أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - الأصولية،الاستبداد والغرب الرأسمالي















المزيد.....

الأصولية،الاستبداد والغرب الرأسمالي


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 1824 - 2007 / 2 / 12 - 12:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إلى سيد القمني.. والحال من بعضه
الدين حاجة بشرية.. لا بأس.. ليكن الأمر هكذا.. ولتكن هذه الحاجة طبيعية في الإنسان،، أو ناتجة عن فقدانه القوة التي يواجه بها ظالميه الذين هم من نفس جنسه، ويدافع بها عن مصالحه، أو فلتكن تلك الحاجة نفسية ولدتها مشاعر الخوف من المجهول والاندهاش مما يحدث أمام هذا الإنسان من مظاهر كونية مختلفة يعجز عن تفسيرها، و مما بحدث له هو نفسه من موت لايعرف سرها , وأمراض يعجز عن معالجتها، أو حلم في الخلود لا يتحقق له في دنياه فيعمل على تحقيه في خياله، ومن ثمة يوجِد ـ خياليا أيضا ـ القوة التي يراها تمتلك القدرة على تحقيق ذلك الحلم له.. وليكن.. وليكن.. وليكن البلسم لعذاب هذا الإنسان في الأرض..
لا بأس.. فالواضح أن التدين ، وبأي شكل كان ، عرفه الإنسان منذ القدم، وما زالت معظم البشرية، بل أغلبيتها الساحقة تمارسه، وستبقى ـ ربما ـ تمارسه حتى نهاية وجودها ، إن كانت هناك نهاية لهذا الوجود فعلا..!
هل المشكلة هنا؟..
لا شك أنها ليست هنا بالمرة.. شرط أن لا تتجاوز حدود الاعتقاد الشخصي لتصير إيديولوجيا .. ومن هذا المنطلق لا أعتقد ـ بالمرة ـ أن هناك شخصا يقف ضد الدين، وهو ما يعني أن الوقوف ضده يقع حتما ، من هذا الطرف أو ذاك ، عندما يتحول إلى إيديولوجيا توظف من قبل أتباعه( الدين ) كمقدس ، أو من قبل بعضهم لخدمة أهداف سياسية دنيوية يجرون الجماهير بها إلى صفهم ، إما للحد من تطلعاتها( الجماهير) إلى تغيير واقعها نحو الأفضل، وغالبا ما يستعمل ذلك من قبل القوى المحافظة المتنفذة في الواقع ، وإما للوقوف به وتحت رايته ضد تلك القوى المتنفذة وتبرير اللجوء إلى العنف ضدها وضد الطبقات أو الفئات الاجتماعية التي لا تسير في طريق ذلك العنف، وهو العنف الذي بينت وقائع التاريخ أنه لايخدم في النهاية إلا تلك القوى المتنفذة ، حيث يعطيها المبرر للجوء إلى ممارسة العنف هي أيضا، العنفِ الأكثر بشاعة، لأنها كقوى مسيطرة لا يمكنها أن تعيش دون عنف أساسا لتحافظ على وجودها وما يتبع ذلك الوجود من امتيازات متعددة ومتنوعة ، وهو العنف الذي لا تكتفي بممارسته ضد تلك القوى العنفية الموظفة للدين ، وإنما تستغل الفرصة لتمارسه ضد حتى القوى الأخرى التي تنشد التغيير الحقيقي، أعني التغيير الإيجابي، والتي لا علاقة لها إطلاقا بتوظيف الدين في نضالها من أجل ذلك التغيير.. وواضح أن التوظيف بالكيفية الأولى يبدو أكثر وضوحا في عهد الإقطاع في أوروبا، حيث تحالفت الكنيسة معه (الإقطاع) كمتنفذ لمواجهة البرجوازية الناشئة هناك ، وهو التحالف الذي أدى ظهور وانتشار محاكم التفتيش و اضطهاد الكثير من العلماء الذين كانوا يهيئون لتقديم تصور جديد للحياة ومختلف مظاهرها وظواهرها يخالف حتما تصور الكنيسة ، لأنه ببساطة قائم على أساس البحث المتحرر من سلطتها وعلى التجربة الواقعية المباشرة والتأمل العقلي .. والمؤكد أن ذلك الاضطهاد ما كان ليقع لولا إدراك رجال الكنيسة والإقطاعيين أن العلم وما كان يصل إليه العلماء من نتائج علمية تخالف تصور الكنيسة للكون والمجتمع ، سيقوض حتما سيطرتها الاجتماعية وهيمنتها على أذهان الناس ، أي يفقدها بالضرورة مصالحها ومصالح المتحالفين معها ، وهي المصا لح التي تراكمت عبر تاريخ ذلك الإقطاع ، وهو تاريخ طويل دون شك..
