أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - عراق الحكيم وكاكه ئي وعدنان ام عراق فالح وسيار وكاترين؟















المزيد.....


عراق الحكيم وكاكه ئي وعدنان ام عراق فالح وسيار وكاترين؟


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2071 - 2007 / 10 / 17 - 12:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لـ "الواقع" وجوه متعددة، واختيارنا لأي وجه منها للتعامل مع الواقع يثبت هذا الوجه كممثل مقبول لذلك الواقع. الظروف الموضوعية تحدد خياراتنا، لكن الخيار النهائي يبقى خياراً سياسياً الى حد بعيد.
حكومة كردستان قبلت القرار فوراً مختارة "واقع" ان"العراق العربي وبصورة خاصة مقسم أيديولوجيا إلى نظرة سنية وشيعية للدولة والحكومة والأمور الاجتماعية والسياسية"، ومركزة على ان القرار"غير ملزم".
عندما تحب وطنك كطفلك فانك تحتضنه وتحميه ليس من السهم المصوب الى قلبه فقط، بل يرعبك حتى السهم الذي يمر قريباً منه, وستنظر شزراً الى من يسخر منك قائلاً ان هذا المارق ليس خطراً باعتباره "غير ملزم".
نقطتين اساسيتين كانتا وراء انتقاد الغالبية لقرار مجلس الشيوخ حول العراق: الأولى كونه تدخلاً مهيناً في الشأن العراقي، والثانية كونه يقسم العراق على اسس طائفية، كما بين مجلس النواب العراقي، وكرره العديدين مثل النائب فالح الفياض :" تحدي وتجاوز على كرامة العراق" وان "الفدرالية المؤسسة على الطائفية هي تقسيم" وحميد مجيد موسى "مصادرة لحق الشعب العراقي لتقرير مصيره". .
ورغم المجال كان متاحاً للقادة الكرد لتفهم موقف زملائهم من النقطتين وتوكيد الفدرالية بنفس الوقت إلا انهم اختاروا المواجهة العنيفة فلم يتورعوا عن وصم كل من يعارض المشروع بالشوفينية او الجهل وانه يهدف الى اعادة الدكتاتورية الخ... وكأن الأغلبية الساحقة من الشعب العربي في العراق التي رفضت المشروع، تتكون من "الشوفينيين" الذين لا هم لهم في الحياة سوى اضطهاد الأكراد واعادة الدكتاتورية التي مزقتهم مثلما مزقت الأكراد!
هكذا وضع الأكراد ليس حزب الفضيلة والصدري والحكومة الحزب الشيوعي والبرلمان العراقي وغيره ضمن الجهات التي حقرّها خطابهم, بل شمل ايضاً كوكبة من افضل الكتاب الذي طالما دافعوا واحيانا ًتحيزوا في دفاعهم عن مطالب الكرد، وبما ان هؤلاء المثقفين ليسوا جهلة بالتعريف، فقد شملتهم صفة "الشوفينية" ومن هؤلاء:
ماجد فيادي ، - خالد عيسى طه، ابراهيم البهرزي، حمزة الجواهر ي، خالد عيسى طه، هرمز كوهاري، سلام فضيل، عبد الاخوة التميمي، باقر الفضلي، طلال شاكر، تيسير عبدالجبار الآلوسي، عماد الاخرس وكذلك شملت تهمة الشوفينية د. سيار الجميل وأيضاً شيوعيين أقدم من نصف قرن مثل حامد الحمداني وسعاد خيري، بل وايضاً متهمين (سابقين؟) بالتحيز للكرد مثل زهير كاظم عبود وكاظم حبيب،ولم يسلم من الشوفينية (العربية؟) حتى بعض الكرد مثل طه معروف ولا سلمت منها الدكتورة كاترين ميخائيل التي اصابها كيمياوي صدام ووقفت شاهداً بطلاً ضده في محاكمات الأنفال.
