أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - آرام كربيت - الرحيل إلى المجهول تدمر5















المزيد.....

الرحيل إلى المجهول تدمر5


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 2085 - 2007 / 10 / 31 - 10:37
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


غرفة الليل طويلة. تمتد وترتد على جسدي المتسكع على أبواب الغربة.
لم يستطع النوم أن يأخذنا إلى مملكته.. إلى مأدبة الوجود. بقيت الروح ترنو.. سارحة. ترفرف مع الدهشة والقلق. نُهاجر.. نحاول الرحيل فوق جسور الصمت إلى الصدى الأخر. ننوس بخفوت منعقدي اللسان. نمشي فوق الشهقات على كفوف القدر.. على الأخاديد المملؤءة بالنتؤاءت.
لم نكن ننتظرشيء سوى تمريرفرص الخيال إلى النقائض. ننقل النجوم المنقوشة فوق مئزرالليل إلى موضع أخر.
يا إلهي كيف سأنام على هذا البيتون الأحمق.. الجَّبانة. المضطجعة على كتل من البرد القادم من زعفران الليل والشتاء. من كانونه المشتعل بالهيجان.
كل عشرة دقائق ينهرنا العسكري من على السطح ويمطرنا بالشتائم. يسرق منا رقصة الحلم بالشرود إلى الحلم الآخر.
صراخ الشرطة وزعيقهم. عوائهم ونباحهم يستمرطوال الليل/ طوال الليل ينبحون.. هذه حقيقة/. يبقون مستيقظين يدورون ويراقبون المهاجع وأنفاس السجناء. من أجل الأجهاد عليها وتدميرها وتخريبها من الداخل. دورياتهم تبقى سهرانة ومنشغلة على الدوام في أبقاء أعصاب السجناء مستنفرة ويقظة طوال الأحدى عشرة ساعة. كل عشرة دقائق يقترب العسكري من الشراقة. يدق على شباكها المعدنية المصنوعة من قضبان فولاذية محلزنة بحذائه القاسي والقوي. يقول:
ـ ماذا تفعل يا أبن.. يا أبن.. شتائم بالجملة والمفرق. يكررأقواله:
هل لديك أحد في المرحاض. هل الجميع نيام. هل لديك شيء تريد أن تبلغ عنه.
لا اعتقد أن السجين في تدمر خلد للنوم مدة نصف ساعة متواصلة. الحلم بالنوم حلم بعيد المدى. أمل يصعب الوصول إليه. الأعصاب مشدودة. الحواس في حالة استنفارتام. أسوار الأذن منتصبة.. مشنفرة.. مشدودة التيقظ. متجهة نحو قدم الشرطي. حركته على السطح.. تنقلاته. محل طرح الكثيرمن الأسئلة:
ـ هل هو في محرسه. هل هو فوق الشراقة يراقبنا. ماذا يفعل الأن. هل يراقبني. هل سيجلدني في الصباح. أم إنه يكتفي في رؤيتنا نياماً. هل سيتركنا لشأننا ويذهب. هل يهم في الذهاب إلى الرحيل. هل سيدق على الشراقة أم يكتفي بوضع قدمه على القضبان المحلزنة. يزداد الوجع والخدرلرجلي وجنبي الذي استند عليه. آه لو أستطيع أن أقلب قليلاً. لويذهب إلى مكان أخر. أتمنى لو أسمح صوته. صوت حركة حذائه حتى أتنفس قليلاً. البول يحاصرني. كيف أفعل. يا رب ساعدني لأجتازهذا الوقت الصعب. أعطني القوة والصبر حتى أتحمل. أنا متعب من الاستلقاء الأجباري. إلى متى يبقى الليل طويلاً. أتخيل الناس في بيوتها كيف تذهب إلى الحمام دون أن يراقبها أي إنسان. أن يحصي أنفاسها ودموعها. أبقى في مكمني أراقب أنفاس الشرطي. الدررالتافهة والرخيصة التي ستخرج من بين شفتيه النتنة. آه.. إنه يمررقدمه على القضبان.. يلعب بهم. يدق قليلاً.. قليلاً. الأن سيشتد ضربه. لا لن يضرب. يضرب بقوة ويزمجرعلى السجين المناوب من أجل إدخال المزيد من الخوف في قلبه وقلوبنا. يزداد قلبي خفقاناً. إلى متى سيستمر هذا الوضع على هذا المنوال. أحلم بالحرية. أحلم بها طويلاً. ما أجملها. ما أحلى أن يعيش الإنسان في بلد أمن وحر. لا توجد فيه أحذية كبيرة.
