أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رديف شاكر الداغستاني - مقهى العباد















المزيد.....

مقهى العباد


رديف شاكر الداغستاني

الحوار المتمدن-العدد: 2284 - 2008 / 5 / 17 - 09:26
المحور: الادب والفن
    


حين دخلت في احدى المقاهي الواقعة في دهاليز شارع الرشيد صدح في اذني صوت غنائي منبعث من جهاز استريو مجسم يطرب الداخل الى جلسة لسماع هذا الطرب لصوت ام كلثوم وان كان من غير المعجبين بصوتها, لمبررات كثيرة اولها ان يسترجع بالذاكرة كل الاشياء الجميلة خلال مرحلة حياة الانسان, ومن كان من المعجبين فيكون الاهتمام اكثر فتنتعش مسامعه لهذا الصوت ويصله بكل الذكريات الجميلة سواء كانت صغيرة ام كبيرة .. كان هذا الصوت يداوي ايام زمان بنسيان همومه اليومية من خلال سهرة لطيفة في حدائق ابي نؤاس مع الانتعاش باحدى انواع المشروبات .. لم يكن لي الخيار فموعدي مع زميل لي في هذه المقهى الخاصة بروادها فاتخذت مجلسا بجانبه وباشارة منه ليلفت انتباهي على النظر الى معلقة شعرية مبروزة موضوعة مع معلقات صورية للسيدة ام اكلثوم .. زميلي شاعر وقاص عبر عن اعجابه التاريخي لام كلثوم بمناسبة يوم وفاتها فانتج هذ ه القصيدة الشعرية الجميلة يتغزل بصوت السيدة .. كانت جلستي محشورة متضايق وظهري مسند على احد جدران المقهى وبشكل يجعلني ارى رواد المقهى قبل سنين بعيدة ترددت على هذه المقهى لامر غير الطرب كونت فكرة عن روادها, فكانت الفرصة الان لاتابع ما يفعله هؤلاء الرواد فمنهم من يلعب الشطرنج محتجزين لهم ركن خاص بهم واخرين يلعبون النرد والدومينو منتشرين في وسط المقهى اما القسم الاخر يهيم بصوت السيدة يجلسون في موقع قريب من مدخل المقهى وهم يتناولون (النركيلة )ويدندنون بين انفسهم كلام الطرب .. فاجاني احدهم بسؤال دون مقدمات (هاي شنو اسمها؟)
قلت .من هذه ..؟
قال هذه الاغنية ..
قلت لااعلم باسماءالسيدة كثيرا ...
فالتفت الى يمينه والى يساره وبشكل عصبي وسال اخر فكان الجواب لاكثر من واحد اذ من غير المقبول والمعيب من لم يعرف اسماء الاغاني وهو يطرب لها ...حسب قواعدهم .
فلم يتفقوا على معرفة الاسم لان الاغنية كانت من بدايات ام كلثوم في الغناء والاغنية كانت قصيرة .. فجاء صوت حاسم من بعيد عن هذا التحاور قال هذه اسمها (عندما يغيب القمر)فسكت الجميع لان صاحب الصوت هو صاحب المقهى الذي يدير جهاز التسجيل .. اذاً هو صاحب كلمة الصواب في الاسم ..وكثير من الاحيان يطلبون منه اغنية فيحاول تلبية طلباتهم بدلال بعد ساعة او اكثر وهم مسرورين بذلك منتظرين هذه اللحظات بغبطة خصوصا من يسحب النركيلة على اخر نفس واخرين يضعون علب السكائر على طاولات امامهم ويتناولون السكائر بكثرة .. هذه الطقوس يمارسها رواد المقهى فاذا لم يكن من المتعبدين لايمكنه ان يبقى في المقهى اكثر من عشرة دقائق .. والمسالة حسابية لصاحب المقهى علق اعلان عن سعر الشاي (قدحين750دينار) فالمتعبد من المؤكد يتناول على اقل تقدير قدحين .. والشيء اللافت للنظر اكثر رواد المقهى من كبار السن في اعمار اربعين سنة فما فوق والاعمار الاقل قليلون جدا وهذا لا يعتبر شيء غير طبيعي فتربع ام كلثوم على عرش الطرب كان في بداية الخمسينات القرن الماضي وانتشرت في الوسط العربي بطربها في ستينات القرن الماضي خاصة في العراق ... والشيء الاخر الذي يلفت النظر عدد رواد المقهى الجالسون اثناء تواجدي كان عددهم فوق المائة شخص وهذا العدد لا يشهده أي مقهى في بغداد واغلب الرواد من الحرفيين المتقاعدين الشعبيين المثقفين في امورالسياسة . يتداولون في احاديثهم مفردات شعبية للتعبير عن ارائهم بالوضع الراهن على ان لا ترتفع اصواتهم على صوت السيدة او يعكر سماع الرواد ... وبعد دردشة بين زميلي الاديب مع اخر من رواد بصوت خافت تناولا الطرب والشعر المغنى والشعراء والفلسفة بشكل سريع دون توضيح الاراء بشكل كامل حيث المكان لايسمح اكثر من هذا التبادل السريع .. نهضنا انا وزميلي الاديب بعد ما تاكد ان الساعة اعلنت الثالثة عصرا وهذا شيء كثير في ظل ضروف امنية سيئة ونحتسب حساب الطريق الى دار السكن الف حساب. كان الوداع بيننا سريعا وهو يردد نحتاج الى مثل هذه الجلسات للعبادة مرة كل اسبوع على الاقل لتخفيف الضغط الداخلي الذي نعيشه فاشرت له براسي موافقا على كلامه ومطلقا العنان لساقي في السير السريع نحو مجمع السيارات فالشارع تقريبا خالي من المارة تنتشر فيه قوات الحرس والصحوة وما انا ذلك..