أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(8)















المزيد.....

حديث الروح(8)


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 2202 - 2008 / 2 / 25 - 10:02
المحور: سيرة ذاتية
    



في نقرة السلمان
وفي أحد الأيام كنت أرافق المرحومة والدتي في زيارة الى بيت عمتي،فسمعت من خلال حديثهم عن رغبتهم في زيارة الرفيق السجين محمد عبد اللطيف،الذي كان معتقلا في نكرة السلمان،فطلبت من عمتي بعد أن قبلت يدها السماح لي بمرافقتهم في هذه الزيارة،وكانت المدارس معطلة بسبب العطلة الربيعية،فوافقت وكذلك وافق المرحوم الحاج عبد اللطيف لمعرفته بحبي واحترامي للأستاذ السجين،فأخبروني بالموعد وطلبوا مني المبيت عندهم لأن السيارة تتحرك قبل الفجر حتى يتمكنوا من الوصول قبل انتهاء المواجهة،وفي الصباح جاء السائق قبل آذان الفجر وكنا متهيئين للسفر جميعا،فحملنا قفص الفواكه والملابس والطعام ووضعناها في صندوق السيارة فركبنا السيارة وانطلقت بنا الى مدينة الديوانية ومنها الى السماوة،ومن هناك انحرفت بطريق صحراوي يوصل الى سجن نقرة السلمان،وبعد مسيرة طويلة لاحت لنا من بعيد بناية السجن الرهيب الذي شيده القائد الانكليزي كلوب باشا كمخفر حدودي حولته السلطات البائدة الى سجن للشيوعيين،وكان يشبه الباخرة العائمة على بحر من الرمال،ووصلنا قبل الظهر وأوقف السائق السيارة قرب باب السجن السوداء الكبيرة التي يقف على جانبيها الحراس المدججون بالسلاح،فنزل الحاج عبد اللطيف،وتوجهنا أنا والسائق الحاج حسان لإنزال المواد من صندوق السيارة ونقلناها الى داخل السجن ووضعناها في الباحة القريبة من الباب الخارجية،وبعد دقائق جاء مدير السجن المقبور عبد الرحمن أيوب ومعه ثلة من الشرطة الأنجاس واخذ ينظر تارة الى القفص والكيس وأخرى الى الحاج،ثم قال له ما هذه فأجابه الحاج بأنها ملابس ومأكولات لولده السجين،فقال له المجرم أيوب جميع هذه لولدك؟ فسكت المرحوم ولم يجبه،فما كان من المجرم الذي أخذ يعربد ويصرخ بصوت مرتفع:أنت وحاج علي حيدر(والد الأستاذ عزيز الحاج) تشجعون الشيوعيين وتجلبون لهم الغذاء والملابس،وتساعدوهم بالمال،واخذ يهدده محركا يده بغضب بأنه سيسجنه مع حاج علي حيدر بتهمة الشيوعية،ثم أمر الشرطة بإخراج القفص والملابس خارج السجن وأتلافها بأحذيتهم ثم حرقها،وفعلا حمل الشرطة القفص والكيس وقاموا بسحقها بأحذيتهم الغليظة،لنهم مؤمنين بالله فيسحقون نعمه بأرجلهم القذرة،وجاؤا بالنفط وسكبوه عليها وقاموا بإشعال النار وبعد دقائق نادى علينا أحد الشرطة طالبا الدخول،فدخلنا الى ممر كانت تعزله باب عن الساحة،وبعد اجتياز الباب دخلنا في ممر ضيق وجدنا الأستاذ محمد واقفا وقد فرش قطعة قماش على الأرض،وحينما شاهدنا توجه نحونا فأنحى مقبلا يد والده فيما عانقته أمه بشوق ولهفة،ثم صافحني وقبلني قائلا لي بابتسامته المشرقة لقد أصبحت كبيرا يا فلاح،وجلسنا حواليه وكانت والدته جالسة الى جانبه،فأخرج من جيبه علبة دواء فارغة وطلب من والده أن يبحث عنها في الحلة أو بغداد لأنه كلف أحد الشرطة بجلبها من المدينة ولم يعثر عليها،وبينما هو يناولها لوالده شاهده أحد الحراس فأخذها منه