أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عاصم بدرالدين - ماذا عن ميشال سورا؟















المزيد.....

ماذا عن ميشال سورا؟


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2205 - 2008 / 2 / 28 - 10:51
المحور: سيرة ذاتية
    


من منا يعرف ميشال سورا؟ من منا يتذكره؟
لا شك أن الغموض الذي يحيط بشخصية عماد مغنية يجذبك تلقائياً إلى قراءة كل ما يكتب عنه، وما كتب سابقاً.. رغبةً بإكتشاف تلك الشخصية الغريبة التي أثارت العالم والتي كانت قبل الإغتيال مجرد خيال.. رجل خيالي لا قيمة له إلا بالشائعات والقصص التي كانت تحاك بإسمه.
أما الآن فقد أضحى الخيال حقيقة والكل بدء يعترف بوجوده.. بنضاله أحياناً وإجرامه أحياناً أخرى.. فمسيرة الشهيد مغنية مليئة بمشاهد التفجير.. والقتل والدم.. بعيداً عن الجهة المستهدفة وموقفنا.

كالباحث عن بطل لقصة، قرأت ما كتب عنه، يكفي سرد الأحداث والقليل من التذاكي اللغوي لتحصل على رواية مشوقة محبوكة التفاصيل.. ولكنها معروفة النهاية من الجميع.. ففي نهاية الدرب قد قتل البطل.
ولكن هل ينتهي الإنسان عند الموت؟ هل ينتهي السرد حين يموت البطل؟
لا حكماً.. إلا هنا في مجتمعنا، لأننا لا نؤمن بعقاب دنيوي.. نرى في عقاب الآخرة هو العقاب الحق والصحيح.. ونلتزم به.
لكن في قصتي أنا سأكمل القصة إلى ما بعد الموت.. فهناك، في نظري، العقاب البشري.. وعقاب الذاكرة.. وعقاب الأحداث وعقاب الناس.
كل ما قرأته يمجد -نسبياً- عماد مغنية، فمن عادتنا أن نمجد الأموات فلا نرى من قمصانهم إلا البياض(لا تجوز على الميت إلا الرحمة).. لكن ماذا عن ميشال سورا؟ ماذا عن الكويتيين وغيرهم من الأبرياء، الذين رحلوا هكذا دون أي مبرر منطقي!

راحوا لأن بطل القصة يملك قراراً بالتفجير، أو يملك عقيدة أصولية ينفذها ببجاحة.
بطل قصتي، يجيد العيش في العتمة، في الظل.. بل هو في الحقيقة يهوى هذه الحياة... لكن ماذا عن ميشال سورا الذي لا يعرف إلا النور والحرية.. ألا يحق لنا أن نسأل؟
بطل قصتي أهو بطل أم مجرم؟ عماد مغنية بطل أم مجرم؟
لماذا نخجل حين نطرح هذا السؤال؟ لماذا حين قتل عماد مغنية لم نتذكر ميشال سورا؟ ألأن مغنية مناضل؟ وهل يحق للمناضل أن يقتل مناضلاً أخراً؟ أم لأنه مسؤول في حزب الله-الحزب الشيعي المسلح؟ أم لأنه أغتيل إغتيالا إسرائيلياً؟ أم لأننا نسينا ميشال سورا؟

من هو ميشال سورا؟ من هوذا .. لماذا يخرج الآن من ذاكرة الماضي، ليصفعني على وجهي.. ويلومنني لأني نسيته.. ويصفع كل لبناني آخر لــ السبب نفسه.. فيربك هدوء المدينة المدماة!
سورا هو بطلي الحقيقي.. هو بطل القصة وليس عماد مغنية!

من أين أبدء في تعريف سورا؟
أعتقد أن أفضل البدايات هي من النهاية:
ميشال سورا الذي قتل أيار 1985 عقب عودته من المغرب حيث كان يشارك في مؤتمر "الإرهاب في المدينة"..
في طريق المطار أخطتف على يد جماعة إسلامية مسلحة.. ميشال سورا هو عالم إجتماع فرنسي.. هو من "صادق العرب ودافع عن فلسطين وترجم كنفاني وتواطأ مع فكر الاسلاميين".."ميشال سورا الفرنسي المستعرب الشغوف بالإسلام والعروبي المناضل داعم القضية الفلسطينية والمساند الشجاع للمجتمع السوري الرازح تحت وطأة نظامه" (الشهيد سمير قصير).. المولود في تونس عام 1947، هو نفسه الذي قتل بقسوة وإجرام في إحدى ضواحي بيروت.. هو نفسه الذي تاهت جثته مدة عشرين عاماً.. هو الذي رحل، وبقيّ ذكرى بلا جسد. كان مرمياً في بيروت التي أحبها.. مرمي في قلب العرب الذين أحبهم.. جثة جامدة مقطعة مشوهة...
هو أول من تحمل وزر الثورات الإسلامية الآتية من ذاك المكان القريب، عرف وحده ما ينتظرنا، عرف حين مات فلم يخبرنا.. هو نفسه الذي تلقى الدرس الأول من دروس السكوت والصمت والخرس التي يحملها ذاك المنطق الثوري الغريب.. هو نفسه الذي شهد على إجرام "الأبطال" اللاحقين..
لم يكن يدري سورا أن من سيقتله سيتحول مع الزمن إلى... إلى... إلى قتيل في يومٍ ماطر!