سمعت دوي صوت اطلاقات نارية صادرة من بنادق صغيرة ومتوسطة وبدأ من في الشارع بالركض والاحتماء في دكاكين متعددة صيدلية, قيصرية عمارة خلف الصبات الجدارية . لحين تبيان الموقف وعودة الهدوء الذي يسمح بالتحرك .. مضت نصف ساعة من انطلاق الرصاص ثم سمعنا بعد توقفه اصوات سيارات الاسعاف قدمت باتجاه المستشفى تتبعها سيارات محملة بالجنود ... بعد هذا الهدوء الحذر تمجع الناس المحاصرين في مجمع السيارات الكل يبحث عن مخرج يرفعه من هذه المنطقة وباي ثمن قبل عودة أي حدث فيه اطلاق نار. ان الاشكالية هي اصحاب السيارات هم الاخرون هربوا من اول صوت لاطلاق نار فالمجمع لم يبقى فيه أي سيارة نقل من كل نوع وبعد دقائق لاحت لنا سيارة نوع كيا تزاحم الناس عليها وامتلات دون معرفة أي اتجاه يسلك السائق ويبدو اغلب الذين دفعوا بانفسهم الى السيارة من منطقة الكرخ فانطلقت مسرعة فبانت بعدها عدد سيارات الاجرة تكسي وقفت احداها امامي ولوح سائقها بيده لي تفضل استاذ فتحت الباب دون ان اعرف من هو ورميت جسدي بداخل السيارة وانا العن اليوم الاسود الذي دخلت هذه المقهى وتذكرت اقتراح زميلي بحاجتنا الى يوم راحة في المقهى من شدة شد الاعصاب فطلعت (البطانة اغلى من الوجه) حسب المثل الشعبي, بهذا التفكير الغير مبالي عن ماذا يسال سائق السيارة والى اين سيذهب الا اني فهمت حسب مرادي باتجاه منطقة سكني ..
قلت له وين رايح..؟ قال: الى البيت .
قلت أي بيت .. قال بيتكم
قلت ومن اين تعرف بيتي ... قال انا جاركم
قلت اهلا وسهلا..قال مضى علي ساعة وانا اتكلم وانت صافن قلت الم تشاهد هذه الاحداث وربك سلمنه منها قال .. شاهدت مواجهة بين مسلحين والشرطة وبعدها المواجهة مستمرة ابعد من هذا المكان .. استدرك وقال انا صديق ابنك واسكن في الشارع الثاني عنكم وعدد لي ابنائي .. قلت اهلا وسهلا بارك الله فيك .. بعد ربع ساعة من السير اوصلني الى باب الدار التي اسكن فيها ... نزلت من السيارة فوضعت يدي في جيبي لاخرج له اجرته فحلف الف ايمان ان لا ياخذ اجرته لانه كان عائد الى داره قلت وان كان ذلك هذا رزق وانت صاحب فضل عندما اخترتني لاصعد بسيارتك .. اخرجت من جيبي خمسة الاف دينار وهي قيمة اجرته فرفض قبولها وقال لي وبدون خجل ..انا انقذتك من الموت وتعطيني خمسة الاف ياأستاذ قلت له .. وين الجيرة والحمية وصديق الاولاد.. قل كم تامر قال خمسة عشر الف في هذه الاثاء خرج ولدي بعد سماعه الحديث وتعرف عليه فانتقده ورمى علية عشرة الاف فاخذها وغادر مسرعا متبرما فقال لي ولدي لقد وضعت نفسك في ورطة عندما ركبت مع هذا البخيل فهو بالمال لا يعرف حتى اهله .. قلت بسبب جلسة ام كلثوم طلعت من انوفنا .. حينها ادركت ان افكر عن مصير زميلي الشاعر هل اصابه ما اصابني ام افلت منها ... وعاتبت نفسي كيف لا افكر به اثناء الدوامة ولم افكر الا بنفسي لانجو بها ثم افكر بالاخر لما شاهدته لا يسمح لي ولا لغيري ان لا يفكر سوى بذاته لانها لحظات عصيبة خارجة عن الارادة ..
فبعد هذا وذاك انا لا املك معرفة برقم تلفونه لا الخلوي ولا الارضي فكيف اعرف اخباره فلم انم طوال تلك الليلة قلقا عليه حتى اصبح الصباح اخذتني غفوة فلم ينبهني احد فاستيقظت في الساعة الثانية بعد الظهر .. فاسرعت دون تناول أي شيء لا فطور او طعام حتى استكان الشاي حملته زوجتي وتركض ورائي ملحة على تناوله قبل الخروج وهذا ما حصل ...
عند وصولي لباب دار زميلي الشاعر التقتني زوجته وهي خارجة من الدار لشراء الخبز بعد التحية قالت ..(تعال شوف صاحبك سهران في الخمارة واحنة ندور عليه الليل كله ) ودخلت ووجدت صاحبي جالس على اريكة وماسك راسه الملفوف بقطعة قماش .. قلت له خير سلامات ما القصة .. قال .. اشعر بالم شديد براسي وكل جسمي ولدي اسهال شديد .. قلت لماذا كل هذا قالت الزوجة .. نائم بدكان الخمار الى الظهر .. وهو يان ويضحك قائلا الم تسمع عند افتراقنا لاطلاق النار قلت .. نعم وحكيت حكايتي لهم وخلالها يؤشر لزوجته ويقول اسمعي .. اسمعي .. انت متصدقين اسمعي .. قالت لماذا لم تتصل قال .. من وين اتصل اولا .. انا لم املك خلوي والاخرين اضرب مني كعيبرية ثم نهض واستاذن لدوخله للحمام الحار الذي هياته له زوجته فخرجت انا على امل اللقاء عصرا ليقص علي حكايته ...