أيمكن ان احداً لا يحس بالخجل او التردد من إتهام هؤلاء وآخرين من امثالهم بالجهل أوالشوفينية؟ ان في رأس كل منهم وفي قلبه من العلم والإنسانية ما يزيد على كل ما يحتويه اقطاعيي الأرض من علم وانسانية! يكفي ان اي منهم لم يستدع جيشاً اجنبياً او جيش صدام ليكسب به موقفاً على منافسه! قيادة الكرد مطالبة بالإعتذار لهم، ان كان لها بعض شجاعة تكفي للإعتراف بخطأ.
وقف معظم الكرد مع بايدن وشمل الموقف ايضاً قلة من العرب (مثل الأردني شاكر النابلسي؟؟) اضافة طبعاً الى الدكتور منذر الفضل، المقسم على دعم ثابت لقادة الكرد المعصومين. الفضل اعترف ان القرار يذكر عبارة "تفسيم العراق" (وهي العبارة التي ا اصر القادة الكرد على نكران وجودها بشدة) وهي كلمة ذات "الحساسية عند الكثير من العراقيين" كما يقول الفضل, ويبدو ان هذه الحساسية لا تشمله، ويقر ان القرار يقسم العراق على اساس طائفي وعرقي وهو "ليس صحيحاً" مشيراً الى حقيقة مجيء القرار من الخارج ومسه "قضية سيادية عراقية تخص الشأن الداخلي العراقي", وهذه "حساسية" اخرى. ويفهم من كلمة "حساسية" انها مرض او مشكلة خاصة بمتلقي القرار وليس القرار نفسه، ثم يشير معترضاً الى عدم ورود ذكر للمادة 140 في القرار. والحقيقة ان تلك المادة المتضمنة حق التصويت لاتناسب قراراً يحدد تقسيما قومياً وطائفياً مسبقاً لا مجال فيه لعربي ان يختار اقليماً كردياً لمدينته مثلاً، بل تحسب الرؤوس القومية والطائفية كما تحسب الغنم لتوضع الخراف السود هنا والبيض هناك.
على اية حال، منذر الفضل لايجد في هذه النقاط ما يبرر رفض القرار او حتى التردد في قبوله!
"الا يجوز طرح السؤوال التالي بصيغة الاستغراب: في اية ديمقراطيات من هذا العالم المأزوم ؛ ينبري برلمان لاصدار قرارات تدعو الى تقسيم او تفتيت او تجزئة دولة ما ؛ ما زالت عضوا في الامم المتحدة ؟" (خالص عزمي).
إن ما يمنع العقل من إكتشاف الأسئلة المناسبة هو نقص المنبه المتمثل بالإحساس بالكرامة وتعود التنازل عنها بل ونبذها، وكأنها ليست صفة انسانية جميلة وانما اختراع للمتخلفين فقط.
واحد هؤلاء "المتخلفين" على ما يبدو ديفيد اغناتيوس حيث يقول: " واحدة من أخطاء الولايات المتحدة في العراق الإهانة السهلة لهذا البلد ولتاريخه." وينبه الى ان "كثيرا ما يتحدث الناس حول العراق ككيان زائف للاستعمار البريطاني ويشيرون إلى أن الأشياء ربما سارت على نحو أفضل إذا جرى تقسيمه على أساس اثني، مثلما حدث في يوغسلافيا السابقة. من المؤكد أن المحللين الإسرائيليين شجعوا هذه النظرة. كتبت قبل 25 عاما حول مقترح لأكاديمي إسرائيلي نشر في مجلة «كيفونيم» حول تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات. إلا أن هذه التحليلات تهمل طبيعة تماسك ومتانة الهوية العراقية على مدى قرون.
