|
ثقافة الكراهية 00 البعد الاخر
فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)
الحوار المتمدن-العدد: 2206 - 2008 / 2 / 29 - 11:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
نتفق تماماً مع ما جاء في محاضرة د. عبدالحميد الانصاري تحت عنوان »المفاهيم الدينية ومستقبل التسامح الانساني« من تحليل وتشخيص لظاهرة الإرهاب والتطرف، والتي نظمتها جمعية المنتدى البحرينية ، ولكن في تقديري أن د. الانصاري قد ذكر في محاضرته نصف الحقيقة وتجاهل النصف الآخر بقصد أو بدون قصد، وكذلك أورد العديد من المصطلحات التي وضع لها مفاهيم ناقصة تحتاج إلى إكمال، ومن هنا يمكن لنا أن نورد بعض الملاحظات على ما جاء في المحاضرة: أولاً: يقول د. الانصاري بان ثقافة الكراهية هي توليفه من عنصرين، هما: »التكفير والتخوين« فإذا كان التيار الديني يكفر، فان التيار القومي يخون في ادعائه الشمولي، وهنا يجب علينا ملاحظة أن د. الانصاري قد ظلم التيار القومي وحمله مسؤولية الفشل السابق بأكمله، وكذلك وضع مفهوماً للتخوين مجتزأ ومبتوراً، حيث إن ثقافة التخوين ليست حكراً على التيار القومي، ولم يبتدعها القوميون العرب، فجميع التيارات والأحزاب السياسية في الوطن العربي مارست التخوين، فالشيوعيون قد انقسموا نتيجة التخوين إلى بلشفيك ومنشفك وتروتسكيين وستالينين وغيرها، وكذلك الآن التيار الليبرالي يعيش انقساما بين الليبراليين المفرطين في موالاة الأنظمة العربية والليبراليين المعارضين للأنظمة العربية، وقد وصلت الأمور إلى حد التخوين. ففي كل تنظيم وفكر ودين يوجد تخوين ومن ثم فان ربط التخوين بالتيار القومي ومن ثم ربطه بثقافة الكراهية هو تحليل غير كامل. ثانياً: بخصوص ما ذكره د. الانصاري حول ثقافة الكراهية من كونها نتاج التخوين والتكفير، وتركيزه خلال المحاضرة على دور الأحزاب العربية، وهو ما يعني أن تتحمل التنظيمات والأحزاب القومية والدينية المسؤولية عن هذه الثقافة، فهذا يمثل في الحقيقة تشخيصاً لطرف واحد من المعادلة أو ما يمكن أن نطلق عليه تحليلاً أحادياً لثنائية الهزيمة في المشروع العربي، فبالإضافة إلى دور ومسؤولية هذه الأحزاب والحركات يوجد أيضا وبنفس القدر من المسؤولية - إن لم يكن اكبر - دور لعدد من الانظمة العربية، وهنا يجب ان نوضح أن مسؤولية الأحزاب الشمولية في انتشار الإرهاب والتطرف لا تقتصر على القوميين - كما يذكر الانصاري - بل تتعداها إلى جميع التنظيمات الشمولية ، واما بالنسبة للطرف الآخر من المعادلة وهو دور الأنظمة المستبدة والشمولية والتي تسيطر على كل شيء في العالم العربي من إعلام وتربية وتعليم، فهي تعتبر عاملا مهما في ترسيخ ثقافة الكراهية أو تغذية التطرف داخل المجتمع العربي، وذلك عن طريق قيام هذه الأنظمة بتغذية المشاعر الطائفية، بل ودعم الحركات الإسلامية المتطرفة والطائفية التي تحدث عنها الانصاري وتسليمها مقاليد وزارات مهمة كالتربية والتعليم والاعلام ومؤسسات مجتمعية، بل وحتى السلاح في بعض الأقطار العربية، كما أن هناك مسؤولين ووزراء يحملون ثقافة الكراهية. ثالثاً: إن العوامل التي ذكرها الانصاري حول أسباب نشوء الفكر المتطرف في الساحة العربية وبخاصة الخليجية وهي التيار التكفيري وتيار الإسلام السياسي والتيار القومي هي عوامل لا خلاف عليها، ولكن السؤال كيف نشأت التيارات التكفيرية في الساحة الخليجية؟ أليس الجزء الأكبر من هذه التنظيمات التكفيرية تعمل بدعم من بعض الأنظمة، بل وتستخدمها هذه الأنظمة في صراعاتها المختلفة والصراعات السياسية وتستخدمها في تحقيق مصالحها، وفي محاربة المعارضين لها خصوصاً وأن هذه الأنظمة تملك الأموال، وهي من تمنع أو تسهل الأمور.. فإذا كنا مقتنعين بان أفغانستان كانت واحدة من أهم البيئات التي زرعت الإرهاب في العالم، أليست أنظمة عربية عديدة ومشايخ دين روجوا لذلك وأصدروا الفتاوى بمباركة بعض الأنظمة، ومن هنا فان التغافل عن هذا العامل الرئيسي يضيع الجزء الأكبر من الحقيقة. لذلك أقول للدكتور الانصاري إن الشعب العربي في مختلف الأقطار العربية، قد ابتلي بثنائية القمع والكراهية والإرهاب والقتل خارج القانون، وهي هذه الأحزاب والحركات التكفيرية وبعض الأنظمة العربية التي حولت دولها إلى سجون كبيرة، تمارس فيها كافة أنواع الإرهاب والقتل وتضيع فيها الحريات وحقوق الإنسان، لذلك فمشكلتنا مع هذه الثنائية وليس مع هذه الأحزاب التكفيرية فقط. ومن هنا فان التيار الليبرالي العربي بحاجة إلى أن يحفظ توازنه بمواقف تعبر عن جوانب فكرية وسياسية صحيحة كما هي مبادئ الليبرالية في الغرب، ولذلك فليس مقبولاً أن تكون أطراف في التيار الليبرالي موالية للأنظمة على الرغم من الكوارث التي تقوم بها تلك الأنظمة ومصادرتها للحريات، مما يفقد هذا التيار البعد الشعبي في عمله السياسي، فنحن بحاجة إلى تيار ليبرالي يحقق أيضا البعد الآخر، وهو مواجهة هذه الثنائية الخطيرة على المجتمعات العربية وهي الأحزاب والحركات المتطرفة والأنظمة الشمولية والفاسدة في الوطن العربي.
#فاضل_عباس (هاشتاغ)
Fadhel_Abbas_Mahdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكذب السياسى
-
تصحيح أخطأ حماس أولاً
-
بوش ليس المشكلة
-
مقاومة حماس للبيع !!
-
بيان رابطة العقلانيين العرب
-
الوطن للجميع
-
الحوار المتمدن .. رمز الحرية والفكر الجديد
-
محاكمة فقهاء التكفير
-
صناعة الارهاب فى تاريخ الاخوان المسلمين
-
وحدة القوى اليسارية والقومية البحرينية
-
تنظيم سن الزواج ليس مؤامرة !!1
-
دور وسائل الاعلام فى مكافحة الفساد
-
الاقليات ... من الاضطهاد الى التخوين !!1
-
البحث عن جزر النزاهة
-
أولها إرهاب وآخرها فتنة
-
ثقافة الحوار هى الحل
-
نجح الغرب وفشل العرب 000 لماذا ؟ وكيف ؟
-
ثقافة الاعتدال
-
حماس 000 بين الفتوة والدولة
-
قوائم الممنوعات فى المساجد
المزيد.....
-
بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب
...
-
نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو
...
-
ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا
...
-
الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ
...
-
أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
-
-لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي
...
-
الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق
...
-
وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي
...
-
السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما
...
-
وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|