أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - العجز عن الارتقاء















المزيد.....

العجز عن الارتقاء


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 2133 - 2007 / 12 / 18 - 12:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


العجز عن الارتقاء !!
كما هو مألوف عبر عقود ستة تمضي الأطراف الفلسطينية في منعرج غير مكشوف، وتُستدرج إلى مواقف تفقدها قدراً من أرصدتها لتبقيها مكبلة أمام الابتزاز الإسرائيلي الأمريكي. ورغم توفر الأدلة على سوء القصد ونكث التعهدات من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل يقدم طرف فلسطيني على التعاون معهما في مفاوضات مفتوحة على الفشل،إذ هي غير محددة الهدف والمدة الزمنية، ومرجعيتها مقطوعة عن الشرعية الدولية، مفاوضات لا تنفع إلا كستار للنهب اللصوصي للأرض الفلسطينية، والقتل بالجملة للفلسطينيين، ثم الإقرار بحق الدولة العبرية في تهجير العرب من بلدهم ووطنهم .عبر عقود ستة تستدرج إسرائيل طرفا فلسطينيا إلى العمليات العسكرية كي تنجز هدفا خططت له وهيأت له الأسباب، ومنها شل مقاومته بالضربات العسكرية. وكالمعتاد أيضا ينجرف طرف فلسطيني أو أكثر بتلقائية وعفوية تضمران السذاجة السياسية مع الاشتباكات العسكرية وبدون تفكير بالعواقب. وكما يتوقع المتربصون تتوفر ذرائع لتقنيع العدوان العسكري والأطماع التوسعية بحاجات الأمن. وهذا بمجمله يدلل على أن النضال الفلسطيني يدور في حلقة جهنمية قاصرا عن كسرها والارتقاء إلى مستوى عقلاني يحسن التخطيط والتنظيم والتعبئة، ويحسن الاشتباك.
من مصلحة إسرائيل في كل الأزمنة استمرار العمليات العسكرية في جبهة أو أخرى، داخل فلسطين أو خارجها. وفي هذا الزمن تشتبك عسكريا مع قطاع غزة، وتفرض عليه الحصار القاتل. وإذا توقف إطلاق الصواريخ من القطاع تبادر عمليات الجيش الإسرائيلي بالاستفزاز كي يستأنف "تبادل إطلاق النار". ألم يدشن باراك موقعه كوزير دفاع بتوجيه عملية "انتقامية" استؤنف على أثرها تبادل الصواريخ بعد انقطاع؟! وبالمثل الم يكسر شارون، باغتيال الطبيب ثابت ثابت، هدوءاً دام خمسة وخمسين يوما تمهيدا للاجتياح في أواخر آذار 2002 وإطباق الحصار على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات؟! لم يمعن أحد التفكير في الصمت العالمي إزاء حصار الرئيس الفلسطيني ثم اغتياله. لم تسعف الفطنة قادة العنف المسلح كي يعوا أن الصمت العالمي حيال الاغتيالات بالجملة وإزاء تدمير