أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - لماذا لا يهدي الله المسلمين الطريق المستقيم؟















المزيد.....

لماذا لا يهدي الله المسلمين الطريق المستقيم؟


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 2089 - 2007 / 11 / 4 - 11:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يلجأ المشرفون على تسيير المساجد في بلادنا الإسلامية قبل مجيء رمضان من كل سنة إلى إعادة صيانة مكبرات الصوت فيها حتى تصير أكثر مقدرة على توصيل صوت الآذان إلى أبعد مكان ممكن وإيقاظ الناس للصلاة حتى لو كانوا في سابع نومة.. وهكذا.. ينطلق الآذان للصلاة من مسجد إلى مسجد ، وأحيانا ينطلق من أكثر من مسجد في نفس اللحظة..و..
ترى الناس زرافات ووحدانا متوجهين إلى تلك المساجد ماشين تارة ومهرولين تارة أخرى أو راكبين مختلف أنواع السيارات التي صنعها الغرب الذي يسمعون أحيانا في تلك المساجد الأدعية التي ترجو من الله أن يمسح وجوده(الغرب) من على وجه الأرض ويقولون وهم يرفعون أيديهم إلى الأعلى مفتوحة الأكف : اللهم آمين، يارب العالمين ..
تراهم ـ وهم في تلك الحالة ـ فتحس وكأنهم متوجهون إلى حرب ضروس يكون فيها المؤذنون هم دعاة الناس إلى المشاركة فيها ، وتحس فعلا من كلمات الآذان وكأنها دعوة فعلية إلى الحرب ، حيث يبدأ المؤذنون بالتكبير: الله أكبر، الله أكبر..
وتلي التكبير مباشرة شهادة أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله (مكررة)، وهي الشهادة التي توحي وكأن صاحبها متوجه إلى الموت ساعيا إليها في سبيل الله..
ثم تأتي جملة: حي على الصلاة حي على الفلاح ( مكررة أيضا)، وكأنها تعني حي على الجهاد حي على الاستشهاد ..
وتتكرر عبارة بدء الآذان: الله أكبر الله أكبر.. ليختتم الآذان بجملة : لا إله إلا الله.
وبعد أن يجتمع المصلون يقول الإمام: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ..وكأنه يقول: قد قامت الحرب، اهجموا، اهجموا..
وتنتهي صلاة المسلمين، أي تنتهي حربهم على الشيطان عدوهم الأبدي، وأيضا على شياطين أنفسهم الأمارة بالسوء ، لكن دون تحقيق أي انتصار، حيث يعودون من تلك الحرب وسلوكاتهم هي نفسها منذ قرون طويلة : رشوة، محسوبية، واسطة، احتيال، كذب ، نفاق...
وأعمالهم هي نفسها أيضا: تقصير في أوقات العمل، قلة إنتاج ، غش في البضائع ، عدم إتقان عمل...
سألت مرة خطيب أحد تلك المساجد: ترى كم مرة نقول: اهدنا الطريق المستقيم؟
فكر برهة ثم قال: سبعة عشر مرة في اليوم فرضا، ومرات أخرى في صلاة النوافل كركعتي صلاة تحية المسجد مثلا، ونقولها في مختلف الأدعية كذلك..
قلت: ماذا يعني هذا الدعاء؟
قال: من يكون في الطريق المستقيم يدعو الله لترسيخ قدميه فيها أكثر، ومن يكون ليس في الطريق المستقيم يدعوه إلى إدخاله فيها..
سألته: لكن، لماذا لا يستجيب الله لهذه الملايين من المسلمين الذين يعيشون حياتهم بشكل مخز في كل مناحيها ؟
صاح: استغفر الله ، استغفر الله ، إنه غفار الذنوب..
قلت : إن هذا الأمر يؤلمني حقا.. لماذا لا يستجيب الله لهم وهم يدعونه صباح مساء ، وهو القائل: ادعوني أستجب لكم؟
قال: كيف يستجيب لهم وهذه أخلاقهم وأفعالهم كما ذكرت..
قلت: هذه الأخلاق وتلك الأفعال هي ما يعني عدم وجودهم في الطريق المستقيم ، وهم يقرون بذلك ويطلبون من الله أن يخرجهم منها ، ويدخلهم طريقه المستقيم.. فلماذا لا يدخلهم؟ إنه لأمر محير فعلا..
أجاب: إنهم بشر، وهذه حال كل البشر ، يصيبون ويخطئون، وبالخطإ والصواب يتعلمون، هكذا هو حالهم منذ آدم حتى نهاية البشرية على وجه الأرض ، حيث لا يبقى سوى وجه ربك ذي الجلال والإكرام..