#رديف_شاكر_الداغستاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افكار للنقاش على هامش بيانات كتلة تصحيح المسار
- عيد العمال العالمي ... في عراقنا المحتل امسى تعزية للعمال في ...
- الاحتلال في سنته الخامسة لعراقنا الحبيب
- ايها الرفاق في كتلة تصحيح المسار احسموا امركم انتم على الطري ...
- في ذكرى ظهور شعاع التنوير الانساني في العراق
- الاولياء...يقتلون من جديد
- موعد لم يكن...
- حرب الامراء الى متى تستمر
- اجتماعات القمم العربية- اتحاد الحكام ضد الجماهير العربية
- مذاق الوطن والوطنية مراً... من يتجرعه
- الى متى تستمر محاربة الموظفين السياسيين العائدين للوظيفة
- شهادة تعزية للمرأة في عيدها الثامن من اذار
- وحدة الفكر + وحدة الهدف = تحديد الهدف دون تحقيق هذه المعادلة ...
- رحيل القائد الشعبي المناضل جورج حبش
- ذكرىتاسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- الهامشيون .. والوطن .. والثقافة .. والمقاومة
- من ذكريات الماضي الحاضر وخلدون جاويد والحب والوطن
- على صخرة الإخوة العربية الكردية تتحطم مؤامرات العملاء
- تهنئة من القلب لمن انشأ واشرف على ادارة الحوار المتمدن
- لماذا تؤزم القيادة الكردية العلاقات مع تركيا في هذا الوقت با ...


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رديف شاكر الداغستاني - مقهى العباد