لكم تمنيت أن أعيش في وطن يكف الحذاء العسكري أن يقررمصيرنا.
ما أن ننزلق في محراب النوم. ما أن نحاول الدخول في مملكة النوم. حتى يطل حذاء الشرطي. البوط الذي يساوي الحدود كلها. يخبط بكل قوة على السطح أوالقضبان المحلزنة. يسمعنا السمفونية المكررة كل يوم عشرات المرات. الكلامات والشتائم التي سمعناها يندء لها الجبين من كثرة سوقيتها.
تناوب كل واحد منا ساعتين في هذا الجب المسمى جب أبليس أوجهنم. كنا أشبه بجثث ملفوفة بأكفان مرمية على أرضية هذا المخزن الكبير. ينتظرقدرما يدفعها إلى مصيرأخر.
في هذه العتمة المعتمة. كيف ينبض القلب ويخفق. كيف يمكن لهذه الروح أن تخرج من هذا النفق الطويل. لم نتعلم أن نستظل تحت ظلال الأشجارالوارفة. تحت الأغصان الخضراء الكبيرة.. غزيرة الأوراق. الشجرة الوحيدة التي مكثنا تحتها. كانت عقيمة الجذور. معطوبة الأغصان. ميتة الأوراق. لا تستطيع أن تسد وهج الشمس اللأذعة ولا الحرارة القاسية أوالغبارالقادم من التيارات العابرة.
لقد تفسخت بلادنا على كل الصعد. السياسية والأقتصادية والاجتماعية.
كانت منطقتنا العربية منذرة بتبدل الواجهة السياسية لأنظمة الحكم فيها خلال فترة التسوية التي بدأت بعد ضرب العراق وإخراجه من الكويت. كذلك بعد دخول اسرائيل وحلفائها العرب/ الأنظمة العربية/ مؤتمر مدريد.
بمقتل رابين وموته في نهاية العام 1995 أنتهى أي أمل في التسوية في المنطقة. كان هذا إنذاراً بمزيد من التشوه والتفسخ في النظام العربي. هذا الأنعكاس سيؤدي إلى المزيد من التفسخ في وضع شعوبنا وبلداننا.
مقتل رابين يعني أنتهاء التسوية. بمعنى أصح. أن الموسسة العسكرية الاسرائيلية غير جاهزة للدخول في تسوية مع حلفائها. لذا على الولايات المتحدة العمل على إدارة هذه المنطقة من العالم بطريقة مختلفة تنسجم مع المخاوف الأمنية الأسرائيلية وتدفع مسألة التبديل إلى إشعار أخر. أو البحث عن طرق أخرى لأدارة هذه الجزء من العالم وفق مصالحها الأنية والمستقبلية بطريقة تضمن لنفسها كلفة أقل. المنطقة مسترخية/استقرار/ تحت قبضة أنظمة أمنية لها باع طويل في السيطرة على شعوبها.
مسألة تأجيل تبديل الأنظمة العربية أقل كلفة وصعوبة بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية من أن تضغط على اسرائيل. من أجل القبول بالتسوية.
دائماً يرتأي الأمريكان أن تطبخ صراعاتنا الداخلية والخارجية في مراجل الأنظمة أو السلطات الديكتاتورية من أجل المزيد من التفسخ والانهيارفي بلداننا على مهل.
إذاً. السجن.. السجان/ النظام ـ السلطة/ العربية باقية إلى إشعار أخر. مسألة تبديل الوجوه والمكياج غير واردة في الأفق المنظور.
علينا أن نربط الأحزمة ونستعد لمسيرة طويلة من القمع والتشوه والخراب في بلداننا.
مؤتمربرشلونة كان نوع من مسحة الخلاص النورانية. لكن لم يكن لها أي قيمة عملية لعجزالأوربيين عن القيام بأي فعل سياسي عملي. ولضآلة تأثيرهم على مجريات الأحداث في العالم.
الآفاق مسدودة بالكامل. لا أمل بالخلاص على الأطلاق على المدى القريب والبعيد. علينا أن نتحمل مصيرنا بصبركبير.. أن نتحمل السجن الطويل وإلا سنموت من الهم والكمد والقهر.