المصانع والمزارع وهدم الأحياء السكنية على رؤوس السكان إنما هي دليل انخداع الشعوب بأكذوبة "إسرائيل ضحية الإرهاب الفلسطيني" فلم ترفع أصوات الاحتجاج. وفي الوقت الراهن يكفي تصريح شخصية من عيار بلير " يتفهم حاجات إسرائيل الأمنية" كي يعم العالم، خاصة شطره الغربي، صدقية الرواية الإسرائيلية: "تبادل إطلاق النار" و "حاجات إسرائيل الأمنية". وبإدخال خيمة المفاوضات على اللوحة يتشكل مشهد خادع ومزيف يطمس نهب الأرض الفلسطينية والتوسع الاستيطاني بقدرة الميديا المنحازة، أو يحصرها ضمن حيز ضيق في المشهد البانورامي لمنطقة الشرق الأوسط. والحرب كما يقال خدعة.
إسرائيل تتلاعب بالخصم الفلسطيني وتستخف بالشرعية الدولية: تملي الوقائع وتجر هذا الطرف الفلسطيني وذاك إلى مواقف وتصرفات تضعف مواقعه وتزعزع الحق الفلسطيني، وتستبدله بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية؛ تنهك الجماهير الفلسطينية بالتجويع والحصار المشدد؛ صدّرت إسرائيل أزمات متتالية إلى المجتمع الفلسطيني أودته في حضيض التمزق والتشرذم اللذين يستحيل إخفاؤهما؛ تستقوي إسرائيل بالمعارضة وتسخر مواقفها للتهرب من الاستحقاقات، بينما الجانب الفلسطيني يضرب بالرصاص مظاهرة تحذر من مقالب أنا بوليس؛ تحسن القيادة الإسرائيلية استثمار الأحداث والتصريحات الاستعراضية الطائشة وتستعيد عقد الإبادة عبر التاريخ كي تضع اليهود أمام خطر داهم يقتضيهم الالتفاف حول المشاريع العسكرية ومؤسستها ذات الذراع الطويلة؛ اما الجانب الفلسطيني فيثابر على " الحق التاريخي"، يستمد منه الحجة المقطوعة عن واقعية السياسة، أو عن القوة المعنوية للضعف أمام غطرسة القوة المادية؛ تعربد بتفوقها العسكري، الذي يتيح لها توسيع مجالها الحيوي كدولة إقليمية، بينما تبقي الخطر المزعوم عليها مثبتا على خارطة السياسة الدولية؛ وإذا صمت الرئيس الإيراني عن التهديدات الفارغة فالمشروع النووي الإيراني كاف لإثبات الخطر المصلت على إسرائيل. وإذا دحضت تقارير الاستخبارات الأمريكية فزاعة الخطر النووي الإيراني فلدى إسرائيل من المنافذ الإعلامية ما يبقي الخطر منذرا وجالبا للتعاطف مع إسرائيل ويحشد الدعم والتضامن مع ممارساتها العدوانية؛ تجد لنفسها القدرة على فرض خارطة الطريق مرجعية لمفاوضاتها مع الجانب الفلسطيني وتلح على أولوية الحرب الأهلية بين الفلسطينيين؛ وطبيعي أن تكون حصيلة كل هذه المناورات وحدة داخلية في إسرائيل أمنع من أي وقت مضى، والموقف الفلسطيني في اضعف حالاته.