قلت: هذا صحيح.. لكن المصيبة أن القرون تمر علينا ونحن نزداد خطأ ونقل صوابا ، وفي الوقت نفسه ندعي أننا خير أمة أخرجت للناس ، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وأننا أصحاب الخلق الرفيع والعمل الصالح، نشهد بالله الواحد الأحد وبرسوله محمد بن عبد الله صلواته وسلامه عليه ، نحج ونصوم ونزكي ونؤدي الصلوات الخمس ويحج منا من استطاع إلى الحج سبيلا ، إلا القليل منا.. ونحن بذلك مسلمون حقا ..
قال: هذا هو مستوانا ومستوى فهمنا لديننا..
قلت: ولماذا يبقى مستوى هذا الفهم المنحط لديننا متواصلا فينا أو عندنا منذ قرون طويلة ، ويبدو أنه سيستمر قرونا أخرى..؟ أم ترى أنه علينا انتظار الغرب ليفهمنا هذا الدين في جوانب السياسة والاقتصاد وبناء المجتمع وتنظيمه إلى غير ذلك من الجوانب الأخرى ، تماما كما يفعل الكثير من فقهائنا/علمائنا الذين يتتبعون مخترعات الغرب العلمية باستمرار ليقولوا عن كل مخترَع بأنه موجود في قرآننا، وأننا بذلك نكون قد سبقنا هذا الغرب إليه (الآختراع)؟
أجاب: إنهم أعداؤنا الذين تربصوا ويتربصون بنا دوائر الشر..
قلت: ولكننا مسلمون، ونقول بأن ديننا أقوى الأديان فكرا وخلقا وبناء إنسان، وهوـ بذلك ـ أصلحها للبقاء، فكيف نعجز عن مواجهة هؤلاء الأعداء المتربصين الشر بنا؟
قال: إنه الهدم، والهدم كما تعرف أسهل من البناء..
قلت: عجيب أمرنا، هل هم من زرع الكسل فينا؟ هل هم من نشر الرشوة بيننا؟ هل هم من جعل مناصب المسؤوليات تنال بالوساطات لا بالكفاءات في بلداننا؟ هل هم من أدى بنا إلى أن نستهلك في رمضان من المواد الغذائية والكهرباء ما يساوي ضعف أو ضعفي ما نستهلكه في كل شهر من بقية الشهور الأخرى؟ هل هم من فرض علينا تقليص أوقات ساعات العمل في شهر الصيام؟ وهل.. وهل..؟ .. ولماذا هم ياترى أكثر تنظيما منا ، حيث تكثر عندهم تنظيمات المجتمع المدني ،وتؤدي المعارضة دورها على أكمل وجه، ويتفق الناس هناك على الوقوف في وجه ما يمكن أن يؤدي إلى إلحاق المضرة بمجتمعاتهم ، فيتصدون للرشوة ، ويقفون في وجه كل من تسول له نفسه المس بالقوانين المتفق عليها ، ويستبدلون ـ وبشكل سلمي ـ كل من ثبت فشله في القيام بمسؤولياته في منصب المسؤولية الذي هو فيه ويأتون بمن هو أكفأ منه ، ويحرصون على المحافظة على المال العام والملكية المشتركة ، ويحترمون الوقت والعمل والرأي الآخر..إلخ..؟
قال: معك حق.. لكنها النفس الأمارة بالسوء، إنها شياطين الإنس والجن التي تزين لنا أعمالنا المشينة التي ذكرت..
قلت: لكننا نقول بأن الله يقيد الشياطين في شهر رمضان ، فكيف ولماذا تسوء أعمالنا وأخلاقنا أكثر فيه؟
قال: يقول علماء الدين إنه يقيد رؤساء الشياطين وجبابرتهم لا كل الشياطين..
قلت: حبذا لو لم يقيدهم حتى تبقى أخلاقنا وأعمالنا في شهر رمضان مثل بقية الشهور الأخرى ، ويستمر استهلاكنا للمواد الغذائية والكهرباء مثلما كان في تلك الشهور.
سكت..
قلت: القضية يا خطيبنا ليست قضية نفس أمارة بالسوء أو شياطين إنسية أو جنية أو أعداء يتربصون بنا..
قال: قضية ماذا إذن؟
قلت: إنها قضية عقول..
قال: وضح ، ماذا تقصد بقضية العقول هذه ؟
قلت: عندما نبني عقل الفرد المسلم على أساس المنطق في التعامل مع أمور وقضايا حياته ، ونرسخ في ذاته ما يسمى بالشعور بالمسؤولية الاجتماعية ، ونجعل منه إنسانا يعرف كيف ينظم نفسه مع الآخرين من أبناء مجتمعه ليدافع عن حقوقه ،بدل ظاهرة الاتكالية المسيطرة على كيانه، والتي تجعله ينتظر نزول الحلول لمختلف المشاكل التي يتخبط فيها من السماء التي يرفع يديه إليها خمس مرات في اليوم على الأقل و..
قال : وكيف نحقق ذلك ياترى؟
قلت: بالديمقراطية، علينا أن نتبناها وندافع عنها ونغرس روحها في أبنائنا منذ نشأتهم الأولى..