وقال له أنه سيسلمها لنا بعد الخروج من المواجهة،ثم أخذ يحدثنا عن آلامه والدوار الذي يعاوده،ويسبب له السقوط على الأرض والآلام(نتيجة التعذيب والضرب على رأسه)وأخبرنا أنه طلب من أدارة السجن إرساله الى مستشفيات بغداد لأجراء الفحوص عليه،وبعد حصول الموافقة سأذهب الى بغداد وسوف أخبركم عن طريق أحد الشرطة الذي سيتصل بكم تلفونيا،وبعد أن التفت يمينا وشمالا همس في أذن والدته(الم تجلبوا لنا شيئا) فسمع الوالد الكريم ذلك فنهض واتجه بوجهه الى الحائط،ليخفي دموعه التي ترقرقت في عينيه،وكذلك فعلت والدته التي أصبحت عصبية المزاج،فأخذت تكلمه بعتاب وألم قائلة:ماذا فعلت بنا الناس في الحلة ،يقولون أن ولدهم مدرس ومسجون ،والآن مدير السجن هدد والدك بالحبس وأخذ الحاجيات التي جلبناها معنا وأحرقها وأصبحنا في خوف ووجل،فنهض المرحوم وأخذ يتكلم مع والدته بصوت مرتفع قائلا:أخبري كل من يتكلم عني ..ماذا فعل ولدي هل اعتدى على أحد هل سرق إنسان،هل قام بعمل منافي للأخلاق،أني أناضل من أجل قضية وشعب،وسأبقى أناضل حتى الرمق الأخير،فما كان من والده إلا أن ارتمى عليه مقبلا له،وتمكن من إجلاسه وهدأه بعد أن أخذ يتهجم بكلمات شديدة على مدير السجن ،ويهدده ويتوعده بمصير أسود شائن( وهو ما تحقق بعد ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة،حيث قدم المجرم عبد الجبار أيوب أمام محكمة الشعب لتصدر بحقه حكمها العادل جراء الأعمال الوحشية التي أرتكبها ،والمجازر التي شارك بها في قتل السجناء الشيوعيين والوطنين)وكان حرس السجن يقف بالقرب منا،فطلب منا إنهاء المواجهة،فغادرنا السجن وجلب لنا أحد الشرطة قنينة الدواء الفارغة،وركبنا السيارة وقد امتلأت نفوسنا بالغضب والألم جراء التصرفات الشاذة للمجرم أيوب،وسوء المعاملة التي قوبلنا بها من قبل هذا المجرم،وعند وصولنا الى مدينة السماوة طلب الحاج من السائق التوقف لتناول الطعام إلا أننا رفضنا جميعا تناوله حتى الحاج حسان الذي شاهد ما حدث لنا هناك،وواصلنا سيرنا حتى وصلنا الحلة وقد خيم الظلام على المدينة فأوصلنا الحاج والحاجة الى بيتهم،أوصلني بعدها الى بيتي،فأخبرت أهلي بما جرى في السجن.
وبعد مرور شهرين وصلتنا الأخبار بأن الأستاذ محمد سيجلب الى بغداد بواسطة القطار الذي يمر بالحلة،فتجمع أقاربنا وتوجهنا الى المحطة بانتظار وصول القطار،وفي الساعة التاسعة وصل القطار محطة الحلة فوجدنا المرحوم محمد ومعه شخص آخر مقيدين بسلسلة الى المقعد الذي يجلسان عليه،فصعدنا الى العربة وسلمنا عليه وعلى الشخص الذي معه،وبينما كنت أقبله همست بأذنه طالبا منه اذا قدم في المستقبل أن يجلب لي مجموعة من الأغاني والأناشيد التي يرددونها في السجن في المناسبات الوطنية،لكي نرددها في احتفالاتنا في مثل تلك المناسبات،وناوله والده علبة الدواء التي طلبها منه عندما زرناه في السجن،وحينما شاهدها مفوض الشرطة المرافق له أخذها وبعد أن فحصها أعطاها له،وبعد مرور أكثر من شهرين علمت بأنه سيجلب الى بغداد مرة ثانية للفحص والعلاج،وفي اليوم المحدد رافقتهم الى محطة القطار وكنت متلهفا لرؤيته والحصول على الأغاني والأناشيد التي وعدني بها،وعندما توقف القطار وصعدنا