أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - إسرائيل لا تتازم وخياراتها مفتوحة















المزيد.....

إسرائيل لا تتازم وخياراتها مفتوحة


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 2175 - 2008 / 1 / 29 - 11:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا بد من إزجاء التحية إلى جماهير غزة التي وجهت رأس حربتها ضد الحصار المفروض وتمردت على خطة باراك. هذا الضابط الأشد عداءً وخطورة على الشعب الفلسطيني، وفي نظر أوري أفنيري فهو أشد خطرا على مستقيل إسرائيل من ليبرمان ونتنباهو. كان يحسب لتوقيت انفجار الجماهير بوجه حماس فانفجرت بوجه الحصار. ونحن نريد لحماس أن تتراجع عن انقلابها العسكري بوعيها وبتقدير حصيف للأوضاع ، وليس بتخطيط من باراك. لو استخدمت حماس أغلبيتها البرلمانية وعدلت الأوضاع في مناطق السلطة بأي اتجاه يقرره المجلس التشريعي الفلسطيني، محافظة على وحدة الكيان الفلسطيني، لكان تصرفها ديمقراطيا؛ اما فرض الأوضاع من خلال العنف المسلح فلا يربطه رابط بالديمقراطية.
ونوجه التحية ثانيا للرئيس المصري محمد حسني مبارك لأنه انفصل في اللحظة الحرجة عن تحالف باراك اولمرت بوش واختار في خطوة أشبه بالاندفاع الغريزي الوقوف بجانب الجماهير الفلسطينية المتمردة على الجوع والموت البطيء. في لحظة توتر المفاضلة بين الهرب او المواجهة اختار الرئيس المصري المواجهة مع العدوان العسكري ونهج إحكام الحصار والحرمان على الشعب الفلسطيني في غزة.
غير أن خيار فتح الجدار الفاصل بين القطاع وصحراء سيناء لا يحتفظ بصحته لأمد طويل، لأن التحركات تتجاوزه وتمحو إيجابياته. ينبغي أن لا يغيب عن الذهن أن حكومة إسرائيل وباراك على وجه الخصوص يراودهم التفكير بإلحاق غزة بصحراء سيناء وفصلها عن الضفة. إسرائيل أشد توقا للخلاص من غزة، وفتح المعابر مع صحراء سيناء. ويسعدها للغاية لو تيسر لها فك ارتباطها بقطاع غزة والتحرر من مسئولياتها هناك. فهي بذلك تقوض وحدة الكيان الفلسطيني وتتخلص من مشكلة المعبر بين الضفة والقطاع وتترك مشكلة حماس لمصر كي تروضها وتبعدها عن محور "المتطرفين " بالمنطقة، وتوقف انطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية وتضع حدا لجموح حماس على غرار الإخوان المسلمين المصريين.
خيار إلحاق قطاع غزة بصحراء سيناء يحمل مدلولا سياسيا أقره المؤتمر الصهيوني في هرتسيليا بنظرية تبادل الأراضي مع مصر بإعطاء قطاع غزة جزءا من سيناء, مقابل إعطاء مصر ممرا يربط بينها وبين الأردن عبر صحراء النقب.