بيروت مجرمة.. أنا أعرف ذلك، لكن بيروت لم تقتل أحداً.. القتل في بيروت بأيادٍ آخرى، بمدنٍ آخرى.. بيروت لم تقتل ميشال سورا.. هو يعرف والقاتل يعرف والكل يعرف. من قتل سورا هو الإجرام نفسه.. هو القاتل والقتيل البطل والشهيد والمناضل..
هو من قتل ميشال سورا في ضواحي بيروت.. هو من عذبه، وهو نفسه من خبأ جثته عشرين عاماً في باطن المدينة.. دون رحمة.. لأن القاتل لا روح فيه.. هو مجرد جسد يطوف بين الأجساد!
هي قصة غريبة فعلاً.. القتيل يغيب في تقاطيع الذاكرة ويدخل في جيوب النسيان.. والقاتل يعوّم، يُرسم بصورة البطل.. ويد الله تصافح روحه..
قصة غريبة فعلاً.. رغم أن الخط الفاصل بين النضال والقتل واسع وكبير، ولكننا نتوه عنه قصداً، نقصر المسافة بينهما.. فيصبح القتل الإعتباطي نضالاً!

جسد سورا الذي أنتشل من تحت ركام الأرض في العام 2005 لا يذكر شكل القاتل ولا إسمه ولا صوته.. فالميت هو جسد بلا ذاكرة، لكن روح سورا المحلقة في ضواحي باريس ستتعرف حكماً على القاتل..
الغريب أننا ما عدنا نميز، بين القاتل والمناضل..
التفرقة بينهما تعود إلى تصنيف القتيل من وجهة نظر القاتل، هذا صحيح.. لكن ماذا عن سورا؟!
لماذا قتل سورا؟ ألأنه وقف إلى جانب العرب؟ أم لأنه أحب بيروت؟ أم...أم...أم..؟
هذه أسئلة لا يجيب عليها إلا القاتل.. وهو راحل!

بيروت بعد عشرين عاماً من قتله وقفت مودعة.. بكته كأنه أبنها، وهو كذلك.. وبعد ثلاث سنين.. بكت من قتله!!
بيروت جاحدة.. تقتل الجميع وتبكيهم.. بيروت بلا ذاكرة، بيروت بلا قلب.. بيروت مدينة أشلاء وقتلى ومجرمين.. بيروت عاصمة النهاية.. عاصمة الجوع والعطش الدموي..
بيروت هي النهاية دوماً!

لماذا لم يذكر أحد ميشال سورا الآن؟ لماذا لم يذكروه في الرابع عشر من شباط؟ هل لأن القتل أيضاً يخضع لتوازنات الطوائف والمحاصصة الدنيئة؟؟!!!

أرغب في تخيل لقاء القاتل والقتيل (أي قاتل وقتيل كانا).. لكنني لن أفعل، لن أفسد عليهما تلك الجلسة الرائعة، جلسة المواجهة الثانية.. والإثنين لا يملكان أي سلاح، لا يملكان سوا الذكريات والكلمات.. فمن سوف يحسم المعركة؟
كما حسمها في الأرض...حتماً ميشال سورا سيحسمها هناك..
لكن ماذا عن الشهيد عماد مغنية؟ أليس هو القتيل المظلوم أيضاً؟
...القتل: شهوة بشرية قاتلة!

تحية لميشال سورا..

-----
حتى نغفر لأنفسنا ميشال سورا - سمير قصير - 1998
http://www.yassardimocrati.com/article.php3?id_article=83



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا أريد أن أموت
- الزواج المدني: الخطوة الأولى
- بيروت،أدب وفن
- حالة حب (قصة قصيرة)
- بيروت:-مملكة الغرباء-
- غزة فوق الحصار
- ثقافة -حرق الإطارات-
- أسئلة وقبلة
- القتل العادي!
- ترسبات طائفية!
- حول مقولة: الدين لله والوطن للجميع
- خواطر على هامش العام الجديد
- أنشكر العاهل السعودي على الحق؟! (نعتذر من فتاة القطيف)
- بيروت تبعث من جديد!
- الذاكرة لا تصنع وطناً!
- إلى جبران تويني ...
- الشباب العربي
- رسالة إلى فخامة الرئيس...في اللحظة الأخيرة
- نقد محتشم لتدخلات رجال الدين في الإستحقاق الرئاسي..!
- الحاكم و العصفور …


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عاصم بدرالدين - ماذا عن ميشال سورا؟