والواضح أن أوروبا ما كان بإمكانها أن تدخل عهد الحداثة تدريجيا إلا بالتقويض التدريجي أيضا لتلك الهيمنة ، وهو ما تحقق في النهاية بفصل الدين ـ بما هو وجود مقدس ومفارق للواقع في اعتقاد أتباعه ـ عن حياة الناس الدنيوية المشتركة ، والسياسية أساسا، بما هي ممارسة متغيرة ، أو بتعبير آخر، وجود متغير ، قد يكون بطيئا أو سريعا، ولكنه متغير بالضرورة.. وهو الفصل الذي جعل أوروبا تحقق فتوحاتها الكبرى في كل ميادين الحياة ، فكانت الثورة العلمية والديمقراطية والتغير الاجتماعي ذهنيا وسلوكاتيا ، وكان التصور الجديد لوجود لإنسان وفاعليته ودوره في الحياة، وهو التصور المبني على أساس أن الإنسان هو مركز الكون والمحدد لمصيره الدنيوي ، وكان أن تحرر ذلك الإنسان فعلا من جموده واتكاليته ، وشغَّل ذهنه وعانق أحلامه في التطور ، ونظم نفسه ، وأبدع آليات ذلك التنظيم ، فكانت الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية وتنظيمات المجتمع المدني المستقل عن السلطة الحاكمة إداريا وسياسيا وماليا، وتحكم العقل والعقلانية في تسيير أمور المجتمع ووضع قوانينه المدنية ، لا تحكم الغيبيات وأحكامها المفارقة للواقع..
أما التوظيف بالكيفية الثانية فإنه يبدو جليا أكثر في مثال الجزائر، حيث وظفت القوى الأصولية الدين بشكل صارخ ، وجرَّت به الجماهير ـ بمباركة من السلطة الحاكمة طبعا ـ إلى أحضانها ، فكان تكفير كل من لا يقف في صفها ، وهو التكفير الذي جعلها تلجأ إلى حمل السلاح متوهمة أنها ستحقق غرضها في الاستيلاء على تلك السلطة وإزاحة الذين يتحكمون فيها ( السلطة) للحلول محلهم، والحكم باسم الله وشريعته، كما تقول تلك الأصولية، وطبعا من خلال ممثليه في الأرض ، أي رجال دينه الصحيح كما ترى تلك الأصولية ، ويرى معظم المسلمين معها ، والذي يجب أن يكون الأوحد في هذا الوجود ، لأن كل الديانات الأخرى مفلسة محرفة، كما ترى أيضا.. وهكذا كان اتفاقها الحتمي مع مسيحية عهد الإقطاع في أوروبا، أي وجود رجال الدين الذين تدعي عدم وجودهم في الإسلام والذين لايمكن أن يحكموا ياسم الدين إلا من منطلق فهمهم له وفق ظروفهم ومصالحهم ومستوياتهم الثقافية وأنواع تلك الثقافات التي ينطلقون منها في ذلك الفهم ومواقفهم من الصراعات الاجتماعية ومواقعهم في مجتمعهم.. وبعبارة أخرى: لا يمكن أن يحكموا إلا بتحويل الدين إلى إيديولوجيا، مهما أوهموا الجماهير التي يحكمونها بغير ذلك .. وهكذا راح ضحية وهمها ذاك وتصرفها الجنوني عشرات الآلالف من الناس الأبرياء ، ليُكتشَف في النهاية أنها لم تخدم سوى تلك السلطة التي ثارت ضدها!! حيث أتاحت لها فرصة ضرب القوى الديمقراطية الحقيقية ، ولكنها الضعيفة في وجودها الاجتماعي نتيجة الأمية المهيمنة على الشارع الاجتماعي ، من جهة، وتوظيف الدين من قبل الأصولية لتكفيرها (القوى الديمقراطية) وإبعاد الناس عنها ، من جهة ثانية.. وليُكتشَف أيضا أن تلك الأصولية هي الحليف الطبيعي لأنظمة الاستبداد ، وهو الواقع فعلا في مثال الجزائر ، حيث يلاحظ التناغم العميق بين السلطة وتلك الأصولية ، وصل إلى حد إرسال تهنئة من قبل