هكذا بدأ لقاء أنا بوليس في ظرف اختلال حاد للقوى . لا يتورع اولمرت عن تخيير القيادة الفلسطينية بين التفاوض العقيم معه وبين التفاوض لإعادة وحدة الصف الفلسطيني. بالطبع تتحمل قيادة حماس بعض الوزر في هذا الموقف المهين. فلا غرابة أن يرغم المفاوض الفلسطيني على ابتلاع طعم التقرير الاستهلالي للقاء ، الذي أعدته تسيبي ليفني. ولا غرابة أن يقبل الرقابة الأمريكية على المفاوضات اللاحقة رغم سوابق عديدة تؤكد عدم نزاهة المراقب الأمريكي ومراعاته التامة للموقف الإسرائيلي. وآخر الدلالات تراجع الإدارة الأمريكية عن التوجه لمجلس الأمن لاستصدار بيان يلزم الطرفين المتفاوضين بالتوصل إلى اتفاق في حدود العام القادم. ثم أعطت الإدارة الأمريكية موافقتها على البناء في منطقة جبل أبو غنيم باعتباره جزءا من أراضي الدولة. وفي لقاء انا بوليس تعهد أولمرت بوقف نهب الأراضي والتوسع الاستيطاني بينما شرع وزراؤه يعدون الخطط لتوسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية "غير الشرعية" التي تعهد باراك وشارون منذ عام 2003 بتفكيكها وما زالت قائمة وتعطى أسماء جديدة كي تبدو عمليات تطويرها بمثابة توسيع المستوطنات التي تعتبر "الشرعية". مفاوضات ما بعد انابوليس تبدأ من موقف أسوأ بكثير مما بدأته مفاوضات مدريد وأوسلو من قبل؛ وتوازن القوى الذي يقرر نتيجة التفاوض أكثر اختلالا مما كان في زمن سبق؛ والصورة الفلسطينية أقبح مما كانت في أي وقت مضى. فقد أفلحت المناورات الأمريكية – الإسرائيلية في تعميق الخلاف بين فصيلين رئيسين وتحويله إلى صراع دموي وقطيعة تامة.
لا يستقيم مع منطق توقع أن تسفر المفاوضات في ظل اختلال حاد عن دولة فلسطينية ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود ما قبل حرب حزيران. تفيد القراءة الموضوعية للواقع على ارض فلسطين التاريخية بتصفية مقومات الدولة الفلسطينية ذات السيادة، إذا لم تجبر إسرائيل على طي إجراءاتها في الأراضي المحتلة. والفصيلان الرئيسان على الساحة الفلسطينية يبديان قبولهما، وان بصيغ متضاربة، بنتائج هذه الإجراءات: الطرفان يغيبان فتوى محكمة العدل الدولية التي توفر الأساس القانوني لحق الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعودة الفلسطينيين إلى الديار؛ السلطة في رام الله تمضي في التفاوض رغم إصرار الجانب الإسرائيلي على الاستحواذ على القدس الشرقية وتوسيع الاستيطان، والإصرار على رفض العودة وتفكيك المستوطنات. وفي نفس الوقت يصرح أولمرت عن نية دعم القدرة العسكرية لسلطة رام الله كي تقهر سلطة حماس، بمعنى توريط الفلسطينيين في حرب أهلية، أو تصفية سلطة حماس لإعادة غزة إلى السلطة الأم. ولا يصدر عن السلطة الفلسطينية ما يرفض هذه الطروحات أو يتعاطف مع جماهير غزة ضحية الحصار والتجويع والقتل بالجملة. والسلطة في غزة تكرر دعوتها لعقد هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل ، بمعنى إقرارها بالتغييرات المفروضة بقوة السلاح على المناطق المحتلة.
يقول إيلان بابيه أن المشروع الصهيوني، القائم على أوسع بقعة للكيان العبري بأقل عدد من السكان العرب، قد شارف على الانتهاء. بدأت إسرائيل وجودها بشوكة القوة المسلحة؛ ثم واصلت التحدي بتفوقها العسكري، حتى" لم يبق حجر تبنى به الدولة الفلسطينية" كما أكد إيلان بابيه. لكنه يستطرد إلى القول ان ذلك من شأنه أن يعزل الدولة العبرية عن محيطها ويمهد لزوالها- ولو بعد قرن او أكثر- لأن الشعوب العربية لن تغفر لها جريمتها بحق الشعب الفلسطيني. بالطبع تشترط هذه النهاية للصراع ملابسات غير ما نحن عليه وبه. ويقترح بابيه استدراج ضغط دولي على إسرائيل ضمن جهد دولي لفرض دولة ديمقراطية مزدوجة القومية على أرض فلسطين التاريخية. ويقول آخرون أن رفع مطلب الدولة الديمقراطية الموحدة في فلسطين يقيم مصدا يمنع المزيد من تنازلات الفلسطينيين، علاوة على أنه يطرح استراتيجية تلبي مطالب الفلسطينيين كافة وتوحد الجماهير الفلسطينية في شتى مواقعها.

