أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - تأثير اليونانية على العبرية















المزيد.....

تأثير اليونانية على العبرية


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 2044 - 2007 / 9 / 20 - 06:49
المحور: الادب والفن
    



اللغة اليونانية هي إحدى اللغات الكثيرة التي أثّرت على اللغة العبرية، أولا خلال عشرة قرون تقريبا منذ موت الإسكندر المقدوني الكبير في القرن الرابع ق. م )323 ق. م.( ولغاية احتلال العرب لفلسطين في العقد الثالث من القرن السابع للميلاد. وتسمّى الفترة الممتدة من تاريخ موت الإسكندر وحتى هزيمة كليوبترا في القرن الأول ق. م. بالعصر الهليني. ويقدّر عدد الألفاظ اليونانية التي دخلت العبرية في غضون القرون العشرة تقريباً بأربعة آلاف لفظة. وهناك في المؤلفات التي سطّرها الحاخامون، المشناة أي التوراة الشفوية التي حررت في نهاية القرن الثاني لليملاد والتوسفتا )الإضافات عليها( في المدراشيم )التفاسير( والتلمود الفلسطيني أو المقدسي بصمات يونانية جلية. ويذكر أن الكلمات اليونانية موجودة ليس فقط في التراث الرباني )عبرية الأحبار( بل وفي وثائق تمرد شمعون باركوخبا )132-135( وفي تراجم العهد القدي مثل ??????, ??????, ??????. وقد أكثر حزا”ل أي: حكماؤنا رحمهم الله، )وهم الزعماء اليهود الروحانيون منذ عهد الهيكل الثاني وحتى احتلال العرب لمنطقة الشرق الأوسط، وهم التنّاؤون أي المتعلمين مثل هيلل وشمّاي وعقيبا ويهودا هنسي في فلسطين حتي بداية القرن الثالث م. والأموراؤون أي القائلون، عاشوا في فلسطين وبابل بين السنوات 200-500 م( أكثروا من استخدام الألفاظ اليونانية. ويذكر أن هذه اللغة غدت في مستهل القرن الأول للميلاد أمرا واقعاً في الديار المقدسة.
وقسم لا يُستهان به من هذه الكلمات يونانية الأصل ما زالت حية ترزق في أيامنا هذه. مثال على ذلك “چاي” ge بمعنى “بلد” التي وردت في الشعر الديني “الأرض إسرائيلي” القديم، في القرنين الخامس والسادس للميلاد والمعروف بـ”الپيّوط” وهذه الكلمة متحدرة من اليونانية poietes. من مشاهير شعراء هذه الحقبة يوسي بن يوسي الملقب باليتيم وربّي ينّاي وإليعزر القلير.
وهناك الكثير من الكلمات يونانية الأصل التي دخلت العبربة عن طريق العربية في القرون الوسطى عبر الترجمات العبرية للمؤلفات اليهودية المكتوبة باللغة العربية في الأندلس. وتندرج هذه العربية التي كتبها اليهود تحت ما يسمّى بالعربية الوسطى )Middle Arabic( أي وباختصار شديد نمط لغوي مكتوب لا هو فصيح ولا هو لهجة عامية محكية حقيقية بل كاسمه بين هذا وذاك. ويُطلق على هذا النمط اللغوي الاسم “العربية اليهودية” )Judaeo Arabic(. ويشار إلى أن هذه العربية التي تضمُّ كما هائلا من المؤلفات الهامّة في جميع مضامير العلم والمعرفة مكتوبة بالحرف العبري الأشوري / المربّع. ويبدو أن المؤلفين اليهود آنذاك قرروا استخدام الرسم العبري لسببين رئيسين: لتسهيل القراءة على اليهود لا سيما النساء والأحداث كما جاء في “الرسالة اليمنية” للفيلسوف والطبيب واللاهوتي اليهودي المعروف موسى بن عمران )1135-1204( المعروف بالعبرية بالاختصار رمْبام أي ربّي موشيه بن ميمون وبالإنجليزية وغيرها من اللغات الأوروبية بالاسم Maimonides. والسبب الثاني عدم إتاحة إمكانية القراءة للعرب خوفا من المضايقات لا سيما في تناول مواضيع دينية وفلسفية قد تكون حساسة وغير مرضي عنها. وقد جاءت التسمية “العربية اليهودية” هذه غير الموفقة لاعتبارات ثلاثة كما عبّر عنها الأستاذ يهوشوع بلاو، من أهم الباحثين في هذا المجال. النص مكتوب بالحرف العبري وموجّه للقارىء اليهودي وفيه الكثير من الألفاظ العبرية والآرامية وهو عسير الفهم لغير اليهودي. هذه الاعتبارات غير لغوية ولا تصمد أمام التحليل اللغوي الصرف. هناك في كل لغة نصوص يستصعبها حتى بعض أهل اللغة ذاتها ناهيك عن الأجانب ولا أحد يفكر في تسميتها بأسماء خاصة. “عربية اليهود” أقرب إلى الواقع من “العربية اليهودية”.