رئيس السلطة إلى مفتي جيش الإنقاذ الأصولي في حربه ضد تلك السلطة، والأستاذ الجامعي حاليا في الجزائر.. !!! وذلك بمناسبة حصوله على شهادة الدكتوراه .. كما صار أولئك الأصوليون مدافعين ، وبا ستماتة، عن تلك السلطة..!!! بعد أن عادوا بالجزائر عشرات السنين إلى الوراء بفعل مامارسوه من تخريب اقتصادي وتقتيل جماعي للناس ، ومن تهجير لآلاف الإطارات ، ومن غلق لأفق التحول الاجتماعي نحو الديمقراطية ، بدعوى إضعاف السلطة حتى يسهل الانقضاض عليها ، والحكم بدلا عنها !!! .. وسبحان مغير الأحوال ..!!! تماما كما فعل الاستعمارالغربي الذي لجأ هو أيضا إلى توظيف المبشرين المسيحيين ، أي رجال الدين ـ مثلما يفعل المستبدون المسلمون حاليا في توظيفهم لرجال الدين لتبرير تصرفاتهم وإخضاع الجماهير لهم حتى تستمر في قبول حكمهم لها .. والأزهر خير مثال على ذلك .. ـ والادعاء بوجوب نشر الحضارة التي وصل إليها الغرب لتستفيد منها كل الشعوب حتى تخرج من تخلفها ، لجعل جماهير الغرب تقبل بذلك الاستعمار للشعوب الأخرى ، مخفيا بذلك التوظيف وذلك الادعاء حقيقته التي هي أن تطوره(الغرب) الاقتصادي الكبير الذي وصل إليه في عصر نهضته الحقيقية، خلافا لنهضة العرب الوهمية ، قد أدى إلى نشوء التنافس الشديد بين رأسمالييه الصناعيين طبعا ، ودوله ، وعمَّق أحلامه في الربح و التطور أكثر، وهو ما فرض البحث عن أسواق خارجية ، ويد عاملة رخيصة ، ومواد أولية رخيصة أيضا ومجانية حتى.. وكان أن حدَّ بذلك من أفق حلم بعض المتنورين العرب في السير نحو التطور على خطى أوروبا .. ولعل ما قام به محمد علي في مصر ، وما مارسه الغرب الاستعماري ضد طموحه في إخراج مصر من تخلفها وإدخالها عالم عصر الصناعة الدليل الكافي على ذلك .. ذلك أن الغرب الرأسمالي أدرك آنذاك ويدرك اليوم أن مواصلة تقدمه والمحافظة على استقراره الاجتماعي ورفاهية شعوبه أمر مرتبط حتما بوجوب بقاء التخلف فيما يسمى بالعالم الثالث الذي منه عالمنا العربي الإسلامي .. ولعل ذلك هو السر في مساهمة الولايات المتحدة الأمريكية ، وبشكل كبير، في تضخيم قوى الأصولية في العالم الإسلامي ومدها بالأسلحة في مرحلة حرب تلك الأصولية للسوفييت في أفغانستان ، من جهة، وسكوتها على ماكان يقع في الجزائر في مرحلة التسعينيات من قبل تلك الأصولية ، بل واحتضان الغرب لقادتها ، من جهة أخرى.. ودون شك أنه السر أيضا في سكوت هذا الغرب الرأسمالي على ممارسات الأنظمة المستبدة في عالمنا العربي الإسلامي أو نقدها أحيانا باحتشام كبير نتيجة ضغط بعض المنظمات الدولية المستقلة ، أقول سكوته .. مادامت تلك الأنظمة تخدمه بفتح أسواقها لتسويق منتجاته الصناعية والزراعية ، وتقمع شعوبها للحد من إمكانية وعيها بمصالحها ، ومن ثمة تنظيم نفسها لتحقيق تلك المصالح ، أي للحد من إمكانية إدراكها أهمية الديمقراطية ووعيها بنتائجها الإيجابية ، وهي الديمقراطية التي يستحيل إصلاح منظومتنا التربوية والاجتماعية التي تؤدي إلى بناء عقل وعقلية الإنسان العربي بما يناقض عقلية الا تكال والقدرية التي تسيطر على ذهنه ومن ثمة سلوكه اللامبا لي بدونها..