الضوء المنبعث من اللمبة الصغيرة كان خافتاً للغاية. الزنزانة الكبيرة أشبه بمغارة أووكرمعتم.
في الصباح. في الساعة السابعة صباحاً استيقظنا مشوشي الذهن. متعبي الجسد.
المصادفة والزمن والمكان يصنعا القدر. القدرفراشة تستيقظ من غفوتها بهمس أقرب إلى النعاس. ونحن نامل أن تمرالدقائق من أجل أن نجتاز المصادفات والقدر بأقل قدرمن الوجع.
رحنا نمشي مع بعضنا داخل المهجع لأحساسنا أن العالم كله أختصر في هذه البقعة التي نعيش فيها. نتكلم على غيرهدى. لا نعرف ماذا نفعل وماذا يخبئ لنا هذا اليوم وغيره من مفاجأت. دخل عمر الحايك إلى الحمام وراح ينظف الدورات من الأوساخ المرمية في داخلها. فتحنا الحنفيات المصنوعة من السرنكات فتدفق الماء المأكسد المسترخي مدة طويلة داخل الأنابيب القديمة. ضببنا فراشنا وطويناها ووضعناها على طرف الجدار. لم نستطع أن نأكل أية لقمة نتيجة الخوف والقلق والترقب. لكن لم يكن في ذهني أنهم سيعذبوننا مدة طويلة. كنت أقول لماذا يعذبوننا. ماذا فعلنا. لا شيء يستوجب هذا الفعل. المسألة لن تمتد إلا لبضعة أيام أو شهر. ثم يعيدوننا إلى سجننا. لقد قفز ذهننا عن الحقائق الماثلة أمامنا. حقائق مرسومة بقوة أمام الجميع. لقد قتل هذا النظام ودمرمدن لسبب أقل من ذلك. لماذا لا يقتلنا أو يعذبنا. ما الذي يمنعه. الاخلاق مثلاً! هذه مسألة بسيطة. هذا النظام ورأس النظام لا أخلاق لديه.. ولا ضمير يحكم سلوكه. أما عن الردع. فمن يردعه! الشارع مثلاً.. مجتمعنا! هذا أيضاً لا يدخل في ضمن حساباته وهواجسه. الامريكان والأوربيون كانوا وما زالوا يباركوا سياساته الداخلية بالمطلق. المهم تحالفه مع اسرائيل وتنفيذ سياسات الأمريكان الخارجية سواء في لبنان أو الشأن الفلسطيني أو العراقي. المهم إدارة اللعبة باقتداردون ان يضر بقواعد اللعبة في إدارة شؤون المنطقة بما يضمن نتائج غيجابية للراعي الإمركي.
إذا نحن بيديه. يفعل بنا ما يريد ويرغب.
في الصباح في الساعة التاسعة تماماً. فتح الباب بهدوء. مط العسكري أو الشرطي رأسه وقال بهدوء وأدب جم:
ـ ليخرج الجميع إلى الباحة مع الحقائب.
حملت حقيبتي وخرجت.
في نظرة خاطفة. رأيت باحة يمتد طولها إلى حدود الخمسة عشرة متراً وعرضها الثمانية أمتار. تم على طول الباحة والسطح توزيع أعداد كبيرة من الشرطة العسكرية بكامل لباسهم الميداني. البيرية الحمراء والبوط الملمع والثياب الخضراء المكوية والنظيفة.
كانوا في حالة استنفاركامل. كأنهم كانوا في حالة استعداد تام للحرب. قال أحد الشرطة:
ـ قف بجانب الجدار. وجهك بأتجاه الجدار. لا تلتفت نحو اليمين أو اليسار. كنت أول من خرج. كان محمد خير بجانبي ومازن علي شمسين بجانب محمد خيروهكذا دواليك إلى أن خرج الجميع. ليبقى رأسك في الارض. صيغة موجهة لنا جميعاً.
بعد أن وقفنا ووجهنا نحوالجداروظهرنا نحو الشرطة.
كان الصمت مكتملاً. لم أسمع أي حركة أوكلام. كأن الباحة خالية تماماً. ما هي إلا لحظات حتى رأيت يداً قذرة حطت على أعلى كتفي. جرني إلى مأدبة غريبة. قال أحدهم:
ـ ضع الحقيبة على الأرض. ثم أردف:
ـ أفتحها.