ثم يذكر العراقيين بما لم يعودوا يذكروا انفسهم به: "تاريخيا، كان هناك عراق عام 539 قبل الميلاد عندما استولى الامبراطور الفارسي سايروس على بابل واقترح جعلها عاصمة له. كان هناك عراق أيضا عام 680 بعد الميلاد عندما استدرج الحسين إلى كربلاء، حيث قتل. وبقيت الهوية العربية عبر قرون السيطرة العثمانية عندما كانت تدار البلاد في المحافظات الثلاث التي جمعها البريطانيون عام 1920 لتشكيل العراق الحديث"
الخطورة التي لايبدو ان احداً يدركها ان قادة الكرد اليوم يسببون بتصرفاتهم المتتالية من الخسائر غير المبررة لقضية الشعب الكردي نفسه ما عجز صدام عنه سنين طويلة، بفشلهم برؤية الجانب العربي من القضية، ومثل هذا الإهمال والإحتقار للآخر والتركيزعلى الذات لاينتج إلا اهمالاً واحتقاراً وانانية مقابلة. ماالذي يتوقعه القادة الكرد من بقية العراقيين وهم لايذكرون كلمة "العراق" إلا حين تقصفهم تركيا؟ فما فشل القادة الكرد (ومن ايدهم) في رؤيته، لم تصعب رؤيتها على الغريب إغناتيوس حينما قال: "عندما يشعر العراقيون بالغضب إزاء قرارات الكونغرس الخاصة بتقسيم بلدهم فهذا أمر جيد.... إنهم يمارسون السيادة العراقية."
هذا الغضب السليم تجده في خطاب د. سيار الجميل حين قال انه إذا كان التقسيم طائفياً فـ "لابد من حكومة تركمانية وحكومة آشورية وحكومة صابئية واخريات يزيدية وكلدانية وسريانية وشبكية وارمنية وبروتستانتية ناهيكم عن كاثوليكية وارثوذكسية.. بل لابد من حكومة تركمانية شيعية واخرى سنية.. بل لماذا لا تستحدث حكومة لكل قبيلة او عشيرة؟" و "ما الذي جعلكم لا تميزون بين عدالة مركزية وبين دكتاتورية بشعة؟"
تساؤل الجميل عبر عنه في الواقع برد فعل تركماني يطالب بتأسيس اقليم مستقل بالفعل وأسموه "توركمن ايلي"!
بسبب كل هذا يرى المزيد من العراقيين ان القادة الأكراد لايسعون الى فدراليتهم او حتى استقلالهم فقط, وهو ما سيرحب به الكثير من العراقيين عن طيبة خاطر خاصة بعد الجهود "المشكورة" للبرزاني، رغم علمهم ان العراق لن يبقى عراقاً دون كردستانه، انما يبدو للبعض ان مهمة هؤلاء القادة مساعدة الأمريكان على تقسيم بقية العراق قبل إعلان استقلالهم وان هناك تنسيقاً في الموضوع. فـ"فكرة تقسيم العراق" قد طرحها للمرة الأولى دبلوماسي اميركي سابق يعمل في شركة النفط النرويجية «دي ان او». وأن الخطة التي نشرت في كتاب، ظهرت بعد أسابيع من توقيع الشركة عقدا مع الحكومة الكردية في اربيل، وان "12 على الأقل من أعضاء مجلس الشيوخ الذين أيدوا خطة بايدن لتقسم العراق حصلوا على تبرعات لحملاتهم من شركة نفط أخرى مهتمة بكردستان العراق، وهي شركة هانت اويل" التي "توصلت إلى اتفاق مع سلطات كردستان قبل أسابيع من اصدار بايدن لقراره." حسب أمير طاهري.
عن هذه الخسارة في الرأي العربي يكتب د. سّيار الجميل: "ان من صفق للفيديرالية في العام 2005، يرفضها اليوم كونه اكتشف حقيقة واضحة تقول بأن الهدف الاساسي منها هو تقسيم العراق وتجزئته وتفتيت جغرافيته الى ثلاثة كيانات او اكثر! واذا كانت ثمة حكومات ثلاث او اكثر في العراق، فهل سيبقى هناك اي وجود او اي شرعية لحكومة مركزية ببغداد يمكنها ان تدير اي مصالح مشتركة؟ فان كانت هي اليوم ليس بمقدورها السيطرة على اقرب منطقة في العاصمة، فكيف تريدها يا بايدن ان تسيطر على امن الحدود وتوزيع عائدات النفط؟"
هذه الصورة هي التي يفترض على قيادة الأكراد مسحها من ذهن العراقيين لتطمين مقالقهم وهي اهم من ارسال وفد الى البلدان العربية لتطمين مقالقها بشأن الفدرالية، سائرين على خطى علاوي في إعطاء كسب ود الآخرين الأولوية.