إليه وجدناه مقيد اليدين بسلسلة مربوطة الى الكرسي الحديدي الذي يجلس عليه،فانكببت عليه مقبلا،وفيما أنا أقبله شعرت بيد تمتد الى جيب سترتي،وللازدحام وتجمعنا حوله لم يشاهد الشرطي الحارس ما حدث،وعندما غادرنا المحطة ذهبت الى أهلي وأخرجت الورقة التي دسها في جيبي فوجدت فيها ما كنت أريده،وكانت مجموعة من الأناشيد الوطنية،قمت باستنساخها بواسطة الكربون وأعطيت للأستاذ عزيز قسم منها والى المرحوم سليم تقو والشهيد الراحل شعبان عبد الكريم وآخرين،لحفظها وترديدها في الاحتفالات التي نقيمها في المناسبات المختلفة،ولا زلت أتذكر قسما منها:
من السجون تهفو القلوب في حنين واشتياق
للنضال للكفاح مع الرفاق
السجن ليس لنا نحن الأباة السجن للمجرمين الطغاة
ولكننا سنصمد..سنصمد وأن لنا مستقبلا مشرق
لنا الغد...لنا الغد...لنا الغد
حيث تنصب المشانق لمن للمجرمين الطغاة..للمجرمين الطغاة
غدا تنفجر الثورة الكبرى غدا تنطلق الثورة العظمى
تملأ الأرض خيرا وعدلا لنا الغد لنا الغد لنا الغد
***********
يلرايح للحزب خذني وبنار المعركة ذبني
بركبتي دين أريد أوفي على أيام المضت مني
******
يا أمي لا تبكي عليه أنا شهيد الوطنية
لأجل الشعب روحي أفديها لأجل السلم والحرية
عالهودليه الهودليه ما أحلا الفرحه النه بهاي المسيه
يا مرحبا ومية هلا بأم الجفل والعارضيه
يا رفاقنا الخالدين بأمثال المخلصين
لم نزل سائرين نسحق الظالمين
قد رفعتم شعار يعلن الانفجار
أشنقوا أننا نتحدى الفنا
عومنا لن يلين وسنبقى ثائرين
يزعم الأدنياء سافلوا القلوب
الشنق والفناء يطفي نار الشعوب
بأصواتكم هاتفين النصر للكادحين
*****
يا جموع الشعب يا جيش الجياع قد سئمنا العيش في ظل الطغاة
هذه آخر أيام الصراع فأذلوا الموت كي تزهو الحياة
الى الأمام الى الكفاح الى السلاح للانتقام
سلب المستعمرون الطامعونا خيرنا وانتهكو أوطاننا
وأقاموا حفنة من خائنين نهبوا الأرض ومصو دمنا
الى الأمام الى الكفاح الى السلاح للانتقام
أيها العمال يا قلب الحياة نابضا بالعزم خلاق الوجود
نحن شيدنا القصور الشامخات هل سوى الموت جنينا والقيود
الى الأمام الى الكفاح الى السلاح للانتقام
أزحفي للنصر يا خير الجيوش وأغذي السير للفجر الجديد
لطخي بالوحل تاريخ العروش وابني جمهورية الشعب السعيد
الى الأمام الى الكفاح الى السلاح للانتقام
********
ناضل يا شعب ناضل بهميه ناضل دوم وأحقد على الفاشية
يردونك يشعبي تكتوي بالنار وأرضك بالحرب تصبح حريجيه



#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الروح(9)
- حديث الروح(10)
- حديث الروح(11)
- حديث الروح(12)
- حديث الروح (13)
- حديث الروح(14)
- حديث الروح(15)
- حديث الروح(16)
- حدسث الروح(17)
- حديث الروح(18)
- حديث الروح(6)
- حديث الروح(1)
- حديث الروح(2)
- حديث الروح(3)
- حديث الروح(4)
- حديث الروح(5)
- العراق الجديد و الإنسان المهمش
- الديمقراطية و التنمية البشرية
- من يحسم جدل نهاية التاريخ ... الاشتراكية أم صدام الحضارات ؟
- الديمقراطية والتجديد ركنان أساسيان في النظرية الماركسية


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلاح أمين الرهيمي - حديث الروح(8)