بعد أن فتحتها ووضعتها أمامهم. امتدت الأيدي إليها وراحوا يخرجون ثيابي وأشيائي الخاصة الموجودة في الحقيبة. لوحات نحاس.. صورأبي وأمي وأخوتي البنات وأخي. ثيابي الداخلية.. حذائي وقشاط بنطالي. راح الشرطي يفتشها ويرميها على الأرض المملوءة بالحصى المذببة والرمال الصغيرة والتراب الناعم. ثم طلب مني أن أنزع حذائي وجواربي من رجلي. كما طلب مني أن أنزع أيضاً ثيابي كلها من على جسدي. وقفت بينهم عارياً تماماً كما خلقتني أمي في ذلك البرد القارس. خجلاً من نفسي ومن زمني. لا أعرف ماذا أفعل. إن رعباً غريباً وغربة غريبة تسللت إلى نفسي. قلت لنفسي:
ـ ماذا يريدون منا في هذا الصباح. كل شيء يسير بسرعة هائلة. لماذا يريدوننا عراة في هذا الصباح البارد. على هذه الحصى المذببة. لم يكن في المكان إلا صدى الهواء والريح وهما يلسعان الجدران والجسد الممدود في المكان بينهم.
شرطة كثيرة وخدمهم من البلدية/ عسكريون فارون من الخدمة العسكرية تقوم بخدمة الشرطة مجاناً/. يصدمني دائماً كلمة:
ـ وطي رأسك في الأرض. لا ترفعه على الأطلاق.
المكان بغيض وكريه. غابة من الوحوش واقفة. تريد أن تلتهم كل ما يقع بين يديها وفمها. معركة ما بين القهرونقيضه في مساحة صغيرة تجسد واقع خطير. شيء ثقيل يرزح فوق الصدرفي مكان موحش. المكان والبرد كأنما خلقا ليزحفا غلى قدمي ويصعدا إلى شفتي ووجهي . الصمت الثقيل يرفرف هبوطاً من رحلته الطويلة. الشرطة ثابتة في مكانها في حضرة رتبة كبيرة ما. خلق حالة دوران دائري من الخوف. كلهم يرزحون تحت حذاء الأوامر. قال:
ـ أحمل ثيابك وأدخل المهجع. حملت حوائجي وسرت. لقد صادروا الحقيبة والصورواللوحات والقشاط. تركوا الثياب فقط. بقيت وحدي. راحوا يفتشوا غيري.
أقف على الجماد الجامد.. على البرد المصمط. أحس بالاندثاروالارتعاش والرغبة بالخلاص. دائماً الوقت هو المشكلة. الوقت هو الذي يحاصرنا. هو الذي يسيرنا ويمضي بنا في رحلة العمروالبحث عن الآخر. يمضي تحت ثقل سطوة سطوته وسوطه.
تتناهى إلي أصوات قطط جائعة. قطط كبيرة تريد أن تفترس. وأنا أصرخ واولول بين مخالبهم.
بعد أن انتهوا من تفتيش الجميع. قال أحدهم:
ـ دع كل شيء في مكانه واقترب. أبقى عارياً. وجهك بأتجاه الجدار. يد رشيقة. لكن قوية. أمتدت الى فروة رأسي وقادتني الى وسط الباحة .
لفتني حلقة دائرية من الشرطة والبلدية وعزلتني. رأيت الإطار الخارجي للسيارة على الأرض/دولاب/ بجانبه الكثير من الكوابل السوداء المصنوعة من إطارالخارجي للسيارة/دولاب/ بالإضافة إلى قسطل من الحديد المحلزن فيه مرسة غليطة مرميون على الأرض. قال كبيرهم بلهجة أمرة وحازمة:
أنبطح على الأرض.
أنبطحت على الأرض العارية عارياً تماماً. صارجسدي مشدوداً ومستسلماً. على الحصى المذببة والرمال الناعمة.
بهدوء وثقل مررت قدمي الى الأمام ورفعتهما الى الاعلى كما أمروا.. مستسلما للقدر. تاركاً أمري له يقرر ما يراه مناسباً. قال:
ـ أدخل في الدولاب. بعد أن دخلت وثتبوا جسدي قال:
ـ أرفع قدميك الى الأعلى بشكل جيد. قربهم من بعضهم. بعد أن صارت أقدامي إلى فوق. تحولتُ الى شكل حرف U بالأنكليزية. تحولت الى كتلة لحم معجونة داخل الدولاب المطاطي.