عند نهاية الطيف المتعصب كتاب و "مثقفين" وسياسيين يمكنهم ان يكونوا بجدارة رمزاً للشوفينية بل النازية في اقبح صورها بحجج من تظليل تأريخي وقح في كذبه. وقد سبق لي ان كتبت عن فريق الشلاتية المتمثل في "عدنان الدليمي" وصحبه والشلاتي ممزق للوطن حتى ان قال بوحدته, بل وخاصة ان قال بوحدته! وهناك ايضاً "عدي" الحكيم ودعواته الطائفية المغلفة التي يعلم الجميع ان اللصوصية هدفها الوحيد، وقد كتبت عنه ايضاً. وهناك د. مهدي كاكه يي، الرمز الكردي الأكثر نقاءً للشوفينية في بشاعتها واكاذيبها في كتاباته. انه يرى ان قرار مجلس الشيوخ "إقتراح خاطئ و فاشل، غير قادر على حل الصراع الطائفي و القومي في العراق" ليس لأنه تقسيمي, بل لأنه ليس تقسيمي بما فيه الكفاية! "حيث أنّ القرار المذكور يتجاهل الشرخ العميق في بنية المجتمعات التي تعيش ضمن الكيان العراقي و يهمل الحقيقة التي مفادها هو إستحالة جمع هذه الشعوب المتنافرة في كيان سياسي ديمقرطي موحد." والحل برأيه هو "تصحيح" معاهدة سايكس بيكو والتي تم بموجبها خلق "الكيان العراقي" وتأسيس ثلاث دول ويقترح لها اسماء: "جمهورية كوردستان" و "جمهورية الغدير" و "جمهورية عمر"! كثرما اردت الكتابة عن كاكه يي هذا، شبيه عدنان الدليمي واسوأ كثيراً، لكن خجلي من اصدقائي الكرد الرائعين منعني، خشية ان يظن اني اشملهم
كما ذكرنا اكدت حكومة كردستان على ان"العراق العربي ... مقسم أيديولوجيا إلى نظرة سنية وشيعية للدولة والحكومة والأمور الاجتماعية والسياسية". لايمكن نكران هذا الوجه من "الواقع" لكن هل هو وجهه الوحيد؟
في مناقشة تلفزيونية بعد احدى الأزمات بين النائبة الهولندية السابقة الصومالية الأصل ايان حرسي علي ونائبة مغربية الأصل من حزب العمل (يسار الوسط) كانت ايان تؤكد ان المجتمع في حالة حرب بين طوائفه (تقصد المسلمين من جهة والباقين من الجهة الأخرى) فاجابتها نائبة "العمل": "وستكون هناك حرب فعلاً ان كررت صراخك هذا بشكل كاف"! تذكرت النقاش حين كان الدكتور اياد علاوي يؤكد: "ان لم تكن هذه حرب اهلية فلا ادري ماهي الحرب الأهلية" واعتبرت مثل كلام علاوي الذي تراجع عنه فيما بعد، دعوة للحرب بوعي او بدونه.
ما اردت قوله ان اعترافنا الصريح والعلني بـ "وجه" من اوجه الحقيقة يزيد تثبيت ذلك الوجه وهذا يؤشر لنا ان لايكون التعامل العام مع الوجوه السلبية للحقيقة والبحث عن الجوانب الإيجابية وتوكيدها ما دام ذاك ممكناً.