وواضح أن حديث أمريكا ـ في هذا الإطارـ عن شرق أوسط جديد ، أي ديمقراطي، ومحاربتها لما تسميه بالإرهاب الأصولي في أفغانستان والعراق وفلسطين ، ماهو إلا وسيلة أخرى لإحكام سيطرتها أكثر على هذا الشرق الأوسط ، خدمة لمصالحها في الحاضر والمستقبل ، وذلك إدراكا منها ـ أخيرا ـ بأن تحكم الأصولية في هذا الشرق سيأتي على الأخضر واليابس ، ويحول عالم ذلك الشرق إلى عالم حروب أهلية سرعان ما يمتد لهيبها إلى كل العالم ، لا لشيء سوى كون تلك الأصولية تنطلق من ثقافة تكفر كل المخالفين لها ، وترى وجوب محاربتهم أمرا مقدسا لابد منه .. وبعبارة أخرى يمكن القول بأن أمريكا والغرب عموما لا تحارب الإرهاب للقضاء عليه جذريا ، وإنما تحاربه للحد من سطوته حتى لايصل إلى مرحلة المس بمصالحها ، وفي مقابل ذلك هي سعيدة جدا بوجود الأصولية في عالم العرب المسلمين ، مادامت تلك الأصولية تقف ضد حداثة الغرب وتكفر ديمقراطيته ، وتحد بذلك من إمكانية دخول الجماهير العربية الإسلامية عالمها ( الحداثة) ، تماما كما فعلت السلطة الجزائرية ، حيث قلَّمت أظافر وحش الأصولية في بلادها كأصولية تحمل السلاح ضدها وتتطلع للاستيلاء على كرسيها ، لكنها في مقابل ذلك حافظت وتحافظ على فكرها المتخلف ، حيث يلاحظ المتأمل في الشارع الجزائري امتلاء المكتبات بكتب الدين وأقراصه المضغوطة فيما يغيب فكر الحداثة بشكل يكاد يكون مطلقا ، كما يلاحظ تحول نسائها وفتياتها ـ و بشكل يكاد بكون مطلقا أيضا ـ إلى لبس الحجاب والنقاب .. ويلاحظ كذلك ازدياد ظاهرة التدين المفرط ، واستعمال الدين للتداوي فيما يسمى بالرقية بصورة كبيرة ، وتحول وسائل النقل العمومي إلى شبه مساجد متنقلة ، حيث تجويد القرآن وسماع خطب فقهاء العصر الجدد لا يكاد يتوقف..!!! وأيضا تلاحَظ هيمنة ظاهرة الاتكالية واللجوء المستمر إلى قراءة الأدعية ، وتعليقها في وسائل النقل العمومي والسيارات الخاصة ، ورفع الأيادي بالدعاء في كل صغيرة وكبيرة ، كنتيجة منطقية لتلك الاتكالية والقدرية المهيمنتين ، واللتين جعلتا من الإنسان الجزائري والعربي والمسلم عموما ريشة في مهب الريح لاحول له ولا قوة ..!
خلاصة القول أنه لا إمكانية لتحرر الإنسان العربي والمسلم عموما إلا بإبعاد الدين عن التدخل في مختلف شؤون حياة المجتمع المشتركة ، وجعله قضية شخصية لا تتجاوز حدود علاقة الإنسان الفرد بخالقه ، أو بما أو بمن يعتقد أنه ينتمي إليه من قوى غيبية ، تماما كما فعل الغرب حين أعطى لقيصر ما لقيصر ولله ما لله ، ولا شك أن وضع حدود للدين بحيث لا يتجاوز مجال علاقة الإنسان بإلاهه ، والنضالَ الفكري والإعلامي المستميت من أجل الإقناع بذلك ، هو الوضع الذي يسمح لكل الديانات بمجاورة بعضها والاحترام المتبادل بينها ، حيث يعبد كل شخص ربه بالطريقة التي يراها أنسب إليه وأقرب إلى روحه، دون أن يدعي أنها الطريقة الحقيقية وحدها، ويوجِب مع جماعته على أنفسهم النضال من أجل أن تبقى وحدها في الوجود ، و من خلال ذلك ينظر إلى بقية الديانات وطرق العبادات الأخرى على أنها هراء..