وتأتي أسرة التيبونيين )Tibbonites( في المرتبة الأولى في فن الترجمة آنذاك آبتداء بالراب يهودا بن شاؤول بن تيبون المولود عام 1120 في غرناطة والمتوفى عام 1190 في مرسيليا وانتهاء بأحفاد أحفاده. ومما يجدر ذكره أن ابنه شموئيل )1150-1230( كان قد أطلق عليه اللقب الشهير “أبو الناقلين / المترجمين “)??? ????????(. وهذه اللفظة العبرية الثانية كانت قد اكتسبت هذا المعنى الجديد ”المترجمين” بتأثير اللغة العربية حيث أن السنخ “نقل” يعني أيضا “الترجمة” وهذا ما لم يكن حاصلا في مَصدري العبرية القديميْن، لغة الكتاب المقدس )التناخ، أو المقرا أو الأربعة والعشرين سفرا( من جهة ولغة الِمشناة من جهة أخرى. ففي عبرية العهد القديم يرد الفعل “هعتيق” بمعنى “نقل” أمرا محسوسا مثل الخيمة من مكان لآخرَ كما ورد في سفر التكوين 12:8، وبمعنى “نسخ” كما جاء في سفر الأمثال 25:1، وقد تطورت العبرية واتسعت كثيرا في القرون الوسطى عبر هذا النهج من إضافة معاني جديدة على ألفاظ قائمة على هدي لغة الضاد التي كانت لغة العلم والثقافة في تلك الحقبة التاريخية، كانت اللغة السائدة، Lingua franca، كما كانت اللغة الآرامية قبل ذلك وكما هي الإنجليزية مثلا في عصرنا المعولم هذا. ويشار إلى هذا النهج من توسيع المجال الدلالي بملأ الصناديق الفارغة.
وقد نقل أبناء أسرة ابن تيبون وآل قمحي )وقد قيل ?? ??? ??? ??? ???? والمقصود من هذه العبارة: لو لم يكن هناك بنو قمحي، من القمح، لما كانت هناك التوراة، لمجهوداتهم في هذا المجال, والمعنى الثاني: عند انعدام وجود القمح )المال( ينعدم تعليم التوراة(. ومن المعروف أن مؤلفاتٍ كثيرة وهامة كانت قد كتبت بالعربية وترجمت إلى العبرية في القرون الوسطى. منها كتاب الأمانات والاعتقادات ليوسف الفيومي المعروف بالاختصار رساچ )??’’?, ?? ????? ????, 882–942(؛ دلالة الحائرين لموسى بن ميمون آنف الذكر؛ كتاب الهداية الى فرائض القلوب تأليف الديان بَحْيى بن يوسف بن باقودا الأندلسي )1050-1120(؛ كتاب اللمع وكتاب الأصول )المعجم العبري العربي للغة العهد القديم العبرية( لأبي الوليد مروان بن جناح القرطبي )ca. 993-1050(؛ كتاب الرد والدليل في الدين الذليل )الكتاب الخزري( تأليف أبو الحسن راب يهودا بن شموئيل اللاوي )1075-1141(؛ ينبوع الحياة لأبي أيوب سليمان بن يحيى بن جبيرول )Avicebrol, Avicebron, 1021-1058(.
وقد دخلت عبريةَ القرون الوسطى ألفاظٌ كثيرة لم تكن فيها ومصدرها اللغة العربية مثل “الأفق، الكحول، القطر، القطب” ومنها كلمات من أصل يوناني مثل “إقليم”. كما ودخلت العبرية هذه عبارات جمّة عبر العربية التي هي بدورها كانت قد اقترضتها من لغة الحضارة القديمة اليونانية عبر النشاط الترجمي في “بيت الحكمة”ببغداد مثل: الفلسفة، المنطق، السلب، بالقوة، بالفعل، خلع صورة ولبس صورة”.
وفي العصر الحديث دخلت العبرية الحديثة التي غدت لغة محكية منذ أواخر القرن التاسع عشر بعد أن كانت لغة مكتوبة ولغة صلوات وقراءة التوراة وتعليمها في غضون سبعة عشر قرنا تقريبا. من هذه الكلمات الدخيلة: أوطاريقا، أوطوماط، أوطونوميا، أوليمبياده، إيديولوجيا، أسطرولوجيا، إروطيقا، جيومتريا، جمناسيا، جغرافيا، بيولوجيا، فيلوسوفيا، بيولوجيا، متيماطيقا، سمپاطيا، هسطوريا.