لكن لو اكملنا قراءة بيان حكومة كردستان لوجدنا العكس: "وإذا تعاملنا نحن أبناء العراق مع هذا الواقع..." الخ، لرأينا ان حكومة كردستان تدعونا الى التعامل مع واقع العراق من وجتهه السلبية المتناحرة. لماذا تريد حكومة كردستان لنا ان نثبت هذا الوجه؟ هل وصل الحال فعلاً الى اننا لم يعد لنا سوى التعامل معه؟
لايتفق الجميع مع ذلك: النائب نصار الربيعي رأى في القرار تعويضاً عن فشل اميركا في اشعال الحرب الأهلية, وقال الشابندر ان القرار جاء اثر تراجع المشروع الطائفي. فلماذا نتعامل مع شعب العراق كشعب (مازال) ممزقاً ولانتعامل معه باعتباره الشعب الذي انتصر على الحرب الأهلية واخمدها والذي اجبر المشروع الطائفي على التراجع؟ هل من يفعل ذلك يكون شوفينياً؟
لطيف علو يكتب في العيد: الى من يؤمن بالله فليتضرع الى الله, والى من يؤمن بالطبيعة العاقلة المدبرة فليناشد الطبيعة، والى من لا يؤمن بالله ولا بالطبيعة وامن بالانسانية فليتامل مبادئ الانسان ويحكمها، والى من لايؤمن بكل ذلك فليتذكر عندما يكون لوحده ولوقت طويل كيف يكون به الحنين لمخلوق يتحدث اليه" ويتوسل بهم جميعاً الإبتهال من اجل العراق ككل. هل يكون لطيف بهذا "شوفينياً"؟
حين سألني احد الإخوة الأكراد في ندوة فيما اذا كنت اعتبر الشعب الكردي والعربي شعب واحد ام شعبين؟ لم استطع ان اناقض احساسي رغم معرفتي بحساسية السؤال وقلت "واحد" وكنت اقصد اني اعتبر كل شعوب البشر واحد، وفهم كلامي الغاء للشعب الكردي، وما ابعدني عن الغاء نفر واحد فكيف بشعب! لا شك ان الكثير اعتبروني عندها شوفينياً بينما اعتبر الحماس القومي الكردي "انسانياً" فيا لها من مقاييس مقلوبة!
ليس لإحد ان يتهمني اولطيف او سيار الجميل او اي من باقة المثقفين أعلاه بالشوفينية ولا حتى بالتحيز القومي او الطائفي ولايرى ان الدافع الأساسي والوحيد دافع انساني خالص يعلو بعيداً على كل هذه السخافات.
استمعوا الى "البيشمركة" كاترين ميخائيل تقول: "نزلت علي فاجعة عندما قرأت خبر تقسيم العراق الى ثلاثة ولايات" وتتابع اسئلتها الى مؤيدي القرار بحرقة: "بغداد المدينة التي تمثل كل مكونات الشعب العراقي كيف نقسمها هل بوضع جدران حديدية لعزل الناس عن بعضها البعض , وكيف ؟؟ الملايين من العوائل العراقية خليط من السنة والشيعة والعرب والاكراد هل نطلقهم ونبعثر اولادهم؟؟ هل تقبل الامم المتحدة والمجتمع الدولي وعلى رأسهم البرلمان الاوروبي ان يبقى مكتوف الايدي مع هذا التدخل الصارخ وهذا مخالف للقانون الدولي ؟؟؟ لماذا نصبح نحن العراقيين حقل تجارب للسياسات العالمية؟؟؟؟ كاترين ميخائيل "شوفينية" (عربية؟) حسب تعريف حكومة كردستان!