نعم، يصير كل شخص يعبد ربه بالطريقة التي يتفاعل معها ويرتضيها لنفسه : المسلم يعبد ربه بطريقته، واليهودي بطريقته، والمسيحي بطريقته أيضا، وغير المتدين بهذه الديانات وغيرها يمكنه أن يرى عبادة ربه في عمله الصالح المنتج ، أو في مساعدة الآخرين ممن هم في حاجة إلى مساعدته .. وهكذا يتسع عالم الله ويمتلئ بالمحبة والرحمة والإخاء ، واحترام أتباع كل الديانات لبعضهم البعض ، تماما كما هو الحال في واقع الغرب ، حيث يتواجد المسلم جنب المسيحي واليهودي والبوذي ، وجنب غير المتدينين ، ولكل واحد الحق في نشر دينه بالحسنى ، خلافا لما هو عليه الوضع في واقع المسلمين ، حيث إنه ومن منطلق الادعاء والاعتقاد بأن الإسلام هو الدين الحق المطلق ، وأن كل الديانات الأخرى محرفة أو مخرفة أو.. ومن منطلق الاعتقاد والادعاء بأنه دين ودولة يشمل كل الحياة الاجتماعية ويتدخل في كل شؤونها سياسيا واقتصاديا وثقافيا ..إلخ، رغم أن نبي الإسلام يقول بصريح العبارة: أنتم أدرى بشؤون دنياكم .. كما يشمل الحياة الأخرى (عالم الآخرة) .. أقول: من منطلق ذلك عادَى المسلمون، وخاصة الأصوليون منهم ، كل الديانات الأخرى، وعادوا من ثمة أتباعها ، ونظروا إليهم على أنهم يتربصون بهم للقضاء على دينهم، رغم أن القرآن يقول: ((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )).. وقد تجاوز الأمر ذلك إلى معاداة حتى أتباع المذاهب الإسلامية لبعضهم البعض ، ومحاربة أتباع كل مذهب لأتباع المذهب الآخر ومنعه من التواجد في مناطق نفوذه ، كما رأينا في المؤتمر الذي انعقد مؤخرا في الدوحة للتقريب بين المذاهب الإسلامية التي تنتمي لدين واحد، وكل واحد منها يتكلم باسمه(الدين) ، حيث طالب السنيون من الشيعة الامتناع عن نشر مذهبهم في مناطق النفوذ السني، وربما طالب الشيعة ذلك أيضا ، وهو ما يبين خوف كل مذهب من المذهب الآخر.. ولماذا؟!.. صراحة لا أعرف ذلك .. لكن المؤكد أنه توظيف الدين في السياسة التي ربما تكون لعينة..! لأنها أدت إلى جعل أتباع كل مذهب يمتلئون بالحقد على أتباع المذهب الآخر، رغم أن الآية تقول))ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)) مما يعني أن تلك المذاهب خالفت أمر ربها(الفرض) ، أي خرجت عن طاعته( عصته) حسب منطق الإسلام.. ولست أدري ما هو موقف فقهاء تلك المذاهب من ذلك الخروج!.. وهكذا..
ونعم ، مرة أخرى أقول: دون فك الارتباط بين الديني والدنيوي نبقى مجتمعا تحكمه الديكتاتوريات وتعشش فيه الأصولية بما هي سلاح تلك الديكتاتوريات الأسا س ، حيث توظفه ، وبامتياز، لبقائها واستمرارية وجودها ، وهو الوجود الذي يرتبط من ناحية أخرى باستمرار تخلف مجتمعاتها بما هو تخلف لا يخدم في النهاية إلا مصالح الرأسمالية لتواصل تقدمها .. ولعلنا من هذا المنطلق يمكننا الاقتراب من فهم ظاهرة العولمة .



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق
- نهايات طللية
- مهاباد مهداة إلى عبد الله أوجلان
- العرب بيت الديكتاتورية والفهم المتخلف للدين


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - الأصولية،الاستبداد والغرب الرأسمالي