|
الكذب السياسى
فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)
الحوار المتمدن-العدد: 2200 - 2008 / 2 / 23 - 11:20
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
لقد كشفت التجربة الديمقراطية في مملكة البحرين القناع عن وجوه عديدة في المجتمع كانت تتخفى وراء الشعارات الأيديولوجية أو وراء عباءة الإسلام، وما إن جاء الانفتاح حتى انكشفت تلك الوجوه وظهرت الانتهازية والانحياز الطائفي بهدف الحصول على غنائم، ومن هنا تحول الانتهازيون من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين وأصبحوا يزورون المساجد نفاقاً ورياءً بعد أن كانوا يهجرونها منذ ولادتهم، وبعد أن أصبح المتأسلمون ودعاة الطائفية يمتلكون الرصيد في البنوك وفي الشارع، وأصبح طريق الشهرة لا يتم إلا عن طريقهم فتحول المتحولون وتخندق الطائفيون. وما يحدث يتفق تماماً مع ما أشار إليه لينين في كتاباته العديدة حول ضرورة الانتصار على الانتهازية كمقدمة لانتصار الإصلاح، واعتبرها في مقدمة المحن التي تواجه المجتمع، وهو ما يجب ان ينظر له البحرينيون في سبيل النهوض بالانتصار على الانتهازيين والطائفيين والتكفيريين، وان ما يفعله الانتهازيون في المملكة يذكرني بذلك اللقاء الذي جمع الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط بأحد الصحفيين وسأله انك كنت مع سوريا والآن ضدها فهل أنت كنت تكذب على سوريا فقال نعم، ويبدو لي بان كذب جنبلاط على سوريا يتكرر في دول عديدة ومنها المملكة ولكن بصور أخرى، فهناك من كان يكذب على حزبه ويتصنع المبادئ، وهناك من يكذب على المصلين ويتصنع الصلاة في المسجد، وهناك من كان يكذب على أيديولوجيته ويتصنع الأخلاق والمبادئ. نحن لا نطلب من احد أن يخاطب الناس كما لو أننا في عام ٠٧٩١، ولكن التقدم والتمدن يسير بالناس إلى الأمام وليس إلى الخلف لمن يحمل قناعات راسخة، وأما من كان يحمل في قلبه وعقله يافطات متعددة فهذا يُخرج يافطة وحزباً في كل موسم، وبالتالي ليس المهم أن تكون ضمن المبادئ، ولكن المهم أن تكون ضمن المصلحة الشخصية فقط حتى لو كانت متخلفة إلى الوراء فالغاية تبرر الوسيلة، ويبدو أن استمرار عجلة الإصلاح في المملكة سوف يكشف لنا المزيد من المتساقطين من الذين ذبلوا وأصبحوا أوراقاً صفراء يتاجرون بالسياسية والدين بعد أن تاجروا بالماركسية سابقاً وزايدوا حتى على لينين مؤسس الاشتراكية. نحن في المجتمع البحريني وبالتحديد المواطنين بحاجة إلى مزيد من التدقيق وعدم الانخداع والانجرار وراء كذب يكشف بعد حين، وهذا يعني ان علينا نعي حقيقة أي خطاب ومصداقية قائل الخطاب قبل الخطاب نفسه وعدم الانخداع وراء شعارات طائفية، فأهل المملكة كانوا منذ القدم يعيشون مع بعضهم دون هذا التحريض الطائفي الرخيص لبعض المتملقين، فلماذا يناضل الشيعة والسنة في الجمعيات السياسية الوطنية دون تمييز، بينما نشاهد الجمعيات الإسلامية ذات الصبغة الطائفية لا يكون فيها إلا لون واحد؟ لقد حول الانتهازيون والطائفيون والتكفيريون الإسلام من دين وحدة إلى دين يفرق الشعب، وتقدمت المزايدات والكذب إلى درجة كبيرة من السخرية والضحك عندما أصبحت الوحدة الوطنية التي قادتها وأسست لها هيئة الاتحاد الوطني في الخمسينات من القرن الماضي لا يمكن حدوثها إلا من خلال التحريض الطائفي الرخيص، وأصبحت المسائل والقضايا والشخصيات تقاس بعيون طائفية لتشبع رغبات ذاتية غير نظيفة فتحول عبدالرحمن الباكر من زعيم وطني كما يعتقد جميع البحرينيين إلى رجل كان يدافع عن أهل السنة! وتحول العليوات إلى رجل يدافع عن أهل الشيعة فهذا هو مقياس الطائفيين، وهكذا هم يشوهون التاريخ ويقرأونه بمقياس الأنانية والإسقاط النفسي المريض. ومن المؤسف أن يصل التراجع إلى درجة تشويه التاريخ الذي هو ملك وارث عظيم لشعب المملكة فقادة هيئة الاتحاد الوطني ومن قام بانتفاضة مارس المجيدة كانوا أبطالا يدافعون عن حقوق هذا الشعب، ولا يوجد في قاموسهم شيء اسمه طائفية، بل هناك مصلحة وطنية، لذا نقول لهم كفوا سمومكم التي أصبحت دون مفعول، فهذا الشعب يتعايش أهله من الطائفتين ويتصاهرون في المحرق والدراز والرفاع، وليس مطلوباً لكل من يحمل امراضا نفسية أن يسقطها على تاريخنا الكبير؛ فالكذب سوف يرجمه التاريخ والأجيال القادمة، ويرمونه في مزبلة التاريخ كما هو مصير الطائفيين ومن يتاجر بالإسلام.
#فاضل_عباس (هاشتاغ)
Fadhel_Abbas_Mahdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تصحيح أخطأ حماس أولاً
-
بوش ليس المشكلة
-
مقاومة حماس للبيع !!
-
بيان رابطة العقلانيين العرب
-
الوطن للجميع
-
الحوار المتمدن .. رمز الحرية والفكر الجديد
-
محاكمة فقهاء التكفير
-
صناعة الارهاب فى تاريخ الاخوان المسلمين
-
وحدة القوى اليسارية والقومية البحرينية
-
تنظيم سن الزواج ليس مؤامرة !!1
-
دور وسائل الاعلام فى مكافحة الفساد
-
الاقليات ... من الاضطهاد الى التخوين !!1
-
البحث عن جزر النزاهة
-
أولها إرهاب وآخرها فتنة
-
ثقافة الحوار هى الحل
-
نجح الغرب وفشل العرب 000 لماذا ؟ وكيف ؟
-
ثقافة الاعتدال
-
حماس 000 بين الفتوة والدولة
-
قوائم الممنوعات فى المساجد
-
المقابر الجماعية لتنظيم القاعدة
المزيد.....
-
البنتاغون: انتصار روسيا في الصراع الأوكراني سيكلف الولايات ا
...
-
الجيش الإسرائيلي ينشر ملخص عملياته في رفح (فيديو)
-
زخارف ذهبية وعرش خشبي.. مقاطع مسربة من -قصر بوتين- تكشف عن
...
-
ممثلة إباحية تدلي بشهادتها عن علاقتها الجنسية بترامب في المح
...
-
غموض يحيط بمقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر، ما الذي نعرفه عن
...
-
محيطات العالم تعاني من -ارتفاع قياسي- في درجات الحرارة هذا ا
...
-
بعد أشهر من المماطلة.. اتهامات تطال فون دير لاين بتجاهل وعرق
...
-
اتفاق أوروبي على استخدام الأموال الروسية المجمدة لتسليح أوكر
...
-
وزير مصري سابق يوضح سبب عدم تحرك جيش بلاده بعد دخول إسرائيل
...
-
كيم جونغ أون يودع -سيد العمليات الدعائية- في كوريا الشمالية
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|