يقول مهران موشيخ ان اخر عبارة قالتها اطوار بهجت كانت "لا فرق بين عراقي وعراقي الا بقدر الخوف على هذا البلد ..." و قال د. سّيار الجَميل :"من يحترم تاريخه يعشق وطنه، ومن يمتلك الوعي به يخشى عليه من الفواجع والنائبات.." ويضيف: "وهذا ذكرّني بثرثرة بعض العراقيين انهم لا اعتراف عندهم بحدود ما يسمى العراق.. بل واعتبروه صناعة بريطانية لما بعد الحرب العالمية الاولى، متجاوزين على كل التاريخ الموثوق ومسمياته القديمة والحديثة ومن دون اي شعور بالذنب او القرف.. (...) فقالوا بأن لا وجود للعراق وليس هناك اي تاريخ لولاياته القديمة ودساكره واعماله وامصاره ونسيج مجتمعه ومدنه المترابطة واريافه وسكة حديده وحيوية اسواقه وعبق تراثه واصالة مقامه وفولوكلوره.. ان كراهية العراق صناعة اميركية بحتة.. فقد روجوا لمصطلح " المكونات العراقية " بدل " شعب العراق "، وبدل التأسيس على تماسك المجتمع العراقي راحوا يصنفونه سّنة وشيعة وكردا..".
لم يكن عثمان علي وعلي سيف بطلا جسر الأئمة ورمز الإنسانية العراقية خيالاً بل عراقيان من لحم ودم لم يترددا في القاء حياتهما للغرق من اجل انقاذ المزيد من ضحايا الزوار الشيعة دون اي تلكؤ او تباطؤ او تفكير بطائفية.
ليس خيالاً ايضاً ان اصحاب معامل الصمود من الشيعة قاموا بتزويد اهالي عرب جبور والبياثة السنة بالغاز المجاني في 29 ايلول فجمع المواطنين اكثر من 100 قنينة غاز من سكان الاحياء السنيه وملأوها بالغاز واعادوها اليهم. وقالوا انهم سيكررون ذلك اسبوعياً!
وليس خيالاً اخبار صلوات الجمعة الموحدة وآخرها كان في اليوسفية بين أبناء المنطقة من الشيعة والسنة، ادان فيها إمام جامع اليوسفية قرارالكونغرس وكانت نسبة الحضور كبيرة من كلا الجانبين وعمت أجواء من المحبة والألفة, ولم تكن تلك الخطوة الأولى من نوعها.
الواقع الأكثر صدقاً بينه استبيان "منصور معدل" الباحث بجامعة شرق ميشيغان حين استنتج: إن لدى العراقيين شعوراً قوياً بالهوية الوطنية يتجاوز الخطوط الدينية والسياسية». ووجد (مارس 2007) بأن 54% من العراقيين يصفون أنفسهم بأنهم عراقيون قبل أي شيء مقارنة مع 28% في ابريل من عام 2006، وأن هذه النسبة بلغت 75% لدى سكان العاصمة بغداد، أكثر المدن العراقية تنوعاً في الانتماءات وأكثرها تفجراً! اي الوجوه اكثر واقعية، مايقول به 54% و 75% من الناس ام بعض بقية النسبة الأصغر الموزعة على كل الوجوه الأخرى؟
قبل فترة وجيزة تعرض صديقي الشاعر العراقي المحبوب، فالح حسون الدراجي الى حادث سيارة نجا منه واهله باعجوبة, فكتب مقالاً تحت عنوان "شكرا لكم، فقد شفينا بمحبتكم" (*) يشكر فيه من ارسل اليه او اتصل مهنئاً بالسلامة ومعبراً عن قلقه وحبه له. رغم وضعه الصعب حرص فالح على ان يذكر الأسماء واحداً واحداً واضاف بعض التفاصيل عن بعضها, فكانت شهادة محبة عراقية رائعة. ادمعت رسالة فالح عيناي رغم اني لا اكاد اعرف احداً من اصدقائه الرائعين. ايعقل ان يحب كل هذا العدد الكبير من الناس إنساناً ويقلقون عليه كل هذا القلق؟ أين ذهب تمييز الطائفية والقومية والدين في اصدقائك يا فالح ؟
ويرد فالح: " قسماً بكم، وبمحبتكم، وبدم الشهداء الأبرار، وقسماً بنخيل العراق الباسق، وبفراته ودجلته المباركين، لن انسى لكم وقفتكم النبيلة هذه، ولا انسى قط مقالاتكم الطيبة، ولا كلماتكم الصادقة بحقي مهما حييت، فحتى لوصدأت ذاكرتي وعتقت روحي حد الذبول". إقرأوا مقالة فالح قبل ان تتهموه بالمبالغة. ستجدون مثلاً من يقول له: " لقد مسكتُ أمس بيديَّ الأثنتين شباك العباس عليه السلام، وقلت له باكياً: أريد سلامة فالح وعائلته من شاربك سيدي أبا الفضل". مثل هذه العواطف تجعل الإنسان يشعر بقيمته وأن الحياة مازالت جميلة!