قال: ها قد عدت أخيرا إلى أعدائنا.. أليس لنا إسلامنا الذي يغنينا عن الغرب وديمقراطيته تلك ويكفينا شر تقليد أولئك الأعداء؟
قلت: ألا ترى معي أن الديمقراطية قد أثبتت أهميتها وبينت بما لا يدع مجالا للشك أنها أساس بناء المجتمعات التي تريد الانخراط فعلا في حضارة العصر والمشاركة من ثمة في بناء الإنسانية وازدهارها، وأن المجتمعات التي ترفضها لا تجد أمامها سوى الديكتاتوريات لتحكمها وتفرض عليها البقاء الأبدي في تخلفها ؟
ألا ترى معي أن الديمقراطية بما تقدمه للبشرية من فرص وعي واقعها أكثر، وبما تتيحه لها من إمكانيات لتحمل مسؤولياتها ، وبما تفتحه لها من آفاق لبناء مستقبلها تعتبر ضالة المؤمن عليه أن يأخذ بها ؟
قال: إنك تشير إلى الحديث الشريف: الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها أخذها ..
قلت: نعم هو ذاك..
قال : لكن الديمقراطية تؤدي حتما إلى اتشار مختلف الأفكار التي قد تتناقض وروح الإسلام ، كما تسمح بإمكانية تواجد وانتشار ديانات ومعتقدات أخرى إلى جانب الإسلام في مجتمعاتنا الإسلامية ..
قلت: وما العيب في ذلك؟
قال: ستتشتت مجتمعاتنا حينها ، ونأكل بعضنا البعض؟
قلت: ولماذا تتوقع ذلك؟ أليست الديمقراطية مناخا يرتقي فيه الإنسان سلوكا ووعيا أكثر ليصل إلى حل كل خلافاته وتناقضاته بالحوار السلمي بدل التصادم العنفي؟ وأنها بذلك تعطينا فرصا أكثر وأرقى لفهم ديننا إيجابيا بدل هذا الفهم الشكلاني ، وتتيح لنا تحديثه بما يتوافق وروح العصر ومتطلبات الحاضر بدل اجترار ما قاله ابن تيمية والغزالي وغيرهم من فقهاء الماضي الذي ولى ولن يعود أبدا ..؟ ولماذا لم تؤد إلى تشتت مجتمعات الغرب الديمقراطية وأكل بعضها البعض، خاصة ونحن نعرف أن الكثير من المسلمين يتواجدون هناك وينشرون دينهم بكل حرية مثلهم مثل بقية الأديان الأخرى ؟ وهل أدى تواجد الإسلام وحده في معظم دولنا العربية والإسلامية إلى منع التشتت وأكل الناس بعضهم البعض؟
قال: قل صراحة إنك تريد أن ترى مجتمعاتنا مثل مجتمعات الغرب.. أليس كذلك؟
قلت: صراحة، أريد أن يعي الفرد عندنا حاضره المحلي والعالمي أكثر ويتحمل مسؤولياته الاجتماعية والبشرية في حاضره ومستقبله ويخرج بذلك من واقع تخلفه ليلحق بركب التقدم العالمي وإذا كانت الديمقراطية هي وسيلة تحقيق ذلك ، وهي كذلك فعلا ، فما العيب في تبني ديمقراطية الغرب تلك؟
قال: استغفر ربك يا أخي..
قلت: هل تراني أذنبت يا خطيبنا..؟
أجاب: نعم ، لقد قلت ما لا يجب أن يقال .. ثم أضاف:السلام عليكم.. ومشى..
وكنت أسمعه وهو يفارقني يقول: استغفر الله من كل ذنب عظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير.



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تصير القراءة ركنا إسلاميا..؟
- نفس الطريق أيضا ..؟
- تمرّين ..وهذا دمي
- أغان لتراب الطفولة
- العمدة
- أوتار للفرح الصعب
- أحزان المربي الذي..كان سعيدا
- لقاء مع الشاعر والقاص الجزائري الطيب طهوري
- الأصوليات الإسلامية وادعاءها تقليدنا الغرب
- !أيها الغرب، أنقذنا من تقليدك
- الموتى.. يهاجرون أيضا
- رحيق الأفعى
- الأصولية،الاستبداد والغرب الرأسمالي
- الطريق
- نهايات طللية
- مهاباد مهداة إلى عبد الله أوجلان
- العرب بيت الديكتاتورية والفهم المتخلف للدين


المزيد.....




- 54 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى
- ترامب: اليهود المصوتون للديمقراطيين يكرهون إسرائيل واليهودية ...
- ترامب يتهم اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي بكراهية دينهم وإ ...
- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - لماذا لا يهدي الله المسلمين الطريق المستقيم؟