رحت أهجس داخله:
ـ أكاد أختنق داخل الدولاب. قفصي الصدري يلتحم بأفخادي. الهواء يحتبس داخلي لا أستطيع أن أزفره. كما لا أستطيع أستنشاق الهواء المتجدد .
بقي الصباح مسبلا جفنيه على مائدة الكون .
راح يمشي في دورانه الهادئ .
يجدف ويبكي منزويا عند جدع الأفق .
الارتباك والأرادة المأسورة تكبر.
كنت مصلوب الأرادة مرمياً تحت أقدامهم.
جسدي مستنداً على فقرة واحدة أو فقرتين من عمودي الفقري. الحصى والرمال تلتصق بي وتدخل بتأن وهدوء الى ظهري دون مقاومة .
شعرت بالوخزالحاد. كالسكاكين تدخل جسدي من المكان الذي تريد. معجوناً بالوحل على الأرض الموحلة. جزعاً من المكان الشرير.
الرياح كامدة في مكانها. لا يسمع منها إلا صفير منفر. تضرب الجدران العالية وترتد على نفسها على شكل صوت حزين ثم تعود إلي محملة بالثقل.
كنت مكبلاً لا حول ولا قوة. كانوا دائرة من الشرطة حولي. وضعوا المرسة الغليطة المربوطة بالقسطل من الحديد المزئبق في رجلي إلى أعلى الكاحل. ثم راحوا يلفونها حول الكاحل ويشدوها بقوة من أجل أن يثبتوا الأقدام في الهواء. حتى لا تتحرك. قرصة المرسة وحدها كافية أن تنزف الرجل. بعد بضعة ثوان بأشارة من كبيرهم تغير كل شيء.
أثنان من الشرطة. كل واحدة بيده كبل طويل يصل إلى المتروعرض عشرة سنتمترات وسماكة واحد سم تقريباً. راحوا يضربوني. من أول كبل. أحسست بسيالة عصبية حارة تسيل في قدمي أومثل سيخ محمر يخترق جلدي. قلت في نفسي:
ـ يا الله من هذا. نارتشتعل في قدمي. ثم رحت في غيبوبة مفاجئة. ملفوفاً في ظلام دامس. تحول الغلاف الدائري للأرض من اللون الأزرق الفاتح الشفاف الى اللون الرمادي المسود.
كنت أتنفس بصعوبة بالغة. صدري يخرخروينشج. حشرجة وراء حشرجة. ما هي إلا لحظات حتى تغيرت أشياء كثيرة. صارت أقدامي كتلة ملطخة بالدم والوحل والتراب. التقرحات منتشرة في كل موضع من جسدي. يشاركني البرد في زيادة اللون الممتقع باللون المزرق. في صوتي أنين مبحوح.
يتبع



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرحيل إلى المجهول تدمر 4
- الرحيل إلى المجهول تدمر3
- الرحيل إلى المجهول تدمر2
- الرحيل إلى المجهول سجن تدمر1
- الملك السويدي كارل الثاني عشر
- الملكة السويدية كريستينا
- الرحيل إلى المجهول ما بعد النطق بالحكم
- الرحيل إلى المجهول النطق بالحكم
- الرحيل إلى المجهول محكمة أمن الدولة العليا 3
- الرحيل إلى المجهول محكمة أمن الدولة العليا 2
- الرحيل إلى المجهول محكمة أمن الدولة العليا 1
- الرحيل إلى المجهول العفو
- الرحيل إلى المجهول/قبل العفو
- الرحيل إلى المجهول التحول
- الرحيل إلى المجهول الوقت
- الرحيل إلى المجهول في سجن عدرا
- الرحيل إلى المجهول سجن عدرا
- الحافلة البرتقالية
- الرحيل إلى المجهول الترحيل
- الرحيل إلى المجهول سجن الحسكة


المزيد.....




- إجلاء مئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخيمات في ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخي ...
- وقفة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت
- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...
- قرابة 1000 لاجئ سوداني يفرون من مخيم للأمم المتحدة في إثيوبي ...
- جامعة كولومبيا تكشف تفاصيل حول المحتجين المعتقلين بعد اقتحام ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - آرام كربيت - الرحيل إلى المجهول تدمر5