لكن استجداء العطف والتضامن الدوليين لا يثمر في غياب القوة الذاتية. فالتضامن الدولي لا يقوم مقام دور أصحاب الشأن كقوة أساس في الصراع. ونصح أحد المفكرين الفلسطينيين الرئيس الفلسطيني بمزاولة مهامه في القطاع والإقامة فيه أسبوعا بعد آخر والتفرغ لتوحيد الجبهة الفلسطينية الداخلية. المحنة التي تحيق بالفلسطينيين تتفاعل مع محنة الشعوب العربية في ظل أنظمة القهر والاستفراد بالقرار. إنها مظهر للتردي العربي وانهزامه أمام عدوان العولمة بمختلف أركانها من صهاينة ومحافظين جدد واحتكارات عابرة الجنسية أمريكية وأوروبية ويابانية. ومن السذاجة الاعتقاد ان هذا العدوان يواجه بهبة واحدة. من العبث التهديد بانتفاضة ثالثة ورابعة. الانتفاضة الثانية أجهضت في أيامها الأولى، حين أفلح الخصم في استدراجها إلى تبادل العنف المسلح في ظروف غير متكافئة. الجماهير ينبغي أن تستشار بدل تسليمها لسكين الجزار.
تقع على عاتق الجميع، خاصة قوى الديمقراطية ، مسئولية تجميع القوى في إطار الحريات السياسية والمدنية والإنسانية، وعلى قاعدة احترام سيادة الأمم كافة، والوقوف ضمن تجمع كتل مناهضي العولمة. ولفضح نهج العدوان والتوسع يقتضي تشكيل جبهة مقاومة وطنية من تجمع شعبي ديمقراطي يضم القوى الوطنية كافة، تجمّع يتفاعل مع حركات المقاومة الديمقراطية العربية، ويدرج المطالب الوطنية الفلسطينية على برنامج النهوض العربي القادم، وضمن الحركة العالمية لمناهضة العولمة. فذلك من شانه إبراز الطابع الإنساني للنضال الفلسطيني وصيانة وتمتين علاقات التضامن المتبادل والتعاون مع حركات التحرر العالمية ومقاومة التأثيرات المدمرة لنشاط الرأسمالية المتوحشة.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منبرللتنوير والديمقراطية ومناهضة العولمة
- أخلاقية النضال التحرري وتحديث الحياة العربية
- إشهار أخلاقية النضال التحرري وتحديث الحياة العربية
- بعض ظاهرات الإعاقة في الحياة العربية
- إسرائيل : وقائع التاريخ تنقض الإيديولوجيا
- نظام شمولي محكم يسود الولايات المتحدة الأمريكية
- المحافظون الجدد ينتهكون حرمة الحياة الأكاديمية
- تمويه سياسات التوحش بالتبذل الإيديولوجي
- حكم القانون
- من المتآمر في تفجيرات نيويورك
- اكتوبر شمس لا تغيب - مبادئ أكتوبر شبكة الإنقاذ من وحشية العو ...
- ثقافة الديمقراطية ـ ديمقراطية الثقافة


المزيد.....




- تسببت بوميض ساطع.. كاميرا ترصد تحليق سيارة جوًا بعد فقدان ال ...
- الساحة الحمراء تشهد استعراضا لفرقة من العسكريين المنخرطين في ...
- اتهامات حقوقية لـ -الدعم السريع- السودانية بارتكاب -إبادة- م ...
- ترامب ينشر فيديو يسخر فيه من بايدن
- على غرار ديدان العلق.. تطوير طريقة لأخذ عينات الدم دون ألم ا ...
- بوتين: لن نسمح بوقوع صدام عالمي رغم سياسات النخب الغربية
- حزب الله يهاجم 12 موقعا إسرائيليا وتل أبيب تهدده بـ-صيف ساخن ...
- مخصصة لغوث أهالي غزة.. سفينة تركية قطرية تنطلق من مرسين إلى ...
- نزوح عائلات من حي الزيتون بعد توغل بري إسرائيلي
- مفاوضات غزة.. سيناريوهات الحرب بعد موافقة حماس ورفض إسرائيل ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - العجز عن الارتقاء