لكن فالح ارسل ضمن رسالته لإصدقائه، رسالة اخرى بين السطور لنا جميعاً. فقد اصر بقصد واضح ان يذكر قومية هذا من اصدقائه وطائفة او دين ذاك ومن اية مدينة وأي مكان. وبدون ان يفتح فمه قال لنا بوضوح: أنظروا الى العراقيين يتداعون من كل مكان حين يصيب من يحبون الم، لا فرق بين شبكي وكردي وصابئي وسني وشيعي ولو لم اعلمكم عنهم ما عرفتم. أنظروا اصدقائي الرائعين مثالاً حياً امامكم وليس وهماً او خيال او امنيات! فمرحى لأصدقاء فالح الرائعين، المثال الباعث على الأمل، ومرحى لفالح الذي "يشفى بالمحبة" فاستحق كل هذا الحب ولم ينس وهو في أشد محنته ان يفكر في العراق فلم تفته فرصة "تسجيل ككول" رائع أخر في مرمى الطائفية حتى داخل رسالة شكر خاصة لإصدقائه!
من له ان يقسّم عراق يحيطه أبنائه المحبين المخلصين من امثال فالح وسيار وكاترين ولطيف وعثمان علي وعلي سيف والكثير ممن شابههم من الرائعين الذين يعطون للحياة معناها وأملها ويحفظون لنا اعتزازنا بوطننا وبأنفسنا؟
(*) فالح حسون الدراجي:" شكرا لكم لقد شفينا بمحبتكم"
http://www.shababek.de/xops/modules/news/print.php?storyid=915



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دحض حجج دعاة التصويت السري في البرلمان العراقي
- البرلمان العراقي في خطر!
- مؤامرة لإقصاء البرلمان يقودها 100 نائب عراقي
- بوش يبحث عن مانديلا
- علاوي: قصة انفجار وهم
- ليس رداً على ياسين النصير لكن رفضاً لمنطق الخوف والإحتلال وا ...
- إنتبه فلربما يتناول اطفالك في العراق منذ سنين سموم الزئبق مع ...
- ضياع المنطق ونتائجه الخطرة في تحليل ياسين النصير
- 11 سبتمبر: الحقيقة بين عشق -نظرية المؤامرة- والخوف من وصمتها
- تنزيلات هائلة في محلات بيترايوس
- القواعد الأمريكية بين قلق العراقي وضمير ممثليه!
- القواعد الأمريكية بين قلق العراقي وضمير ممثليه
- الجزء الثاني - قصة مدينتين و-الحرس القومي-: سوابق امريكية في ...
- الجزء 1 - قصة مدينتين مع -الحرس القومي-: سوابق امريكية في إع ...
- ليش الصدريين زعلانين؟
- عن الضابط الروسي الذي انقذ الحياة على الأرض عام 1962 وأحاديث ...
- هول الجريمة لايبرر نبذ التحقيق: ردود الفعل على جريمة سنجار
- حين زارني السينالكو والمتنبي والمشهداني في المنام
- الشلاتية والسياسة: التوافق والمرأة السفيهة في الحارة
- الشلاتية والسياسة في هولندا والعراق - 1- السياسيين الشلاتية ...


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - عراق الحكيم وكاكه ئي وعدنان ام عراق فالح وسيار وكاترين؟