إذا نجح الخيار المصري فستحل إسرائيل مشكلة سكان الضفة بنفس نهج التجويع والحصار وتعود لفرض الخيار الأردني. فأوضاع الضفة ليست بأحسن حالا من أوضاع غزة، إذا استثنينا الموت بالجملة. بالضفة نسفت إسرائيل كل احتمالات بناء الدولة الفلسطينية المستقلة. الأوضاع بالضفة تتدهور ببطء، بحيث لا يحس بها بعض المقيمين بالضفة. لم يتبق شيء من مقومات الدولة الفلسطينية التي ينادي بها الرئيس الأمريكي بوش. وضعت القيود على حركة الناس والبضائع إلى كل من إسرائيل والأردن، وتستمر الحواجز بين الكانتونات المنعزلة في الضفة. كما تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على الأجواء الفلسطينية، وعلى المياه الجوفية وحتى على المجال الكهرومغناطيسي، و على قدرة الدولة الفلسطينية على إجراء سياستها الخارجية. الوضع الفلسطيني يمضي على صراط ضيق يتأرجح بين الاحتلال وبين الدولة "المؤقتة" بلا حدود، بدون سيادة، ولا اقتصاد قادر على البقاء، محاصرة و مجزاة و تسيطر عليها إسرائيل بمستوطناتها الماضية في التوسع إلى الأبد.
بينما غزة لا تريدها إسرائيل وهي متحكمة بها بدون غزو عسكري. أجرى شارون إعادة تمركز الجيش الإسرائيلي على أطراف القطاع، وانسحب من طرف واحد دون اتفاق مع أحد من الفلسطينيين. بعد ذلك توصل إلى اتفاق مع مصر والاتحاد الأوروبي لإبقاء الحدود مغلقة وإعطاء إسرائيل حق رفض الدخول إلى القطاع ومغادرته. هذا بينما كانت الاحتفالات قائمة بتحرر القطاع مصحوبة بأحلام يقظة صبيانية حول النجاح في طرد الجيش الإسرائيلي من القطاع ووضع إسرائيل أمام مأزق، تلك التي راودت خيالات أنصار نهج العنف في الصراع مع الاحتلال. اختار شارون أسلوبه لمواصلة احتلال القطاع ومحاصرته وألزم أطرافا دولية باتفاق حراسة الحصار.
إسرائيل توتر الموقف بوجه مصر، فتشدد الحصار على سكان القطاع وتفاقم معاناتهم. إسرائيل لديها كل الأبواب مفتوحة للهرب من الضغوط فلا تحشر أمام مأزق؛ وليس صحيحا أنها منزعجة من الصواريخ البدائية المنطلقة من القطاع. وقد تعودت تصريف أزماتها أو تصديرها إلى دول الجوار، ولديها رصيد القوة الضامن لها فرض الموقف. إسرائيل تمتلك رصيد القوة، ولديها مراكز أبحاث استراتيحية، تدرس شتى الاحتمالات وتناقش مختلف البدائل. فلا تفاجأ شأن الدول العربية التي تجهل كليا التفكير الاستراتيجي. ما من موقف يفاجئ إسرائيل ويضعها أمام مأزق.
عندما أغلق معبر شرم الشيخ وصدر الأمر بترحيل قوات الطوارئ الدولية شنت إسرائيل حرب حزيران، التي أعدت لها طوال عشر سنوات. وحظيت بدعم جونسون، الرئيس الأمريكي آنذاك، وهو ديمقراطي. إسرائيل تحتل الأراضي وتقايضها بثمن؛ تبني المستوطنات ولا تفكك بعضها إلا بثمن، كما حدث في ياميت قي سيناء المصرية. تستثمر المعارضة الداخلية في تبرير تشددها.
وبمقدور إسرائيل ان تكسب لها أفضلية داخل الصناعة العسكرية في الولايات المتحدة عن طريق تحويل الأراضي المحتلة إلى مختبر لتطوير صناعة الموت. حروب إسرائيل تمنحها الحظوة لدى التجمع العسكري للولايات المتحدة؛ فهي تحول الأراضي المحتلة مختبر تجارب لتطوير صناعة الموت. وفي سبعينات القرن الماضي أجرى الجيش الإسرائيلي تجارب على القنابل العنقودية والانشطارية وبعض الأسلحة الكيماوية والبيولوجية قبل ان تدخل حيز الاستعمال وتسلم إلى الجيوش الحليفة. واستحوذت إسرائيل في ذلك الحين على أسلحة لم تسلم لجيوش حلف الأطلسي.