وهناك تأثير يوناني على قواعد اللغة العبرية متمثل فيما جرى لتلك الكلمات يونانية الأصل التي تبدأ بصوت ساكن وهذا ما لا يجوز في اللغات السامية وعليه أضيفت الألف في البداية مثل: ??????, ??????, ?????, ???????, )نفس الشيء حدث للعربية: أفلاطون، أَستاد(. وقد أضيفت هذه الألف الاستهلالية في كلمات يونانية لا تبدأ بالساكن مثل: ??????, ?????? من: xena, loxon. وهذا يدل على ما يبدو أنه من الأسهل في العبرية التلفظ بكلمات أولها صوت متحرك ومع هذا لا بد من التنويه ببعض الكلمات اليونانية المستعملة في العبرية اليوم وهي تبدأ بالساكن مثل ?????، وهذا يؤكد القول الشائع: لكل قاعدة شواذ.
ومن المعروف أن الكثير من الكلمات اليونانية كانت قد دخلت اللغة العبرية في العصور الغابرة لا سيما في لغتي العهد القديم والمشناة. وعلى مرّ التاريخ كانت هناك علاقات تجارية وثقافية بين اليونانيين والكنعانيين. والألفباء الكنعاني هو أساس الأبجدية الإغريقية ومنها انبثقت الأبجدية اللاتينية. والجالية اليهودية التي تحدثت باللغة اليونانية كانت تسكن مدينة الإسكندرية الهلينية آنذاك حيث نُقل العهد القديم بأسره وبعض أسفار الأبوكريفيا مثل سفر طوبيا إلى اللغة اليونانية. ومن المعروف أن الديانة المسيحية قبلت هذا العهد وفق نص هذه الترجمة السبعينية )Septuaginta(. وبمرور الزمن ترجم العهد القديم من جديد إلى اليونانية كما حدث في القرن الثالث للميلاد حين قام الأب أوريجنوس بالترجمة واضعا العهد القديم في طبعة تحمل الاسم “الهِكْسپلاه” أي السداسية ، ستة أعمدة: العهد القديم بالعبرية، العهد القديم بالعبرية ولكن بالنقحرة اليونانية والأعمدة الثلاثة الباقية هي بمثابة ترجمات يونانية مختلفة وهي بالترتيب: Aquila of Sinope, Symmachus the Ebionite, Seeptuagint, Theodotion. يذكر أن العامود الثاني قد اندثر كله تقريبا.
من الألفاظ اليونانيةالتي دخلت العبرية وما زالت حية ترزق نأتي على سبيل المثال بهذه العيّنة: ?????, ???????, ????, ????? )كان المعنى: سوق معفية من الضرائب(, ??????, ??????, ??????, ??????, ???????, ??????, ????????, ???????, ?????, ???????, ?????, ??????, ??????, ???????, ????, ????, ???????, ?????, ?????, ?????????, ????, ?????, ?????, ??????, ?????, ???, ?????, ????, ?????, ??????, ????, ?????????, ?????, ???, ??????, ????, ???????, ?????, ????, ?????, ???, ?????, ????, ????????, ?????, ????, ????, ????, ????, ???????, ????, ???, ????, ???, ??????, ?????, ?????, ??, ????, ?????????, ???, ????, ??????, ???????, ???, ??????, ??????, ?????, ??????, ???????, ???, ????.
كل لغة بشرية طبيعية تتأثر وتؤثر على الدوام بما حولها من لغات أخرى وما يسترعي الانتباه والبحث سبر طبيعة هذا التلاقح اللغوي الحضاري ومداه ومسبباته ونتائجه. من هذا المنطلق لا نرى صراعا حقيقيا في الحضارات بل أخذ وعطاء لبناء حضارة الجنس البشري ككل.



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العربية واللهجة العامية
- شذرات من مخطوط لجمعية مسيحية في كفرياسيف
- إلياس لونروت أبو الملحمة الفنلندية، الكاليفالا
- مدخل إلى ظاهرة انقراض اللغات
- ميخائيل أچريكولا، أبو اللغة الفنلنديةالأدبية
- ميكا والتري، الصوت الإنساني
- أبراهام بورغ و-الانتصار على هتلر-
- عالَم النبات في الأدب العربي
- نظرة على واحة السلام
- دولة واحدة وشعبان
- القاموس
- قاموس فنلندي عربي
- في حقيبتك قنبلة
- يوم الأرض ومخطط الجهض
- دور اللغة في الثقافة
- آراء وأفكار في الثقافة والفكر
- فذلكة حول علم الأسماء العبرية في الديار المقدسة
- % 68 من اليهود يرفضون العيش مع العرب في نفس العمارة
- المعهد الفنلندي في الشرق الأوسط
- لمحة عن: نشرة الهجرة القسرية، اللاجىء والنازح الفلسطيني


المزيد.....




- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - تأثير اليونانية على العبرية