العربي، فازداد الطين بلّة، سيما وأن المشكلة الفلسطينية كانت وما زالت قائمة، بل هي تتعاظم وتتعقد يوماً بعد يوم، في الحساب العربي – الأمريكي.

4- لا شك بأن الأنظمة العربية - خاصة تلك التي هي على شاكلة نظام صدام البائد – استطاعت بحكم موقعها الجغرافي وجيرتها للعراق أن تفسد على الشعب العراقي فرحته واستقبال غده الواعد، فكانت الجسر الحريري الذي مرت عليه قوافل الانتحاريين الذين فعلوا ما فعلوه وما يفعلونه الآن في العراق. مما عطّل كل خطط التنمية السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي كانت مخططة للتنفيذ بعد التحرير.






#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما حال العالم اليوم لو لم يظهر الإسلام؟!
- كوسوفو وفلسطين: تشابه الواقع واختلاف المصير
- قراءة لتقرير البنك الدولي الأخير حول التعليم العربي - لماذا ...
- قراءة سياسية نقدية لتقرير -فينوغراد-
- هل يعيش العرب الآن مرحلة -ما بعد الأصولية-؟
- الجنس والموت في انتحار الإرهابيين
- رئيس أسود في البيت الأبيض
- هل سيحارب عرب 1948 في جيش إسرائيل؟!
- هل ستجتاح ثورات الجوع العالم العربي في 2008 ؟
- حماس.. إلى أين ومتى؟
- العرب لا يملكون صكَّ مُلكيّة هذا الكوكب
- هل كانت بوتو ضحية الغباء الأمريكي؟
- هل سنشرب نفطنا في عام 2020؟
- السوق الخليجية المشتركة : وحدة الجيوب قبل القصور
- بدأت عودة الروح للعراق
- حاضنات الإرهاب الدافئة
- أنتم وأنا بوليس
- الحداد لا يليق ببغداد
- هل سينسحب ديمقراطيو أمريكا من العراق لو فازوا؟
- -عام الجماعة- أم اقتربت الساعة؟


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - بؤس الحقيقة في العالم العربي