على الجانب العربي او الفلسطيني يحرك المسئولون الرادع الأمني لمنع التضامن مع غزة وتعطيل التحرك الجماهيري. أحد المسئولين الفلسطينيين تطوع بالتصريح أن ليس من المعقول إرجاع جميع اللاجئين إلى ديارهم !! تنازل، باسم الواقعية السياسية، مجاني واختصار لعناصر الصراع مع إسرائيل بينما إسرائيل ماضية في ابتكار عناصر جديدة لتعقيد الصراع. ويتطوع آخر بقبول مبادلة أراضي المستوطنات المقامة بالضفة بأراض في منطقة أخرى. أعفيت إسرائيل مجانا من قضية المستوطنات دون أن تضطر لمقايضة التنازل بتنازل، أو الاضطرار لإشراك الطرف الفلسطيني في اختيار موقع الأراضي البديلة. ويشتد الضغط عليها لفك الحصار على غزة فتنتقل حالا إلى فك ارتباطها بغزة. هي تتقن تهريب القضية الرئيسة: إنهاء الاحتلال.
واليوم يشدد جيش الاحتلال نكيره على سكان القطاع ويمعن في تجويعهم وإرجاعهم إلى ظروف الحياة البدائية، وحشرهم داخل أسوار السجن الكبير، وهذه كلها تعتبر من جرائم الحرب. القانون الدولي واضح في ضمان أمن وسلامة المدنيين أثناء العمليات الحربية. وعشية غزو الاتحاد السوفييتي ورد في أحد الأوامر العسكرية ضرورة عدم التمييز بين العسكريين والمدنيين. في الحرب العالمة الثانية سقط أكثر من عشرين مليون سوفييتي بسبب العمليات العسكرية الهتلرية. وقدم الضباط الهتلريون إلى محاكمات دولية وأدينوا بارتكاب جرائم الحرب. وحاليا لا تسمع إسرائيل احتجاجا أو تنبيها يثنيها عن اقتراف جرائم الحرب، ويدفعها للتفكير في عواقب تصرفاتها المشينة. وبالنتيجة لم تجد الجماهير الشعبية من خلاص غير تحطيم أسوار السجن الكبير. بقوة الجماهير الساخطة تمت محاصرة الحصار وإسقاطه.
قبلت الحكومة المصرية الأمر الواقع بصورة مؤقتة وتحمل الرئيس المصري مسئولية كسر الجدار، ولم يبادر لفك الحصار. ومن قبل أبدى تصرفا مماثلا مع الحجاج القادمين من أداء الفريضة. ثم صدرت الأوامر الرسمية بإصلاح الجدار وإغلاق معبر رفح؛ وردت الجرافات بفتح المعبر من جديد. إسرائيل تضغط وتضع مصر أمام أزمةٍ الخروج منها ليس بالأمر السهل.
إن مطالبة الكيان الصهيوني لمصر بالتكفل باحتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة , وخصوصا بعد هدم الجدار الحدودي ودخول مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى مصر له مدلولات سياسية , أهمها التملص من المسؤولية المباشرة للكيان الصهيوني تجاه سكان قطاع غزة، مع إبقائه بقعة ساقطة عسكريا ومهددة بالاجتياح في أي لحظة. كما أن الخيار المصري يتبعه بصورة شبه محتمة الخيار الأردني، وإعطاء إسرائيل فرصة المراوغة والتهرب من استحقاقات السلام. من جديد تقف العقبات بوجه تشكل الدولة الفلسطينية. وباراك نفسه هو الذي اعترف بتفجير العنف المسلح بعد فشل مؤتمر كامب ديفيد، كي يئد جنين الكيان المتخلق بموجب اتفاق اوسلو؛ وذلك لأنه يؤمن أن أي كيان غير إسرائيل يقام غربي الأردن إنما يؤشر لبداية نهاية إسرائيل. وبدل انشغال الجيش الإسرائيلي بأمن إسرائيل من جانب القطاع تحمل مصر في المستقبل هذه المسئولية بما يتبع ذلك من صدام بين حماس والدولة المصرية.
ولا شك أن هذا الاحتمال لا يغيب عن أذهان قادة حماس. وارتياحهم لفتح جدار أكبر سجن في العالم باتجاه صحراء سينا يخالطه القلق والتوجس.
في الحروب، ولدى استعصاء إحدى الجبهات يعمد الطرف المبادر لفتح جبهة جديدة تشاغل العدو، وقد تمنحه أفضليات استراتيجية. في غزة يقف الفصيلان الرئيسان أمام بعضهما البعض ويجمد كل فصيل حركة الفصيل الآخر. ويتجمد عند نفس المأزق الفصائل الأخرى. والجماهير الفلسطينية لا تجد غير العنف المسلح او الاستسلام للاحتلال. وهي تبدي رفضها للاستسلام. وهذا ما تجلى في الأحداث الأخيرة. فلماذا تتردد الفصائل إزاء تصعيد النضال السلمي؟ لماذا لا تفتح جبهة الحركة الشعبية الديمقراطية؟ ليس صحيحا أن المقاومة مقترنة وجوبا بالعنف المسلح. وليس صحيحا أن احتياطات المقاومة للاحتلال قد استنفذت أو يمكن أن تستنفذ يوما ما. ألم تقوض الحركة الشعبية أقوى نظام قمعي بالمنطقة وتهدم أقوى جيوشها وتفتت جهاز مخابراتها ، ونقصد نظام الشاه في إيران؟





#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غطاء لجرائم الحرب بتفويض أمريكي
- مشاكل التقدم في المجتمعات التابعة
- حكم الشوكة والأمن القومي
- صوت التوحش المتقحم من أدغال الليبرالية الجديدة
- هل تدشن زيارة بوش مرحلة تفكيك المستوطنات؟
- فهلوة مرتجلة
- جردة حساب عام ينقضي
- بؤرة التخلف الاجتماعي
- العجز عن الارتقاء
- منبرللتنوير والديمقراطية ومناهضة العولمة
- أخلاقية النضال التحرري وتحديث الحياة العربية
- إشهار أخلاقية النضال التحرري وتحديث الحياة العربية
- بعض ظاهرات الإعاقة في الحياة العربية
- إسرائيل : وقائع التاريخ تنقض الإيديولوجيا
- نظام شمولي محكم يسود الولايات المتحدة الأمريكية
- المحافظون الجدد ينتهكون حرمة الحياة الأكاديمية
- تمويه سياسات التوحش بالتبذل الإيديولوجي
- حكم القانون
- من المتآمر في تفجيرات نيويورك
- اكتوبر شمس لا تغيب - مبادئ أكتوبر شبكة الإنقاذ من وحشية العو ...


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - إسرائيل لا تتازم وخياراتها مفتوحة